"" كيف الخلاص من المشاكل كافه؟. الحل التخلق بخلق الاسلام ""
يندرج غالبية الناس حول العالم تحت فئة المضطهدين. ذلك أنهم يتعرضون للتعذيب، وسفك الدماء، ويعيشون مشردين في فقر مدقع، كما أنهم مجبرون على العيش دون حماية من قوى الطبيعة، ويواجهون المرض دون الحصول على عناية طبية مناسبة. ويوجد أولئك الذين لا يستطيعون حتى أن يشتروا رغيف خبز. كما يوجد الشيوخ الذين يواجهون الإهمال، والهجر، والحرمان من العناية الطبية. ويوجد أيضا أولئك الذي يعانون من التمييز، والترحيل من منازلهم وأراضيهم بل وحتى المذابح لمجرد أنهم ينتمون لعرق، أو لغة، أو جنس، أو قبيلة معينة. أما بالنسبة للأطفال الأبرياء الذين لا يجدون من يحميهم، والذين يعانون من سوء التغذية، والذين لا حول لهم ولا قوة فيضطرون للعمل أو التسول من أجل الحصول على المال.ويعيش عدد لا حصر له من الناس وهم خائفون على حياتهم وقلقون من قدرتهم على البقاء على قيد الحياة وسط عالم، يوجد فيه أيضا إلى جانب الفقر والاضطهاد، قدر هائل من التبذير، والامتيازات، والثراء. ويمر أولئك الذين ينعمون "بحياة كريمة" بالمتشردين، ويرون صورا ويشاهدون مناظر في التليفزيون لمن هم أقل منهم حظا. وفي بعض الأحيان ينتابهم شعور بالشفقة للحظة خاطفة، ولكنهم سرعان ما يغيرون قناة التليفزيون، ويطردون الصورة من ذهنهم، وخلال فترة قصيرة يمحون تماما تلك الوخزة العابرة التي أثرت في ضمائرهم.
إن كثيرا ممن ينعمون بالرفاهية وسبل الراحة لا يفكرون قط في بذل جهد لإنقاذ من هم أقل حظا منهم من الظروف التي يعيشون فيها. فهم يعتقدون أن إنقاذ هؤلاء الناس ليس من واجبهم، لأن هناك كثيرين يفوقونهم ثراء وقوة ومكانة بإمكانهم أن يساعدوا من هم أقل حظا.
ومع ذلك، لن يكفي الرخاء والقوة وحدهما لإنقاذ الأقل حظا وتحويل هذا العالم إلى مكان خير تسوده العدالة، والسلام، والثقة، والرفاهية. وعلى الرغم من انتشار البلدان المتقدمة حول العالم، فما زال هناك الكثير من البلدان أيضا، مثل إثيوبيا، التي لا يزال الناس يموتون فيها يوميا بسبب المجاعة. ومن الواضح أن ثراء بعض الأمم وقوتها لا يكفيان في حد ذاتهما لحل آلام القحط، والفقر، والحروب الأهلية.
لا شك في أن أصحاب الضمائر الحية هم وحدهم القادرون على توجيه الموارد والقوى لما فيه خير الفقراء واليائسين. والسبيل الوحيدة لصحوة الضمائر هي الإيمان. ذلك أن المؤمنين وحدهم هم الذين يعيشون دائما وفقا لما تمليه عليهم ضمائرهم.
وأخيرا، لا يوجد سوى حل واحد للظلم، والفوضى، والإرهاب، والمذابح، والجوع، والفقر، والاضطهاد المنتشر في العالم؛ وهذا الحل هو: خُلق القرآن وقيمه.
