ان من الخطأ الكبير ان يتم طرح فلسفة ملاصدرا الشيرازي , بانها فلسفة ثورية كما فعل هادي العلوي وغيره من المثقفين العرب والشرقيين , بل من الخطأ طرح هذه الفلسفة بانها قول فلسفي جديد اصلا .. اذ ان هذه الفلسفة, بالاضافة الى ماقلناه سابقا , هي :
1_ تعتمد على ((اليقين)) بدءا , والمتمثل باليقين الارسطي الاول والذي هو يقين باب علم البرهان التقليدي المتكون باتصاف المحمول بالموضوع واستحالة الانفكاك عنه (= انظر الجزء الاول من كتاب ابن سينا الاشارات والتنبيهات , وهناك كتاب جرى اهماله يعد آخر قراءه سيكولاستيكيه , اعني كتاب محمد حسين الطباطبائي في كتابه المسمى ب:رسائل سبع والذي هو يتضاد مع كتاب الطباطبائي المتأخر المسمى ب: نهاية الحكمه, بسبب اقصاء البرهاني الاني عن القول الفلسفي مع ان الطباطبائي اعترف به في الرسائل , كما نبه الى ذلك مصباح اليزدي في كتابه : التعليقه ) .
2_ والذي هو يقين سوف نقف عليه في حلقة مستقلة وسنثبت بان هذا النوع من اليقين هو يقين مستحيل اصلا , وليس من تناقض بين هذا الادعاء وبين نفسه بانه يقين لاينفك ايضا.
3_هذا من جهة البداية اما من جهة النهاية في الفلسفة المتعالية هذه فهي تبتغي اليقين الصوفي العرفاني (= .. الكشف ..حق اليقين .. عين اليقين .. برد اليقين..الخ ) واي ثورة ستقع بين نسق فلسفي هذه بدايته وهذه نهايته ؟! ...
4_لكن لِمَ العجب أولم يطرح محمد عابد الجابري خطابه النقدي الجديد على اساس العودة الى ارسطو وبرهانه نفسه , مع ان الفلسفة اليوم تجاوزة مرحلة الانساق الحداثوية الى خطاب مابعد الحداثة , كل ذلك والمثقف العربي يتمرجح بكونه ناقد الخطاب العربي الحديث ويريد ان يلحقه بركب القول والفكر العالمي العلمي ((المعاصر))!!
5_اضف الى ذلك ان فلسفة ملاصدرا هي مجرد محاولة كتابة هامش استدلالي على ماقاله ابن عربي . فانتَ لو ضعت جدولا بافكار ابن عربي وجدول مماثل لافكار ملاصدرا , لوجدت ان كلا الجدولين واحد (كما سنعرض ذلك مفصلا فيما بعد ) . فانت تجد مدرسة ملاصدرا (= انظر الاسفار الجزء الاول , او المرحلة الاول من كتاب الطباطبائي , نهاية الحكمه ) تقول بان الوجود من حيث هوهو لاخارجي ولاذهني ولا جوهر ولاعرض , ...وانه اعم الاشياء , ..وانه لاضد له وانه خير محض ..الى آخر المحطات التي تجدها ذاتها في كتب ابن عربي وشارحيه حد التطابق اللفظي وليس المعنوي فقط ( لاحظ مثلا ص 13-17 ج1 ,من شرح القيصري على فصوص الحكم لابن عربي ,طبعة مهر_ايران ,تحقيق دار الاعتصام ) .
