***الفسفه الشرقيه ..الصوفيه او التصوف .<ج2>
إِن من أهم ما ينتقد به المعارضون للصوفية اتهامهم بأنهم يقولون بالحلول والاتحاد، بمعنى أن الله قد حلَّ في جميع أجزاء الكون؛ في البحار والجبال والصخور والأشجار والإِنسان والحيوان، أو بمعنى أن المخلوق عين تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً. ويرى الصوفية أنه لاشك أن هذا القول كفر صريح يخالف عقائد الأمة الإسلامية. فالصوفية ينفون هذه التهمة عن أنفسهم جملة وتفصيلا، ويحذرون من أن يرميهم أحد بهذه العقيدة الكفرية جزافاً دون تمحيص أو تثبت، ومن غير أن يفهم مرادهم، ويطلع على عقائدهم الحقة التي ذكروها صريحة واضحة في أُمهات كتبهم، كالفتوحات المكية، وإِحياء علوم الدين، والرسالة القشيرية وغيرها.
صريح أقوالهم في رفضهم لعقيدة وحدة الوجود والحلول والاتحاد
صرح أئمة الصوفية في كتبهم برفضهم لعقيدة وحدة الوجود والحلول والاتحاد بالمعنى السابق ذكره، والتي منها:
* يقول الشعراني : ولعمري إِذا كان عُبَّاد الأوثان لم يتجرؤوا على أن يجعلوا آلهتهم عين الله؛ بل قالوا: ما نعبدهم إِلا ليقربونا إِلى الله زلفى، فكيف يُظَن بأولياء الله تعالى أنهم يدَّعون الاتحاد بالحق على حدٌّ ما تتعقله العقول الضعيفة؟! هذا كالمحال في حقهم رضي الله تعالى عنهم، إِذ ما مِن وليٌّ إِلا وهو يعلم أن حقيقته تعالى مخالفة لسائر الحقائق، وأنها خارجة عن جميع معلومات الخلائق، لأن الله بكل شيء محيط[57].
* قال الشيخ محي الدين بن عربيفي عقيدته الوسطى: اعلم أن الله تعالى واحد بالإِجماع، ومقام الواحد يتعالى أن يحل فيه شيء، أو يحل هو في شيء، أو يتحد في شيء[58].
* وقال في باب الأسرار: لا يجوز لعارف أن يقول: أنا الله، ولو بلغ أقصى درجات القرب، وحاشا العارف من هذا القول حاشاه، إِنما يقول: أنا العبد الذليل في المسير والمقيل[59].
* وقال في باب الأسرار: من قال بالحلول فهو معلول، فإِن القول بالحلول مرض لا يزول، وما قال بالاتحاد إِلا أهل الإِلحاد، كما أن القائل بالحلول من أهل الجهل والفضول[59].
* وقال أيضاً في الباب الثاني والتسعين ومائتين: من أعظم دليل على نفي الحلول والاتحاد الذي يتوهمه بعضهم، أن تعلم عقلاً أن القمر ليس فيه من نور الشمس شيء، وأن الشمس ما انتقلت إِليه بذاتها، وإِنما كان القمر محلاً لها، فكذلك العبد ليس فيه من خالقه شيء ولا حل فيه[60].
* قال صاحب كتاب نهج الرشاد في الرد على أهل الوحدة والحلول والاتحاد: حدثني الشيخ كمال الدين المراغي قال: اجتمعتُ، بالشيخ أبي العباس المرسي - تلميذ الشيخ الكبير أبي الحسن الشاذلي - وفاوضْته في هؤلاء الاتحادية، فوجدته شديد الإِنكار عليهم، والنهي عن طريقهم، وقال: أتكون الصنعة هي عين الصانع؟![61].
* قال أبو حامد الغزالي: وأما القسم الرابع وهو الاتحاد فذلك أيضا أظهر بطلانا لأن قول القائل إن العبد صار هو الرب كلام متناقض في نفسه، بل ينبغي أن ينزه الرب سبحانه وتعالى عن أن يجري اللسان في حقه بأمثال هذه المحالات...فالاتحاد بين شيئين مطلقا محال...فأصل الاتحاد إذا باطل... وأما القسم الخامس وهو الحلول فذلك يتصور أن يقال إن الرب تبارك وتعالى حل في العبد أو العبد حل في الرب، تعالى رب الأرباب عن قول الظالمين[62].
تأويلهم لأقوال أوهمت وحدة الوجود أو الحلول أو الاتحاد
وأما ما ورد من كلام الصوفية في كتبهم مما يفيد ظاهره الحلول والاتحاد، فيقولون أنه إما مدسوس عليهم، بدليل ما سبق من صريح كلامهم في نفي هذه العقيدة الضالة. وإِما أنهم لم يقصدوا به القول بهذه الفكرة الخبيثة والنحلة الدخيلة، ولكن المغرضين حملوا المتشابه من كلامهم على هذا الفهم الخاطىء، ورموهم بالزندقة والكفر. أما الراسخون في العلم والمدققون المنصفون من العلماء فقد فهموا كلامهم على معناه الصحيح الموافق لعقيدة أهل السنة والجماعة، وأدركوا تأويله بما يناسب ما عرف عن الصوفية من إِيمان وتقوى.
* قال جلال الدين السيوطي : واعلم أنه وقع في عبارة بعض المحققين لفظ الاتحاد، إِشارة منهم إِلى حقيقة التوحيد، فإِن الاتحاد عندهم هو المبالغة في التوحيد. والتوحيد معرفة الواحد والأحد، فاشتبه ذلك على من لا يفهم إِشاراتهِم، فحملوه على غير محمله؛ فغلطوا وهلكوا بذلك.. إِلى أن قال: فإِذن أصل الاتحاد باطل محال، مردود شرعاً وعقلاً وعرفاً بإِجماع الأنبياء ومشايخ الصوفية وسائر العلماء والمسلمين، وليس هذا مذهب الصوفية، وإِنما قاله طائفة غلاة لقلة علمهم وسوء حظهم من الله تعالى، فشابهوا بهذا القولِ النصارى الذين قالوا في عيسى : اتَّحَد ناسوتُهُ بلاهوتِهِ. وأما مَنْ بالعناية، فإِنهم لم يعتقدوا اتحاداً ولا حلولاً، وإِن وقع منهم لفظ الاتحاد فإِنما يريدون به محو أنفسهم، وإِثبات الحق سبحانه[61].
* وقال: وقد يُذْكَر الاتحاد بمعنى فناء المخالفات، وبقاء الموافقات، وفناء حظوظ النفس من الدنيا، وبقاء الرغبة في الآخرة، وفناء الأوصاف الذميمة، وبقاء الأوصاف الحميدة، وفناء الشك، وبقاء اليقين، وفناء الغفلة وبقاء الذكر[63].
* وقال: وأما قول أبي يزيد البسطامي: (سبحاني، ما أعظم شأني) فهو في معرض الحكاية عن الله، وكذلك قول من قال: (أنا الحق) محمول على الحكاية، ولا يُظَنُّ بهؤلاء العارفين الحلول والاتحاد، لأن ذلك غير مظنون بعاقل، فضلاً عن المتميزين بخصوص المكاشفات واليقين والمشاهدات. ولا يُظَنُّ بالعقلاء المتميزين على أهل زمانهم بالعلم الراجح والعمل الصالح والمجاهدة وحفظ حدود الشرع الغلطُ بالحلول والاتحاد، كما غلط النصارى في ظنهم ذلك في حق عيسى . وإِنما حدث ذلك في الإِسلام من واقعاتِ جهلةِ المتصوفة، وأما العلماء العارفون المحققون فحاشاهم من ذلك.. إِلى أن قال: والحاصل أن لفظ الاتحاد مشترك، فيطلق على المعنى المذموم الذي هو أخو الحلول، وهو كفر. ويطلق على مقام الفناء اصطلاحاً اصطلح عليه الصوفية، ولا مشاحة في الاصطلاح، إِذ لا يمنع أحد من استعمال لفظ في معنى صحيح، لا محذور فيه شرعاً، ولو كان ذلك ممنوعاً لم يجز لأحد أن يتفوه بلفظ الاتحاد، وأنت تقول: بيني وبين صاحبي زيد اتحاد. وكم استعمل المحدِّثون والفقهاء والنحاة وغيرهم لفظ الاتحاد في معان حديثية وفقهية ونحوية. كقول المحدِّثين: اتحد مخرج الحديث. وقول الفقهاء: اتحد نوع الماشية. وقول النحاة: اتحد العامل لفظاً أو معنى. وحيث وقع لفظ الاتحاد من محققي الصوفية، فإِنما يريدون به معنى الفناء الذي هو محو النفس، وإِثبات الأمر كله لله سبحانه، لا ذلك المعنى المذموم الذي يقشعر له الجلد[61].
* نقل الشعراني عن الشيخ علي بن وفا قوله: المراد بالاتحاد حيث جاء في كلام القوم فناء العبد في مراد الحق تعالى، كما يقال: بين فلان وفلان اتحاد، إِذا عمل كل منهما بمراد صاحبه [64].
