معلومات عن (15نوع من النباتا ت) الجزء الخامس
كيف تنمو النباتات
تقسم النباتات إلى مجموعتين تبعا لطريقة حصولها على غذائها. وتعرف جيمع النباتات الخضراء بأنها ذاتية التغذية، حيث تحتوي على يخضور (كلوروفيل)، يمكنها من اقتناص ضوء الشمس واستخدامه في إنتاج الغذاء، والمواد الأخرى التي تحتاج إليها في النمو. وتعرف الأنواع الأخرى من النباتات بأنها غير ذاتية التغذية، وتفتقر إلى اليخضور (الكلوروفيل)، ولا تستطيع إنتاج غذائها، وقد تكون متطفلة، أو رمِّية.
يتناول هذا الجزء أربع عمليات رئيسية تحدث أثناء نمو غالبية أنواع النباتات الخضراء. هذه العمليات هي: 1- الإنبات، 2-حركة الماء، 3-التركيب الضوئي، 4- التنفس. كما يناقش هذا الجزء أيضًا الطريقة التي تؤثر بها وراثة النبات، والبيئة على النمو.
الإنبات. هو نمو البذرة. وتتميز بذور عديدة بفترة عدم نشاط قبيل بدء نموها، وهذه الفترة تعرف بالكمون. وتحدث هذه الفترة في معظم أنحاء العالم خلال فصل الشتاء، وعند حلول فصل الربيع بعد ذلك تبدأ البذور في النمو.
تحتاج البذور إلى ثلاثة أشياء لتنمو: درجة حرارة ملائمة ورطوبة وأكسجين. وتنمو معظم البذور نموًّا أفضل عند درجة حرارة بين 18°م و30°م. وقد تنبت بذور النباتات التي تعيش تحت ظروف مناخية باردة عند درجات حرارة منخفضة، بينما قد ينبت بعضها في المناطق الاستوائية عند درجات حرارة مرتفعة. وتحصل البذور على الرطوبة اللازمة لها من التربة. وتؤدي الرطوبة إلى ليونة القصرة مما يسمح بخروج الأجزاء النامية من خلالها، كما تهيئ الرطوبة كذلك مواد معينة في البذرة لأداء دورها في إنبات البذرة. وقد تتعفن البذرة إذا ما تعرضت لكمية زائدة من الماء، أما إذا حصلت على قدر ضئيل من الماء فيحدث الإنبات ببطء، أو قد لا يحدث على الإطلاق. وتحتاج البذور إلى الأكسجين للتغيّرات التي تحدث بداخلها أثناء الإنبات.
يحتوي جنين البذرة على كافة الأجزاء اللازمة لإنتاج نبات صغير، وقد يحتوي على فَلْقة، أو أكثر تمتص الغذاء من السويداء للنبتة النامية. تمتص البذرة الماء، وهذا يؤدي إلى انتفاخها، وتمزق القصرة، وإلى ظهور بادرة صغيرة جدًا. ويُعرف الجزء السفلي من البادرة بالسويقة تحت الفلقية أو السويقة الجنينية السفلى، وتعطي الجذر الرئيسي، ويُثبِّت هذا الجذر البادرة في التربة، ويكّوِّن المجموع الجذري الذي يمد البادرة بالماء، والأملاح المعدنية. يبدأ بعد ذلك الجزء العلوي من البادرة ويُعرف بالسويقة الفلقية أو السويقة الجنينية العليا في النمو إلى أعلى. وتوجد الساق الجنينية (الريشة) لدى طرف السويقة فوق الفلقية، وهي البرعم الذي يعطي الأوراق الأولى. وفي بعض النباتات مثل الأصناف العديدة من الفاصوليا يحملُ نمو السويقة تحت الفلقية الفلقات خارج التربة. وفي الذرة والنباتات الأخرى تبقى الفلقات داخل التربة بالبذرة. وتستطيع البادرة أن تصنع غذاءها بعد أن تكوِّن البادرة الجذور والأوراق الخاصة بها، وحينئذ لا تحتاج إلى الفلقات كي تمدها بالغذاء
يقتصر نمو غالبية النباتات في الطول على قمم الجذور، والفروع، وتعرف خلايا هذه المناطق بالخلايا الإنشائية. تنقسم هذه الخلايا وتنمـو سريعـا، وتعـطي مختـلف الأنسجة التي يتركب منها النبـات الناضج. وتتكون في الأشجار، والنباتات الأخرى التي تزيد في السمك طبقات جديدة من الخلايا بين القلف والخشب. هذه المنطقة هي الطبـقة المولدة (الكمبيوم). وتتكون طبـقات جديدة من الخلايا نتيـجة نشاط هذه الطبقة سنويا، وتعطي هذه الطبقات حلقات الخشب التي تمكن الناس من تقدير عمر الشجرة.
تعيش بعض أنواع النباتات المعمرة لسنين عديدة. تنتج معظم النباتات المعمرة بذورًا كل سنة، بينما تعيش أنواع أخرى ـ وهي النباتات الحولية ـ لنحو عامٍ واحد فقط. ويوجد أيضا أنواع أخرى ـ وهي النباتات ثنائية الحول ـ تعيش عامين. وتنتج معظم النباتات الحولية، وثنائية الحول البذور مرة واحدة فقط.
حركة الماء. يحتاج النبات إلى الماء بصورة مستمرة. وتحتوي كل خلية من خلايا النبات على كمية وفيرة من الماء. ولاتستطيع الخلايا، بدون هذا الماء، أن تقوم بالوظائف العديدة التي تحدث داخل النبات. ويحمل الماء كذلك المواد اللازمة من جزء إلى آخر في النبات.
يدخل معظم الماء إلى النبات عبر الجذور. تمتص شعيرات جذرية دقيقة الرطوبة، وأملاحًا معدنية معينة من التربة بخاصية التناضح (الأسموزية). وتنتقل هذه المواد في النباتات الوعائية ـ تلك التي بها أنسجة توصيل خاصة ـ خلال نسيج الخشب بالجذور، والسيقان إلى الأوراق. وفي الأوراق يُستخدم الماء والأملاح المعدنية في تكوين الغذاء. كما يحمل الماء هذا الغذاء خلال نسيج اللحاء إلى الأجزاء الأخرى من النبات.
تفقد النباتات الماء خلال عملية النتح، ويخرج معظم هذا الماء خلال الثغور الموجودة على سطوح الأوراق. ويقدر العلماء أن نبات الذرة يفقد أكثر من 3,040,000 لتر ماء لكل هكتار خلال موسم النمو بوساطة النتح. ويعتقد بعض علماء النبات أن هذا الماء المفقود يحمي الأوراق من أخطار ارتفاع درجة الحرارة التي يسببها ضوء الشمس.
التركيب الضوئي. هو العملية التي تُصنِّع بها النباتات الغذاء. تقتنص النباتات الخضراء ضوء الشمس بوساطة اليخضور (الكلوروفيل)، وهذا يمكن ثاني أكسيد الكربون من الهواء من الاتحاد مع الماء، والأملاح المعدنيّة من التُّربة وإنتاج الغذاء. كذلك ينطلق الأكسجين اللازم لتنفس الإنسان والحيوانات إلى الهواء نتيجة هذه العملية الحيوية.
يحدثُ معظم التركيب الضّوئي في أجسام صغيرة داخل خلايا أوراق النبات تعرف بالبلاستيدات الخضراء. تحتوي هذه البلاستيدات الخضراء على اليخضور (الكلوروفيل) الذي يمتص ضوء الشمس. وتعمل الطاقة المستمدة من الشمس على انشطار جزيئات الماء إلى هيدروجين، وأكسجين. ويتحد الهيدروجين مع الكربون من ثاني أكسيد الكربون لإنتاج سكر. ويهيئ السكر النبات لإنتاج الدهن، والبروتين، والنشا، والفيتامينات، والمواد الأخرى اللازمة لبقائه.
تحتوي بعض النباتات وتعرف بالنباتات المتطفّلة والنباتات الرمية، على قليل من مادة اليخضور (الكلوروفيل) وقد لا تحوي شيئآً منه، وبالتالي لا تستطيع إنتاج غذائها بوساطة التركيب الضوئي. ويتحتم على هذه النباتات الاعتماد في غذائها على مصادر خارجية. تلازم النباتات المتطفلةُ نباتات حية، وتحصل منها على المواد الغذائية التي تحتاج إليها، بينما تنمو النباتات الرمية على كائنات ميتة، ومتحللة، أو تَستخدم في غذائها المواد العضوية التي تنتجها الكائنات الحية.
ويُعد الدبق، والحامول من النباتات المتطفلة التي تنتشر في مناطق كثيرة من العالم. وينمو الدبق على، فروع وجذوع أشجار عديدة. وهو متطفل جزئيا حيث يصنع بعض غذائه. والغليون الهندي نبات رمي (مترمم) ينمو قريبًا من الفطريات ويستخدم في غذائه المواد العضوية التي تنتجها الفطريات. وينمو نبات رافلسيا العملاق متطفلاً على جذور وسيقان غيره من النباتات، ويحمل أكبر زهرة عُرفت لأي نبات، وقد يتعدى قطر أزهار رافلسيا 90سم.
التنفس. عملية يستهلك فيها الغذاء لإطلاق الطاقة اللازمة للنبات. ويستخدم النبات هذه الطاقة للنمو، والتكاثر والتعويض. ويتم هدم السكر خلال عملية التنفس، وتتحد بعض نواتج الهدم مع الأكسجين، وينطلق ثاني أكسيد الكربون والطاقة، والماء. يحدث التنفس أثناء النهار والليل طوال حياة النبات على العكس من التركيب الضوئي الذي يقتصر حدوثه على النهار فقط. ويتزايد التنفس بمعدل كبير مع نمو البراعم، والأوراق في فصل الربيع، ويتناقص بقدوم فصل الشتاء.
العوامل المؤثرة على نمو النبات. يتحدد نمو النبات بناء على وراثته، وبيئته. وعلى سبيل المثال، تحدد وراثة النبات صفاتٍ مثل لون الزهرة، وحجمها، وتنتقل هذه العوامل الوراثية من جيل لآخر، وتشتمل العوامل البيئية على ضوء الشمس، والمناخ، وظروف التربة.
العوامل الوراثية. يوجد داخل نواة جميع خلايا النبات أجسام متناهية الصغر هي الصبغيات التي تشتمل على وحدات تعرف بالمورِّثات. وتحتوي هذه الأجسام على التعليمات التي توجه نمو النبات. وعند انقسام الخلايا وتضاعف عددها تنتقل هذه التعليمات إلى كل خلية جديدة.
