حينما يعذب الإنسان على ثرى وطنه يئن وتئن معه ذرات التراب ، وحينما يألم المهاجر بعيداً عن ثرى ذلك الوطن ، يصبح ذلك الأنين مضاعفاً ... أنين الغربة وعذابها وأنين الشوق للوطن ... أنين الثقافة التي امتزجت فلم تعد تحاكي طفولة نبتت في ربوع الوطن، وأنين فقدان الهوية ...فما تكون هوية مهاجر يا ترى ؟ وما يكون من حاله حتى وإن جمع خزائن الأرض كلها ...؟ كلنا فقدنا إحساسنا ومشاعرنا وكرامتنا على بوابة الهجرة وساعة رحيلنا عن الوطن.... ونظل نردد " ومن الشوك رسول بيننا"
حينما تشنق كلماتنا حتى الهمس ، نحتار في لغة الحوار ... من يجرؤ منا أن يستبق الباب مع النظام ، من يجرؤ منا أن يحاور النظام ؟!! ومن يجرؤ منا أن يصد شهوة النظام ... ؟!! الدنيا كلها سجن النظام ...!!
الوطن كله أبوابه مغلّقة ،حتى ونحن في منفانا ومهجرنا، إذ منا من أوصد عليه الباب ومنا من أوصد دونه ، وقميصنا قدَّ من دبر ومن قبل ... قميصنا ممزق شر ممزق والتهم ثابتة ... ولا حاجة بنا لشاهد من أهله أو اهلها ... بل نقر ونعترف بأننا نحن من راود الأنظمة عن نفسها ... ونحن من أراد أن يغتصب من الأنظمة عفتها وكرامتها ... فحق علينا أن نقضي في السجن بضع سنين ، بل العمر كله ... بل حق علينا أن نموت فيه وندفن كي تسلم عفة النظام من غريزتنا المتأججة ... وحق علينا أن نعيش العمر غرباء منفيين ...
الوطن كله حديث من أحاديث الكرى ... تماماً كالهذيان ... ونديمنا ثملٌ فقد مشاعره ساعة السكرة الأولى ، فأي إحساس بقي فينا لكي نألم، وأي إحساس بقي لكي نحب، وأي إحساس لكي نشتاق ...؟ بل نبقى نحس ونألم ، ويظل ألمنا حلو المذاق، حتى صرنا نشتهي العذاب ... ومن الشوك رسول بيننا....
يتساءلون عنا وعن هويتنا ، عما يجول بخواطرنا ، يطاردوننا حتى بفكرة نعيش بها لذة العقل ، يتسابقون، وكلٌّ يريد أن يلتقط من كلماتنا ضالته . كلماتنا نيرة وواضحة كالشمس ... كلها تغني للحرية ... تتناغم وترانيم السحر ... واضحة لا لبس فيها ... فلا تلبسوها ثوب الزور والبهتان، ويظل الشوك رسولاً بيننا...
تريدون ان تعرفوا هويتي؟ وتسائلون الغادي والرائح عني؟!!... ويحكم !! هل أخفيت عنكم شيئاً منذ أول لقاء ، منذ أول استجواب...!! ألا تقرؤون ، ألا تفهمون؟ ومع هذا سأجيبكم ، وإن كنت أتمنى أن تبقوا في عذاب الحيرة إلى يوم أفول النظام، يوم فنائكم ... سأجيبكم وأزيدكم حيرة وقد أريحكم ... فلا تستخدموا عقولكم في التمحيص والتحليل ... لانها صارت كالأحذية القديمة والثياب المرقعة ... سيئة المنظر نتنة الرائحة.
من أنا يا سادة ؟
شرقي انا كالشمس تشرق من عيون الوطن ، أحمل معي دفأه الذي تفتقدون ، فسجلوها في قيودكم سرقة، هاهي الشمس أخفيها في وعائي دون أوعية إخوتي والصحب القدامى والجيران ، هاهي أخفيها في قلبي ، ولن تأخذوها منه إلا إن أخذتموه معها، أنا المتهم أعترف لكم ، سرقت شمس الوطن وخرجت بها أمام أعينكم دونما وجل ، كما خرج الفاروق حاملاً شمس مكة معه وسيفه ، شرقي أنا يا سادة ، وأطلّ عليكم عند بزوغ الشمس دائماً لأقول لكم من أنا...