6_ ولايقال هنا: (( ان الوجود في مصطلح الفصوص غيره في مصطلح كتاب الاسفارالاربعه, وبتبعه سوف تختلف باقي المصطلحات من عرض وجوهر وخارج وضد وغير ذلك , فكيف خلطتَ المصطلحلات بين المبحثين ؟!)) .. فانا نقول : بان ملاصدرا سيبتدء القول في الجزء الاول من الاسفار بالوحودة التشكيكية للوجود , لكنه سوف يلغيها في الجزء الثاني بالقول بالاضافة الاشراقية للاشياء ( لذا يسمي الطلبة في اروقة البحث العالي الجزء الثاني من الاسفار: عرفانيات الاسفار , وهي تسمية دقيقية وصائبة جداً) , ولايوجد اي قول عرفاني وصوفي في وحدة الوجود قد جازفت باكثر من هذا المطلب نفسه
7_ اما ماعتمده هادي العلوي وجملة مثقفين آخرين على مقولة الحركة الجوهرية , فانه مبني على عدم الدراية بكون المر مسبوق بالغزالي , وان المنظر الاسبق لهذا الرأي هو ابن عربي , حيث قرر ذلك جليا في كتابه الفتوحات المكية , وهي مقولة اساسية ليس في الفاعلية العقلية , وانما في السلوك والعروج الصوفي , اذ بدون القول بوجود حركة في الجوهر , ستكون جميع ماسيحصل عليه المتصوف هو مجرد اعراض وليس مقامات , ومقولة المقام العرفاني لبنتها الاولى هو التحول الجوهري الذي من خلاله يمكن تصوير تكرر مقام النبوة او الفناء الوجودي , وهذا القول كان لابد له ان يشمل جميع المخلوقات حتى ما عدى الانسان منها بهذه الحركة , مادام المتوصف يرى ان الكون حركة عبادية نحو الغاية الاولى والاخيرة وهي الوجود الحقيقي الواحد . وهذا كما ترى لاعلاقة به لا بالثورة ولا بالحركية الدنيوية للانسان ومتطلباتها الخارجية او الذهنية على السواء , وعليه فماتم تسويد صفحات مطولة لعشرات المثقفين حول هذا الموضوع اكبارا بثورية ملاصدرا , لايعدو تؤيلا انشائيا سببه عدم تفحص المؤى الاصلي للمصطلح الفلسفي هنا من جهة , وعدم ربط النص المكتوب بفضائه الطبيعي لدى كاتب (= ملاصدرا) من جهة ثانية , لذا كان ماكتب هو عبارة عن تدوين المثقف لافكاره هو وليس لمرادات النص الفلسفي لملاصدرا المطروح امامه.
8_ ولوكانت فلسفة ملاصدرا فلسفة ثورية حقاً , لاعانة الفرد الشرقي على بلواه وهو يواجه التحرك الاستعماري الجديد ,لا انها اضافة له مبرر آخر للانزواء والانشغال بكوثرة كهوف جديدة لكهك(= اسم الكهف الذي اعتكف فيه ملا صدرا اثناء كتابته لفلسفته هذه)
9_ وعليه فهذه الفلسفة ليست جديدة , وانما هي ذات الموقف الثالث القديم من الفلسفه الذي عرضناه سابقا , اي ان فلسفة ملاصدرا, هي نظر عقلي مأخوذ فيه هاجس موافقة القرآن والسنه , اي انها فلسفة تقوم على موقف ليس فلسفي منذ البداية .
10_ وفي حقيقية الامر ان نظرية الحركة الجوهرية , استوحاها ملاصدرا مما اسسه الغزالي حول مسألة المعاد , من ان جوهر الانسان ثابت , لكن هناك عناصر ثابتة من بدنه , وحينما يتم حشره في الاخرة سوف يتلبس رداء بدني جديد , ولعل كتاب المبدأ والمعاد لملاصدرا من اوضح النصوص التي تربط ملاصدرا بالغزالي , فملاصدرا توقف عند هذا التحرك الجوهري ولم يرقفض سوى مقولة المواد الاصلية الجسمية الثابته, لكون الغزالي ظل داخل مدرسة علم الكلام , اما ملاصدرا فكان ينتمي للفلاسفه وهم لايؤمنون باي شيء يربطهم بقضية اعادة المعدوم لكونها مستحيلة من الاصل لديهم بخلاف المتكلمين .
وعليه فالحركة الجوهرية مرتبطة بقضايا الموت وليس الحياة , فلا معنى لكل هذا التؤيل التثويري لهذه الفلسفه من الاصل .
11_لذا كان من الطبيعي ان نجد ان دعوة ملا صدرا هي ذاتها دعوة ابو حامد الغزالي , اي ادعاء اتباع النقل للقرآن واتباع العقل للبرهان , وان تكون نهاية المقصد لكليهما ( الغزالي وملاصدرا) هي التصوف , فحتى مسألة كون الوجود نور والنور ظاهر بنفسه ولشدة ظهوره اختفى ( والتي هي مسألة اساسية في طول وعرض كتب ملاصدرا والطباطبائي وبقية تلاميذ هذه المدرسه بدءا من تقرير اصالة الوجود في المرحلة الاولى وحتى تقرير بداهة الوجود المتعالي الاعلى (= الله ) في المرحلة الثانية عشر , وقضية النور هذه نجدها نجدها لدى الغزالي ايضا , ومن ثم انتقلت وتطورت على يد ابن عربي , والغزالي ص82 من كتابه مشكاة الانوار , واضح الدلالة خصوصاً اذا ما قرناه بتوقفات ابن عربي وشيخ الاشراق السهروردي على هذه الاقوال وكيف انها ذاتها تتكرر لدى ملاصدرا .