كما توجد أيضا مواد تُصنع داخل النبات وتؤدي دورًا في تنظيم نمو النبات. وتعرف هذه المواد بالهورمونات وتتحكم في بعض أنشطة النبات، مثل نمو الجذور، وإنتاج الأزهار، والثمار. لايعرف علماء النبات على وجه الدِّقة الطريقة التي تعمل بها جميع الهورمونات النباتية. لكن من المعروف أن هورمونات معينة تعرف بالأكسينات تؤثر في نموّ البراعم، والأوراق، والجذور، والسيقان. وتساعد هورمونات نموًّ أخرى تعرف بالجبرلينات في زيادة طول النّبات، وتسبب الإزهار، وتسرع من إنبات البذور. كما توجد هورمونات أخرى تعرف بالسيتوكينينات تعمل على انقسام الخلايا.
العوامل البيئية. تحتاج كافة النباتات إلى الضوء، والمناخ الملائم، وكمية كافية من الماء والأملاح المعدنية من التربة. لكن بعض الأنواع تنمو نموًا أفضل في الشمس، ويزدهر بعضها الآخر في الظل. وتختلف النباتات كذلك في مقدار الماء الذي تحتاجه، وفي درجة الحرارة التي تتحملها. وتؤثر هذه العوامل البيئية على سرعة نمو، وحجم كافة النباتات وتكاثرها.
يتأثر نموّ النباتات كذلك بطول فترات الضوء والظلام التي يتعرض لها. ولا تزهر بعض النباتات مثل الخسّ والسبانخ إلا عندما تكون فترة الإضاءة طويلة. وتُعرف هذه النباتات بنباتات النهار الطويل. وعلى العكس من ذلك، فإن نباتات زهرة النجمة وزهرة الذهب (الأقحوان) وبنت القنصل تعرف بنباتات النهارٍ القصير وتزهر فقط عندما تكون فترة الظلام طويلة. كما توجد نباتات أخرى مثل القطيفة، والطماطم لا تتأثر بطول فترة الإضاءة، وتعرف بالنباتات متعادلة اليوم.
وتتأثر النباتات كذلك بالبيئة التي تنمو بها بطرق أخرى. فعلى سبيل المثال، يبدي النبات حركة انحناء، تعرف بالانتحاء. وفي الانتحاء يتسبب منبه خارجي (قوة) في انحناء النبات نحو أحد الاتجاهات. وقد يكون النبات ذا انتحاء موجب أو انتحاء سالب تبعًا لانحناء النبات نحوه، أو بعيداً عنه. وتتم تسمية الانتحاء، تبعًا للمنبهات التي تسببه. فالانتحاء الضوئي انحناء ناتج عن الضوء. والانتحاء الأرضي انحناء تسببه الجاذبية، والانتحاء المائي يسببه الماء.
يبدي النبات النامي على نافذة انتحاءً ضوئيًا موجبًا عندما تنمو سيقانه وأوراقه نحو مصدر الضّوء. وعلى العكس من ذلك، تُظهر الجذور انتحاءً ضوئيًا سالبًا، وتنمو بعيدًا عن الضوء. وتبدي الجذور انتحاءً أرضيًا موجبًا. فإذا زرعت بذرة أو بصل مقلوب الوضع فإن جذوره تنمو إلى أسفل (نحو مصدر الجاذبية). وتبدي ساق هذه البصلة انتحاءً أرضيًا سالبًا، وتنمو إلى أعلى (بعيدًا عن مصدر الجاذبية). ويحدث الانتحاء المائي أساساً في الجذور، ويكون عادة موجبًا.
تتأثر بعض النباتات إذا ما لُمست. فعند لمس نبات الميموزا (المستحية) فإن وريقاته سريعًا ما تنطبق، وتتهدل فروعه نحو الساق، وتحدث هذه الحركة نتيجة تغير في الضغط داخل خلايا معينة. وتعود فروع ووريقات النبات إلى وضعها الأصلي بعد زوال تأثير المنبه.
كيف تتغير النباتات
تتنافس النباتات، مثل الحيوانات، على ضوء الشمس، والماء، وضروريات الحياة الأخرى. وتستطيع بعض النباتات ـ مثل بعض الحيوانات ـ النمو، والتكاثر أفضل من بعضها الآخر. وبعد آلاف السنين تكون النباتات مختلفة جدًا عن أسلافها. تتأقلم النباتات التي تستطيع البقاء مع بيئاتها خلال عملية تسمى الانتخاب الطبيعي أو البقاء للأصلح.
يتتبع هذا الجزء من المقالة تاريخ النباتات المبكر، ويناقش الأشكال المهمة لتأقلم النبات لتخزين الماء، وانتشار البذور، كما يصف هذا الجزء مجموعة النباتات غير العادية، التي كيّفت نفسها بطريقة معينة تمكنها من افتراس الحشرات والتغذي بها، وينتهي بمناقشة بعض الطرق التي استطاع بها الإنسان تغيير النباتات.
النباتات البدائية. ظهر أول نبات على سطح الأرض منذ أكثر من 430 مليون سنة خلال حقب الحياة القديمة. وكانت هذه النباتات بسيطة للغاية، ولا تماثل أيًا من النباتات التي نشاهدها اليوم. ومن المحتمل أن أجسام هذه النباتات كانت تشبه العصي، وتفتقر إلى النسيج المتخصص لنقل الماء كما في النباتات الوعائية. ويعتقد كثير من علماء النبات أن هذه النباتات الأرضية البدائية كانت أسلافًا لنباتات وعائية بدائية. ولم يكن لأولى النباتات الوعائية ـ وهي النباتات الرينياوية ـ أوراق أو جذور. وكانت تتألف من سيقان تمتد على الأرض، وسيقان أخرى تنمو عموديًا ذات أفرع على شكل الحرف الإنجليزي Y. ومن المحتمل أن تكون هذه النباتات قد نمت إلى ارتفاع ما بين 60 و90 سم.
وربما تطورت نباتات أكبر، وهي تسمى التريمروفية عن النباتات الرينياوية. والنباتات التريمروفية ذات جسم نباتي أكثر تعقيدًا، ولها سيقان وفروع عديدة، ولكن لم يكن لها أوراق، أو جذور. كما ظهرت نباتات وعائية أخرى صغيرة، هي النباتات الزوستيروفيلية بعد فترة قصيرة من النباتات الرينياوية، وربما انحدرت منها. ويعتقد بعض علماء النبات أن النباتات التريمروفية، والنباتات الزوستيروفيلية أسلاف لجميع النباتات الوعائية الموجودة حاليًا. ويرون أن السراخس، وذيل الحصان، والنباتات البذرية قد انحدرت من النباتات التريمروفية خلال تغيرات متلاحقة منذ نحو 408 إلى 360 مليون سنة. كما يعتقد أن مجموعة رجل الذئب، والحزازيات الريشية، ونباتات الرصن قد تطورت عن النباتات الزوستيروفيلية في نفس الفترة تقريبًا.
وعند بداية انتشار النباتات الوعائية الأولى على الأرض كانت الحياة على الكرة الأرضية تختلف تمامًا عمّا هي عليه الآن. فلم تكن ثمة أوراق تحدث حفيفًا في نسمات الهواء، وكانت هناك بضع حشرات تدب هنا وهناك. ولم تعش فقاريات (حيوانات ذات عمود فقري) على الأرض. ولكن، ومع تغير الظروف على الأرض، ظهرت نباتات وحيوانات جديدة. وخلال العصر الكربوني منذ نحو 360 إلى 290 مليون سنة ظهرت نباتات وعائية أكبر، وكست الأرض غابات هائلة من الأشجار التابعة لمجموعة رجل الذئب (الليكوبودية)، والسراخس، وذيل الحصان، والنباتات البذرية البدائية. واندثرت النباتات الضخمة لهذه الفترة، وتجمعت في مستنقعات شاسعة كوّنت فيما بعد تراكمات هائلة من الفحم. ولقد كونت هذه النباتات معظم الفحم الموجود في أوروبا وفي شرقي الولايات المتحدة الأمريكية ووسطها وغربها.
صارت النباتات عارية البذور أكثر النباتات وفرة خلال حقب الحياة المتوسطة التي بدأت منذ نحو 240 مليون سنة. ومن أهم نباتاتها المخروطيات، السيكاسيات، والجنكات، وكانت تستخدم غذاء للديناصورات الضخمة التي كانت تتجول في الأرض خلال هذه الفترة. كما ازدهرت أنواع عديدة من عاريات البذور، لكنها اندثرت الآن. وظهرت أولى كاسيات البذور، أو النباتات الزهرية البدائية مع نهاية حقب الحياة المتوسطة، ومن أمثلتها المجنولية، والجميز، والصفصاف، وزنبق الماء، وعدد من النباتات الزهرية الأخرى الموجودة في الوقت الحاضر.
وخلال حقب الحياة الحديثة التي بدأت منذ نحو 63 مليون سنة، كست غابات كاسيات البذور معظم المناطق الاستوائية والمعتدلة في الأرض. وبدأ ظهور حيوانات أراضي الحشائش الطبيعية، وحيوانات الرعي الكبيرة في نهاية حقب الحياة الحديثة.
تخزين الماء. تكونت في العديد من الأنواع النباتية عبر السنين، أنظمة خاصة لامتصاص الماء وتخزينه مما هيأ لها البقاء في المناطق ذات الأمطار القليلة، فلبعض الصبارات على سبيل المثال جذور تنتشر لمساحات كبيرة أسفل سطح التربة مباشرة، وتمتص الماء سريعًا من الأمطار الخفيفة، أو الفيضانات الفجائية التي تحدث في الصحراء. وتختزن الصبارات الماء في سيقانها العصارية.
تحورت أوراق الصبّارات خلال الانتخاب الطبيعي إلى أشواك. ونتيجة لهذا التأقلم، تقلص سطحها الأخضر كثيرًا عن معظم النباتات التي في حجمها ـ وبالتالي قلَّ فقدها للماء عن طريق النتح. ولما كان لأوراقها هذا الشكل الخاص فإن التركيب الضوئي يحدث في سيقانها. وإذا لم يتيسّر للصبارات الماء من خلال جذورها، فإنها تستخدم المخزون بها من الماء خلال التركيب الضوئي.
ولقد تأقلمت كذلك نباتات التُّندرا مع ظروف الجفاف الناتجة عن الأراضي المتجمدة بحيث كانت سطوح أوراقها مقاومة بشكل خاص لفقد الماء، حيث تكون صلبة، ومصقولة، أو غزيرة الشعيرات. وإضافة إلى ذلك، فنباتات التندرا تنمو قريبًا من سطح الأرض، حيث تكون مغطاة بالجليد، وبالتالي تتجنب الرياح الشديدة في هذه المناطق.