لقد نشأت تلك الظروف السيئة في المقام الأول بسبب الكراهية، والحقد، والأنانية، واللامبالاة، والقسوة؛ لذلك ينبغي أن تمُحى بالحب، والشفقة، والرحمة، والكرم، والإيثار، ورقة الإحساس، والتسامح، والفطرة السليمة، والحكمة. ولا تتوافر سمات الشفقة هذه إلا في أولئك الذين يعيشون حياتهم بأكملها وفقا للخلق التي تعلموها من القرآن الكريم، الذي يعتبر مرشدنا المباشر من خالقنا جل جلاله. ويشير الله سبحانه وتعالى في إحدى آيات الذكر الحكيم إلى قدرة القرآن على إخراج البشرية من الظلمات إلى النور.
"... قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ. يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ." (سورة المائدة: 15-16)
وفي آية أخرى، يبين الله سبحانه وتعالى أن الفساد والفوضى سيحلان بكل شيء إذا ما جاء الحق موافقا لأهواء البشر:
"وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ." (سورة المؤمنون: 71)
أثناء قراءتك لهذه الآية، سيكون ملايين الناس في معاناة كبيرة اما من البرد والجوع، أو لمواجهتهم خطر الترحيل من أوطانهم. ولهذا السبب، يجب أن يفكر أصحاب الضمائر الحية في هذا الأمر، ويتخذوا إجراءات لحل هذه المشكلات وكأنهم هم أنفسهم أو أحبابهم الذين يواجهونها. كما يجب أن نتصرف على الصعيدين الروحي والمادي للتقليل من المعاناة والاضطهاد. وفي إحدى آيات الذكر الحكيم، يأمر الله أصحاب الضمائر الحية والمؤمنين بتحمل هذه المسؤولية:
"وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا."؟ (سورة النساء: 75)
وعندما نتدبر الأوامر القرآنية، تتضح لنا ماهية التزاماتنا. ويتمثل أهم شيء بالنسبة للمسلمين في أن يبدؤوا أولا النضال في الميدان العقلي حتى تتغلب خلق القرآن والسنة وقيمها على قيم الكفر. وتتمثل السبيل الوحيدة لخلاص الضعفاء، والبائسين، والشريدين، والمعدمين في تطبيق الإرشادات القرآنية الموجهة إلى البشرية جمعاء. لذا، فإن من واجبنا أن ننشر كلمة الله ونبلغ رسالته، ويشكل هذا مكونا أساسيا من مكونات العبادة بالنسبة لجميع المسلمين.
ويجب أن نذكّر بأن أولئك الذين لا يتبعون ما تمليه عليهم ضمائرهم، ولا يبالون بمعاناة الآخرين، وينفقون ثرواتهم على أشياء تافهة عديمة الجدوى، ولا يبدون اهتماما بالأيتام، وينظرون إلى النساء والأطفال والشيوخ المضطهدين بقدر من اللامبالاة، ولا يسعدون إلا عندما يسود العالم الفسوق والقبح، سوف يُسألون لا محالة عن تلك الأعمال في الآخرة.
"أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ. فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ. وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ. فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ. الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ. الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ. وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ." (سورة الماعون: 1-7)
ماذا يحدث إذا لم يَخف الإنسان من الله؟
فكر في رجلين، أحدهما يعرف أنه سيقابل الله جل جلاله ويعي أنه سيجازى عن كل فعل يقوم به؛ والآخر، على العكس من ذلك، يفترض أنه لن يُحاسب على الإطلاق. هناك فرق كبير بالتأكيد بين تصرفات هذين الرجلين. إذ يرجح أن يقوم الشخص الذي لا يخاف الله بارتكاب أي إثم وتجاهل جميع الأخلاقيات عندما يشعر أن مصالحه في خطر. ومن ثم، فإن الشخص الذي يسهل عليه قتل إنسان آخر، على سبيل المثال، دون أي سبب واضح أو لمصلحة دنيوية، يفعل هذا لأنه لا يخاف الله. ولو كان إيمانه بالله واليوم الآخر راسخا، لما تجرَّأ على فعل أي شيء لا يستطيع أن يبرره في الآخرة.
