** ان ضاقت بك السبل فلمن المشتكى ...!!!؟.**
ماذا نصنع؟ وكيف نهنأ بالعيش والمسلمون قد تضاعف عددهم بآلاف الملايين، وقد تضاعفت محنتهم وبلاؤهم وكربهم؟ وعظم الجهل فيهم وقل العلم، وتسلط عليهم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيه، أما يحق لنا أن نبكي على أمتنا وأبنائنا؟ ونشتكي إلى الله؟
سيدنا يعقوب -عليه السلام- لما بكى وابيضت عيناه من الحزن قال: (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ) إذًا هناك لحظات لابد أن تشكو فيها إلى الله، أن تبكي لله -تعالى- شاكيًا كرب نفسك وأهلك وأولادك وأمتك وما تشعر به إلى الله، إن يعقوب -عليه السلام- لما ضيعوا أخاهم الثاني تذكر أمانة يوسف -عليه السلام- وكرمه وحلمه وحسن صفاته، فتأثر -عليه السلام- فابيضت عيناه من الحزن وهو كظيم، شكوى إلى الله -تعالى- وحزنًا على عدم الراعي الشفيق الرفيق، مع أنه يعلم أنه عن قريب يلقاه، وأن غيابه مؤقت، لأنه يعلم من الله حكمته وحمده ويعلم من وعده الصادق الذي لا يخلف مالا يعلمون، يعلم من جوده -تعالى- ويعلم من رحمته وفضله مالا يعلمون، ويعلم من عزته -تعالى-، وأنه الغالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون، ويعلم أنه -تعالى- حسْبُ من توكل عليه، وأنه لا يضيع أجر المحسنين، ما يجعله يوقن بقرب لقاء يوسف -عليه السلام-، فهل نبكي على حالنا وحال أمتنا ونشكو إلى الله همنا وحزننا وبثنا عسى أن يكون في ذلك قرب فرجنا؟ وإن كنا لا ندري ما يصنع الله بنا كأفراد أو كجيل، لكننا على يقين من أن الأمة لا تموت، وأن الحق لابد له من ظهور، وأنه لا تزال طائفة منها على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم حتى تقوم الساعة، فنسأل الله -تعالى- أن يجعلنا منهم، وأن يثبتنا.
وقول الله -تعالى-: (وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ)(يوسف/84)، أي: ساكت كئيب لا يشكو أمره وما يجده في صدره إلى مخلوق، والبث: أي الهم والغم على المستقبل والحاضر والحزن على الماضي، وليس بثه وحزنه لفوت دنيا أو لمجرد فقد ابن، بل قلقًا على مستقبل أمة وغياب راعٍ شفيق يقوم مقام أمة، وهو مع ذلك لا ييأس من روح الله، ويبث روح الرجاء التي تبدد ظلمات اليأس في بنيه الذين يشفقون عليه من الضعف (قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ) (يوسف/85) أي: ضعيف القوة أو يكون من الهالكين، أي ربما تموت من شدة الحزن والبكاء.
وهذه كانت بداية تغير في صفاتهم، فلم يكن عندهم مثل هذه الرحمة قبل ذلك، لم يكونوا يرحمون أباهم، ولو كانوا رحموه لما أخذوا منه ابنه، ولما تركوه كل هذه المدة، ولكنهم بدؤوا يشفقون عليه، وهذه بداية تغير نتيجة الانكسار الشديد الذي حصل لهم، وهذا من رحمة الله -تعالى-، إن هذا الانكسار الذي حدث كان رحمة، فتجد تغيرًا منهم بـدأ بقـول كبيرهم (وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ)
هذه الكسرة التي حدثت كانت خيرًا، وكانت مصلحة، فبدؤوا يقولون: فرطنا في يوسف، وبدؤوا يتجهون إلى التعبد بالأسماء والصفات، لأول مرة يذكرون اسمًا من أسماء الله الحسنى هذه المرة أما قبل فلا ولا مرة، أول مرة يقول قائلهم: (أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ) (يوسف/80).
لأن الإنسان إذا التفت إلى آثار الأسماء والصفات، وعرف هذه الأسماء والصفات يبدأ حاله يتغير، فلا يكون ضالا لا يعرف ربه -تعالى- ولا يرى آثار أسمائه وصفاته في الكون المشهود فضلا عن آيات الله المقروءة.
ثم يقول لهم يعقوب واصفًا حقيقة بكائه وحزنه، يعني تظنون أني سأموت من الضيق؟ (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ) يعني يشكو حاله إلى الله، يبكي لله حتى تبيض عيناه شاكيًا لله ربه -سبحانه-.