* قال الشيخ ابن القيم في كتابه مدارج السالكين شرح منازل السائرين: الدرجة الثالثة من درجات الفناء: فناء خواص الأولياء وأئمة المقربين، وهو الفناء عن إِرادة السوى، شائماً برق الفناءِ عن إِرادة ما سواه، سالكاً سبيل الجمع على ما يحبه ويرضاه، فانياً بمراد محبوبه منه، عن مراده هو من محبوبه، فضلاً عن إِرادة غيره، قد اتحد مراده بمراد محبوبه، أعني المراد الديني الأمري، لا المراد الكوني القدري، فصار المرادان واحداً.. ثم قال: وليس في العقل اتحاد صحيح إِلا هذا، والاتحاد في العلم والخبر. فيكون المرادان والمعلومان والمذكوران واحداً مع تباين الإِرادتين والعلمين والخبرين، فغاية المحبة اتحاد مراد المحب بمراد المحبوب، وفناء إِرادة المحب في مراد المحبوب. فهذا الاتحاد والفناء هو اتحاد خواص المحبين وفناؤهم؛ قد فَنَوْا بعبادة محبوبهم، عن عبادة ما سواه، وبحبه وخوفه ورجائه والتوكل عليه والاستعانة به والطلب منه عن حب ما سواه. ومَنْ تحقق بهذا الفناء لا يحب إِلا في الله، ولا يبغض إِلا فيه، ولا يوالي إِلا فيه، ولا يعادي إِلا فيه، ولا يعطي إِلا لله، ولا يمنع إِلا لله، ولا يرجو إِلا إِياه، ولا يستعين إِلا به، فيكون دينه كله ظاهراً وباطناً لله، ويكون الله ورسولهُ أحبَّ إِليه مما سواهما، فلا يوادُّ من حادَّ الله ورسوله ولو كان أقرب الخلق إِليه، وحقيقة ذلك فناؤه عن هوى نفسه، وحظوظها بمراضي ربه تعالى وحقوقه، والجامع لهذا كله تحقيق شهادة أن لا إِله إِلا الله علماً ومعرفة وعملاً وحالاً وقصداً، وحقيقة هذا النفي والإِثبات الذي تضمنتْهُ هذه الشهادة هو الفناء والبقاء، فيفنى عن تأله ما سواه علماً وإِقراراً وتعبداً، ويبقى بتألهه وحده، فهذا الفناء وهذا البقاء هو حقيقة التوحيد، الذي اتفقت عليه المرسلون صلوات الله عليهم، وأُنزلت به الكتب، وخلقت لأجله الخليقة، وشرعت له الشرائع، وقامت عليه سوق الجنة، وأسس عليه الخَلْق والأمر.. إِلى أن قال: وهذا الموضع مما غلط فيه كثير من أصحاب الإِرادة. والمعصوم من عصمه الله، وبالله المستعان والتوفيق والعصمة[65].
* قال الشيخ ابن تيمية في تبرئة الصوفية من تهمة القول بالاتحاد، ومؤولا لكلامهم تأويلاً صحيحاً سليماً: ليس أحد من أهل المعرفة بالله، يعتقد حلول الرب تعالى به أو بغيره من المخلوقات، ولا اتحاده به، وإِن سُمع شيء من ذلك منقول عن بعض أكابر الشيوخ فكثير منه مكذوب، اختلقه الأفاكون من الاتحادية المباحية، الذين أضلهم الشيطان وألحقهم بالطائفة النصرانية[66].
* وقال: وأما قول الشاعر في شعره: (أنا مَنْ أهوى، ومَنْ أهوى أنا) فهذا إِنما أراد به الشاعر الاتحاد المعنوي، كاتحاد أحد المحبّين بالآخر، الذي يحب أحدهما ما يحب الآخر، ويبغض ما يبغضه، ويقول مثل ما يقول، ويفعل مثل ما يفعل؛ وهذا تشابه وتماثل، لا اتحاد العين بالعين، إِذا كان قد استغرق في محبوبه، حتى فني به عن رؤية نفسه[67].
أفكار أخرى
* الكشف: هو نور يحصل للسالكين في سيرهم إِلى الله؛ يكشف لهم حجاب الحس، ويزيل دونهم أسباب المادة نتيجة لما يأخذون به أنفسهم من مجاهدة وخلوة وذكر.
* الفراسة: والتي تختص بمعرفة خواطر النفوس وأحاديثها، يقول ابن عجيبة: الفراسة هي خاطر يهجم على القلب، أو وارد يتجلى فيه، لا يخطىء غالباً إِذا صفا القلب، وفي الحديث: (اتقوا فراسة المؤمن، فإِنه ينظر بنور الله)[68]، وهي على حسب قوة القرب والمعرفة، فكلما قوي القرب، وتمكنت المعرفة صدقت الفراسة، لأن الروح إِذا قربت من حضرة الحق لا يتجلى فيها غالباً إِلا الحق[69].
* الإلهام: وهو ما يُلقَى في الرُّوع بطريق الفيض. وقيل: الإلهام ما وقع في القلب من علم. وهو يدعو إلى العمل من غير استدلال بآية، ولا نظر في حجة[70]. والإِلهام عندهم إِما أن يكون من قِبَلِ الله ى، أو من قبل ملائكته، يُفْهَم منه أمر أو نهي أو ترغيب أو ترهيب.
* العلم اللدني: ويتحدث عنه الصوفية والذي يكون في نظرهم لأهل النبوة والولاية، كما كان ذلك للخضر، حيث ورد ذلك في الآية القرآنية: (وعلمناه من لدنّا علماً).
* النبي محمد: ويعتقدون بالأخذ عنه يقظةً ومناماً[71]. ويعتقدون بأنه باب الله ووسيلته العظمى إليه[72] وأنه بشر ولكن ليس كالبشر[73]، ويعتقدون أن محبته شرط في الطريق، لذلك يكثرون من ذكره ومن الصلاة عليه ومن مديحه وإنشاد الشعر فيه، ولهذه الأمور يكثرون من إقامة الموالد والذي يقومون فيه بالإنشاد والوعظ والتحدث في سيرته وشمائله، ولا يجيزون فيه الاختلاط ولا باقي المحرمات.
* الشيخ المربي: لابد في التصوف من التأثير الروحي، والذي يأتي بواسطة الشيخ الذي أخذ الطريقة عن شيخه حتى تصل سلسلة التلقي في سند متصل من الشيخ إلى الرسول محمد بن عبد الله. فيقولون: من لا شيخ له فشيخه الشيطان.
* البيعة: يبايع فيه المريد المرشد، ويعاهده على السير معه في طريق التخلي عن العيوب والتحلي بالصفات الحسنة، والتحقق بركن الإحسان، والترقي في مقاماته. وهو بمثابة الوعد والعهد.
* التبرك: وهو طلب البركة من الله، والتوسل إليه بذلك المتبَرّك به، سواء أكان أثرا أو مكانا، أو شخصا. وهذه البركة كما يعتقدون تُطلب بالتعرض لها في أماكنها بالتوجه إلى الله ودعائه. ويستدلون بالقصص الكثير الواردة بتبرك الصحابة بالنبي محمد؛ بشعره وعرقه ودمه وموضع صلاته[74].
* التوسل: هو أحد طرق الدعاء، وباب من أبواب التوجه إلى الله، والمتوسل به إنما هو واسطة ووسيلة للتقرب إلى الله، والتوسل حسب اعتقادهم يكون بالأنبياء أو الأولياء، أو يكون بالأعمال الصالحة للإنسان، وأعظم هذه الوسائل عندهم هو النبي محمد.
* القبور: اعتنى الصوفية بقبور الأنبياء والصالحين والأولياء، فشيّدوا حولها المساجد، وبنوا عليها القباب، وذلك حفاظا عليها من الاندثار، وضياع هذه المعالم. وأصبحوا يقصدونها طلبا للبركة، وطلبا لاستجابة الدعاء من الله عندها. ويرون أنهم بذلك متبعون لأئمة السنة، حيث يقولون بأنه وردت نصوص من هؤلاء الأئمة على جواز البناء على قبور الصالحين والأولياء. وجواز قصدها للتبرك[75].
موقف أئمة السنة من التصوف
* الإمام أبو حنيفة النعمان ، الإمام أبو حنيفة بالإضافة لكونه صاحب أحد المذاهب الفقهية الأربعة فهو صاحب طريقة في التصوف، قال علي الدقاق: أنا أخذت هذه الطريقة من أبي القاسم النصر أباذي وقال أبو القاسم: أنا أخذتها من الشبلي، وهو من السري السقطي، وهو من معروف الكرخي، وهو من داوود الطائي ،وهو أخذ العلم والطريقة من أبي حنيفة رضي الله عنه، وكل منهم أثنى عليه وأقر بفضله[76].