12_ لذا تجد ان ملاصدرا حرص على ذكر الغزالي وتأويل مواقفه , كتكفير الغزالي للفلاسفه وماحول ان يبرره ملاصدرا في الاسفار وكتاب المبدء والمعاد , فمثلا يقول ملاصدرا في كتابه المبدء والمعاد مانصه : ((.. الحق الحقيق بالتصديق ان الغزالي في اكثر القواعد الدينية والاصول الايمانية كان يتبع الحكماء ومنهم يأخذ كثيراً من عقائده لانه وجد مذاهبهم في باب احوال المبدأ والمعاد أوثق المذاهب وأتقن الاراء العقلية واصفى من الشكوك )) ,
13_ولستُ ادري عن اي قواعد اعتمد عليها الغزالي , يتحدث عنها ملاصدرا هنا .. فالغزالي لم يثبت على مرحلة واحدة وكان يتلقب في ارائه ؟! .. ثم بماذا سنبرر تكفيره الصريح للفلاسفه ؟!.. من الواضح ان قول ملاصدرا ومن سيتبعه من المؤمنين بفلستفه , ان هو الا تبرير لايحتاج الى تطويل نقد ومراجعة وعرض نصوص , لكونه تبرير خال من الدليل بل الدليل قائم على ضده , خصوصا اذا ما قلنا بان كتاب مقاصد الفلاسفه متأخر عن كتاب تهافت الفلاسفه وليس العكس كما حاول ان يصوره ملا صدرا .
14_ وهذا ينتج بان فلسفة ملاصدرا ,هي فلسفة تعود الى ماقبل ابن رشد الذي لم يوكله ملاصدرا ولا تلامذته اي اهمية كانت , ففلسفة الحكمة المتعالية , تعود الى مطلب الغزالي نفسه , لذا من الطبيعي ان يغيب ابن رشد لكونه ضد هذه الفلسفة اساساً.
15_وهذا التلفيق ليس هو الاول , فقد سبقه الفارابي في الجمع بين الحكمين , وهذا التلفيق والحس بضرورة الخروج عن قبليات مسبقه ( مثل الخوف من مخالفة آيات المعاد في القرآن مثلا, كما هو صريح قول ملاصدرا اعلاه ) معناه ان اساس الفلسفة لدينا منذ البداية هو اساس ليس فلسفي .
16_ وبهذا فانه كما سيقضي ابو حامد الغزالي على نزعة الشك والسؤال ويحول القول الفلسفي الى نسق مغلق ليس لنا من حض الا في تعميق ذات مدعياته ومطالبه (كما هو صريح قول محمد حسين الطباطبائي في الميزان , كما سنرى ) , فان ملاصدرا حول القول الفلسفي الى صمد منغلق لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه (= كان الشيخ جوادي آملي في قم _ايران , يقول : {انا مطمأن بان اراء ملاصدرا سوف تبقى حتى ظهور الامام المهدي} , وهو قول لايحتاج الى تعليق معلق , كما انه السلوك العملي ولازم اقوال جميع اتباع هذه الفلسفة , لكونهم يطرحونها فلسفة غنية بنفسها وان جميع مقولاتها صحيحة بالاطلاق ) .
17_ بل ان ملاصدرا اشد من الغزالي لكونه قضى على الشك الفلسفي بالفلسفة ذاتها , بخلاف الغزالي الذي لم يدعي سوى ان الفلاسفة اساؤوا استخدام المنطق واشكال القياس , وانه يعد المنقول اقرب الى التصديق من المعقول لقرب الاول وبعد الثاني , في حين ام ملاصدرا اعتمد على دعوى كون بدء فلسفته (= اصالة الوجود ) ونهايتها (= فرادة الوجود وانحصاره بالله ) كلاهما تنبيهات على مطالب اولية وليست من باب البرهان حقيقة , وهذه كما ترى تتجاوز مادعاه الغزالي بمسافات شاسعة .
