الكون تحت سيطرة مركزية
يقول اريل تشتر ريكس ـ عالم الرياضيات و الفيزياءوحاصل على درجة الماجستير من جامعة واشنطن:
كثيراً ما تكون الأفكار و المعتقدات الشائعة خاطئة مضللة ، فهنالك اعتقاد شائع بأن العلوم تشبه عجوزاً متحدثاً لديه عن كل سؤال جواب . و الواقع أن العلوم تشبه شاباً كثير الأسئلة و التفكير و البحث ، يحاول أن يسجل ملاحظات منظمة عن كل شيء ، و لا يقنع بما وصل إليه من النتائج في البحث عن الحقيقة .
و من المعتقدات كذلك أن العلوم تتبع طريقاً مستقيماً في الاستدلال و التفكير ، و الواقع إن العلوم تشبه نبات العنب المتسلق الذي يحاول دائماً أن يمتد إلى أعلى و لكنه لا يستطيع أن يسلك طريقاً مستقيماً ، فيلتف و يدور حول الأشياء . و على ذلك فإن الطريق الذي تسلكه العلوم و الاتجاه الذي يسير فيه لابد أن يكون مراناً قابلاً للتعديل و التغير كلما دعت إلى ذلك الظروف .
أم الدراسات الرياضية ،و أنا من المشتغلين بها ، فإنها تشبه شعاعاً من الضوء يضيء السبيل أمام العلوم ،و لكن اتجاه هذا الشعاع لابد أن يتغير دائماً لكي يسير في نفس الاتجاه الذي تسلكه العلوم . فمن المتفق عليه في الطريقة العلمية عند المفاضلة بين فرضية أو نظرية المبدأ للمفاضلة بين الفرضين اللذين يقول أحدهما بأن الأرض مركز هذا الكون و يقول الآخر بان الشمس هي مركز المجموعة الشمسية .و قد فضل هذا الفرض الأخير على الأول بسبب ما يترتب على الأخذ بالفرض الأول من تعقيدات و صعوبات .
و برغم ما للعلوم من قيود و حدود ، فلنظرياتها و نتائجها فوائد لا تحصى ، و كذلك الحال بالنسبة لموقف العلوم من كشف أسرار هذا الكون و الدلالة على خالقها. فدراسة الظواهر الكونية دراسة بعيدة عن التحيز و تتسم بالعدل و الإنصاف قد أقنعتني بأن لهذا الكون إلهاً ، و أنه هو الذي يسيطر عليه و يوجهه ،أي إن هنالك سيطرة مركزية هي سيطرة الله تعالى و قوته التي توجه هذا الكون .
و هنالك من الأدلة ما يوضح أن بعض الظواهر التي تبدوا متباعدة ، تقوم على أساس مشترك من التفسير ، و يتوضح ذلك من قوانين كولمب عن تجاذب الشحنات و تنافرها .
فقد اتضح لي أن هذه القوانين تشبه إلى حد كبير قوانين التجاذب و التنافر بين قطبين مغناطيسيين ، بل إنها تتشابه إلى حد كبير مع قوانيين نيوتن عن الجاذبية العامة .
ففي كل حالة من الحالات الثلاثة السابقة ، تتناسب القوة تناسباً طردياً مع حاصل ضرب الشحنتين أو قوة القطبين المغناطيسيين أو الكتلتين ، كما أنها تتناسب عكسياً مع مربع المسافة .
حقيقة هنالك بعض الفروق ، فمن ذلك مثلاً أنه بينما تسير الموجات الكهرومغناطيسية ، بسرعة الضوء ، فإن التجاذب الأرضي ينتقل بسرعة لا نهائية ، و لكن هذه الفروق تشير إلى الاختلافات في طبيعة الأشياء و تدفعنا نحو دراسة الموضوع بصورة أشمل .
و هنالك ظواهر عديدة تدل على وحدة الغرض في هذا الكون و تشير إلى ان نشأته و السيطرة عليه لابد أن تتم على يد إله واحد لا آلهة متعددة .