وفي القرآن الكريم، ضرب الله مثلا قصة ابنَي نبي الله آدم، عليه السلام، ليلفت انتباهنا إلى الاختلاف الحاد بين الشخص الذي يخاف الله والشخص الذي لا يخافه:
"وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ. لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ." (سورة المائدة: 27-28
فقد تجرأ الأخ الذي لا يخاف الله على قتل أخيه دون أن تطرف له عين، علما بأن الأخ القتيل لم يرتكب ذنبا. في حين أن الأخ الضحية، على الرغم من أنه مهدد بالقتل، قال إنه لن يحاول أن يقتل أخاه، وهذا نتيجة خوفه من الله. ومن ثم، بمجرد أن يشعر أفراد مجتمع ما بالخوف من الله، سوف ينتهي القتل،والاضطهاد، والظلم،والجورالذي لا يرضى عنه الله.
إن اشتهاء الدنيا هو سبب أيضا في الأعمال الوحشية وغير الأخلاقية التي يرتكبها الناس. إذ إن الشغل الشاغل لكثير من الناس هو خوفهم من أن يصبحوا فقراء أو من عدم قدرتهم على تأمين مستقبلهم. وتفسر هذه المخاوف بالضرورة السبب الذي جعل من الرشوة، والفساد، والسرقة، وشهادة الزور، والبغاء أسلوب معيشة بالنسبة لكثير من الناس. ومع ذلك، فبالنسبة لشخص مؤمن بالله، يتقدم رضا الله عنه على كل ما عداه. لذا، يتجنب هذا الشخص أي شيء من شأنه أن يفقده رضا الله. ولا يملأ قلبه غير الخوف من الله جل جلاله؛ فلا الموت، ولا الجوع، ولا أي نوع آخر من المصاعب يمكن أن يحيد به عن طريق الحق.
ونتيجة لذلك، لا يمكن أبدا أن يحيد الشخص الذي يخاف الله عما جاء في القرآن، مهما كانت الظروف. وبشكل مساو، ستجد أن هذا الشخص جدير بالثقة ويتصرف دائما بضمير حي. وبما أن لديه شعورا عميقا بأن الله يرى ويسمع كل شيء، فلن يحاول التصرف ضد ما يمليه عليه ضميره حتى عندما يكون بمفرده.
إن قلة التدين تحرض على فقدان الضمير. ولتوضيح هذه النقطة، فكر في شخص لا يتردد في الهرب بعد أن يصدم شخصا آخر بسيارته في الشارع. هذا مجرد مؤشر على بعده عن الدين. ولا شك في أن انعدام الضمير لدى هذا الشخص - الذي يترك إنسانا يتألم بمفرده في وسط الشارع، وقد كان من الممكن في أحوال أخرى أن تتوفر له فرصة للنجاة - يدعوه للاعتقاد بأنه يستطيع أن يتفادى الناس بالهروب منهم. ومع ذلك، فهو لا يعتقد مطلقا أن الله يحيط به، ويراه، ويسمعه في كل ثانية. ولا يمكن لأي إنسان قط أن يهرب من حساب الله في يوم الحساب. فسيجازي الله في هذا اليوم كل واحد عن كل ما ارتكبه من أفعال ظالمة، ووحشية، ومجردة من الضمير الحي:
"... وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ. أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللّهِ كَمَن بَاء بِسَخْطٍ مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ." (سورة آل عمران: 161-162)
وعندما نذكّر الناس بآيات الله، ونرشدهم إلى هذه الحقيقة المهمة، لن تحدث هذه الأفعال المنافية للأخلاق.