قال: (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ * يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) (يوسف/86،87) إن عبادة الشكوى إلى الله عبادة عظيمة ومهمة، تزيل كل هم، وتزيل كل حزن وتملأ القلب فرحًا وسرورًا، وتجلب للقلب أنواعًا من الطمأنينة والراحة والسرور والسعادة مما لا يمكن أن تكون في عبادة غيرها، إنها عبادة استعملها نوح -عليه السلام- حينما اشتكى إلى الله قومه: (قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائي إِلا فِرَاراً) (نوح/5،6)، فالداعي إلى الله عندما يجد انصرافًا عن الدعوة، وضعف الآثار لهذه الدعوة يتذكر نوحًا -عليه السلام-، فهو لم يقصر في الدعوة (وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً) (نوح/7).
وأداها محمد -صلى الله عليه وسلم- في الشكوى إلى الله حين قال: (اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس، أنت رب المستضعفين وأنت رب، إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني؟ أم إلى عدوٍ ملكته أمري؟ إن لم يكن بك عليَّ غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن ينزل بي سخطك، أو يحل علىَّ غضبك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك) رغم ضعف إسناده لكن شهرته تغني عن الإسناد، والمتن رائع عظيم القدر، إنها عبادة الشكوى إلى الله، أوقفت أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حين سمع نشيجه عند قراءة هذه الآية، واستوقفته حين كان مع أصحابه فاستوقفته امرأة عجوز فترك الناس وقام لها فأطال القيام حتى قضى حاجتها وانصرفت.
فقال له رجل: يا أمير المؤمنين حبسْت رجالات قريش على هذه العجوز؟
قال: ويحك، أتدري من هذه؟ قال: لا!
قال: (هذه امرأة سمع الله شكواها من فوق سبع سموات هذه خولة بنت ثعلبة، والله لو لم تنصرف عني إلى الليل ما انصرفت عنها حتى تقضي حاجتها إلا أن تحضر صلاة فأصليها ثم أرجع إليها حتى تقضي حاجتها) روي من طريق آخر وإن كان منقطعًا.
فتأمل (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ)(المجادلة/1).
قد مرت على كثير ولم ينتبهوا لها، لكن انظر موقف الصحابة منها، استوقفت عائشة فقالت: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الأَصْوَاتَ...) رواه البخاري.
واستوقفت عمر -رضي الله عنه-: «سمع الله شكواها من فوق سبع سماوات» قضايا العبادة وقضايا الأسماء والصفات، إن الله يسمع الشكوى، ويزيل ما يشتكي منه عبده المؤمن، ويقضي حاجته تستوقف المؤمنين، فهذه عبادات عظيمة، ليست لمجرد أن نعرف أن حكم الظهار عتق رقبة أو صيام شهرين أو إطعام ستين مسكينًا من غير أن نحقق العبوديات القلبية الموجودة في هذه الآيات الكثيرة.
عبادة الشكوى إلى الله -تعالى- من أجلها قدر الله المحنة والابتلاء، بل والمعصية والكفر، فالذي كفر هو الذي يؤذي المسلمين حتى يسمع الله -تعالى- تضرع عباده، وقد يؤخر دعوتهم وقد أجابها، ولكن يؤخرها لأن الله قال: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)(غافر/60).
ويؤخر لأنه يحب أن يسمع تضرعهم وشكواهم إليه -سبحانه وتعالى- (فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا)(الأنعام/43)، فهل وجدت آخي المبتلى مفتاح هذا الكنز الذي معك، وربما لا تدري، فهلا فتحت القفل بالمفتاح وأعددت القلب ليفاض عليه من الرحمة ويسبغ عليه من النعمة.
اللهم إننا نشكو إليك بث المسلمين، ونؤمن بك، ونتوكل عليك، نرجو رحمتك، ونخاف عذابك، اللهم فرج كرب المكروبين، وفك الأسر عن المأسورين، وارفع الهم عن المهمومين، اللهم استر عورات المسلمين، وآمن روعاتهم، اللهم أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف، اللهم ارحم موتاهم، واشف مرضاهم، وجرحاهم، وخفف آلامهم، وارحم أيتامهم وأراملهم، ورجالهم، ونساءهم، في كل مكان يا رب العالمين.