انتشار البذور. تؤدي البذور دورًا رئيسيًا في انتشار النباتات إلى كل مكان في العالم تقريبًا؛ فإذا كانت البذور تسقط مباشرة على الأرض فإن جميع النباتات لكل نوع سوف توجد في نفس المنطقة. كذلك ساعد الإنسان على انتشار البذور بنقل المحاصيل الغذائية، وبعض نباتات معينة إلى المواقع التي يستقر فيها.
تتميز البذور بالعديد من الخصائص التي تساعدها على الانتشار عبر مناطق شاسعة. وتحمل الرياح بذورًا عديدة، مثل تلك الجناحيَّة لشجرة القَيْقب، والبذور ذات الزّغب في نبات الطرخشقون (الهندباء البري)، وشجرة الصفصاف. وقد تطفو بعض البذور على الماء كما في جوز الهند، من منطقة أرضية إلى أخرى.
وتساعد الحيوانات كذلك في انتشار البذور، حيث تكون بذور بعض النباتات ذات أشواك أو مواد لزجة تعلق بفراء أو ريش الحيوانات التي تهاجر من منطقة إلى أخرى. وتأكل أنواع عديدة من الحيوانات التوت والثمار لكنها لا تهضم البذور. وتنتشر البذور كجزء من مخلفات جسم هذه الحيوانات.
تعمل بضعة أنواع من النباتات على انتشار بذورها. فعلى سبيل المثال، تقذف ثمار نباتات البلسم والمِجْزَاعة بذورها لدى أدنى لمسة.
النباتات آكلة الحشرات (النباتات اللاحمة). تنمو أساسًا في المناطق التي تفتقر فيها التربة إلى قدر كاف من المعادن الرئيسية، خاصة النيتروجين. تأقلمت هذه النباتات على اقتناص وهضم الحشرات في أوراقها للحصول على ما يلزمها من المعادن. كذلك تصنع هذه النباتات آكلة الحشرات غذاءها بالتركيب الضوئي. وتضم النباتات آكلة الحشرات نباتات النابنط ، ونباتات الندية وشرك الذباب.
أما أوراق نبات النابنط فهي أنبوبيّة الشكل ويتجمع بداخلها ماء المطر. ويوجد حول حافة كل أنبوبة موادّ حلوة تجذب الحشرات إلى النبات. وتمنع الشعيرات الدقيقة بداخل الأنبوبة، والمتجهة إلى أسفل الحشرة الضحية من الهروب بعد دخولها إلى الأنبوبة. وتضعف قوى الحشرة أثناء صراعها للهرب، وتنزلق في الماء، وتغرق. ويهضم النبات الحشرة بوساطة سائل تفرزه غدد موجودة في الأوراق.
تنمو على أوراق نبات الندية شعيرات تفرز مواد لزجة تحتوي على عصائر هاضمة. فإذا ما التصقت حشرة على هذه المادة، تلتف الشعيرات حولها، ويغطي مزيد من السائل الحشرة، ويخنقها، ثم يقوم النبات بهضمها تدريجياً.
ولنبات شرك الذباب أوراق ذات مصاريع لاقتناص الحشرات. ويوجد على السطح الداخلي لكل ورقة شعيرات، ويحد حافتها أشواك حادة. وعند هبوط حشرة على الشعيرات ينغلق نصفا الورقة كالشراك، وتتشابك الأشواك. وبعد أن يهضم النبات الحشرة، تنفتح الأوراق من جديد.
دور الإنسان في تغير النباتات. أدى الإنسان دورًا رئيسيًا في تغير النباتات. فمنذ نحو 10,000 سنة مضت عندما تعلم كيف يزرع طعامه، لاحظ المزارعون الأوائل أن بعض النباتات تنمو أفضل من غيرها ، فادخروا بذور هذه النباتات لزراعتها من جديد، وبهذه الكيفية تطورت المحاصيل الغذائية الأساسية بالعالم. على سبيل المثال، طور الهنود الأمريكيون من كيزان الذرة الشامية الصغيرة الذرة الشامية ذات الكيزان الكبيرة الكثيرة الحبوب. وحينما وصل كريستوفر كولمبوس إلى العالم الجديد عام 1492م كانت الذرة الشامية المحسنة تزرع في مساحات شاسعة من أمريكا.
ساعدت الدراسة العلمية للنباتات محاولاتنا في الحصول على نباتات أكثر فائدة، ومرغوبة. فمثلا أجرى راهب نمساوي يُدعى جريجور مندل تجارب على البازلاء في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي والتي أرست القواعد الأساسية في مجال علم الوراثة. وباستخدام قوانين الوراثة، أمكن للعلماء تحقيق زيادة كبيرة في غلّة المحاصيل مثل الذرة، والأرز، والقمح. كما أمكنهم استنباط نباتات تقاوم الإصابة بالعديد من الأمراض، والحشرات. وقد حصل عالم الزراعة الأمريكي نورمان بورلوج عام 1970م على جائزة نوبل للسلام لاستنباط قمح عالي المحصول، ومقاوم للأمراض.
أعداء النبات:
تهاجم النباتات أنواعٌ مختلفةٌ من الأعداء، تصيب تقريبًا كافة الأنواع النباتية في جميع أنحاء العالم. وتعتبر الأمراض، والآفات الحشرية الأعداء الرئيسية للنباتات، حيث تسبب خسائر فادحة، واسعة الانتشار في الزراعة، والحدائق، ونباتات الزينة، والتي فقد الكثير من نباتاتها المقاومة الطبيعية الموجودة بالنباتات البرية. وتسبب الأمراض، والحشرات، وغيرها من أعداء النبات خسائر في المحاصيل في الولايات المتحدة الأمريكية تصل إلى حوالي 30 بليون دولار أمريكي سنويًا. وتقلل الأمراض الناتج الوطني الإجمالي للمحاصيل بمقدار 10 إلى 15%، وتقلله الحشرات بنحو 15% أخرى.
قد يؤدي تفشي أمراض النبات إلى مجاعة، فخلال الأربعينيات من القرن التاسع عشر الميلادي تُوفي نحو 750,000 نسمة في أيرلندا عقب تلف محصول البطاطس القومي بمرض فطري. كما قضت أمراض أخرى على أعداد كبيرة من أنواع نباتية معينة، حيث أباد فطر يُسمى مرض الدردار الهولندي أشجار الدردار التي تنتشر في معظم بريطانيا، وآخر يُدعى لفحة الكستناء أباد أشجار الكستناء المنتشرة بشمال أمريكا.
كذلك تتلف الحشرات بشدة أعدادًا كبيرة من النباتات. فعلى سبيل المثال، قد تبيد أسراب الجندب، والجراد كافة النباتات في المناطق المدارية وشبه المدارية. وتسبب يرقات الحشرات أضرارًا بالغة؛ لأنها تتغذى بأوراق الأشجار والشجيرات. وإضافة إلى ذلك، فإن كثيرًا من النباتات تصاب، أو تموت، نتيجة للآفات الحيوانية مثل القملة والأرانب، والقوارض.
الأمراض. تنتج في النباتات عن أنواع عديدة من الكائنات الدقيقة. تشمل فطريات معينة، إلى جانب البكتيريا، والفيروسات و الديدان الخيطية. وتسبب الفطريات أمراضًا للنبات أكثر من الكائنات الدقيقة الأخرى. كما تصيب الفيروسات النباتات بأمراض خطيرة.
ويمكن لظروف بيئية معينة إتلاف أنسجة النبات وإضعافه وبالتالي تسهل إصابته بالكائنات الدقيقة المسببة للأمراض. ومن ضمن هذه الظروف تلوث الهواء، ودرجات الحرارة المرتفعة، أو المنخفضة، بصورة غير عادية، ونقص العناصر الغذائية اللازمة في التربة والمستويات المنخفضة من الضوء والأكسجين.
وقد تؤثر أمراض النبات على كافة أجزائه. وتتداخل أمراض عديدة مع كفاءة النبات في القيام بالتركيب الضوئي من خلال إتلاف الأوراق، أو إعاقة سريان الماء، أو المواد الغذائية إلى السيقان والأوراق. وقد تغزو الفطريات، أو البكتيريا، أو الفيروسات أنسجة النبات، وتقتل الخلايا في مناطق محدودة. فمثلا تشير البقع الميتة على الأوراق، والثمار، أو اصفرار، وموت حواف الأوراق، إلى الأماكن التي قتلت عندها الكائنات الدقيقة خلايا النبات. كما تدل النموات الشاذة مثل التدرُّنات، والعقد على الجذور، والسيقان، وأعضاء النبات الأخرى، على مواضع الإصابة. وتستطيع الفطريات، أو البكتيريا التي تغزو الجذور والسيقان والأوراق أن تمنع نسيج الخشب من توصيل الماء إلى كل أجزاء النبات. ونتيجة لذلك قد تذبل الأوراق، والسيقان، والأزهار أو تموت فجأة. بالإضافة إلى ذلك تفرز الفطريات سموماً (ذيفانًا) تؤدي إلى موت أجزاء كبيرة من النبات.
تنتقل الأمراض الفطرية من نبات إلى آخر بوساطة أبواغ الفطريات. وتحمل هذه الأبواغ بوساطة الحشرات، والأمطار والرياح، وحتى الإنسان. وتنتقل بعض البكتيريا، والفيروسات بنفس الطريقة. ولا يقف دور الديدان الخيطية على إحداث أمراض معينة، لكنها أيضا تنقل الفيْروسات من النباتات المصابة إلى النباتات السليمة. قد تمكث بعض البكتيريا، والفطريات التي تعيش على النبات، في داخل التربة، وتصيب النباتات السليمة، ويحمل بعضها الآخر على بذور النبات.
وتحدث بعض النباتات المريضة أمراضًا خطيرة، إذا أكلها الإنسان أو الحيوانات، فمثلا يصيب فطر طفيلي يُسمى إرجوت القمح، والشعير، والشيلم، وينتج مواد كيميائية تسبب الأرجوتية أو ما يعرف باسم التسمم الأرجوتي أو التسمم الدابري، وهو مرض يصيب الإنسان الذي يتغذى بخبز مصنع من حبوب مصابة. وتنتج فطريات أخرى إذا وجدت بقدر كاف في غذاء الإنسان، أو الحيوان، مواد كيميائية ضارة تسمى سمومًا فطرية. ويجري العلماء أبحاثًا مكثفة على هذه المواد الكيميائية التي قد يسبب بعضها مرض السرطان.
قص العناصر الغذائية. تعاني النباتات من نقص المغذيات (المواد الغذائية) عندما لا تستطيع الحصول على معادن معينة ومواد كيميائية معينة من التربة. ويتسبَّبُ نقص العناصر الغذائية في إضرار النباتات بعدة طرق؛ فقد تسبب تغيرات في لون الورقة، ونقصًا في حجمها، وبقعًا ميتة عليها وعلى السيقان، ونقص في النمو، والذبول. وغالباً ما يمكن إرجاع أي عرض منها إلى نقص مادة كيميائية محددة، وخاصة النيتروجين أو البوتاسيوم.