18_ لا ادري هنا هل هي نتيجة منطقية تقتضيها فلسفة التاريخ وحركته , ام هي من طرائف الاقدار فقط ؟! .. حيث ان فلسفة الغزالي تكللت بكونها الاساس التنظيري للمدرسة النظامية , والتي هي مدرسة ذات اهداف سياسية , وان تكون فلسفة ملاصدرا , هي الاستناد النظري لنظام سياسي ايضاً على يد الخميني .
19_ وباب الطرافة ان فلسفة الغزالي كانت سيفا يطارد الشيعة ويحاول القضاء على دولتم الفاطمية بمصر , في حين ان فلسفة ملاصدرا هي اليوم الشريان الابهر لثقافة الدولة الشيعية في ايران .
20_ هذه (( الطرافة )) , ليست نظرية مؤقته فقط او تاريخية تتقوم _ مثلا_ بين موقف الغزالي الذي هجى الشك الفلسفي حفاظاً على العقيدة الدينية , فتم الاحتفاء به , وبين تجديد ملاصدرا الذي تم اقصائه من اجل الحفاظ على العقيدة ايضا , وانما الحكمة المتعالية سوف تلعب دوراً خطرا , في اعادة تأويل العقائد الشيعية( و باقي المسلمين الذين سيتأثرون بها انجرارا خلف كارزمية حركة الخميني ودولته ) برمتها بدءا من اعادة شرح مقولة (( الله )) ووحدته الوجودية , وحتى مقولة (( العصمة )) للنبي والائمة .
21_ واذ تتناقض البنية التحتية لفلسفة ملاصدرا مع المذهب الشيعي ( ابو حامد الغزالي \ابن عربي ) , فان اولويات مهمات ملاصدرا ستكون محاولة ايجاد تلفيق يصالح بين فلسفته وبين موروثه الشيعي , فجاء كتابه تفسير القرآن من جهة , وشرح اصول الكافي من جهة اخرى .
22_ ان الامر لم ينتهي عند هذا الحد , فهناك التطابق مع كتب معادية للفلسفة من جهة (= كتب الغزالي ) وكتب خارجة عن القول الفلسفي من جهة ثانية (= كتب العرفاء وابن عربي ) . بينما على الصعيد الاخر هناك اختلاف جذري للارث العقائدي الذي يريد ملاصدرا واتباعه تلفيقه مع هذه الفلسفة , وهو امر وصل حد قبول خطبة البيان المنسوبة للامام علي بن ابي طالب , من قبل الخميني وجوادي آملي , والتي هي نص لم يسبق ان قال بصحته من عالم كبير من علماء الشيعة (اوبقية المسلمين ) طيلة التاريخ السابق , والى الان لايستطيع احد قبول خطبة البيان مالم يكن تابع لمدرسة فلسفية من هذا النوع تأول النص باجمعه لصالح الفلسفه.
23_ وهذا معناه خلق حالة تصادم مزدوجه : الاولى تصادم تنظير ملاصدرا مع الواقع الشرقي النظري والعملي , المتمثل بحركات الاستعمار العسكرية من جهة , وماسيحاوله المثقف العربي والشرقي من الخروج من مأزق الهزيمة الثانية , والتي هي معركة الفكر والثقافة , وعلى كلا الصعيدين لم تستطع فلسفة ملاصدرا ان تعطي شيئا .
24_الا ان نجاح الخميني السياسي , اغرى الكثير بأويل فلسفة ملاصدرا ونفخ روح الحياة بجثتها , بكون صانع الثورة الايرانية ماهو الاتلميذ لهذه الفلسفة , بيد ان هذا لم يكن ليعين شيئا لاسباب عده من ابرزها:
_ ان الخميني لم يدخل في خطابه الواعي المحمل الفلسفي هذا
_ ان جنبة الغنوص الخالص وجنبة الفقه الخالص , لدى الخميني اقوى من جنبة تتلمذه على يد الحكمة المتعاليه
_ ان هنا جملة ملاحظات اتركها هنا كي اعود اليها في مبحث خاص حول الخميني .