* الإمام مالك بن أنس ، قال: من تفقه ولم يتصوف فقد تفسق، ومن تصوف ولم يتفقه فقد تزندق، ومن جمع بينهما فقد تحقق[77].
* الإمام الشافعي ، قال: حبب إليّ من دنياكم ثلاث: ترك التكلف، وعشرة الخلق بالتلطف، والإقتداء بطريق أهل التصوف[78].
* الإمام أحمد بن حنبل ، قال عن الصوفية: لا أعلم أقواماً أفضل منهم. قيل له: إنهم يستمعون ويتواجدون؟ قال: دعوهم يفرحوا مع الله ساعة[79]. وكان الإِمام أحمد بن حنبل قبل مصاحبته للصوفية يقول لولده عبد الله: يا ولدي عليك بالحديث، وإِياك ومجالسة هؤلاء الذين سموا أنفسهم صوفية، فإِنهم ربما كان أحدهم جاهلاً بأحكام دينه. فلمَّا صحب أبا حمزة البغدادي الصوفي، وعرف أحوال القوم، أصبح يقول لولده: يا ولدي عليك بمجالسة هؤلاء القوم، فِإِنهم زادوا علينا بكثرة العلم والمراقبة والخشية والزهد وعلو الهمة[80][81].
* الإمام أبو حامد الغزالي ، قال: إني علمت يقيناً أن الصوفية هم السالكون لطريق الله تعالى خاصة، وأن سيرتهم أحسن السير، وطريقهم أصوب الطرق، وأخلاقهم أزكى الأخلاق. بل لو جُمع عقل العقلاء، وحكمة الحكماء، وعلم الواقفين على أسرار الشرع من العلماء، ليغيروا شيئاً من سيرهم وأخلاقهم، ويبدلوه بما هو خير منه، لم يجدوا إليه سبيلاً. فإن جميع حركاتـهم وسكناتـهم، في ظاهرهم وباطنهم، مقتبسة من نور مشكاة النبوة؛ وليس وراء نور النبوة على وجه الأرض نور يستضاء به. وبالجملة فماذا يقول القائلون في طريقةٍ طهارتُها - وهي أول شروطها - تطهيرُ القلب بالكلية عما سوى الله تعالى، ومفتاحها الجاري منها مجرى التحريم من الصلاة استغراقُ القلب بالكلية بذكر الله، وآخرها الفناء بالكلية في الله[82].
* العز بن عبد السلام الملقب بسلطان العلماء، وقد أخذ التصوف عن شهاب الدين السهروردي، وسلك على يد الشيخ أبي الحسن الشاذلي، قال: قعد القوم من الصوفية على قواعد الشريعة التي لا تنهدم دنيا وأخرى، وقعد غيرهم على الرسوم، ومما يدلك على ذلك، ما يقع على يد القوم من الكرامات وخوارق العادات، فإِنه فرع عن قربات الحق لهم، ورضاه عنهم، ولو كان العلم من غير عمل، يرضي الحق تعالى كل الرضى، لأجرى الكرامات على أيدي أصحابهم، ولو لم يعملوا بعلمهم، هيهات هيهات[83].
* الإمام النووي ، قال في رسالته المقاصد: أصول طريق التصوف خمسة: تقوى الله في السر والعلانية، واتباع السنة في الأقوال والأفعال، الإِعراض عن الخلق في الإِقبال والإِدبار، الرضى عن الله في القليل والكثير، والرجوع إِلى الله في السراء والضراء[84].
* الشيخ ابن تيمية ، قال عن تمسك الصوفية بالكتاب والسنة: فأما المستقيمون من السالكين كجمهور مشايخ السلف مثل الفضيل بن عياض، وإبراهيم بن أدهم، وأبي سليمان الداراني، ومعروف الكرخي، والسري السقطي، والجنيد بن محمد، وغيرهم من المتقدمين، ومثل الشيخ عبد القادر الجيلاني والشيخ حماد، والشيخ أبي البيان، وغيرهم من المتأخرين، فهم لا يسوغون للسالك ولو طار في الهواء، أو مشى على الماء، أن يخرج عن الأمر والنهي الشرعيين، بل عليه أن يعمل المأمور ويدع المحظور إِلى أن يموت. وهذا هو الحق الذي دل عليه الكتاب والسنة وإِجماع السلف، وهذا كثير في كلامهم[85].
* الإمام تاج الدين السبكي، قال في كتابه "معيد النعم ومبيد النقم"، تحت عنوان الصوفية: حياهم الله وبيَّاهم وجمعنا في الجنة نحن وإِياهم. وقد تشعبت الأقوال فيهم تشعباً ناشئاً عن الجهل بحقيقتهم لكثرة المُتلبِّسين بها، بحيث قال الشيخ أبو محمد الجويني: لا يصح الوقف عليهم لأنه لا حدَّ لهم. والصحيح صحته، وأنهم المعرضون عن الدنيا المشتغلون في أغلب الأوقات بالعبادة.. ثم تحدث عن تعاريف التصوف إِلى أن قال: والحاصل أنهم أهل الله وخاصته الذين ترتجى الرحمة بذكرهم، ويُستنزل الغيث بدعائهم، فوعنَّا بهم[86].
* الإمام جلال الدين السيوطي، قال: إن التصوف في نفسه علم شريف، وإِن مداره على اتباع السنة وترك البدع، والتبرِّي من النفس وعوائدها وحظوظها وأغراضها ومراداتها واختياراتها، والتسليمِ لله، والرضى به وبقضائه، وطلبِ محبته، واحتقارِ ما سواه.. وعلمتُ أيضاً أنه قد كثر فيه الدخيل من قوم تشبهوا بأهله وليسوا منهم، فأدخلوا فيه ما ليس منه، فأدى ذلك إِلى إِساءة الظن بالجميع، فوجَّه أهلُ العلم للتمييز بين الصنفين ليُعلمَ أهل الحق من أهل الباطل، وقد تأملتُ الأمور التي أنكرها أئمة الشرع على الصوفية فلم أرَ صوفياً محقِّقَاً يقول بشيء منها، وإِنما يقول بها أهل البدع والغلاةُ الذين ادَّعَوْا أنهم صوفية وليسوا منهم[87].
* الإمام ابن عابدين، وقد تحدَّثَ عن البدع الدخيلة على الدين مما يجري في المآتم والختمات من قِبل أشخاص تزيَّوْا بزِي العلم، وانتحلوا اسم الصوفية، ثم استدرك الكلام عن الصوفية الصادقين حتى لا يُظن أنه يتكلم عنهم عامة فقال: ولا كلام لنا مع الصُدَّقِ من ساداتنا الصوفية المبرئين عن كل خصلة رديَّة، فقد سُئل إِمامُ الطائفتين الجنيد: إِن أقواماً يتواجدون ويتمايلون؟ فقال: دعوهم مع الله تعالى يفرحون، فإِنهم قوم قطَّعت الطريقُ أكبادَهم، ومزَّق النصبُ فؤادَهم، وضاقوا ذرعاً فلا حرج عليهم إِذا تنفسوا مداواةً لحالهم، ولو ذُقْتَ مذاقهم عذرتهم في صياحهم.
من مشاهير الصوفية من أهل السنة
انتسب إلى التصوف علماء كثيرون من أهل السنة، منهم:
* الفضيل بن عياض.
* إبراهيم بن أدهم.
* داود الطائي.
* سفيان بن عيينة.
* أبو سليمان الداراني.
* بشر الحافي.
* الجنيد البغدادي.
* معروف الكرخي.
* السري السقطي.
* ذو النون المصري.
* أبو القاسم عبد الكريم بن هوزان القشيري.
* أبو سعيد الخزاز.
* الحارث المحاسبي.
* يحيى بن معاذ الرازي.
* أبو بكر الورّاق.
* أبو القاسم السمرقندي.
* أبو عبد الله البلخي.
* عبد القادر الجيلاني.
* أبو الحسن الشاذلي.
* أبو العباس المرسي.
* ابن عطاء الله السكندري.
* أحمد الرفاعي.
* أبو حامد الغزالي.
* زكريا الأنصاري.
* منصور الحلاج.
* رابعة العدوية.
* إبراهيم الدسوقي.
* الخطيب الشربيني.
* أبو طالب المكي.
* أبو يزيد البسطامي.
* محيي الدين ابن عربي.
* عبد الغني النابلسي.
* يحيى بن شرف النووي.
* ابن حجر العسقلاني.
* ابن حجر الهيتمي.
* تقي الدين السبكي.
* تاج الدين السبكي.
* جلال الدين السيوطي.
* ابن الجزري، شيخ القراء.
* العز بن عبد السلام
* أحمد الدردير المالكي.
* شهاب الدين السهروردي.
* عبد الوهاب الشعراني.
* عبد الله بن علوي الحداد.
* الحافظ أبو نعيم.
* أبو القاسم النصرَاباذي.
* أبو علي الرَوذباري
* أبو العباسْ الدَينوري
* القاضي بكارِ بن قتيبةَ
* القاضي رُوَيمْ بن أحمد البغدادي
* الشيخ محمد بن خَفيفٍ الشيرازي الشافعي
* أبي الفضل محمد المقدسي
* حافظ ابن الصلاح.