كذلك قد تتأثر النباتات بالسُّمية الكيميائية إذا ما احتوت التربة على كميات زائدة من مواد كيميائية، أو معادن معينة. فمثلا تحتاج معظم النباتات إلى كميات ضئيلة جدًا من الزنك، والحديد، والنحاس. لكن يتسبب الإنسان في زيادة كميات هذه المواد بالتربة أثناء التعدين، وصهر المعادن الخام، مما يؤدي إلى موت أعداد كبيرة من النباتات. كذلك قد يتراكم الزنك في التربة أسفل الأسوار المطليّة به لحمايتها من الصدأ. يتراكم الزنك في الشقة (قطعة طويلة ضيقة من التربة) ولكنها في النهاية قد تدمر العديد من النباتات النامية بها.
تحتوي بعض أنواع التربة على كميات زائدة من الفلزات. فالسربنتاين (حجر الحية) صخور بركانية تحتوي على فلزات ثقيلة. وهي تكثر في الشمال الغربي لأمريكا حيث تكون أراضي قاحلة تعمر فيها أنواع قليلة من النباتات.
الآفات. تتلف الحشرات، النباتات أو تدمرها بعدة طرق. تحدث الحشرات التي لها فم قارض مثل الخنافس، والجراد ثقوبًا في الأوراق، والسيقان. وتكون أجزاء الفم في حشرات أخرى ثاقبة ماصة تثقب بها النباتات، وتستهلك عصارتها. وتتغذى بعض الحشرات بالأزهار، والثمار. ويؤثر تدمير الحشرات لأوراق النبات على النمو، وعلى المحصول، نسبة لانخفاض معدل التركيب الضوئي. وبالإضافة إلى ذلك، فان جروح النباتات الناجمة عن الحشرات تهيئ مكانًا تدخل منه الكائنات المسببة للمرض إلى النبات بسهولة.
وتفرز بعض الحشرات سمومًا، أو مواد كيميائية أخرى ففي أثناء التغذية، قد تسبب تدرنات بالأوراق، أو الجذور أو تعطي الأوراق مظهر الاحتراق. وتعترض حشرات أخرى تدفق الغذاء، والماء في النبات عند التغذي بنسيج اللحاء والخشب.
تضر القملة النباتات بالتغذي بها. وذلك لأن فمها يحتوي على أجزاء ماصة. تقرض الأرانب، والقوارض النباتات. وتحفر بعض القوارض جحرًا في التربة، وتتغذى بجذور النباتات وبذورها وأبصالها.
طرق حماية النباتات لذاتها. تتغذى الحشرات، والعديد من الحيوانات الأخرى بالنباتات. وحتى تتجنب النباتات ذلك فقد تكونت بالعديد من أنواعها خطوط دفاع طبيعية وكيميائية. كما تحمي نباتات عديدة ذاتها من خلال تحديد موعد إنتاج الأزهار، والثمار.
وتشتمل الدّفاعات الطبيعية للنباتات على تراكيب مثل الأشواك بأنواعها المختلفة. وتمثل هذه التراكيب عادة أوراقًا، أو فروعًا متحورة تمنع الحيوانات الكبيرة آكلة النبات من مهاجمة النباتات. وقد تطرد الطبقة السميكة من الشمع، أو الشعيرات الكثيفة الصلبة على الأوراق والسيقان، الحيوانات الأصغر، خصوصًا الحشرات. ويتجمع في بعض النباتات مثل النجيليات، معدن صلب هو السليكا في أوراقها. تجعل السليكا الأوراق صعبة القرض على الحيوانات وسريعا ما تضعف أسنانها.
تكتسب أنواع معينة من النباتات الحماية من أعدائها من الحيوانات من خلال علاقة تبادل المنفعة. في هذه العلاقة يوفر النبات طرازًا خاصًا من الغذاء لمجموعة خاصة من الحشرات. وفي المقابل تحمي الحشرات النبات من الحيوانات الأخرى. وأحد الأمثلة على تبادل المنفعة بين نبات وحشرة، العلاقة بين النمل وأشجار الأكاسيا في بعض المناطق الجافة بالعالم؛ حيث يعيش النَّمل داخل أشواك مجوفة على أشجار الأكاسيا. تفرز أوراق الأشجار محلولاً سكرياً يتغذى به النمل، وفي المقابل ينظف النمل الأرض حول كل شجرة، ويهاجم أي حيوانات أخرى تدخل المنطقة الخالية، أو تلك التي تهبط على الأشجار.
تتنوع النباتات كثيرًا في الدفاعات الكيميائية ضدّ الحيوانات. وتنتج أوراق وثمار نباتات الموالح زيوتًا قوية الرائحة تنفر الحشرات. وتحتوي نباتات عديدة على مواد كيميائية لها طعم غير مستساغ أو سام، مثل نباتات ظل الليل، وقفاز الثعلب والطقسوس، والعديد من الأعشاب الضارة.
يمكن للحشرات سريعًا أن تكتسب مناعةً ضد المواد الكيميائية التي تنتجها النباتات. وفي بعض الحالات، تفرز أنواع معينة من الحشرات سائلاً يُبطل مفعول المركبات السّامة التي تنتجها النباتات. ونتيجة لذلك يتكون بالنباتات وبصورة مستمرة مركبات جديدة بتغيير الموجود منها. ويصف بعض العلماء هذه العملية وكأنها ¸سباق تسلح· بيولوجي بين النباتات ومفترساتها. وفي حالات أخرى يسفر سباق التسلح هذا بين الحشرة والنبات عن علاقة فريدة. على سبيل المثال، تنتج نباتات فصيلة حشيشة اللبن عصارة لبنية تحتوي على مواد كيمائية سامة تمنع معظم الحشرات من التغذي بها. لكن يرقات فراشة الملكة تستطيع أن تتغذى بها، وتختزن السم في أجسامها. ويجعل السم فراشة الملكة غير مستساغة الطعم، وبالتالي يحميها من العديد من المفترسات الأخرى.
وتحرص نباتات عديدة على بقاء بذورها خلال توقيت الإزهار، وإنتاج الثمار، فتنتج بعض النباتات الأزهار والثمار مبكرا جدًا خلال موسم النمو عندما تكون أعداد الحشرات قليلة. وتنتج نباتات أخرى العديد من البذور التي لا تستطيع الحشرات أن تأتي عليها جميعًا. مثلا، تنتج أشجار البلوط عددًا عظيمًا من الثمار كل بضع سنوات. وعندما تكون ثمار البلوط غزيرة في كميتها فإن السنجاب، والحيوانات الأخرى لاتستطيع أكلها جميعًا، وتبقى بعض الثمار لتنمو منها أشجار بلوط جديدة. ولا تنتج أشجار البلوط في سنوات أخرى كمية وفيرة من الثمار وبالتالي لا تدع الفرصة للحيوان ليعتمد على ثمارها مصدرًا للغذاء. ولوكان إنتاج الأشجار من الثمار وفيرًا كلًّ عام فسوف تزداد أعداد الحيوانات وبالتالي تأكل كافة ثمارها.
مقاومة الأمراض والآفات. يُقاوم الإنسان أمراض النبات والتلف الناجم عن الآفات بالوسائل الآتية: 1-الطرق الوراثية 2-الطرق الطبيعية 3- النظافة العامة 4-المواد الكيميائية 5-المقاومة الحيوية 6-قوانين الحَجْر الصحي.
وتتضمن الطرق الوراثية استنباط أصناف نباتية مقاومة للأمراض باستيلاد النباتات، حيث يقوم مستولدو النبات بتهجين النباتات المقاومة مع الأصناف الأخرى من نفس النوع لاستنباط أصناف جديدة تجمع بين المقاومة للمرض، وجودة المحصول، وغيرها من الخصائص المرغوبة. وقد أدّت هذه الجهود على سبيل المثال، إلى استنباط أقماح عالية المحصول ومقاومة لمرض الصدأ.
تشتمل الطرق الطبيعية على إقامة العوائق في مواجهة آفات النبات، مثل شرائط الورق اللزجة التي تلتصق بها الحشرات. وأسلاك الحماية لإبعاد القوارض. كذلك يجمع المزارعون الحشرات، وبيض الحشرات الموجودة على النباتات لإبادتها. وتعيق الدورة الزراعية، وحراثة الأرض أعداء النبات من التكاثر في التربة.
وتشمل النظافة العامة إبادة النباتات المصابة بالأمراض، وتعقيم الأدوات الزراعية. بالإضافة إلى التخلص من المخلفات من المناطق المزروعة، وهذا يقلل من الأماكن التي قد تتكاثر بها الحشرات، والكائنات الدقيقة المسببة للأمراض.
تكاد المواد الكيميائية تؤدي الدور الرئيسيّ في جميع برامج مقاومة أعداء النبات. عند وجود مرض أو حشرات بصورة مفاجئة، فقد تكون المواد الكيميائية هي الوسيلة الوحيدة لإنقاذ النباتات. فالكثير من المواد الكيميائية تقي النباتات من الأمراض والآفات، وهي تشتمل على المبيدات البكتيرية والفطرية والحشرية والديدان الخيطية والقوارض. يلزم التصريح باستخدام هذه المواد الكيميائية في بلدان كثيرة، بوساطة وكالة حماية البيئة قبيل تسويقها.
وتشتمل المقاومة الحيوية على استخدام العمليات الطبيعية في مقاومة الحشرات، والكائنات الممرضة التي تهاجم النباتات. على سبيل المثال، قد تستخدم بكتيريا، وفَيْروسات معينة تسبب أمراضًا للخنافس، واليرقات لمكافحة هذه الحشرات.
وبالمثل قد تُستخدم الحيوانات التي تصطاد الحشرات في مكافحة أعداء النبات. ومثال آخر للمقاومة الحيوية: إيقاع الحشرات في شراك مزّودة بطُعم من جاذب جنسي وهي المواد الكيميائية الطبيعية التي تفرزها الحشرات لجذب الأليف.
تنظم قوانين الحجْر الصحي شحن النباتات بين الدول وتُلزم هذه القوانين فحص النباتات لمنع دخول، وانتشار أمراض النبات، والآفات الحشرية.يتبع الجزء السادس
بوح الروح
كيف تنمو النباتات
تقسم النباتات إلى مجموعتين تبعا لطريقة حصولها على غذائها. وتعرف جيمع النباتات الخضراء بأنها ذاتية التغذية، حيث تحتوي على يخضور (كلوروفيل)، يمكنها من اقتناص ضوء الشمس واستخدامه في إنتاج الغذاء، والمواد الأخرى التي تحتاج إليها في النمو. وتعرف الأنواع الأخرى من النباتات بأنها غير ذاتية التغذية، وتفتقر إلى اليخضور (الكلوروفيل)، ولا تستطيع إنتاج غذائها، وقد تكون متطفلة، أو رمِّية.