و يحدثنا علماء الأحياء عن توافق مشابه فيما يتعلق بتركيب الكائنات الحية ووظائفها ، فالأجسام الطبيعية تؤدي وظائفها على أكمل و أتم صورة . خذ مثلاً الكريات الدموية الحمراء التي بجسم الإنسان ، تجد ان شكلها و حجمها يتناسبان إلى أقصى حد مع الوظائف التي خلقت من أجلها . و ينطبق هذا على سائر الأعضاء و الأجزاء و دقائق الجسم . فإذا ذهبنا إلى عالم الحشرات فقد يكفينا أن نفحص خلية النحل لكي تستولي علينا روعة الدقة و الكمال و التشابه العجيب بين عيونها . و كل خلية من ملايين الخلايا الموجودة في سائر أنحاء العالم مصممة بصورة هندسية و بدقة رائعة و تناسب العمل الذي خلقت من أجله إلى أقصى الحدود .
و ليست خلايا النحل إلا مثلاً من آلاف الأمثلة التي نستطيع ان نضربها لبيان الورعة و الإتقان و التوافق في كل ما هو طبيعي . فإذا كان كل ذلك و غيره مما لا يحصى ، لا يدل على وجدود إله مدبر يسيطر على هذا الكون و يوجهه ، فليت شعري كيف أستطيع بعد ذلك أن أنتسب إلى دائرة العلماء و المشتغلين .
إنني أجد بوصفي من المشتغلين بالعلوم أن النتائج التي وصلت إليها بدراستي العلمية عن الله و الكون تتفق كل الاتفاق مع الكتب المقدسة ، التي أومن بها و أعتقد في صدق ما جاءت به عن نشأة الكون و توجيه الله له و قد يرجع ما نشاهده أحيانا من التعارض بين ما توصلت إليه العلوم و بين ما جاء في هذه الكتب المقدسة إلى نقص في معلوماتنا .
فقد أشار الإنجيل مثلاً إلى أن قدماء المصريين ، كانوا يستخدمون القش في صناعة الطوب . وهو رأي لم تؤيده دراسة الحفريات المصرية . و لكن علماء الآثار ما لبثوا أن اكتشفوا أن القش كان يعطن أولاً في المخامر ثم يؤخذ بعد ذلك فيخلط بالطين و يدخل في صناعة الطوب ليزيد من صلابته . فعلينا إذن أن نتريث عندما نجد بعض التعارض بين ما تحدثنا عنه العلوم وبين ما يحدثنا عنه الدين حتى تتبين لنا الحقيقة .
و النظريات الحديثة التي تفسر نشأة الكون و السيطرة عليه بصورة تخاف ما جاء في الكتب السماوية ن تعجز جميع الحقائق و تزج بنفسها في ظلمات اللبس و الغموض ، و إنني شخصياً أومن بوجود الله و أعتقد في سيطرته على هذا الكون .
الله و العلاج الطبي:
يقول :بول إرنست أدولف ـ طبيب و جراح حاصل على درجة الماجستير و الدكتوراه من جامعة بنسفانيا عضو الإرسالية الطبية بالصين ـ أستاذ سماعد التشريح بجامعة سانت جونس:
لإجابة عن السؤال الذي هو موضوع هذا الكتاب أحب أن أقول إنني أؤمن بالله إيمانا راسخاً لا ريب فيه ، و ليس إيماني به نتيجة خبرة روحية فحسب ، و لكن اشتغالي بالطب قد دعم ذلك الإيمان .
لقد درست ـ عندما كنت أتعلم الطب ـ أحد المبادىء المادية الأساسية التي تفسر ما يحدث من تغيرات داخل الجسم عندما يصيبها عطب أو تلف ، تفسيراً مادياً صرفاً ، كما فحصت قطاعات مجهرية لهذه الأنسجة ، و تبينت أن الظروف المناسبة تعينها على أن تلتئم بسرعة و تتقدم نحو الشفاء .و عندما اشتغلت جراحاً في احد المستشفيات بعد ذلك ، كنت أستخدم المبدأ السابق استخداما يتسم بالثقة فيه و الاطمئنان إليه . و لم يكن علىّ إلا أن أهيئ الظروف المادية و الطبية المناسبة ، ثم أدع الجرح يلتئم و كلي ثقة بالنتيجة المرتقبة .