* أبو الحسن الهِيكاري.
* نجم الدين الخَبوشاني الشافعي.
* ابن الملقن.
* أبو عبد الرحمن السلمي.
* أبو عبد العزيز أحمد بن صالح الفقيه اليحصبي.
* الحافظ جمال الدين محمد بن علي الصابوني.
* الحافظ شرف الدين أبي محمد عبد المؤمن الدمياطي.
* الحافظ أبي طاهر السِّلَفي.
* المسند المعمّر جمال الدين أبي المحاسنْ يوسف الحنبلي.
* قاضي القضاة شمس الدين أبي عبد الله محمد المقدسي
* شرف الدين أبي البركات محمد الجُذامي المالكي.
* بهاء الدين أبي الحسن علي بن أبي الفضائل هبة الله بن سلامة.
* جمال الدين محمد المعروف بابن النقيب.
* قاضي القضاة الشيخ عز الدين عبد العزيز.
* قاضي القضاة بدر الدين أبي عبد الله محمد.
* برهان الدين إبراهيم بن سعد بن جماعة الكِناني الشافعي.
* أبو عبد الله محمد بن الفُرات.
* قاضي القضاة تقي الدين أبي عبد الله محمد بن الحسين بن رُزَيْن الحموي الشافعي.
* صدر الدين أبو الحسن محمد.
* عماد الدين أو الفتح عمر.
* معين الدين أبو عبد الله محمد.
* المفسّر النحوي أبو حيان الأندلسي.
* قطب الدين القَسطلاني.
* كمال الدين ابن النقيب.
* الحافظ أبي موسى المَديني.
* علامة نجم الدين أبو النعمان بشير بن أبي بكر حامد الجُبعْبري التبريزي.
* عبد الواحد بن عاشرٍ الأنصاري المالكي.
* الشيخ أحمد بن المبارك اللّمْطي.
* أحمد التيجاني.
* مفتي اقريقيا الشيخ إبراهيم الرياحي التونسي.
* الشيخ ماء العينين القلقمي.
ومن المتأخرين
* عبد الحليم محمود، في مصر.
* إبراهيم الباجوري، في مصر.
* محمد متولي الشعراوي، في مصر.
* حسن البنا، في مصر.
* حسنين مخلوف، مفتي الديار المصرية سابقا.
* عبد الرحمن الشاغوري، في سوريا.
* محمد الهاشمي التلمساني، في سوريا.
* عبد القادر عيسى، في سوريا.
* الملا سعيد رمضان البوطي، في سوريا.
* محمد الحامد، في سوريا.
* مصطفى سعيد الخن، في سوريا.
* محمود بن عبد الرحمن الشقفة، في سوريا.
* سعيد حوى، في سوريا.
* أحمد كفتارو، في سوريا.
* عبد الحكيم كفتارو، في سوريا.
* محمد سعيد الكردي، في الأردن.
* يوسف النبهاني، في فلسطين.
* عبد القادر بن أحمد السقاف، في السعودية.
* محمد علوي المالكي، في السعودية.
* أحمد العلاوي، في الجزائر.
* أحمد بن صديق الغماري، في المغرب.
* عبد الله بن الصديق الغماري، في المغرب.
ومن المعاصرين
* حمزة بن العباس البودشيشي، في المغرب.
* محمد سعيد رمضان البوطي، في سوريا.
* أحمد بدر الدين حسون مفتي سوريا، في سوريا.
* محمود الدرّة، في سوريا.
* محمد بسام الزين، في سوريا.
* محمود أحمد زين، في سوريا.
* أسامة الرفاعي، مفتي عكار، في لبنان.
* علي جمعة مفتي الديار المصرية، في مصر.
* محمد بن ابراهيم بن عبد الباعث الكتاني، في مصر.
* محمد عز الدين الغرياني، ليبيا
* محمد صلاح الدين المستاوي، تونس
* أحمد الجامي، في تركيا.
* محمد ناظم الحقاني، شيخ الطريقة النقشبندية، في قبرص.
* محمد هشام قباني، في لبنان.
* محمد عبد الغفار الشريف، في الكويت.
* يوسف الرفاعي، في الكويت.
* علي الجفري، في اليمن.
* عمر بن حفيظ، في اليمن.
* سالم بن عبد الله الشاطري، مدير رباط تريم، في اليمن.
* نوح القضاة المفتي العام سابقاً، في الأردن.
* معاذ سعيد حوى، في الأردن.
* نوح كلر، في الأردن.
* حسني الشريف، في الأردن.
* حازم أبو غزالة، في الأردن.
* إسماعيل الكردي، في الأردن.
* سعيد فودة، في الأردن.
* ناصر الدين الخطيب، في الأردن.
* عبد الكريم حماد عرابي، في الأردن.
* عبد الله فدعق، في السعودية.
* أحمد بن محمد العلوي المالكي، في السعودية.
* محمد بن عبد الرحمن السقاف، في السعودية.
* زين بن سميط، في السعودية.
* عبد الله بن بيه، في موريتانيا.
* محمود رفاعي حمادة، في سوريا.
* سعيد الكحيل، في سوريا.
* عدنان السقا، في سوريا.
* مصطفى البغا، في سوريا.
* محمد فاضل ماء العينين في المغرب.
* محمد المصطفى ماء العينين، في المغرب.
* محمود عبد الناصر البرهامي.
* خواجة شمس الدين عظيمي، شيخ السلسلة العظيمية.
كتب في التصوف
* إحياء علوم الدين، تأليف أبو حامد الغزالي.
* المنقذ من الضلال، تأليف أبو حامد الغزالي.
* منهاج العابدين إلى جنة رب العالمين، تأليف أبو حامد الغزالي.
* الأربعين في أصول الدين، تأليف أبو حامد الغزالي.
* الفتح الرباني والفيض الرحماني، تأليف الشيخ عبد القادر الجيلاني.
* غنية الطالبين، تأليف الشيخ عبد القادر الجيلاني.
* الفتوحات المكية، تأليف الشيخ محيي الدين ابن عربي.
* رسالة آداب سلوك المريد، تأليف الشيخ عبد الله بن علوي الحداد.
* قواعد التصوف، تأليف الشيخ أحمد زروق.
* الحكم العطائية، تأليف ابن عطاء الله السكندري.
* تاج العروس الحاوي لتهذيب النفوس، تأليف ابن عطاء الله السكندري.
* آداب النفوس، تأليف الشيخ الحارث المحاسبي.
* بدء من أناب إلى الله، تأليف الشيخ الحارث المحاسبي.
* البرهان المؤيد، تأليف الشيخ أحمد بن علي الرفاعي.
* بستان العارفين، تأليف النووي.
* قوت القلوب، تأليف أبو طالب المكي.
* مكتوبات الربانية، تأليف الشيخ أحمد السرهندي.
* التعرف على مذهب أهل التصوف، تأليف أبو بكر الكلاباذي، قالوا عنه: لولا التعرّف ما عرف التصوّف.
* عوارف المعارف، تأليف عبد القادر بن عبد الله السهروردي.
* جامع كرامات الأولياء، تأليف يوسف النبهاني.
* دلائل الخيرات، تأليف الجزولي.
* الأنوار القدسية في معرفة قواعد الصوفية، تأليف عبد الوهاب الشعراني.
* اليواقيت والجواهر، تأليف عبد الوهاب الشعراني.
* كتب الحكيم الترمذي أبي عبد الله محمد بن علي.
* مدارج السالكين شرح منازل السائرين، تأليف ابن القيم.
* منازل السائرين، تأليف الهروي.
* الفتوحات الإلهية شرح المباحث الأصلية، تأليف ابن عجيبة.
* معراج التشوف إلى التصوف، تأليف بن عجيبة.
* كتاب تنوير القلوب في معاملة علام الغيوب، للشيخ محمد أمين الكردي.
* كتاب تربيتنا الروحية، تأليف الشيخ سعيد حوى.
* الطريق إلى الله، تأليف الشيخ علي جمعة.
* الموسوعة اليوسفية في بيان أدلة الصوفية، الشيخ يوسف خطار محمد.
* موسوعة الكسنزان الصوفية الكاملة 24 مجلد، تأليف محمد عبد الكريم الكسنزان.
* حقائق عن التصوف، تأليف عبد القادر عيسى.
* تاريخ الصوفية، تأليف عبد القادر عيسى
* نعت البدايات وتوصيف النهايات تاليف ماء العينين القلقمي.
* هكذا ظهر جيل صلاح الدين، تأليف ماجد عرسان الكيلاني.
مع أجمل وأرق ألأمنيات .