يتناول هذا الجزء أربع عمليات رئيسية تحدث أثناء نمو غالبية أنواع النباتات الخضراء. هذه العمليات هي: 1- الإنبات، 2-حركة الماء، 3-التركيب الضوئي، 4- التنفس. كما يناقش هذا الجزء أيضًا الطريقة التي تؤثر بها وراثة النبات، والبيئة على النمو.
الإنبات. هو نمو البذرة. وتتميز بذور عديدة بفترة عدم نشاط قبيل بدء نموها، وهذه الفترة تعرف بالكمون. وتحدث هذه الفترة في معظم أنحاء العالم خلال فصل الشتاء، وعند حلول فصل الربيع بعد ذلك تبدأ البذور في النمو.
تحتاج البذور إلى ثلاثة أشياء لتنمو: درجة حرارة ملائمة ورطوبة وأكسجين. وتنمو معظم البذور نموًّا أفضل عند درجة حرارة بين 18°م و30°م. وقد تنبت بذور النباتات التي تعيش تحت ظروف مناخية باردة عند درجات حرارة منخفضة، بينما قد ينبت بعضها في المناطق الاستوائية عند درجات حرارة مرتفعة. وتحصل البذور على الرطوبة اللازمة لها من التربة. وتؤدي الرطوبة إلى ليونة القصرة مما يسمح بخروج الأجزاء النامية من خلالها، كما تهيئ الرطوبة كذلك مواد معينة في البذرة لأداء دورها في إنبات البذرة. وقد تتعفن البذرة إذا ما تعرضت لكمية زائدة من الماء، أما إذا حصلت على قدر ضئيل من الماء فيحدث الإنبات ببطء، أو قد لا يحدث على الإطلاق. وتحتاج البذور إلى الأكسجين للتغيّرات التي تحدث بداخلها أثناء الإنبات.
يحتوي جنين البذرة على كافة الأجزاء اللازمة لإنتاج نبات صغير، وقد يحتوي على فَلْقة، أو أكثر تمتص الغذاء من السويداء للنبتة النامية. تمتص البذرة الماء، وهذا يؤدي إلى انتفاخها، وتمزق القصرة، وإلى ظهور بادرة صغيرة جدًا. ويُعرف الجزء السفلي من البادرة بالسويقة تحت الفلقية أو السويقة الجنينية السفلى، وتعطي الجذر الرئيسي، ويُثبِّت هذا الجذر البادرة في التربة، ويكّوِّن المجموع الجذري الذي يمد البادرة بالماء، والأملاح المعدنية. يبدأ بعد ذلك الجزء العلوي من البادرة ويُعرف بالسويقة الفلقية أو السويقة الجنينية العليا في النمو إلى أعلى. وتوجد الساق الجنينية (الريشة) لدى طرف السويقة فوق الفلقية، وهي البرعم الذي يعطي الأوراق الأولى. وفي بعض النباتات مثل الأصناف العديدة من الفاصوليا يحملُ نمو السويقة تحت الفلقية الفلقات خارج التربة. وفي الذرة والنباتات الأخرى تبقى الفلقات داخل التربة بالبذرة. وتستطيع البادرة أن تصنع غذاءها بعد أن تكوِّن البادرة الجذور والأوراق الخاصة بها، وحينئذ لا تحتاج إلى الفلقات كي تمدها بالغذاء
يقتصر نمو غالبية النباتات في الطول على قمم الجذور، والفروع، وتعرف خلايا هذه المناطق بالخلايا الإنشائية. تنقسم هذه الخلايا وتنمـو سريعـا، وتعـطي مختـلف الأنسجة التي يتركب منها النبـات الناضج. وتتكون في الأشجار، والنباتات الأخرى التي تزيد في السمك طبقات جديدة من الخلايا بين القلف والخشب. هذه المنطقة هي الطبـقة المولدة (الكمبيوم). وتتكون طبـقات جديدة من الخلايا نتيـجة نشاط هذه الطبقة سنويا، وتعطي هذه الطبقات حلقات الخشب التي تمكن الناس من تقدير عمر الشجرة.
تعيش بعض أنواع النباتات المعمرة لسنين عديدة. تنتج معظم النباتات المعمرة بذورًا كل سنة، بينما تعيش أنواع أخرى ـ وهي النباتات الحولية ـ لنحو عامٍ واحد فقط. ويوجد أيضا أنواع أخرى ـ وهي النباتات ثنائية الحول ـ تعيش عامين. وتنتج معظم النباتات الحولية، وثنائية الحول البذور مرة واحدة فقط.
حركة الماء. يحتاج النبات إلى الماء بصورة مستمرة. وتحتوي كل خلية من خلايا النبات على كمية وفيرة من الماء. ولاتستطيع الخلايا، بدون هذا الماء، أن تقوم بالوظائف العديدة التي تحدث داخل النبات. ويحمل الماء كذلك المواد اللازمة من جزء إلى آخر في النبات.
يدخل معظم الماء إلى النبات عبر الجذور. تمتص شعيرات جذرية دقيقة الرطوبة، وأملاحًا معدنية معينة من التربة بخاصية التناضح (الأسموزية). وتنتقل هذه المواد في النباتات الوعائية ـ تلك التي بها أنسجة توصيل خاصة ـ خلال نسيج الخشب بالجذور، والسيقان إلى الأوراق. وفي الأوراق يُستخدم الماء والأملاح المعدنية في تكوين الغذاء. كما يحمل الماء هذا الغذاء خلال نسيج اللحاء إلى الأجزاء الأخرى من النبات.
تفقد النباتات الماء خلال عملية النتح، ويخرج معظم هذا الماء خلال الثغور الموجودة على سطوح الأوراق. ويقدر العلماء أن نبات الذرة يفقد أكثر من 3,040,000 لتر ماء لكل هكتار خلال موسم النمو بوساطة النتح. ويعتقد بعض علماء النبات أن هذا الماء المفقود يحمي الأوراق من أخطار ارتفاع درجة الحرارة التي يسببها ضوء الشمس.
التركيب الضوئي. هو العملية التي تُصنِّع بها النباتات الغذاء. تقتنص النباتات الخضراء ضوء الشمس بوساطة اليخضور (الكلوروفيل)، وهذا يمكن ثاني أكسيد الكربون من الهواء من الاتحاد مع الماء، والأملاح المعدنيّة من التُّربة وإنتاج الغذاء. كذلك ينطلق الأكسجين اللازم لتنفس الإنسان والحيوانات إلى الهواء نتيجة هذه العملية الحيوية.
يحدثُ معظم التركيب الضّوئي في أجسام صغيرة داخل خلايا أوراق النبات تعرف بالبلاستيدات الخضراء. تحتوي هذه البلاستيدات الخضراء على اليخضور (الكلوروفيل) الذي يمتص ضوء الشمس. وتعمل الطاقة المستمدة من الشمس على انشطار جزيئات الماء إلى هيدروجين، وأكسجين. ويتحد الهيدروجين مع الكربون من ثاني أكسيد الكربون لإنتاج سكر. ويهيئ السكر النبات لإنتاج الدهن، والبروتين، والنشا، والفيتامينات، والمواد الأخرى اللازمة لبقائه.
تحتوي بعض النباتات وتعرف بالنباتات المتطفّلة والنباتات الرمية، على قليل من مادة اليخضور (الكلوروفيل) وقد لا تحوي شيئآً منه، وبالتالي لا تستطيع إنتاج غذائها بوساطة التركيب الضوئي. ويتحتم على هذه النباتات الاعتماد في غذائها على مصادر خارجية. تلازم النباتات المتطفلةُ نباتات حية، وتحصل منها على المواد الغذائية التي تحتاج إليها، بينما تنمو النباتات الرمية على كائنات ميتة، ومتحللة، أو تَستخدم في غذائها المواد العضوية التي تنتجها الكائنات الحية.
ويُعد الدبق، والحامول من النباتات المتطفلة التي تنتشر في مناطق كثيرة من العالم. وينمو الدبق على، فروع وجذوع أشجار عديدة. وهو متطفل جزئيا حيث يصنع بعض غذائه. والغليون الهندي نبات رمي (مترمم) ينمو قريبًا من الفطريات ويستخدم في غذائه المواد العضوية التي تنتجها الفطريات. وينمو نبات رافلسيا العملاق متطفلاً على جذور وسيقان غيره من النباتات، ويحمل أكبر زهرة عُرفت لأي نبات، وقد يتعدى قطر أزهار رافلسيا 90سم.
التنفس. عملية يستهلك فيها الغذاء لإطلاق الطاقة اللازمة للنبات. ويستخدم النبات هذه الطاقة للنمو، والتكاثر والتعويض. ويتم هدم السكر خلال عملية التنفس، وتتحد بعض نواتج الهدم مع الأكسجين، وينطلق ثاني أكسيد الكربون والطاقة، والماء. يحدث التنفس أثناء النهار والليل طوال حياة النبات على العكس من التركيب الضوئي الذي يقتصر حدوثه على النهار فقط. ويتزايد التنفس بمعدل كبير مع نمو البراعم، والأوراق في فصل الربيع، ويتناقص بقدوم فصل الشتاء.
العوامل المؤثرة على نمو النبات. يتحدد نمو النبات بناء على وراثته، وبيئته. وعلى سبيل المثال، تحدد وراثة النبات صفاتٍ مثل لون الزهرة، وحجمها، وتنتقل هذه العوامل الوراثية من جيل لآخر، وتشتمل العوامل البيئية على ضوء الشمس، والمناخ، وظروف التربة.
العوامل الوراثية. يوجد داخل نواة جميع خلايا النبات أجسام متناهية الصغر هي الصبغيات التي تشتمل على وحدات تعرف بالمورِّثات. وتحتوي هذه الأجسام على التعليمات التي توجه نمو النبات. وعند انقسام الخلايا وتضاعف عددها تنتقل هذه التعليمات إلى كل خلية جديدة.
كما توجد أيضا مواد تُصنع داخل النبات وتؤدي دورًا في تنظيم نمو النبات. وتعرف هذه المواد بالهورمونات وتتحكم في بعض أنشطة النبات، مثل نمو الجذور، وإنتاج الأزهار، والثمار. لايعرف علماء النبات على وجه الدِّقة الطريقة التي تعمل بها جميع الهورمونات النباتية. لكن من المعروف أن هورمونات معينة تعرف بالأكسينات تؤثر في نموّ البراعم، والأوراق، والجذور، والسيقان. وتساعد هورمونات نموًّ أخرى تعرف بالجبرلينات في زيادة طول النّبات، وتسبب الإزهار، وتسرع من إنبات البذور. كما توجد هورمونات أخرى تعرف بالسيتوكينينات تعمل على انقسام الخلايا.