شرقي كالقهر المكفن في جنبات الوطن ، صلب كقضبان السجون التي زرعت في كل الأرض ، وأصيل كالجوع الكامن في أحشاء ضحايا الفساد ، ومتخم بمعاني الحرية كبطون اللصوص القابعين على أرغفة الخبز وسنابل القمح الذابلة ... شرقي انا يا سادة وما يضيرني أنني أحمل الفرح والحزن المنبلج من عيون الفلاحين ... شرقي وما يشقيني أن أكون هم العمال الكادحين ... ومؤمن كقلوب القانتين وخاشع أنا دائماً كدموع العابدين ...
غربي أنا يا سادة
غربي أنا ... أذوب في أعماق البحار مع الشمس ، أحجبها عنكم وأتلذذ بهدوئها عندما نذوب معاً في أعماق تلك البحار ، فسجلوها جناية ، وأنا أعترف لكم بها ، سجلوها جناية كي تشنوقوني حينما تكون لكم ساعة الظفر ، أعترف لكم بانني أحجب الشمس عنكم كما تحجبونها عن كثير من أبناء الوطن ، وأعترف لكم أنني أقيد الشمس لكي تبقى معي في غربتي ، لأني أعيش في النور ولا أرضى العيش في الظلام كصراصير العتمة ، لا ترى ... بل يسمع أزيزها.
غربي أنا ... اختلطت في عروقي ثقافات الأرض فكانت الإنسان الآخر الكامن في ذاتي ، أشارك كل إنسان أفراحه وأقاسمه الحزن ، "فكلنا في الهم إنس" ، وكلنا في مهجرنا اهل ، نذهب في حنايا الأرض... نصارعها كي تخرج لنا من "فومها وعدسها وبصلها" وتركنا لكم "المن والسلوى" فلتهنئوا به ، وتركنا لكم طاولة القمار والشطرنج ، لأننا من سيخسر أولاً وآخراً ، خسرنا أم ربحنا... نتسلى بأحاديثنا عن ثقافاتنا الغابرة ونصنع ثقافة إنسانية جديدة ، نتسلى بأعيادنا بشيء من التراث وآخر مكتسباً ونظل نردد " ومن الشوك رسول بيننا "
أيها السادة أيها المتسائلون !!!
ما بين شرقيتي وغربيتي يكمن السر في فكري ورأيي ، وما بين ساعات الهجرة وساعات قضيتها على أرض الوطن تجدون الإجابة على كل أسئلتكم ، في رحلة العمر التي قضيت، كانت لي وقفات صدق ألهمتني أن أكون كما انا اليوم ، خليط من المشاعر والولاءات غير أني لم أزل إبـن الوطن ، أحبه ولا أخونه ، ويؤلمني هذا البعد وهذه الأسوار ، أجل رغم الألم ورغم القضبان أظل وليد الوطن ، وجسدي نسيج من ترابه الطهور ويظل حدائي دائماً للأهل وللأرض ، لحقول التفاح وكروم العنب ، للحارات العتيقة الممتدة في مدننا الفقيرة، للصحراء وحرها وللجبال ونسيمها، يظل حدائي دائماً "ومن الشوق رسولٌ بيننا" رغم الأشواك حتى يكون اللقاء ....
بوح الروح
الأربعاء أبريل 01, 2015 8:08 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * الحُــــبّ
الأربعاء أبريل 01, 2015 8:06 am من طرف بوح الروح
» * * * * * وبيسألوني ... !!!
الأربعاء أبريل 01, 2015 8:04 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * في بلادنا ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:59 am من طرف بوح الروح
» * * * * * في بلادي ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:57 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * في بلادي ...
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:55 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * في بلادي ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:53 am من طرف بوح الروح
» * * * * * قالوا لي ..!!!!!
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:51 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * مِن غيرتي ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:49 am من طرف بوح الروح