بوح الروح
إِن من أهم ما ينتقد به المعارضون للصوفية اتهامهم بأنهم يقولون بالحلول والاتحاد، بمعنى أن الله قد حلَّ في جميع أجزاء الكون؛ في البحار والجبال والصخور والأشجار والإِنسان والحيوان، أو بمعنى أن المخلوق عين تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً. ويرى الصوفية أنه لاشك أن هذا القول كفر صريح يخالف عقائد الأمة الإسلامية. فالصوفية ينفون هذه التهمة عن أنفسهم جملة وتفصيلا، ويحذرون من أن يرميهم أحد بهذه العقيدة الكفرية جزافاً دون تمحيص أو تثبت، ومن غير أن يفهم مرادهم، ويطلع على عقائدهم الحقة التي ذكروها صريحة واضحة في أُمهات كتبهم، كالفتوحات المكية، وإِحياء علوم الدين، والرسالة القشيرية وغيرها.
صريح أقوالهم في رفضهم لعقيدة وحدة الوجود والحلول والاتحاد
صرح أئمة الصوفية في كتبهم برفضهم لعقيدة وحدة الوجود والحلول والاتحاد بالمعنى السابق ذكره، والتي منها:
* يقول الشعراني : ولعمري إِذا كان عُبَّاد الأوثان لم يتجرؤوا على أن يجعلوا آلهتهم عين الله؛ بل قالوا: ما نعبدهم إِلا ليقربونا إِلى الله زلفى، فكيف يُظَن بأولياء الله تعالى أنهم يدَّعون الاتحاد بالحق على حدٌّ ما تتعقله العقول الضعيفة؟! هذا كالمحال في حقهم رضي الله تعالى عنهم، إِذ ما مِن وليٌّ إِلا وهو يعلم أن حقيقته تعالى مخالفة لسائر الحقائق، وأنها خارجة عن جميع معلومات الخلائق، لأن الله بكل شيء محيط[57].
* قال الشيخ محي الدين بن عربيفي عقيدته الوسطى: اعلم أن الله تعالى واحد بالإِجماع، ومقام الواحد يتعالى أن يحل فيه شيء، أو يحل هو في شيء، أو يتحد في شيء[58].
* وقال في باب الأسرار: لا يجوز لعارف أن يقول: أنا الله، ولو بلغ أقصى درجات القرب، وحاشا العارف من هذا القول حاشاه، إِنما يقول: أنا العبد الذليل في المسير والمقيل[59].
* وقال في باب الأسرار: من قال بالحلول فهو معلول، فإِن القول بالحلول مرض لا يزول، وما قال بالاتحاد إِلا أهل الإِلحاد، كما أن القائل بالحلول من أهل الجهل والفضول[59].
* وقال أيضاً في الباب الثاني والتسعين ومائتين: من أعظم دليل على نفي الحلول والاتحاد الذي يتوهمه بعضهم، أن تعلم عقلاً أن القمر ليس فيه من نور الشمس شيء، وأن الشمس ما انتقلت إِليه بذاتها، وإِنما كان القمر محلاً لها، فكذلك العبد ليس فيه من خالقه شيء ولا حل فيه[60].
* قال صاحب كتاب نهج الرشاد في الرد على أهل الوحدة والحلول والاتحاد: حدثني الشيخ كمال الدين المراغي قال: اجتمعتُ، بالشيخ أبي العباس المرسي - تلميذ الشيخ الكبير أبي الحسن الشاذلي - وفاوضْته في هؤلاء الاتحادية، فوجدته شديد الإِنكار عليهم، والنهي عن طريقهم، وقال: أتكون الصنعة هي عين الصانع؟![61].
* قال أبو حامد الغزالي: وأما القسم الرابع وهو الاتحاد فذلك أيضا أظهر بطلانا لأن قول القائل إن العبد صار هو الرب كلام متناقض في نفسه، بل ينبغي أن ينزه الرب سبحانه وتعالى عن أن يجري اللسان في حقه بأمثال هذه المحالات...فالاتحاد بين شيئين مطلقا محال...فأصل الاتحاد إذا باطل... وأما القسم الخامس وهو الحلول فذلك يتصور أن يقال إن الرب تبارك وتعالى حل في العبد أو العبد حل في الرب، تعالى رب الأرباب عن قول الظالمين[62].
تأويلهم لأقوال أوهمت وحدة الوجود أو الحلول أو الاتحاد
وأما ما ورد من كلام الصوفية في كتبهم مما يفيد ظاهره الحلول والاتحاد، فيقولون أنه إما مدسوس عليهم، بدليل ما سبق من صريح كلامهم في نفي هذه العقيدة الضالة. وإِما أنهم لم يقصدوا به القول بهذه الفكرة الخبيثة والنحلة الدخيلة، ولكن المغرضين حملوا المتشابه من كلامهم على هذا الفهم الخاطىء، ورموهم بالزندقة والكفر. أما الراسخون في العلم والمدققون المنصفون من العلماء فقد فهموا كلامهم على معناه الصحيح الموافق لعقيدة أهل السنة والجماعة، وأدركوا تأويله بما يناسب ما عرف عن الصوفية من إِيمان وتقوى.
* قال جلال الدين السيوطي : واعلم أنه وقع في عبارة بعض المحققين لفظ الاتحاد، إِشارة منهم إِلى حقيقة التوحيد، فإِن الاتحاد عندهم هو المبالغة في التوحيد. والتوحيد معرفة الواحد والأحد، فاشتبه ذلك على من لا يفهم إِشاراتهِم، فحملوه على غير محمله؛ فغلطوا وهلكوا بذلك.. إِلى أن قال: فإِذن أصل الاتحاد باطل محال، مردود شرعاً وعقلاً وعرفاً بإِجماع الأنبياء ومشايخ الصوفية وسائر العلماء والمسلمين، وليس هذا مذهب الصوفية، وإِنما قاله طائفة غلاة لقلة علمهم وسوء حظهم من الله تعالى، فشابهوا بهذا القولِ النصارى الذين قالوا في عيسى : اتَّحَد ناسوتُهُ بلاهوتِهِ. وأما مَنْ بالعناية، فإِنهم لم يعتقدوا اتحاداً ولا حلولاً، وإِن وقع منهم لفظ الاتحاد فإِنما يريدون به محو أنفسهم، وإِثبات الحق سبحانه[61].
* وقال: وقد يُذْكَر الاتحاد بمعنى فناء المخالفات، وبقاء الموافقات، وفناء حظوظ النفس من الدنيا، وبقاء الرغبة في الآخرة، وفناء الأوصاف الذميمة، وبقاء الأوصاف الحميدة، وفناء الشك، وبقاء اليقين، وفناء الغفلة وبقاء الذكر[63].
* وقال: وأما قول أبي يزيد البسطامي: (سبحاني، ما أعظم شأني) فهو في معرض الحكاية عن الله، وكذلك قول من قال: (أنا الحق) محمول على الحكاية، ولا يُظَنُّ بهؤلاء العارفين الحلول والاتحاد، لأن ذلك غير مظنون بعاقل، فضلاً عن المتميزين بخصوص المكاشفات واليقين والمشاهدات. ولا يُظَنُّ بالعقلاء المتميزين على أهل زمانهم بالعلم الراجح والعمل الصالح والمجاهدة وحفظ حدود الشرع الغلطُ بالحلول والاتحاد، كما غلط النصارى في ظنهم ذلك في حق عيسى . وإِنما حدث ذلك في الإِسلام من واقعاتِ جهلةِ المتصوفة، وأما العلماء العارفون المحققون فحاشاهم من ذلك.. إِلى أن قال: والحاصل أن لفظ الاتحاد مشترك، فيطلق على المعنى المذموم الذي هو أخو الحلول، وهو كفر. ويطلق على مقام الفناء اصطلاحاً اصطلح عليه الصوفية، ولا مشاحة في الاصطلاح، إِذ لا يمنع أحد من استعمال لفظ في معنى صحيح، لا محذور فيه شرعاً، ولو كان ذلك ممنوعاً لم يجز لأحد أن يتفوه بلفظ الاتحاد، وأنت تقول: بيني وبين صاحبي زيد اتحاد. وكم استعمل المحدِّثون والفقهاء والنحاة وغيرهم لفظ الاتحاد في معان حديثية وفقهية ونحوية. كقول المحدِّثين: اتحد مخرج الحديث. وقول الفقهاء: اتحد نوع الماشية. وقول النحاة: اتحد العامل لفظاً أو معنى. وحيث وقع لفظ الاتحاد من محققي الصوفية، فإِنما يريدون به معنى الفناء الذي هو محو النفس، وإِثبات الأمر كله لله سبحانه، لا ذلك المعنى المذموم الذي يقشعر له الجلد[61].
* نقل الشعراني عن الشيخ علي بن وفا قوله: المراد بالاتحاد حيث جاء في كلام القوم فناء العبد في مراد الحق تعالى، كما يقال: بين فلان وفلان اتحاد، إِذا عمل كل منهما بمراد صاحبه [64].