العوامل البيئية. تحتاج كافة النباتات إلى الضوء، والمناخ الملائم، وكمية كافية من الماء والأملاح المعدنية من التربة. لكن بعض الأنواع تنمو نموًا أفضل في الشمس، ويزدهر بعضها الآخر في الظل. وتختلف النباتات كذلك في مقدار الماء الذي تحتاجه، وفي درجة الحرارة التي تتحملها. وتؤثر هذه العوامل البيئية على سرعة نمو، وحجم كافة النباتات وتكاثرها.
يتأثر نموّ النباتات كذلك بطول فترات الضوء والظلام التي يتعرض لها. ولا تزهر بعض النباتات مثل الخسّ والسبانخ إلا عندما تكون فترة الإضاءة طويلة. وتُعرف هذه النباتات بنباتات النهار الطويل. وعلى العكس من ذلك، فإن نباتات زهرة النجمة وزهرة الذهب (الأقحوان) وبنت القنصل تعرف بنباتات النهارٍ القصير وتزهر فقط عندما تكون فترة الظلام طويلة. كما توجد نباتات أخرى مثل القطيفة، والطماطم لا تتأثر بطول فترة الإضاءة، وتعرف بالنباتات متعادلة اليوم.
وتتأثر النباتات كذلك بالبيئة التي تنمو بها بطرق أخرى. فعلى سبيل المثال، يبدي النبات حركة انحناء، تعرف بالانتحاء. وفي الانتحاء يتسبب منبه خارجي (قوة) في انحناء النبات نحو أحد الاتجاهات. وقد يكون النبات ذا انتحاء موجب أو انتحاء سالب تبعًا لانحناء النبات نحوه، أو بعيداً عنه. وتتم تسمية الانتحاء، تبعًا للمنبهات التي تسببه. فالانتحاء الضوئي انحناء ناتج عن الضوء. والانتحاء الأرضي انحناء تسببه الجاذبية، والانتحاء المائي يسببه الماء.
يبدي النبات النامي على نافذة انتحاءً ضوئيًا موجبًا عندما تنمو سيقانه وأوراقه نحو مصدر الضّوء. وعلى العكس من ذلك، تُظهر الجذور انتحاءً ضوئيًا سالبًا، وتنمو بعيدًا عن الضوء. وتبدي الجذور انتحاءً أرضيًا موجبًا. فإذا زرعت بذرة أو بصل مقلوب الوضع فإن جذوره تنمو إلى أسفل (نحو مصدر الجاذبية). وتبدي ساق هذه البصلة انتحاءً أرضيًا سالبًا، وتنمو إلى أعلى (بعيدًا عن مصدر الجاذبية). ويحدث الانتحاء المائي أساساً في الجذور، ويكون عادة موجبًا.
تتأثر بعض النباتات إذا ما لُمست. فعند لمس نبات الميموزا (المستحية) فإن وريقاته سريعًا ما تنطبق، وتتهدل فروعه نحو الساق، وتحدث هذه الحركة نتيجة تغير في الضغط داخل خلايا معينة. وتعود فروع ووريقات النبات إلى وضعها الأصلي بعد زوال تأثير المنبه.
كيف تتغير النباتات
تتنافس النباتات، مثل الحيوانات، على ضوء الشمس، والماء، وضروريات الحياة الأخرى. وتستطيع بعض النباتات ـ مثل بعض الحيوانات ـ النمو، والتكاثر أفضل من بعضها الآخر. وبعد آلاف السنين تكون النباتات مختلفة جدًا عن أسلافها. تتأقلم النباتات التي تستطيع البقاء مع بيئاتها خلال عملية تسمى الانتخاب الطبيعي أو البقاء للأصلح.
يتتبع هذا الجزء من المقالة تاريخ النباتات المبكر، ويناقش الأشكال المهمة لتأقلم النبات لتخزين الماء، وانتشار البذور، كما يصف هذا الجزء مجموعة النباتات غير العادية، التي كيّفت نفسها بطريقة معينة تمكنها من افتراس الحشرات والتغذي بها، وينتهي بمناقشة بعض الطرق التي استطاع بها الإنسان تغيير النباتات.
النباتات البدائية. ظهر أول نبات على سطح الأرض منذ أكثر من 430 مليون سنة خلال حقب الحياة القديمة. وكانت هذه النباتات بسيطة للغاية، ولا تماثل أيًا من النباتات التي نشاهدها اليوم. ومن المحتمل أن أجسام هذه النباتات كانت تشبه العصي، وتفتقر إلى النسيج المتخصص لنقل الماء كما في النباتات الوعائية. ويعتقد كثير من علماء النبات أن هذه النباتات الأرضية البدائية كانت أسلافًا لنباتات وعائية بدائية. ولم يكن لأولى النباتات الوعائية ـ وهي النباتات الرينياوية ـ أوراق أو جذور. وكانت تتألف من سيقان تمتد على الأرض، وسيقان أخرى تنمو عموديًا ذات أفرع على شكل الحرف الإنجليزي Y. ومن المحتمل أن تكون هذه النباتات قد نمت إلى ارتفاع ما بين 60 و90 سم.
وربما تطورت نباتات أكبر، وهي تسمى التريمروفية عن النباتات الرينياوية. والنباتات التريمروفية ذات جسم نباتي أكثر تعقيدًا، ولها سيقان وفروع عديدة، ولكن لم يكن لها أوراق، أو جذور. كما ظهرت نباتات وعائية أخرى صغيرة، هي النباتات الزوستيروفيلية بعد فترة قصيرة من النباتات الرينياوية، وربما انحدرت منها. ويعتقد بعض علماء النبات أن النباتات التريمروفية، والنباتات الزوستيروفيلية أسلاف لجميع النباتات الوعائية الموجودة حاليًا. ويرون أن السراخس، وذيل الحصان، والنباتات البذرية قد انحدرت من النباتات التريمروفية خلال تغيرات متلاحقة منذ نحو 408 إلى 360 مليون سنة. كما يعتقد أن مجموعة رجل الذئب، والحزازيات الريشية، ونباتات الرصن قد تطورت عن النباتات الزوستيروفيلية في نفس الفترة تقريبًا.
وعند بداية انتشار النباتات الوعائية الأولى على الأرض كانت الحياة على الكرة الأرضية تختلف تمامًا عمّا هي عليه الآن. فلم تكن ثمة أوراق تحدث حفيفًا في نسمات الهواء، وكانت هناك بضع حشرات تدب هنا وهناك. ولم تعش فقاريات (حيوانات ذات عمود فقري) على الأرض. ولكن، ومع تغير الظروف على الأرض، ظهرت نباتات وحيوانات جديدة. وخلال العصر الكربوني منذ نحو 360 إلى 290 مليون سنة ظهرت نباتات وعائية أكبر، وكست الأرض غابات هائلة من الأشجار التابعة لمجموعة رجل الذئب (الليكوبودية)، والسراخس، وذيل الحصان، والنباتات البذرية البدائية. واندثرت النباتات الضخمة لهذه الفترة، وتجمعت في مستنقعات شاسعة كوّنت فيما بعد تراكمات هائلة من الفحم. ولقد كونت هذه النباتات معظم الفحم الموجود في أوروبا وفي شرقي الولايات المتحدة الأمريكية ووسطها وغربها.
صارت النباتات عارية البذور أكثر النباتات وفرة خلال حقب الحياة المتوسطة التي بدأت منذ نحو 240 مليون سنة. ومن أهم نباتاتها المخروطيات، السيكاسيات، والجنكات، وكانت تستخدم غذاء للديناصورات الضخمة التي كانت تتجول في الأرض خلال هذه الفترة. كما ازدهرت أنواع عديدة من عاريات البذور، لكنها اندثرت الآن. وظهرت أولى كاسيات البذور، أو النباتات الزهرية البدائية مع نهاية حقب الحياة المتوسطة، ومن أمثلتها المجنولية، والجميز، والصفصاف، وزنبق الماء، وعدد من النباتات الزهرية الأخرى الموجودة في الوقت الحاضر.
وخلال حقب الحياة الحديثة التي بدأت منذ نحو 63 مليون سنة، كست غابات كاسيات البذور معظم المناطق الاستوائية والمعتدلة في الأرض. وبدأ ظهور حيوانات أراضي الحشائش الطبيعية، وحيوانات الرعي الكبيرة في نهاية حقب الحياة الحديثة.
تخزين الماء. تكونت في العديد من الأنواع النباتية عبر السنين، أنظمة خاصة لامتصاص الماء وتخزينه مما هيأ لها البقاء في المناطق ذات الأمطار القليلة، فلبعض الصبارات على سبيل المثال جذور تنتشر لمساحات كبيرة أسفل سطح التربة مباشرة، وتمتص الماء سريعًا من الأمطار الخفيفة، أو الفيضانات الفجائية التي تحدث في الصحراء. وتختزن الصبارات الماء في سيقانها العصارية.
تحورت أوراق الصبّارات خلال الانتخاب الطبيعي إلى أشواك. ونتيجة لهذا التأقلم، تقلص سطحها الأخضر كثيرًا عن معظم النباتات التي في حجمها ـ وبالتالي قلَّ فقدها للماء عن طريق النتح. ولما كان لأوراقها هذا الشكل الخاص فإن التركيب الضوئي يحدث في سيقانها. وإذا لم يتيسّر للصبارات الماء من خلال جذورها، فإنها تستخدم المخزون بها من الماء خلال التركيب الضوئي.
ولقد تأقلمت كذلك نباتات التُّندرا مع ظروف الجفاف الناتجة عن الأراضي المتجمدة بحيث كانت سطوح أوراقها مقاومة بشكل خاص لفقد الماء، حيث تكون صلبة، ومصقولة، أو غزيرة الشعيرات. وإضافة إلى ذلك، فنباتات التندرا تنمو قريبًا من سطح الأرض، حيث تكون مغطاة بالجليد، وبالتالي تتجنب الرياح الشديدة في هذه المناطق.
انتشار البذور. تؤدي البذور دورًا رئيسيًا في انتشار النباتات إلى كل مكان في العالم تقريبًا؛ فإذا كانت البذور تسقط مباشرة على الأرض فإن جميع النباتات لكل نوع سوف توجد في نفس المنطقة. كذلك ساعد الإنسان على انتشار البذور بنقل المحاصيل الغذائية، وبعض نباتات معينة إلى المواقع التي يستقر فيها.