ويتجسد أحد الأمثلة على الأفعال المنافية للأخلاق التي يقوم بها الأشخاص البعيدون عن الدين في أولئك الذين يقدمون العناية الطبية في بعض المجتمعات وكأنهم أطباء، مع أنهم لا يمتلكون أي خلفية طبية. وعلى الرغم من أن هؤلاء الناس جاهلون تماما بأي فرع من فروع الطب، فإنهم يخدعون المرضى بسهولة ويتجرؤون على معالجتهم دون أن يعيروا اهتماما للعواقب الخطيرة التي تهدد صحتهم. بل قد تنتهي هذه الأفعال المنافية للأخلاق بموت المريض. وبينما يتجاهل مثل هؤلاء الناس تماما هذه الآثار السلبية، فإنهم لا يفكرون إلا في الحصول على بعض المنافع وجني الأموال. ومع ذلك، يأمر الله المؤمنين في القرآن الكريم بما يلي: "أن تُؤَدُّوا الأماناتِ إلى أهلِها" (سورة النساء: 58). وتعتبر صحة الإنسان، أيضا، أمانة غالية. ومن ثم، يجب على الناس، امتثالا لما جاء في الآية السابقة، أن يتجنبوا ممارسة مهنة لا يحق لهم العمل بها وألا يقوموا بأي محاولات من شأنها أن تضر الآخرين.
ومن المرجح أن يقابل المرء في جميع مجالات الحياة أناسا لا يخافون الله ويرتكبون أفعالا منافية للأخلاق. وإذا تعذر على المرء أن يدرك مدى قرب يوم الحساب ولم يتأمل فيه، سيسهل عليه أن يفتري على شخص بريء. وفي غضون ذلك، لن يفكر في إقناع الناس ببراءة هذا الشخص بل سيركز جهوده على إقناعهم بصدق كلامه هو. ومن الواضح أن مثل هذا الشخص لا يفهم مطلقا أن الله شاهد على كل شيء، بلا استثناء، وأنه سيحاسب الإنسان في الآخرة على كل ما فعله في الدنيا. ومن هذا المنطلق، لن ينزعج ضمير هذا الشخص إذا عرف أن الشخص البريء يمر بمحنة، أو يشعر بضيق، أو أودع السجن. ويوضح الله سبحانه وتعالي في القرآن عقاب من يفتري على الآخرين على النحو التالي:
"وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا." (سورة النساء: 112)
"إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ." (سورة النور: 11)
إن الشخص الذي لا يخاف الله لا يحترم الآخرين ولا يقدرهم. ويفسر انعدام الخوف هذا عدم اهتمام الكثير من أصحاب المطاعم بنظافة مطاعمهم وعدم احترام غالبية الناس لكبار السن. وعلى نحو مشابه، يفسر عدم الخوف من الله موت المرضى بغرف الطوارئ بسبب قلة العناية، وذبح المستضعَفين والفقراء وملايين الأبرياء من أجل حفنة من التراب، إلخ.
أما في المجتمعات التي تخاف الله، فلن يفعل أحد أيًّا من الأعمال السابقة، لأن الكل يعلم أن أي ذنب يرتكبه الإنسان في هذه الحياة الفانية سوف يلقى جزاءه في الآخرة. وإذا تحلى أفراد المجتمع بضمير حي سليم، يحق لهذا المجتمع أن ينعم بالسلام والإحساس بالثقة. وتجدر الإشارة إلى أن تجنب الفسوق، والبغاء، وأي شكل آخر من أشكال الأعمال اللاأخلاقية تجنبا تاما وما يصحبه من التحلي بقيم مثل الاحترام، والشفقة، والرحمة يضمن تكوين روابط عائلية لا تنفصم، وهذا أمر ضروري بلا شك من أجل إقامة مجتمع قوي ينعم بهذه الأسس المتينة في المقام الأول لأن أفراده يخلصون لبعضهم البعض.