* قال الشيخ ابن القيم في كتابه مدارج السالكين شرح منازل السائرين: الدرجة الثالثة من درجات الفناء: فناء خواص الأولياء وأئمة المقربين، وهو الفناء عن إِرادة السوى، شائماً برق الفناءِ عن إِرادة ما سواه، سالكاً سبيل الجمع على ما يحبه ويرضاه، فانياً بمراد محبوبه منه، عن مراده هو من محبوبه، فضلاً عن إِرادة غيره، قد اتحد مراده بمراد محبوبه، أعني المراد الديني الأمري، لا المراد الكوني القدري، فصار المرادان واحداً.. ثم قال: وليس في العقل اتحاد صحيح إِلا هذا، والاتحاد في العلم والخبر. فيكون المرادان والمعلومان والمذكوران واحداً مع تباين الإِرادتين والعلمين والخبرين، فغاية المحبة اتحاد مراد المحب بمراد المحبوب، وفناء إِرادة المحب في مراد المحبوب. فهذا الاتحاد والفناء هو اتحاد خواص المحبين وفناؤهم؛ قد فَنَوْا بعبادة محبوبهم، عن عبادة ما سواه، وبحبه وخوفه ورجائه والتوكل عليه والاستعانة به والطلب منه عن حب ما سواه. ومَنْ تحقق بهذا الفناء لا يحب إِلا في الله، ولا يبغض إِلا فيه، ولا يوالي إِلا فيه، ولا يعادي إِلا فيه، ولا يعطي إِلا لله، ولا يمنع إِلا لله، ولا يرجو إِلا إِياه، ولا يستعين إِلا به، فيكون دينه كله ظاهراً وباطناً لله، ويكون الله ورسولهُ أحبَّ إِليه مما سواهما، فلا يوادُّ من حادَّ الله ورسوله ولو كان أقرب الخلق إِليه، وحقيقة ذلك فناؤه عن هوى نفسه، وحظوظها بمراضي ربه تعالى وحقوقه، والجامع لهذا كله تحقيق شهادة أن لا إِله إِلا الله علماً ومعرفة وعملاً وحالاً وقصداً، وحقيقة هذا النفي والإِثبات الذي تضمنتْهُ هذه الشهادة هو الفناء والبقاء، فيفنى عن تأله ما سواه علماً وإِقراراً وتعبداً، ويبقى بتألهه وحده، فهذا الفناء وهذا البقاء هو حقيقة التوحيد، الذي اتفقت عليه المرسلون صلوات الله عليهم، وأُنزلت به الكتب، وخلقت لأجله الخليقة، وشرعت له الشرائع، وقامت عليه سوق الجنة، وأسس عليه الخَلْق والأمر.. إِلى أن قال: وهذا الموضع مما غلط فيه كثير من أصحاب الإِرادة. والمعصوم من عصمه الله، وبالله المستعان والتوفيق والعصمة[65].
* قال الشيخ ابن تيمية في تبرئة الصوفية من تهمة القول بالاتحاد، ومؤولا لكلامهم تأويلاً صحيحاً سليماً: ليس أحد من أهل المعرفة بالله، يعتقد حلول الرب تعالى به أو بغيره من المخلوقات، ولا اتحاده به، وإِن سُمع شيء من ذلك منقول عن بعض أكابر الشيوخ فكثير منه مكذوب، اختلقه الأفاكون من الاتحادية المباحية، الذين أضلهم الشيطان وألحقهم بالطائفة النصرانية[66].
* وقال: وأما قول الشاعر في شعره: (أنا مَنْ أهوى، ومَنْ أهوى أنا) فهذا إِنما أراد به الشاعر الاتحاد المعنوي، كاتحاد أحد المحبّين بالآخر، الذي يحب أحدهما ما يحب الآخر، ويبغض ما يبغضه، ويقول مثل ما يقول، ويفعل مثل ما يفعل؛ وهذا تشابه وتماثل، لا اتحاد العين بالعين، إِذا كان قد استغرق في محبوبه، حتى فني به عن رؤية نفسه[67].
أفكار أخرى
* الكشف: هو نور يحصل للسالكين في سيرهم إِلى الله؛ يكشف لهم حجاب الحس، ويزيل دونهم أسباب المادة نتيجة لما يأخذون به أنفسهم من مجاهدة وخلوة وذكر.
* الفراسة: والتي تختص بمعرفة خواطر النفوس وأحاديثها، يقول ابن عجيبة: الفراسة هي خاطر يهجم على القلب، أو وارد يتجلى فيه، لا يخطىء غالباً إِذا صفا القلب، وفي الحديث: (اتقوا فراسة المؤمن، فإِنه ينظر بنور الله)[68]، وهي على حسب قوة القرب والمعرفة، فكلما قوي القرب، وتمكنت المعرفة صدقت الفراسة، لأن الروح إِذا قربت من حضرة الحق لا يتجلى فيها غالباً إِلا الحق[69].
* الإلهام: وهو ما يُلقَى في الرُّوع بطريق الفيض. وقيل: الإلهام ما وقع في القلب من علم. وهو يدعو إلى العمل من غير استدلال بآية، ولا نظر في حجة[70]. والإِلهام عندهم إِما أن يكون من قِبَلِ الله ى، أو من قبل ملائكته، يُفْهَم منه أمر أو نهي أو ترغيب أو ترهيب.
* العلم اللدني: ويتحدث عنه الصوفية والذي يكون في نظرهم لأهل النبوة والولاية، كما كان ذلك للخضر، حيث ورد ذلك في الآية القرآنية: (وعلمناه من لدنّا علماً).
* النبي محمد: ويعتقدون بالأخذ عنه يقظةً ومناماً[71]. ويعتقدون بأنه باب الله ووسيلته العظمى إليه[72] وأنه بشر ولكن ليس كالبشر[73]، ويعتقدون أن محبته شرط في الطريق، لذلك يكثرون من ذكره ومن الصلاة عليه ومن مديحه وإنشاد الشعر فيه، ولهذه الأمور يكثرون من إقامة الموالد والذي يقومون فيه بالإنشاد والوعظ والتحدث في سيرته وشمائله، ولا يجيزون فيه الاختلاط ولا باقي المحرمات.
* الشيخ المربي: لابد في التصوف من التأثير الروحي، والذي يأتي بواسطة الشيخ الذي أخذ الطريقة عن شيخه حتى تصل سلسلة التلقي في سند متصل من الشيخ إلى الرسول محمد بن عبد الله. فيقولون: من لا شيخ له فشيخه الشيطان.
* البيعة: يبايع فيه المريد المرشد، ويعاهده على السير معه في طريق التخلي عن العيوب والتحلي بالصفات الحسنة، والتحقق بركن الإحسان، والترقي في مقاماته. وهو بمثابة الوعد والعهد.
* التبرك: وهو طلب البركة من الله، والتوسل إليه بذلك المتبَرّك به، سواء أكان أثرا أو مكانا، أو شخصا. وهذه البركة كما يعتقدون تُطلب بالتعرض لها في أماكنها بالتوجه إلى الله ودعائه. ويستدلون بالقصص الكثير الواردة بتبرك الصحابة بالنبي محمد؛ بشعره وعرقه ودمه وموضع صلاته[74].
* التوسل: هو أحد طرق الدعاء، وباب من أبواب التوجه إلى الله، والمتوسل به إنما هو واسطة ووسيلة للتقرب إلى الله، والتوسل حسب اعتقادهم يكون بالأنبياء أو الأولياء، أو يكون بالأعمال الصالحة للإنسان، وأعظم هذه الوسائل عندهم هو النبي محمد.
* القبور: اعتنى الصوفية بقبور الأنبياء والصالحين والأولياء، فشيّدوا حولها المساجد، وبنوا عليها القباب، وذلك حفاظا عليها من الاندثار، وضياع هذه المعالم. وأصبحوا يقصدونها طلبا للبركة، وطلبا لاستجابة الدعاء من الله عندها. ويرون أنهم بذلك متبعون لأئمة السنة، حيث يقولون بأنه وردت نصوص من هؤلاء الأئمة على جواز البناء على قبور الصالحين والأولياء. وجواز قصدها للتبرك[75].
موقف أئمة السنة من التصوف
* الإمام أبو حنيفة النعمان ، الإمام أبو حنيفة بالإضافة لكونه صاحب أحد المذاهب الفقهية الأربعة فهو صاحب طريقة في التصوف، قال علي الدقاق: أنا أخذت هذه الطريقة من أبي القاسم النصر أباذي وقال أبو القاسم: أنا أخذتها من الشبلي، وهو من السري السقطي، وهو من معروف الكرخي، وهو من داوود الطائي ،وهو أخذ العلم والطريقة من أبي حنيفة رضي الله عنه، وكل منهم أثنى عليه وأقر بفضله[76].
* الإمام مالك بن أنس ، قال: من تفقه ولم يتصوف فقد تفسق، ومن تصوف ولم يتفقه فقد تزندق، ومن جمع بينهما فقد تحقق[77].
* الإمام الشافعي ، قال: حبب إليّ من دنياكم ثلاث: ترك التكلف، وعشرة الخلق بالتلطف، والإقتداء بطريق أهل التصوف[78].