وَآخِرُ دَعْوَانا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
بوح الروح
ماذا نصنع؟ وكيف نهنأ بالعيش والمسلمون قد تضاعف عددهم بآلاف الملايين، وقد تضاعفت محنتهم وبلاؤهم وكربهم؟ وعظم الجهل فيهم وقل العلم، وتسلط عليهم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيه، أما يحق لنا أن نبكي على أمتنا وأبنائنا؟ ونشتكي إلى الله؟
سيدنا يعقوب -عليه السلام- لما بكى وابيضت عيناه من الحزن قال: (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ) إذًا هناك لحظات لابد أن تشكو فيها إلى الله، أن تبكي لله -تعالى- شاكيًا كرب نفسك وأهلك وأولادك وأمتك وما تشعر به إلى الله، إن يعقوب -عليه السلام- لما ضيعوا أخاهم الثاني تذكر أمانة يوسف -عليه السلام- وكرمه وحلمه وحسن صفاته، فتأثر -عليه السلام- فابيضت عيناه من الحزن وهو كظيم، شكوى إلى الله -تعالى- وحزنًا على عدم الراعي الشفيق الرفيق، مع أنه يعلم أنه عن قريب يلقاه، وأن غيابه مؤقت، لأنه يعلم من الله حكمته وحمده ويعلم من وعده الصادق الذي لا يخلف مالا يعلمون، يعلم من جوده -تعالى- ويعلم من رحمته وفضله مالا يعلمون، ويعلم من عزته -تعالى-، وأنه الغالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون، ويعلم أنه -تعالى- حسْبُ من توكل عليه، وأنه لا يضيع أجر المحسنين، ما يجعله يوقن بقرب لقاء يوسف -عليه السلام-، فهل نبكي على حالنا وحال أمتنا ونشكو إلى الله همنا وحزننا وبثنا عسى أن يكون في ذلك قرب فرجنا؟ وإن كنا لا ندري ما يصنع الله بنا كأفراد أو كجيل، لكننا على يقين من أن الأمة لا تموت، وأن الحق لابد له من ظهور، وأنه لا تزال طائفة منها على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم حتى تقوم الساعة، فنسأل الله -تعالى- أن يجعلنا منهم، وأن يثبتنا.
وقول الله -تعالى-: (وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ)(يوسف/84)، أي: ساكت كئيب لا يشكو أمره وما يجده في صدره إلى مخلوق، والبث: أي الهم والغم على المستقبل والحاضر والحزن على الماضي، وليس بثه وحزنه لفوت دنيا أو لمجرد فقد ابن، بل قلقًا على مستقبل أمة وغياب راعٍ شفيق يقوم مقام أمة، وهو مع ذلك لا ييأس من روح الله، ويبث روح الرجاء التي تبدد ظلمات اليأس في بنيه الذين يشفقون عليه من الضعف (قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ) (يوسف/85) أي: ضعيف القوة أو يكون من الهالكين، أي ربما تموت من شدة الحزن والبكاء.
وهذه كانت بداية تغير في صفاتهم، فلم يكن عندهم مثل هذه الرحمة قبل ذلك، لم يكونوا يرحمون أباهم، ولو كانوا رحموه لما أخذوا منه ابنه، ولما تركوه كل هذه المدة، ولكنهم بدؤوا يشفقون عليه، وهذه بداية تغير نتيجة الانكسار الشديد الذي حصل لهم، وهذا من رحمة الله -تعالى-، إن هذا الانكسار الذي حدث كان رحمة، فتجد تغيرًا منهم بـدأ بقـول كبيرهم (وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ)
هذه الكسرة التي حدثت كانت خيرًا، وكانت مصلحة، فبدؤوا يقولون: فرطنا في يوسف، وبدؤوا يتجهون إلى التعبد بالأسماء والصفات، لأول مرة يذكرون اسمًا من أسماء الله الحسنى هذه المرة أما قبل فلا ولا مرة، أول مرة يقول قائلهم: (أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ) (يوسف/80).
لأن الإنسان إذا التفت إلى آثار الأسماء والصفات، وعرف هذه الأسماء والصفات يبدأ حاله يتغير، فلا يكون ضالا لا يعرف ربه -تعالى- ولا يرى آثار أسمائه وصفاته في الكون المشهود فضلا عن آيات الله المقروءة.
ثم يقول لهم يعقوب واصفًا حقيقة بكائه وحزنه، يعني تظنون أني سأموت من الضيق؟ (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ) يعني يشكو حاله إلى الله، يبكي لله حتى تبيض عيناه شاكيًا لله ربه -سبحانه-.