تتميز البذور بالعديد من الخصائص التي تساعدها على الانتشار عبر مناطق شاسعة. وتحمل الرياح بذورًا عديدة، مثل تلك الجناحيَّة لشجرة القَيْقب، والبذور ذات الزّغب في نبات الطرخشقون (الهندباء البري)، وشجرة الصفصاف. وقد تطفو بعض البذور على الماء كما في جوز الهند، من منطقة أرضية إلى أخرى.
وتساعد الحيوانات كذلك في انتشار البذور، حيث تكون بذور بعض النباتات ذات أشواك أو مواد لزجة تعلق بفراء أو ريش الحيوانات التي تهاجر من منطقة إلى أخرى. وتأكل أنواع عديدة من الحيوانات التوت والثمار لكنها لا تهضم البذور. وتنتشر البذور كجزء من مخلفات جسم هذه الحيوانات.
تعمل بضعة أنواع من النباتات على انتشار بذورها. فعلى سبيل المثال، تقذف ثمار نباتات البلسم والمِجْزَاعة بذورها لدى أدنى لمسة.
النباتات آكلة الحشرات (النباتات اللاحمة). تنمو أساسًا في المناطق التي تفتقر فيها التربة إلى قدر كاف من المعادن الرئيسية، خاصة النيتروجين. تأقلمت هذه النباتات على اقتناص وهضم الحشرات في أوراقها للحصول على ما يلزمها من المعادن. كذلك تصنع هذه النباتات آكلة الحشرات غذاءها بالتركيب الضوئي. وتضم النباتات آكلة الحشرات نباتات النابنط ، ونباتات الندية وشرك الذباب.
أما أوراق نبات النابنط فهي أنبوبيّة الشكل ويتجمع بداخلها ماء المطر. ويوجد حول حافة كل أنبوبة موادّ حلوة تجذب الحشرات إلى النبات. وتمنع الشعيرات الدقيقة بداخل الأنبوبة، والمتجهة إلى أسفل الحشرة الضحية من الهروب بعد دخولها إلى الأنبوبة. وتضعف قوى الحشرة أثناء صراعها للهرب، وتنزلق في الماء، وتغرق. ويهضم النبات الحشرة بوساطة سائل تفرزه غدد موجودة في الأوراق.
تنمو على أوراق نبات الندية شعيرات تفرز مواد لزجة تحتوي على عصائر هاضمة. فإذا ما التصقت حشرة على هذه المادة، تلتف الشعيرات حولها، ويغطي مزيد من السائل الحشرة، ويخنقها، ثم يقوم النبات بهضمها تدريجياً.
ولنبات شرك الذباب أوراق ذات مصاريع لاقتناص الحشرات. ويوجد على السطح الداخلي لكل ورقة شعيرات، ويحد حافتها أشواك حادة. وعند هبوط حشرة على الشعيرات ينغلق نصفا الورقة كالشراك، وتتشابك الأشواك. وبعد أن يهضم النبات الحشرة، تنفتح الأوراق من جديد.
دور الإنسان في تغير النباتات. أدى الإنسان دورًا رئيسيًا في تغير النباتات. فمنذ نحو 10,000 سنة مضت عندما تعلم كيف يزرع طعامه، لاحظ المزارعون الأوائل أن بعض النباتات تنمو أفضل من غيرها ، فادخروا بذور هذه النباتات لزراعتها من جديد، وبهذه الكيفية تطورت المحاصيل الغذائية الأساسية بالعالم. على سبيل المثال، طور الهنود الأمريكيون من كيزان الذرة الشامية الصغيرة الذرة الشامية ذات الكيزان الكبيرة الكثيرة الحبوب. وحينما وصل كريستوفر كولمبوس إلى العالم الجديد عام 1492م كانت الذرة الشامية المحسنة تزرع في مساحات شاسعة من أمريكا.
ساعدت الدراسة العلمية للنباتات محاولاتنا في الحصول على نباتات أكثر فائدة، ومرغوبة. فمثلا أجرى راهب نمساوي يُدعى جريجور مندل تجارب على البازلاء في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي والتي أرست القواعد الأساسية في مجال علم الوراثة. وباستخدام قوانين الوراثة، أمكن للعلماء تحقيق زيادة كبيرة في غلّة المحاصيل مثل الذرة، والأرز، والقمح. كما أمكنهم استنباط نباتات تقاوم الإصابة بالعديد من الأمراض، والحشرات. وقد حصل عالم الزراعة الأمريكي نورمان بورلوج عام 1970م على جائزة نوبل للسلام لاستنباط قمح عالي المحصول، ومقاوم للأمراض.
أعداء النبات:
تهاجم النباتات أنواعٌ مختلفةٌ من الأعداء، تصيب تقريبًا كافة الأنواع النباتية في جميع أنحاء العالم. وتعتبر الأمراض، والآفات الحشرية الأعداء الرئيسية للنباتات، حيث تسبب خسائر فادحة، واسعة الانتشار في الزراعة، والحدائق، ونباتات الزينة، والتي فقد الكثير من نباتاتها المقاومة الطبيعية الموجودة بالنباتات البرية. وتسبب الأمراض، والحشرات، وغيرها من أعداء النبات خسائر في المحاصيل في الولايات المتحدة الأمريكية تصل إلى حوالي 30 بليون دولار أمريكي سنويًا. وتقلل الأمراض الناتج الوطني الإجمالي للمحاصيل بمقدار 10 إلى 15%، وتقلله الحشرات بنحو 15% أخرى.
قد يؤدي تفشي أمراض النبات إلى مجاعة، فخلال الأربعينيات من القرن التاسع عشر الميلادي تُوفي نحو 750,000 نسمة في أيرلندا عقب تلف محصول البطاطس القومي بمرض فطري. كما قضت أمراض أخرى على أعداد كبيرة من أنواع نباتية معينة، حيث أباد فطر يُسمى مرض الدردار الهولندي أشجار الدردار التي تنتشر في معظم بريطانيا، وآخر يُدعى لفحة الكستناء أباد أشجار الكستناء المنتشرة بشمال أمريكا.
كذلك تتلف الحشرات بشدة أعدادًا كبيرة من النباتات. فعلى سبيل المثال، قد تبيد أسراب الجندب، والجراد كافة النباتات في المناطق المدارية وشبه المدارية. وتسبب يرقات الحشرات أضرارًا بالغة؛ لأنها تتغذى بأوراق الأشجار والشجيرات. وإضافة إلى ذلك، فإن كثيرًا من النباتات تصاب، أو تموت، نتيجة للآفات الحيوانية مثل القملة والأرانب، والقوارض.
الأمراض. تنتج في النباتات عن أنواع عديدة من الكائنات الدقيقة. تشمل فطريات معينة، إلى جانب البكتيريا، والفيروسات و الديدان الخيطية. وتسبب الفطريات أمراضًا للنبات أكثر من الكائنات الدقيقة الأخرى. كما تصيب الفيروسات النباتات بأمراض خطيرة.
ويمكن لظروف بيئية معينة إتلاف أنسجة النبات وإضعافه وبالتالي تسهل إصابته بالكائنات الدقيقة المسببة للأمراض. ومن ضمن هذه الظروف تلوث الهواء، ودرجات الحرارة المرتفعة، أو المنخفضة، بصورة غير عادية، ونقص العناصر الغذائية اللازمة في التربة والمستويات المنخفضة من الضوء والأكسجين.
وقد تؤثر أمراض النبات على كافة أجزائه. وتتداخل أمراض عديدة مع كفاءة النبات في القيام بالتركيب الضوئي من خلال إتلاف الأوراق، أو إعاقة سريان الماء، أو المواد الغذائية إلى السيقان والأوراق. وقد تغزو الفطريات، أو البكتيريا، أو الفيروسات أنسجة النبات، وتقتل الخلايا في مناطق محدودة. فمثلا تشير البقع الميتة على الأوراق، والثمار، أو اصفرار، وموت حواف الأوراق، إلى الأماكن التي قتلت عندها الكائنات الدقيقة خلايا النبات. كما تدل النموات الشاذة مثل التدرُّنات، والعقد على الجذور، والسيقان، وأعضاء النبات الأخرى، على مواضع الإصابة. وتستطيع الفطريات، أو البكتيريا التي تغزو الجذور والسيقان والأوراق أن تمنع نسيج الخشب من توصيل الماء إلى كل أجزاء النبات. ونتيجة لذلك قد تذبل الأوراق، والسيقان، والأزهار أو تموت فجأة. بالإضافة إلى ذلك تفرز الفطريات سموماً (ذيفانًا) تؤدي إلى موت أجزاء كبيرة من النبات.
تنتقل الأمراض الفطرية من نبات إلى آخر بوساطة أبواغ الفطريات. وتحمل هذه الأبواغ بوساطة الحشرات، والأمطار والرياح، وحتى الإنسان. وتنتقل بعض البكتيريا، والفيروسات بنفس الطريقة. ولا يقف دور الديدان الخيطية على إحداث أمراض معينة، لكنها أيضا تنقل الفيْروسات من النباتات المصابة إلى النباتات السليمة. قد تمكث بعض البكتيريا، والفطريات التي تعيش على النبات، في داخل التربة، وتصيب النباتات السليمة، ويحمل بعضها الآخر على بذور النبات.
وتحدث بعض النباتات المريضة أمراضًا خطيرة، إذا أكلها الإنسان أو الحيوانات، فمثلا يصيب فطر طفيلي يُسمى إرجوت القمح، والشعير، والشيلم، وينتج مواد كيميائية تسبب الأرجوتية أو ما يعرف باسم التسمم الأرجوتي أو التسمم الدابري، وهو مرض يصيب الإنسان الذي يتغذى بخبز مصنع من حبوب مصابة. وتنتج فطريات أخرى إذا وجدت بقدر كاف في غذاء الإنسان، أو الحيوان، مواد كيميائية ضارة تسمى سمومًا فطرية. ويجري العلماء أبحاثًا مكثفة على هذه المواد الكيميائية التي قد يسبب بعضها مرض السرطان.
قص العناصر الغذائية. تعاني النباتات من نقص المغذيات (المواد الغذائية) عندما لا تستطيع الحصول على معادن معينة ومواد كيميائية معينة من التربة. ويتسبَّبُ نقص العناصر الغذائية في إضرار النباتات بعدة طرق؛ فقد تسبب تغيرات في لون الورقة، ونقصًا في حجمها، وبقعًا ميتة عليها وعلى السيقان، ونقص في النمو، والذبول. وغالباً ما يمكن إرجاع أي عرض منها إلى نقص مادة كيميائية محددة، وخاصة النيتروجين أو البوتاسيوم.