بوح الروح
يندرج غالبية الناس حول العالم تحت فئة المضطهدين. ذلك أنهم يتعرضون للتعذيب، وسفك الدماء، ويعيشون مشردين في فقر مدقع، كما أنهم مجبرون على العيش دون حماية من قوى الطبيعة، ويواجهون المرض دون الحصول على عناية طبية مناسبة. ويوجد أولئك الذين لا يستطيعون حتى أن يشتروا رغيف خبز. كما يوجد الشيوخ الذين يواجهون الإهمال، والهجر، والحرمان من العناية الطبية. ويوجد أيضا أولئك الذي يعانون من التمييز، والترحيل من منازلهم وأراضيهم بل وحتى المذابح لمجرد أنهم ينتمون لعرق، أو لغة، أو جنس، أو قبيلة معينة. أما بالنسبة للأطفال الأبرياء الذين لا يجدون من يحميهم، والذين يعانون من سوء التغذية، والذين لا حول لهم ولا قوة فيضطرون للعمل أو التسول من أجل الحصول على المال.ويعيش عدد لا حصر له من الناس وهم خائفون على حياتهم وقلقون من قدرتهم على البقاء على قيد الحياة وسط عالم، يوجد فيه أيضا إلى جانب الفقر والاضطهاد، قدر هائل من التبذير، والامتيازات، والثراء. ويمر أولئك الذين ينعمون "بحياة كريمة" بالمتشردين، ويرون صورا ويشاهدون مناظر في التليفزيون لمن هم أقل منهم حظا. وفي بعض الأحيان ينتابهم شعور بالشفقة للحظة خاطفة، ولكنهم سرعان ما يغيرون قناة التليفزيون، ويطردون الصورة من ذهنهم، وخلال فترة قصيرة يمحون تماما تلك الوخزة العابرة التي أثرت في ضمائرهم.
إن كثيرا ممن ينعمون بالرفاهية وسبل الراحة لا يفكرون قط في بذل جهد لإنقاذ من هم أقل حظا منهم من الظروف التي يعيشون فيها. فهم يعتقدون أن إنقاذ هؤلاء الناس ليس من واجبهم، لأن هناك كثيرين يفوقونهم ثراء وقوة ومكانة بإمكانهم أن يساعدوا من هم أقل حظا.
ومع ذلك، لن يكفي الرخاء والقوة وحدهما لإنقاذ الأقل حظا وتحويل هذا العالم إلى مكان خير تسوده العدالة، والسلام، والثقة، والرفاهية. وعلى الرغم من انتشار البلدان المتقدمة حول العالم، فما زال هناك الكثير من البلدان أيضا، مثل إثيوبيا، التي لا يزال الناس يموتون فيها يوميا بسبب المجاعة. ومن الواضح أن ثراء بعض الأمم وقوتها لا يكفيان في حد ذاتهما لحل آلام القحط، والفقر، والحروب الأهلية.
لا شك في أن أصحاب الضمائر الحية هم وحدهم القادرون على توجيه الموارد والقوى لما فيه خير الفقراء واليائسين. والسبيل الوحيدة لصحوة الضمائر هي الإيمان. ذلك أن المؤمنين وحدهم هم الذين يعيشون دائما وفقا لما تمليه عليهم ضمائرهم.
وأخيرا، لا يوجد سوى حل واحد للظلم، والفوضى، والإرهاب، والمذابح، والجوع، والفقر، والاضطهاد المنتشر في العالم؛ وهذا الحل هو: خُلق القرآن وقيمه.
لقد نشأت تلك الظروف السيئة في المقام الأول بسبب الكراهية، والحقد، والأنانية، واللامبالاة، والقسوة؛ لذلك ينبغي أن تمُحى بالحب، والشفقة، والرحمة، والكرم، والإيثار، ورقة الإحساس، والتسامح، والفطرة السليمة، والحكمة. ولا تتوافر سمات الشفقة هذه إلا في أولئك الذين يعيشون حياتهم بأكملها وفقا للخلق التي تعلموها من القرآن الكريم، الذي يعتبر مرشدنا المباشر من خالقنا جل جلاله. ويشير الله سبحانه وتعالى في إحدى آيات الذكر الحكيم إلى قدرة القرآن على إخراج البشرية من الظلمات إلى النور.
"... قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ. يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ." (سورة المائدة: 15-16)
وفي آية أخرى، يبين الله سبحانه وتعالى أن الفساد والفوضى سيحلان بكل شيء إذا ما جاء الحق موافقا لأهواء البشر:
"وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ." (سورة المؤمنون: 71)
أثناء قراءتك لهذه الآية، سيكون ملايين الناس في معاناة كبيرة اما من البرد والجوع، أو لمواجهتهم خطر الترحيل من أوطانهم. ولهذا السبب، يجب أن يفكر أصحاب الضمائر الحية في هذا الأمر، ويتخذوا إجراءات لحل هذه المشكلات وكأنهم هم أنفسهم أو أحبابهم الذين يواجهونها. كما يجب أن نتصرف على الصعيدين الروحي والمادي للتقليل من المعاناة والاضطهاد. وفي إحدى آيات الذكر الحكيم، يأمر الله أصحاب الضمائر الحية والمؤمنين بتحمل هذه المسؤولية:
"وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا."؟ (سورة النساء: 75)
وعندما نتدبر الأوامر القرآنية، تتضح لنا ماهية التزاماتنا. ويتمثل أهم شيء بالنسبة للمسلمين في أن يبدؤوا أولا النضال في الميدان العقلي حتى تتغلب خلق القرآن والسنة وقيمها على قيم الكفر. وتتمثل السبيل الوحيدة لخلاص الضعفاء، والبائسين، والشريدين، والمعدمين في تطبيق الإرشادات القرآنية الموجهة إلى البشرية جمعاء. لذا، فإن من واجبنا أن ننشر كلمة الله ونبلغ رسالته، ويشكل هذا مكونا أساسيا من مكونات العبادة بالنسبة لجميع المسلمين.
ويجب أن نذكّر بأن أولئك الذين لا يتبعون ما تمليه عليهم ضمائرهم، ولا يبالون بمعاناة الآخرين، وينفقون ثرواتهم على أشياء تافهة عديمة الجدوى، ولا يبدون اهتماما بالأيتام، وينظرون إلى النساء والأطفال والشيوخ المضطهدين بقدر من اللامبالاة، ولا يسعدون إلا عندما يسود العالم الفسوق والقبح، سوف يُسألون لا محالة عن تلك الأعمال في الآخرة.
"أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ. فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ. وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ. فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ. الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ. الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ. وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ." (سورة الماعون: 1-7)
ماذا يحدث إذا لم يَخف الإنسان من الله؟
فكر في رجلين، أحدهما يعرف أنه سيقابل الله جل جلاله ويعي أنه سيجازى عن كل فعل يقوم به؛ والآخر، على العكس من ذلك، يفترض أنه لن يُحاسب على الإطلاق. هناك فرق كبير بالتأكيد بين تصرفات هذين الرجلين. إذ يرجح أن يقوم الشخص الذي لا يخاف الله بارتكاب أي إثم وتجاهل جميع الأخلاقيات عندما يشعر أن مصالحه في خطر. ومن ثم، فإن الشخص الذي يسهل عليه قتل إنسان آخر، على سبيل المثال، دون أي سبب واضح أو لمصلحة دنيوية، يفعل هذا لأنه لا يخاف الله. ولو كان إيمانه بالله واليوم الآخر راسخا، لما تجرَّأ على فعل أي شيء لا يستطيع أن يبرره في الآخرة.