* الإمام أحمد بن حنبل ، قال عن الصوفية: لا أعلم أقواماً أفضل منهم. قيل له: إنهم يستمعون ويتواجدون؟ قال: دعوهم يفرحوا مع الله ساعة[79]. وكان الإِمام أحمد بن حنبل قبل مصاحبته للصوفية يقول لولده عبد الله: يا ولدي عليك بالحديث، وإِياك ومجالسة هؤلاء الذين سموا أنفسهم صوفية، فإِنهم ربما كان أحدهم جاهلاً بأحكام دينه. فلمَّا صحب أبا حمزة البغدادي الصوفي، وعرف أحوال القوم، أصبح يقول لولده: يا ولدي عليك بمجالسة هؤلاء القوم، فِإِنهم زادوا علينا بكثرة العلم والمراقبة والخشية والزهد وعلو الهمة[80][81].
* الإمام أبو حامد الغزالي ، قال: إني علمت يقيناً أن الصوفية هم السالكون لطريق الله تعالى خاصة، وأن سيرتهم أحسن السير، وطريقهم أصوب الطرق، وأخلاقهم أزكى الأخلاق. بل لو جُمع عقل العقلاء، وحكمة الحكماء، وعلم الواقفين على أسرار الشرع من العلماء، ليغيروا شيئاً من سيرهم وأخلاقهم، ويبدلوه بما هو خير منه، لم يجدوا إليه سبيلاً. فإن جميع حركاتـهم وسكناتـهم، في ظاهرهم وباطنهم، مقتبسة من نور مشكاة النبوة؛ وليس وراء نور النبوة على وجه الأرض نور يستضاء به. وبالجملة فماذا يقول القائلون في طريقةٍ طهارتُها - وهي أول شروطها - تطهيرُ القلب بالكلية عما سوى الله تعالى، ومفتاحها الجاري منها مجرى التحريم من الصلاة استغراقُ القلب بالكلية بذكر الله، وآخرها الفناء بالكلية في الله[82].
* العز بن عبد السلام الملقب بسلطان العلماء، وقد أخذ التصوف عن شهاب الدين السهروردي، وسلك على يد الشيخ أبي الحسن الشاذلي، قال: قعد القوم من الصوفية على قواعد الشريعة التي لا تنهدم دنيا وأخرى، وقعد غيرهم على الرسوم، ومما يدلك على ذلك، ما يقع على يد القوم من الكرامات وخوارق العادات، فإِنه فرع عن قربات الحق لهم، ورضاه عنهم، ولو كان العلم من غير عمل، يرضي الحق تعالى كل الرضى، لأجرى الكرامات على أيدي أصحابهم، ولو لم يعملوا بعلمهم، هيهات هيهات[83].
* الإمام النووي ، قال في رسالته المقاصد: أصول طريق التصوف خمسة: تقوى الله في السر والعلانية، واتباع السنة في الأقوال والأفعال، الإِعراض عن الخلق في الإِقبال والإِدبار، الرضى عن الله في القليل والكثير، والرجوع إِلى الله في السراء والضراء[84].
* الشيخ ابن تيمية ، قال عن تمسك الصوفية بالكتاب والسنة: فأما المستقيمون من السالكين كجمهور مشايخ السلف مثل الفضيل بن عياض، وإبراهيم بن أدهم، وأبي سليمان الداراني، ومعروف الكرخي، والسري السقطي، والجنيد بن محمد، وغيرهم من المتقدمين، ومثل الشيخ عبد القادر الجيلاني والشيخ حماد، والشيخ أبي البيان، وغيرهم من المتأخرين، فهم لا يسوغون للسالك ولو طار في الهواء، أو مشى على الماء، أن يخرج عن الأمر والنهي الشرعيين، بل عليه أن يعمل المأمور ويدع المحظور إِلى أن يموت. وهذا هو الحق الذي دل عليه الكتاب والسنة وإِجماع السلف، وهذا كثير في كلامهم[85].
* الإمام تاج الدين السبكي، قال في كتابه "معيد النعم ومبيد النقم"، تحت عنوان الصوفية: حياهم الله وبيَّاهم وجمعنا في الجنة نحن وإِياهم. وقد تشعبت الأقوال فيهم تشعباً ناشئاً عن الجهل بحقيقتهم لكثرة المُتلبِّسين بها، بحيث قال الشيخ أبو محمد الجويني: لا يصح الوقف عليهم لأنه لا حدَّ لهم. والصحيح صحته، وأنهم المعرضون عن الدنيا المشتغلون في أغلب الأوقات بالعبادة.. ثم تحدث عن تعاريف التصوف إِلى أن قال: والحاصل أنهم أهل الله وخاصته الذين ترتجى الرحمة بذكرهم، ويُستنزل الغيث بدعائهم، فوعنَّا بهم[86].
* الإمام جلال الدين السيوطي، قال: إن التصوف في نفسه علم شريف، وإِن مداره على اتباع السنة وترك البدع، والتبرِّي من النفس وعوائدها وحظوظها وأغراضها ومراداتها واختياراتها، والتسليمِ لله، والرضى به وبقضائه، وطلبِ محبته، واحتقارِ ما سواه.. وعلمتُ أيضاً أنه قد كثر فيه الدخيل من قوم تشبهوا بأهله وليسوا منهم، فأدخلوا فيه ما ليس منه، فأدى ذلك إِلى إِساءة الظن بالجميع، فوجَّه أهلُ العلم للتمييز بين الصنفين ليُعلمَ أهل الحق من أهل الباطل، وقد تأملتُ الأمور التي أنكرها أئمة الشرع على الصوفية فلم أرَ صوفياً محقِّقَاً يقول بشيء منها، وإِنما يقول بها أهل البدع والغلاةُ الذين ادَّعَوْا أنهم صوفية وليسوا منهم[87].
* الإمام ابن عابدين، وقد تحدَّثَ عن البدع الدخيلة على الدين مما يجري في المآتم والختمات من قِبل أشخاص تزيَّوْا بزِي العلم، وانتحلوا اسم الصوفية، ثم استدرك الكلام عن الصوفية الصادقين حتى لا يُظن أنه يتكلم عنهم عامة فقال: ولا كلام لنا مع الصُدَّقِ من ساداتنا الصوفية المبرئين عن كل خصلة رديَّة، فقد سُئل إِمامُ الطائفتين الجنيد: إِن أقواماً يتواجدون ويتمايلون؟ فقال: دعوهم مع الله تعالى يفرحون، فإِنهم قوم قطَّعت الطريقُ أكبادَهم، ومزَّق النصبُ فؤادَهم، وضاقوا ذرعاً فلا حرج عليهم إِذا تنفسوا مداواةً لحالهم، ولو ذُقْتَ مذاقهم عذرتهم في صياحهم.
من مشاهير الصوفية من أهل السنة
انتسب إلى التصوف علماء كثيرون من أهل السنة، منهم:
* الفضيل بن عياض.
* إبراهيم بن أدهم.
* داود الطائي.
* سفيان بن عيينة.
* أبو سليمان الداراني.
* بشر الحافي.
* الجنيد البغدادي.
* معروف الكرخي.
* السري السقطي.
* ذو النون المصري.
* أبو القاسم عبد الكريم بن هوزان القشيري.
* أبو سعيد الخزاز.
* الحارث المحاسبي.
* يحيى بن معاذ الرازي.
* أبو بكر الورّاق.
* أبو القاسم السمرقندي.
* أبو عبد الله البلخي.
* عبد القادر الجيلاني.
* أبو الحسن الشاذلي.
* أبو العباس المرسي.
* ابن عطاء الله السكندري.
* أحمد الرفاعي.
* أبو حامد الغزالي.
* زكريا الأنصاري.
* منصور الحلاج.
* رابعة العدوية.
* إبراهيم الدسوقي.
* الخطيب الشربيني.
* أبو طالب المكي.
* أبو يزيد البسطامي.
* محيي الدين ابن عربي.
* عبد الغني النابلسي.
* يحيى بن شرف النووي.
* ابن حجر العسقلاني.
* ابن حجر الهيتمي.
* تقي الدين السبكي.
* تاج الدين السبكي.
* جلال الدين السيوطي.
* ابن الجزري، شيخ القراء.
* العز بن عبد السلام
* أحمد الدردير المالكي.
* شهاب الدين السهروردي.
* عبد الوهاب الشعراني.
* عبد الله بن علوي الحداد.
* الحافظ أبو نعيم.
* أبو القاسم النصرَاباذي.
* أبو علي الرَوذباري
* أبو العباسْ الدَينوري
* القاضي بكارِ بن قتيبةَ
* القاضي رُوَيمْ بن أحمد البغدادي
* الشيخ محمد بن خَفيفٍ الشيرازي الشافعي
* أبي الفضل محمد المقدسي
* حافظ ابن الصلاح.
* أبو الحسن الهِيكاري.
* نجم الدين الخَبوشاني الشافعي.
* ابن الملقن.
* أبو عبد الرحمن السلمي.