كذلك قد تتأثر النباتات بالسُّمية الكيميائية إذا ما احتوت التربة على كميات زائدة من مواد كيميائية، أو معادن معينة. فمثلا تحتاج معظم النباتات إلى كميات ضئيلة جدًا من الزنك، والحديد، والنحاس. لكن يتسبب الإنسان في زيادة كميات هذه المواد بالتربة أثناء التعدين، وصهر المعادن الخام، مما يؤدي إلى موت أعداد كبيرة من النباتات. كذلك قد يتراكم الزنك في التربة أسفل الأسوار المطليّة به لحمايتها من الصدأ. يتراكم الزنك في الشقة (قطعة طويلة ضيقة من التربة) ولكنها في النهاية قد تدمر العديد من النباتات النامية بها.
تحتوي بعض أنواع التربة على كميات زائدة من الفلزات. فالسربنتاين (حجر الحية) صخور بركانية تحتوي على فلزات ثقيلة. وهي تكثر في الشمال الغربي لأمريكا حيث تكون أراضي قاحلة تعمر فيها أنواع قليلة من النباتات.
الآفات. تتلف الحشرات، النباتات أو تدمرها بعدة طرق. تحدث الحشرات التي لها فم قارض مثل الخنافس، والجراد ثقوبًا في الأوراق، والسيقان. وتكون أجزاء الفم في حشرات أخرى ثاقبة ماصة تثقب بها النباتات، وتستهلك عصارتها. وتتغذى بعض الحشرات بالأزهار، والثمار. ويؤثر تدمير الحشرات لأوراق النبات على النمو، وعلى المحصول، نسبة لانخفاض معدل التركيب الضوئي. وبالإضافة إلى ذلك، فان جروح النباتات الناجمة عن الحشرات تهيئ مكانًا تدخل منه الكائنات المسببة للمرض إلى النبات بسهولة.
وتفرز بعض الحشرات سمومًا، أو مواد كيميائية أخرى ففي أثناء التغذية، قد تسبب تدرنات بالأوراق، أو الجذور أو تعطي الأوراق مظهر الاحتراق. وتعترض حشرات أخرى تدفق الغذاء، والماء في النبات عند التغذي بنسيج اللحاء والخشب.
تضر القملة النباتات بالتغذي بها. وذلك لأن فمها يحتوي على أجزاء ماصة. تقرض الأرانب، والقوارض النباتات. وتحفر بعض القوارض جحرًا في التربة، وتتغذى بجذور النباتات وبذورها وأبصالها.
طرق حماية النباتات لذاتها. تتغذى الحشرات، والعديد من الحيوانات الأخرى بالنباتات. وحتى تتجنب النباتات ذلك فقد تكونت بالعديد من أنواعها خطوط دفاع طبيعية وكيميائية. كما تحمي نباتات عديدة ذاتها من خلال تحديد موعد إنتاج الأزهار، والثمار.
وتشتمل الدّفاعات الطبيعية للنباتات على تراكيب مثل الأشواك بأنواعها المختلفة. وتمثل هذه التراكيب عادة أوراقًا، أو فروعًا متحورة تمنع الحيوانات الكبيرة آكلة النبات من مهاجمة النباتات. وقد تطرد الطبقة السميكة من الشمع، أو الشعيرات الكثيفة الصلبة على الأوراق والسيقان، الحيوانات الأصغر، خصوصًا الحشرات. ويتجمع في بعض النباتات مثل النجيليات، معدن صلب هو السليكا في أوراقها. تجعل السليكا الأوراق صعبة القرض على الحيوانات وسريعا ما تضعف أسنانها.
تكتسب أنواع معينة من النباتات الحماية من أعدائها من الحيوانات من خلال علاقة تبادل المنفعة. في هذه العلاقة يوفر النبات طرازًا خاصًا من الغذاء لمجموعة خاصة من الحشرات. وفي المقابل تحمي الحشرات النبات من الحيوانات الأخرى. وأحد الأمثلة على تبادل المنفعة بين نبات وحشرة، العلاقة بين النمل وأشجار الأكاسيا في بعض المناطق الجافة بالعالم؛ حيث يعيش النَّمل داخل أشواك مجوفة على أشجار الأكاسيا. تفرز أوراق الأشجار محلولاً سكرياً يتغذى به النمل، وفي المقابل ينظف النمل الأرض حول كل شجرة، ويهاجم أي حيوانات أخرى تدخل المنطقة الخالية، أو تلك التي تهبط على الأشجار.
تتنوع النباتات كثيرًا في الدفاعات الكيميائية ضدّ الحيوانات. وتنتج أوراق وثمار نباتات الموالح زيوتًا قوية الرائحة تنفر الحشرات. وتحتوي نباتات عديدة على مواد كيميائية لها طعم غير مستساغ أو سام، مثل نباتات ظل الليل، وقفاز الثعلب والطقسوس، والعديد من الأعشاب الضارة.
يمكن للحشرات سريعًا أن تكتسب مناعةً ضد المواد الكيميائية التي تنتجها النباتات. وفي بعض الحالات، تفرز أنواع معينة من الحشرات سائلاً يُبطل مفعول المركبات السّامة التي تنتجها النباتات. ونتيجة لذلك يتكون بالنباتات وبصورة مستمرة مركبات جديدة بتغيير الموجود منها. ويصف بعض العلماء هذه العملية وكأنها ¸سباق تسلح· بيولوجي بين النباتات ومفترساتها. وفي حالات أخرى يسفر سباق التسلح هذا بين الحشرة والنبات عن علاقة فريدة. على سبيل المثال، تنتج نباتات فصيلة حشيشة اللبن عصارة لبنية تحتوي على مواد كيمائية سامة تمنع معظم الحشرات من التغذي بها. لكن يرقات فراشة الملكة تستطيع أن تتغذى بها، وتختزن السم في أجسامها. ويجعل السم فراشة الملكة غير مستساغة الطعم، وبالتالي يحميها من العديد من المفترسات الأخرى.
وتحرص نباتات عديدة على بقاء بذورها خلال توقيت الإزهار، وإنتاج الثمار، فتنتج بعض النباتات الأزهار والثمار مبكرا جدًا خلال موسم النمو عندما تكون أعداد الحشرات قليلة. وتنتج نباتات أخرى العديد من البذور التي لا تستطيع الحشرات أن تأتي عليها جميعًا. مثلا، تنتج أشجار البلوط عددًا عظيمًا من الثمار كل بضع سنوات. وعندما تكون ثمار البلوط غزيرة في كميتها فإن السنجاب، والحيوانات الأخرى لاتستطيع أكلها جميعًا، وتبقى بعض الثمار لتنمو منها أشجار بلوط جديدة. ولا تنتج أشجار البلوط في سنوات أخرى كمية وفيرة من الثمار وبالتالي لا تدع الفرصة للحيوان ليعتمد على ثمارها مصدرًا للغذاء. ولوكان إنتاج الأشجار من الثمار وفيرًا كلًّ عام فسوف تزداد أعداد الحيوانات وبالتالي تأكل كافة ثمارها.
مقاومة الأمراض والآفات. يُقاوم الإنسان أمراض النبات والتلف الناجم عن الآفات بالوسائل الآتية: 1-الطرق الوراثية 2-الطرق الطبيعية 3- النظافة العامة 4-المواد الكيميائية 5-المقاومة الحيوية 6-قوانين الحَجْر الصحي.
وتتضمن الطرق الوراثية استنباط أصناف نباتية مقاومة للأمراض باستيلاد النباتات، حيث يقوم مستولدو النبات بتهجين النباتات المقاومة مع الأصناف الأخرى من نفس النوع لاستنباط أصناف جديدة تجمع بين المقاومة للمرض، وجودة المحصول، وغيرها من الخصائص المرغوبة. وقد أدّت هذه الجهود على سبيل المثال، إلى استنباط أقماح عالية المحصول ومقاومة لمرض الصدأ.
تشتمل الطرق الطبيعية على إقامة العوائق في مواجهة آفات النبات، مثل شرائط الورق اللزجة التي تلتصق بها الحشرات. وأسلاك الحماية لإبعاد القوارض. كذلك يجمع المزارعون الحشرات، وبيض الحشرات الموجودة على النباتات لإبادتها. وتعيق الدورة الزراعية، وحراثة الأرض أعداء النبات من التكاثر في التربة.
وتشمل النظافة العامة إبادة النباتات المصابة بالأمراض، وتعقيم الأدوات الزراعية. بالإضافة إلى التخلص من المخلفات من المناطق المزروعة، وهذا يقلل من الأماكن التي قد تتكاثر بها الحشرات، والكائنات الدقيقة المسببة للأمراض.
تكاد المواد الكيميائية تؤدي الدور الرئيسيّ في جميع برامج مقاومة أعداء النبات. عند وجود مرض أو حشرات بصورة مفاجئة، فقد تكون المواد الكيميائية هي الوسيلة الوحيدة لإنقاذ النباتات. فالكثير من المواد الكيميائية تقي النباتات من الأمراض والآفات، وهي تشتمل على المبيدات البكتيرية والفطرية والحشرية والديدان الخيطية والقوارض. يلزم التصريح باستخدام هذه المواد الكيميائية في بلدان كثيرة، بوساطة وكالة حماية البيئة قبيل تسويقها.
وتشتمل المقاومة الحيوية على استخدام العمليات الطبيعية في مقاومة الحشرات، والكائنات الممرضة التي تهاجم النباتات. على سبيل المثال، قد تستخدم بكتيريا، وفَيْروسات معينة تسبب أمراضًا للخنافس، واليرقات لمكافحة هذه الحشرات.
وبالمثل قد تُستخدم الحيوانات التي تصطاد الحشرات في مكافحة أعداء النبات. ومثال آخر للمقاومة الحيوية: إيقاع الحشرات في شراك مزّودة بطُعم من جاذب جنسي وهي المواد الكيميائية الطبيعية التي تفرزها الحشرات لجذب الأليف.
تنظم قوانين الحجْر الصحي شحن النباتات بين الدول وتُلزم هذه القوانين فحص النباتات لمنع دخول، وانتشار أمراض النبات، والآفات الحشرية.يتبع الجزء السادس
بوح الروح
الأربعاء أبريل 01, 2015 8:08 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * الحُــــبّ
الأربعاء أبريل 01, 2015 8:06 am من طرف بوح الروح
» * * * * * وبيسألوني ... !!!
الأربعاء أبريل 01, 2015 8:04 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * في بلادنا ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:59 am من طرف بوح الروح
» * * * * * في بلادي ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:57 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * في بلادي ...
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:55 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * في بلادي ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:53 am من طرف بوح الروح
» * * * * * قالوا لي ..!!!!!
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:51 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * مِن غيرتي ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:49 am من طرف بوح الروح