قال: (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ * يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) (يوسف/86،87) إن عبادة الشكوى إلى الله عبادة عظيمة ومهمة، تزيل كل هم، وتزيل كل حزن وتملأ القلب فرحًا وسرورًا، وتجلب للقلب أنواعًا من الطمأنينة والراحة والسرور والسعادة مما لا يمكن أن تكون في عبادة غيرها، إنها عبادة استعملها نوح -عليه السلام- حينما اشتكى إلى الله قومه: (قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائي إِلا فِرَاراً) (نوح/5،6)، فالداعي إلى الله عندما يجد انصرافًا عن الدعوة، وضعف الآثار لهذه الدعوة يتذكر نوحًا -عليه السلام-، فهو لم يقصر في الدعوة (وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً) (نوح/7).
وأداها محمد -صلى الله عليه وسلم- في الشكوى إلى الله حين قال: (اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس، أنت رب المستضعفين وأنت رب، إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني؟ أم إلى عدوٍ ملكته أمري؟ إن لم يكن بك عليَّ غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن ينزل بي سخطك، أو يحل علىَّ غضبك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك) رغم ضعف إسناده لكن شهرته تغني عن الإسناد، والمتن رائع عظيم القدر، إنها عبادة الشكوى إلى الله، أوقفت أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حين سمع نشيجه عند قراءة هذه الآية، واستوقفته حين كان مع أصحابه فاستوقفته امرأة عجوز فترك الناس وقام لها فأطال القيام حتى قضى حاجتها وانصرفت.
فقال له رجل: يا أمير المؤمنين حبسْت رجالات قريش على هذه العجوز؟
قال: ويحك، أتدري من هذه؟ قال: لا!
قال: (هذه امرأة سمع الله شكواها من فوق سبع سموات هذه خولة بنت ثعلبة، والله لو لم تنصرف عني إلى الليل ما انصرفت عنها حتى تقضي حاجتها إلا أن تحضر صلاة فأصليها ثم أرجع إليها حتى تقضي حاجتها) روي من طريق آخر وإن كان منقطعًا.
فتأمل (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ)(المجادلة/1).
قد مرت على كثير ولم ينتبهوا لها، لكن انظر موقف الصحابة منها، استوقفت عائشة فقالت: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الأَصْوَاتَ...) رواه البخاري.
واستوقفت عمر -رضي الله عنه-: «سمع الله شكواها من فوق سبع سماوات» قضايا العبادة وقضايا الأسماء والصفات، إن الله يسمع الشكوى، ويزيل ما يشتكي منه عبده المؤمن، ويقضي حاجته تستوقف المؤمنين، فهذه عبادات عظيمة، ليست لمجرد أن نعرف أن حكم الظهار عتق رقبة أو صيام شهرين أو إطعام ستين مسكينًا من غير أن نحقق العبوديات القلبية الموجودة في هذه الآيات الكثيرة.
عبادة الشكوى إلى الله -تعالى- من أجلها قدر الله المحنة والابتلاء، بل والمعصية والكفر، فالذي كفر هو الذي يؤذي المسلمين حتى يسمع الله -تعالى- تضرع عباده، وقد يؤخر دعوتهم وقد أجابها، ولكن يؤخرها لأن الله قال: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)(غافر/60).
ويؤخر لأنه يحب أن يسمع تضرعهم وشكواهم إليه -سبحانه وتعالى- (فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا)(الأنعام/43)، فهل وجدت آخي المبتلى مفتاح هذا الكنز الذي معك، وربما لا تدري، فهلا فتحت القفل بالمفتاح وأعددت القلب ليفاض عليه من الرحمة ويسبغ عليه من النعمة.
اللهم إننا نشكو إليك بث المسلمين، ونؤمن بك، ونتوكل عليك، نرجو رحمتك، ونخاف عذابك، اللهم فرج كرب المكروبين، وفك الأسر عن المأسورين، وارفع الهم عن المهمومين، اللهم استر عورات المسلمين، وآمن روعاتهم، اللهم أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف، اللهم ارحم موتاهم، واشف مرضاهم، وجرحاهم، وخفف آلامهم، وارحم أيتامهم وأراملهم، ورجالهم، ونساءهم، في كل مكان يا رب العالمين.
وَآخِرُ دَعْوَانا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
بوح الروح
الأربعاء أبريل 01, 2015 8:08 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * الحُــــبّ
الأربعاء أبريل 01, 2015 8:06 am من طرف بوح الروح
» * * * * * وبيسألوني ... !!!
الأربعاء أبريل 01, 2015 8:04 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * في بلادنا ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:59 am من طرف بوح الروح
» * * * * * في بلادي ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:57 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * في بلادي ...
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:55 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * في بلادي ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:53 am من طرف بوح الروح
» * * * * * قالوا لي ..!!!!!
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:51 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * مِن غيرتي ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:49 am من طرف بوح الروح