* أبو عبد العزيز أحمد بن صالح الفقيه اليحصبي.
* الحافظ جمال الدين محمد بن علي الصابوني.
* الحافظ شرف الدين أبي محمد عبد المؤمن الدمياطي.
* الحافظ أبي طاهر السِّلَفي.
* المسند المعمّر جمال الدين أبي المحاسنْ يوسف الحنبلي.
* قاضي القضاة شمس الدين أبي عبد الله محمد المقدسي
* شرف الدين أبي البركات محمد الجُذامي المالكي.
* بهاء الدين أبي الحسن علي بن أبي الفضائل هبة الله بن سلامة.
* جمال الدين محمد المعروف بابن النقيب.
* قاضي القضاة الشيخ عز الدين عبد العزيز.
* قاضي القضاة بدر الدين أبي عبد الله محمد.
* برهان الدين إبراهيم بن سعد بن جماعة الكِناني الشافعي.
* أبو عبد الله محمد بن الفُرات.
* قاضي القضاة تقي الدين أبي عبد الله محمد بن الحسين بن رُزَيْن الحموي الشافعي.
* صدر الدين أبو الحسن محمد.
* عماد الدين أو الفتح عمر.
* معين الدين أبو عبد الله محمد.
* المفسّر النحوي أبو حيان الأندلسي.
* قطب الدين القَسطلاني.
* كمال الدين ابن النقيب.
* الحافظ أبي موسى المَديني.
* علامة نجم الدين أبو النعمان بشير بن أبي بكر حامد الجُبعْبري التبريزي.
* عبد الواحد بن عاشرٍ الأنصاري المالكي.
* الشيخ أحمد بن المبارك اللّمْطي.
* أحمد التيجاني.
* مفتي اقريقيا الشيخ إبراهيم الرياحي التونسي.
* الشيخ ماء العينين القلقمي.
ومن المتأخرين
* عبد الحليم محمود، في مصر.
* إبراهيم الباجوري، في مصر.
* محمد متولي الشعراوي، في مصر.
* حسن البنا، في مصر.
* حسنين مخلوف، مفتي الديار المصرية سابقا.
* عبد الرحمن الشاغوري، في سوريا.
* محمد الهاشمي التلمساني، في سوريا.
* عبد القادر عيسى، في سوريا.
* الملا سعيد رمضان البوطي، في سوريا.
* محمد الحامد، في سوريا.
* مصطفى سعيد الخن، في سوريا.
* محمود بن عبد الرحمن الشقفة، في سوريا.
* سعيد حوى، في سوريا.
* أحمد كفتارو، في سوريا.
* عبد الحكيم كفتارو، في سوريا.
* محمد سعيد الكردي، في الأردن.
* يوسف النبهاني، في فلسطين.
* عبد القادر بن أحمد السقاف، في السعودية.
* محمد علوي المالكي، في السعودية.
* أحمد العلاوي، في الجزائر.
* أحمد بن صديق الغماري، في المغرب.
* عبد الله بن الصديق الغماري، في المغرب.
ومن المعاصرين
* حمزة بن العباس البودشيشي، في المغرب.
* محمد سعيد رمضان البوطي، في سوريا.
* أحمد بدر الدين حسون مفتي سوريا، في سوريا.
* محمود الدرّة، في سوريا.
* محمد بسام الزين، في سوريا.
* محمود أحمد زين، في سوريا.
* أسامة الرفاعي، مفتي عكار، في لبنان.
* علي جمعة مفتي الديار المصرية، في مصر.
* محمد بن ابراهيم بن عبد الباعث الكتاني، في مصر.
* محمد عز الدين الغرياني، ليبيا
* محمد صلاح الدين المستاوي، تونس
* أحمد الجامي، في تركيا.
* محمد ناظم الحقاني، شيخ الطريقة النقشبندية، في قبرص.
* محمد هشام قباني، في لبنان.
* محمد عبد الغفار الشريف، في الكويت.
* يوسف الرفاعي، في الكويت.
* علي الجفري، في اليمن.
* عمر بن حفيظ، في اليمن.
* سالم بن عبد الله الشاطري، مدير رباط تريم، في اليمن.
* نوح القضاة المفتي العام سابقاً، في الأردن.
* معاذ سعيد حوى، في الأردن.
* نوح كلر، في الأردن.
* حسني الشريف، في الأردن.
* حازم أبو غزالة، في الأردن.
* إسماعيل الكردي، في الأردن.
* سعيد فودة، في الأردن.
* ناصر الدين الخطيب، في الأردن.
* عبد الكريم حماد عرابي، في الأردن.
* عبد الله فدعق، في السعودية.
* أحمد بن محمد العلوي المالكي، في السعودية.
* محمد بن عبد الرحمن السقاف، في السعودية.
* زين بن سميط، في السعودية.
* عبد الله بن بيه، في موريتانيا.
* محمود رفاعي حمادة، في سوريا.
* سعيد الكحيل، في سوريا.
* عدنان السقا، في سوريا.
* مصطفى البغا، في سوريا.
* محمد فاضل ماء العينين في المغرب.
* محمد المصطفى ماء العينين، في المغرب.
* محمود عبد الناصر البرهامي.
* خواجة شمس الدين عظيمي، شيخ السلسلة العظيمية.
كتب في التصوف
* إحياء علوم الدين، تأليف أبو حامد الغزالي.
* المنقذ من الضلال، تأليف أبو حامد الغزالي.
* منهاج العابدين إلى جنة رب العالمين، تأليف أبو حامد الغزالي.
* الأربعين في أصول الدين، تأليف أبو حامد الغزالي.
* الفتح الرباني والفيض الرحماني، تأليف الشيخ عبد القادر الجيلاني.
* غنية الطالبين، تأليف الشيخ عبد القادر الجيلاني.
* الفتوحات المكية، تأليف الشيخ محيي الدين ابن عربي.
* رسالة آداب سلوك المريد، تأليف الشيخ عبد الله بن علوي الحداد.
* قواعد التصوف، تأليف الشيخ أحمد زروق.
* الحكم العطائية، تأليف ابن عطاء الله السكندري.
* تاج العروس الحاوي لتهذيب النفوس، تأليف ابن عطاء الله السكندري.
* آداب النفوس، تأليف الشيخ الحارث المحاسبي.
* بدء من أناب إلى الله، تأليف الشيخ الحارث المحاسبي.
* البرهان المؤيد، تأليف الشيخ أحمد بن علي الرفاعي.
* بستان العارفين، تأليف النووي.
* قوت القلوب، تأليف أبو طالب المكي.
* مكتوبات الربانية، تأليف الشيخ أحمد السرهندي.
* التعرف على مذهب أهل التصوف، تأليف أبو بكر الكلاباذي، قالوا عنه: لولا التعرّف ما عرف التصوّف.
* عوارف المعارف، تأليف عبد القادر بن عبد الله السهروردي.
* جامع كرامات الأولياء، تأليف يوسف النبهاني.
* دلائل الخيرات، تأليف الجزولي.
* الأنوار القدسية في معرفة قواعد الصوفية، تأليف عبد الوهاب الشعراني.
* اليواقيت والجواهر، تأليف عبد الوهاب الشعراني.
* كتب الحكيم الترمذي أبي عبد الله محمد بن علي.
* مدارج السالكين شرح منازل السائرين، تأليف ابن القيم.
* منازل السائرين، تأليف الهروي.
* الفتوحات الإلهية شرح المباحث الأصلية، تأليف ابن عجيبة.
* معراج التشوف إلى التصوف، تأليف بن عجيبة.
* كتاب تنوير القلوب في معاملة علام الغيوب، للشيخ محمد أمين الكردي.
* كتاب تربيتنا الروحية، تأليف الشيخ سعيد حوى.
* الطريق إلى الله، تأليف الشيخ علي جمعة.
* الموسوعة اليوسفية في بيان أدلة الصوفية، الشيخ يوسف خطار محمد.
* موسوعة الكسنزان الصوفية الكاملة 24 مجلد، تأليف محمد عبد الكريم الكسنزان.
* حقائق عن التصوف، تأليف عبد القادر عيسى.
* تاريخ الصوفية، تأليف عبد القادر عيسى
* نعت البدايات وتوصيف النهايات تاليف ماء العينين القلقمي.
* هكذا ظهر جيل صلاح الدين، تأليف ماجد عرسان الكيلاني.
مع أجمل وأرق ألأمنيات .
بوح الروح
الأربعاء أبريل 01, 2015 8:08 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * الحُــــبّ
الأربعاء أبريل 01, 2015 8:06 am من طرف بوح الروح
» * * * * * وبيسألوني ... !!!
الأربعاء أبريل 01, 2015 8:04 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * في بلادنا ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:59 am من طرف بوح الروح
» * * * * * في بلادي ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:57 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * في بلادي ...
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:55 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * في بلادي ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:53 am من طرف بوح الروح
» * * * * * قالوا لي ..!!!!!
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:51 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * مِن غيرتي ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:49 am من طرف بوح الروح