25_ وهذا ماكان واضحاً جدا حتى بالنسبة للساحة الايرانية , ولو كان الخميني تلميذا بارعا في هذه الفلسفة لفتح درسا لها , اسوة بدروس العرفان والفقه وعلم الاصول التي كان يمارسها . الخميني كان اضعف بكثير من ان يكون محيي فلسفة ملاصدرا ومصعدا اياها الى رتبة الدرس العلني الرسمي في الحوزة فضلا عن الجامعة الايرانية , وحتى الان كتبه لاتقدم اي شيء لطالب هذه الفلسفه , بخلاف كتبه في علم الاصول والفقه والعرفان والتصوف .
26_ هذه المسؤلية انبرى لها تلميذ اشطر من الخميني بكثير, واشد منه نباهة في هذا الصعيد , الا وهو محمد حسين الطباطبائي , لذا كان على هذا الاخير فعل ثلاث امور من اجل ارجاع هذه الفلسفة , بل وتنصيبها على قمة الهرم الدراسي والمدرسي معاً, فقام بامور عدة تكشف مدى صبر واصرار هذا الرجل ومدى ايمانيه المطلق بفلسفة الحكمة المتعاليه , ومن اهم ماقام به الطباطبائي :
الاول : طرح برهانية فلسفة الحكمة المتعالية بشكل خالص وواضح (= تعليقة الاسفار .. كتاب بداية الحكمه .. كتاب نهاية الحكمه ) , كي تظهر مدعيات الحكمة المتعالية بانها مقول فلسفي خالص .
الثاني : زج الحكمة المتعالية بصدام الفلسفات الواردة من ماركسية ووضعية وغيرها , كي يبان قوتها من جهة , وتكون ملفتة للجيل الجديد من جهة اخرى , فجاء كتاب : اصول الفلسفه والمذهب الواقعي بمجلداته المتعدده, بالاضافة الى حواره مع المستشرق كوربان .
الثالث : كان على الطباطبائي ان يعيد الاعتبار لفلسفة ملاصدرا في الوسط الشيعي نفسه , هذا الوسط الذي بقي رافضاً لهذه الفلسفة بكل شدة وضراوة حد تحريم تعاطيها وتدارسها على يد بعض الفقهاء رغم انهم احتفوا بكتب الخواجه الطوسي والحلي مثلا وهي كتب اعتمدت على القول الفلسفي .
27_ ان هذا يعني ان وجل علماء الشيعة من فلسفة ملاصدرا كان وجل على شيء آخر وليس على هذه الفلسفة ذاتها كماهو مشهور مالدينا من كتابات حتى هذه السطور , وعلى هذا الاساس اعاد الطباطبائي فكرة ملاصدرا وهي اعادة شرح المنقول على ضوء هذا القول الفلسفي فجاء كتاب الميزان في تفسير القرآن , كفكرة تجمع بين كتابي ملا صدرا القديمين تفسير القرآن وشرح اصول الكافي . وهي محاولة سبق ان طرقها ثاني ثلاثة من تلامذة ملاصدرا , اعني الفيض الكاشاني , لذا سيغدوا واضحاً الان لمَ كل هذا الاصرار من الفيض الكاشاني على جعل الغزالي شيعيا , وذلك الحرص في اعادة كتابة ايحاء علوم الدين , الى جعله كتاب ((المحجة البيضاء)) المعروف .
28_وفي واقع الامر ان علماء الشيعة في النجف كانوا منذ البدء وبزمن مبكر مرتابين جدا من حركة الطباطبائي هذه, لذا وقفوا بوجهه حينما حاول اعادة تأويل المنقول الشيعي على اساس هذه الفلسفه , اعني مشروع الطباطبائي بكتابة حاشية نقدية لكتاب بحار الانوار, والتي لازال اثرها باديا بماخطه الطباطبائي على المجلدات الاولى من هذه الموسوعة الضخمه , وهو وجل من الفقهاء يكشف عن جملة امور كارثية تتعلق بهذا المروث العقائدي نحيل القول فيها الى بحوث مستقلة بها .
29_ وهنا نصل الى نتيجة في غاية الخطورة سوف نقف عندها بشكل مكثف في ورقة بحث اخرى , اعني نتجية ان البحث الروائي في كتاب تفسير الميزان ما هو الا تميم لمابدئه ملاصدرا في شرح اصول الكافي من جهة , وتتميم لماخاب به الطباطبائي في كتابة تعليقة على بحار الانوار .