وفي القرآن الكريم، ضرب الله مثلا قصة ابنَي نبي الله آدم، عليه السلام، ليلفت انتباهنا إلى الاختلاف الحاد بين الشخص الذي يخاف الله والشخص الذي لا يخافه:
"وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ. لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ." (سورة المائدة: 27-28
فقد تجرأ الأخ الذي لا يخاف الله على قتل أخيه دون أن تطرف له عين، علما بأن الأخ القتيل لم يرتكب ذنبا. في حين أن الأخ الضحية، على الرغم من أنه مهدد بالقتل، قال إنه لن يحاول أن يقتل أخاه، وهذا نتيجة خوفه من الله. ومن ثم، بمجرد أن يشعر أفراد مجتمع ما بالخوف من الله، سوف ينتهي القتل،والاضطهاد، والظلم،والجورالذي لا يرضى عنه الله.
إن اشتهاء الدنيا هو سبب أيضا في الأعمال الوحشية وغير الأخلاقية التي يرتكبها الناس. إذ إن الشغل الشاغل لكثير من الناس هو خوفهم من أن يصبحوا فقراء أو من عدم قدرتهم على تأمين مستقبلهم. وتفسر هذه المخاوف بالضرورة السبب الذي جعل من الرشوة، والفساد، والسرقة، وشهادة الزور، والبغاء أسلوب معيشة بالنسبة لكثير من الناس. ومع ذلك، فبالنسبة لشخص مؤمن بالله، يتقدم رضا الله عنه على كل ما عداه. لذا، يتجنب هذا الشخص أي شيء من شأنه أن يفقده رضا الله. ولا يملأ قلبه غير الخوف من الله جل جلاله؛ فلا الموت، ولا الجوع، ولا أي نوع آخر من المصاعب يمكن أن يحيد به عن طريق الحق.
ونتيجة لذلك، لا يمكن أبدا أن يحيد الشخص الذي يخاف الله عما جاء في القرآن، مهما كانت الظروف. وبشكل مساو، ستجد أن هذا الشخص جدير بالثقة ويتصرف دائما بضمير حي. وبما أن لديه شعورا عميقا بأن الله يرى ويسمع كل شيء، فلن يحاول التصرف ضد ما يمليه عليه ضميره حتى عندما يكون بمفرده.
إن قلة التدين تحرض على فقدان الضمير. ولتوضيح هذه النقطة، فكر في شخص لا يتردد في الهرب بعد أن يصدم شخصا آخر بسيارته في الشارع. هذا مجرد مؤشر على بعده عن الدين. ولا شك في أن انعدام الضمير لدى هذا الشخص - الذي يترك إنسانا يتألم بمفرده في وسط الشارع، وقد كان من الممكن في أحوال أخرى أن تتوفر له فرصة للنجاة - يدعوه للاعتقاد بأنه يستطيع أن يتفادى الناس بالهروب منهم. ومع ذلك، فهو لا يعتقد مطلقا أن الله يحيط به، ويراه، ويسمعه في كل ثانية. ولا يمكن لأي إنسان قط أن يهرب من حساب الله في يوم الحساب. فسيجازي الله في هذا اليوم كل واحد عن كل ما ارتكبه من أفعال ظالمة، ووحشية، ومجردة من الضمير الحي:
"... وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ. أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللّهِ كَمَن بَاء بِسَخْطٍ مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ." (سورة آل عمران: 161-162)
وعندما نذكّر الناس بآيات الله، ونرشدهم إلى هذه الحقيقة المهمة، لن تحدث هذه الأفعال المنافية للأخلاق.