30_مخلص كل ذلك يعني : ان مراجعة الحكمة المتعالية تتطلب التشكيك بامور جميعها تتنافس بانها الاخطر والاشد تعقيدا, والاكثر تأزماً وازمة , وهي :
اولا: ان هذا التحليل يوصلنا الى ضرورة التشكيك بحاضر العقائد الاسلامية عموماً والشيعية خصوصاً, واعادة البنية التحتية لاختلاف العلماء وصراعهم , والذي تحمل الجمهور قدره الاكبر من السلبيات والشجارات والاحتقانات , ومن دون هذه المراجعة , ستبقى اي مقولة لوحدة الصف والكلمة , مجرد انشاء لاطائل تحته ,مثل مقولة نقد العقل العربي , او نقد الفكر اوالنص الديني , وغير ذلك من امور هي اقرب( في جملة من الكتابات المشهورة) الى التبجح حتى الان.
ثانيا : .ان هذا التحليل يقتضي اعادة الشك حول البنية التحتية التي قامت عليها الحركات السياسية الشيعية وغيرها من الحركات الاسلامية , التي تاثرت بالخميني, سواء في الشرق او في الحاضر العربي , بل ولدى بقية الذين لم يأثروا بالخميني ايضا , مادامت هناك مشكلة بين الفلسفة والعقيدة اساساً.
ثالثا: ان هذا الامر يقتضي مراجعة ماقام به فضاء واسع من الكتاب والمثقفين , من تؤيل لفلسفة ملاصدرا , ومحاولة طرحها بانها كنز مخفي عن الوسط الثقافي العربي والشرقي المعاصر, فيه الثورية والعطاء والتجديد العقلي والحضاري .
31_وهذه الفضاءات الثلاث كما ترى لاتشكل بؤرة الاشكالية الثقافية لفكرنا المعاصر فقط, وانما هي بؤرة تختزل واقع سياسي واجتماعي معقد وتعود بنا الى الوقوف امام مافعله المترجم الشرقي المسلم الاول للنصوص الفلسفية , وكيف كان النص الفلسفي وقع ضحية النص الديني , ثم تحول النص الديني الى ضحية للنص الفلسفي , بوضوح اكثر ان هذا يعني ان اي مراجعة للفلسفة لدينا هي دخول في مشكلة العقيدة الدينية واشكالية الدين والفلسفة من الاساس .. فنحن مرة طردنا الفلسفة حفاظا على العقائد الدينية فكان كل من تمنطق فقد تزندق , لكون الفلسفة شك والدين قائم على اليقين ولا مجال فيه حتى للظن فكيف بالشك ؟! .. ومرة جلبنا الفلسفة دفاعاً عن هذه العقائد نفسها
32_ ان هذه المنطلقات الثلاث هي بحث مختلف آخر يفتح آلف من ابواب الجحيم امام الناقد وحامل القلم والفرد المستقل الذي ولائه للمعرفة وحدها, وهو امر يعني تزايد اطلاق الرصاص والتكفير اكثر فاكثر
33... فهل تعود مسئلة التكفير والتفكير الى هذا البحث بالذات ام لا ؟! ... مامعنى ان تكون الفلسفة ملحدة فنكفرها , او تكون اسلامية ( او مسيحية .. او بوذية .. او ..الخ ) فنؤمن بها ؟! ... هل حقاً ان اليقين الديني واليقين الفلسفي بينهما اشتراك كي نقول ان علاقة الاثنين تضاد كامل , او انه يمكن مصالحة الدين مع الفلسفة ؟! ... هل هناك اصل مشترك بين العلم والفلسفة والدين على ضوء المناهج الحديثة كما قال محمد باقر الصدر ام لا ؟! ... لنؤجل كل ذلك الان ونقف اكثر على بعض مفارقات المثقف المعاصر امام فلسفة ملاصدرا , ثم لنرى الى اي نتيجة نصل تكون نافعة لمراجعة مثل هذه الاسئله .
بوح الروح
الأربعاء أبريل 01, 2015 8:08 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * الحُــــبّ
الأربعاء أبريل 01, 2015 8:06 am من طرف بوح الروح
» * * * * * وبيسألوني ... !!!
الأربعاء أبريل 01, 2015 8:04 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * في بلادنا ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:59 am من طرف بوح الروح
» * * * * * في بلادي ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:57 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * في بلادي ...
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:55 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * في بلادي ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:53 am من طرف بوح الروح
» * * * * * قالوا لي ..!!!!!
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:51 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * مِن غيرتي ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:49 am من طرف بوح الروح