ويتجسد أحد الأمثلة على الأفعال المنافية للأخلاق التي يقوم بها الأشخاص البعيدون عن الدين في أولئك الذين يقدمون العناية الطبية في بعض المجتمعات وكأنهم أطباء، مع أنهم لا يمتلكون أي خلفية طبية. وعلى الرغم من أن هؤلاء الناس جاهلون تماما بأي فرع من فروع الطب، فإنهم يخدعون المرضى بسهولة ويتجرؤون على معالجتهم دون أن يعيروا اهتماما للعواقب الخطيرة التي تهدد صحتهم. بل قد تنتهي هذه الأفعال المنافية للأخلاق بموت المريض. وبينما يتجاهل مثل هؤلاء الناس تماما هذه الآثار السلبية، فإنهم لا يفكرون إلا في الحصول على بعض المنافع وجني الأموال. ومع ذلك، يأمر الله المؤمنين في القرآن الكريم بما يلي: "أن تُؤَدُّوا الأماناتِ إلى أهلِها" (سورة النساء: 58). وتعتبر صحة الإنسان، أيضا، أمانة غالية. ومن ثم، يجب على الناس، امتثالا لما جاء في الآية السابقة، أن يتجنبوا ممارسة مهنة لا يحق لهم العمل بها وألا يقوموا بأي محاولات من شأنها أن تضر الآخرين.
ومن المرجح أن يقابل المرء في جميع مجالات الحياة أناسا لا يخافون الله ويرتكبون أفعالا منافية للأخلاق. وإذا تعذر على المرء أن يدرك مدى قرب يوم الحساب ولم يتأمل فيه، سيسهل عليه أن يفتري على شخص بريء. وفي غضون ذلك، لن يفكر في إقناع الناس ببراءة هذا الشخص بل سيركز جهوده على إقناعهم بصدق كلامه هو. ومن الواضح أن مثل هذا الشخص لا يفهم مطلقا أن الله شاهد على كل شيء، بلا استثناء، وأنه سيحاسب الإنسان في الآخرة على كل ما فعله في الدنيا. ومن هذا المنطلق، لن ينزعج ضمير هذا الشخص إذا عرف أن الشخص البريء يمر بمحنة، أو يشعر بضيق، أو أودع السجن. ويوضح الله سبحانه وتعالي في القرآن عقاب من يفتري على الآخرين على النحو التالي:
"وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا." (سورة النساء: 112)
"إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ." (سورة النور: 11)
إن الشخص الذي لا يخاف الله لا يحترم الآخرين ولا يقدرهم. ويفسر انعدام الخوف هذا عدم اهتمام الكثير من أصحاب المطاعم بنظافة مطاعمهم وعدم احترام غالبية الناس لكبار السن. وعلى نحو مشابه، يفسر عدم الخوف من الله موت المرضى بغرف الطوارئ بسبب قلة العناية، وذبح المستضعَفين والفقراء وملايين الأبرياء من أجل حفنة من التراب، إلخ.
أما في المجتمعات التي تخاف الله، فلن يفعل أحد أيًّا من الأعمال السابقة، لأن الكل يعلم أن أي ذنب يرتكبه الإنسان في هذه الحياة الفانية سوف يلقى جزاءه في الآخرة. وإذا تحلى أفراد المجتمع بضمير حي سليم، يحق لهذا المجتمع أن ينعم بالسلام والإحساس بالثقة. وتجدر الإشارة إلى أن تجنب الفسوق، والبغاء، وأي شكل آخر من أشكال الأعمال اللاأخلاقية تجنبا تاما وما يصحبه من التحلي بقيم مثل الاحترام، والشفقة، والرحمة يضمن تكوين روابط عائلية لا تنفصم، وهذا أمر ضروري بلا شك من أجل إقامة مجتمع قوي ينعم بهذه الأسس المتينة في المقام الأول لأن أفراده يخلصون لبعضهم البعض.
بوح الروح
الأربعاء أبريل 01, 2015 8:08 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * الحُــــبّ
الأربعاء أبريل 01, 2015 8:06 am من طرف بوح الروح
» * * * * * وبيسألوني ... !!!
الأربعاء أبريل 01, 2015 8:04 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * في بلادنا ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:59 am من طرف بوح الروح
» * * * * * في بلادي ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:57 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * في بلادي ...
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:55 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * في بلادي ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:53 am من طرف بوح الروح
» * * * * * قالوا لي ..!!!!!
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:51 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * مِن غيرتي ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:49 am من طرف بوح الروح