و لكنني لم ألبث غير قليل حتى اكتشفت أنني قد فاتني أن أُضِّمن علاجي و أفكاري الطبية أهم العناصر و أبعدها أثراً في إتمام الشفاء ألا و هو الاستعانة بالله .
و عندما كنت أعمل جراحاً في احد المستشفيات ، جاءتني ذات يوم جدة جاوزت السبعين تكشو من شدخ في عظام ردفها ، و بعد أن وضعت فترة تحت العلاج أدركت من فحص سلسلة الصور التي أخذت لها على فترات تحت الأشعة أنها تتقدم بسرعة عجيبة نحو الشفاء
و لم تمض أيام قليلة حتى تقدمت غلها مهنئاً بما تم لها من شفاء نادر عجيب .
عندئذ استطاعت السيدة أن تتحرك فوق المقعد ذي العجلات ، ثم سارت وحدها متوكئة على عصاها ، و قررتا أن تخرج تلك السيدة في مدى أربع و عشرين ساعة و تذهب إلى بيتها ، فلم يعد بها حاجة إلى البقاء في المستشفى .
و كان صباح اليوم التالي هو الأحد ، و قد عادتها ابنتها في زيارة الأحد المعتادة حيث أخبرتها أنها تستطيع أن تأخذها والدتها في الصباح إلى المنزل لأنها تستطيع الآن أن تسير متوكئة على عصاها .
و لم تذكر لي ابتنها شيئاً مما جال في خاطرها و لكنها انتحت بأمها جانباً و أخبرتها أنها قد قررت بالاتفاق مع زوجها أن يأخذا الأم إلى أحد ملاجيء العجزة لأنهما لا يستطيعان أن يأخذاها إلى المنزل . و لم تكد تنقضي بضع ساعات على ذلك حتى استدعيت على عجل لإسعاف السيدة العجوز . و يا للهول ما رأيت . لقد كانت المرأة تحتضر ،و لم تمضي ساعات قليلة حتى أسلمت الروح . إنها لم تمت من كسر في عظام ردفها و لكنها ماتت من انكسار في قلبها . لقد حاولت دون جدوى أن أقدم لها أقصى ما يمكن من وسائل الإسعاف وضاعت كل الجهود سدى . قد شفيت من مرضها بسهولة و لكن قلبها الكسير لم يمكن شفاؤه برغم ما كانت قد تناولته في أثناء العلاج من الفيتامينات و العقاقير المقوية و ما تهيأ لها من أسباب الراحة و من الاحتياجات التي كانت تتخذ لتعينها على المرض و تعجل لها الشفاء . لقد التأمت عظامها المكسورة التئاماً تاماً و مع ذلك فإنها ماتت .لماذا ؟ إن أهم عامل في شفائها لم يكن الفيتامينات ولا العقاقير و لا التئام العظام ، و لكنه كان الأمل . و عندما ضاع الأمل تعذر الشفاء .
أثرت هذه الحاثة في نفسي تأثيراً عميقاً ، و قلت في نفسي: لو أن هذه السيدة و ضعت أملها في الله ما ضيعها و ما انهارت و لما حدث لها ما حدث . و برغم أنني كنت أومن بالله خالق كل شيء بحكم اشتغالي بالعلوم الطبية ، فإنني كمنت أفضل بين معلوماتي الطبية و المادية و بين اعتقادي في وجود الله كما لو لم تكن هنالك صلة بين هذين الأمرين .
و لكن هل يوجد ما يدعو إلى هذا الانفصال بين هاتين الناحيتين ؟ ها هي ذي السيدة العجوز التي تم لها الشفاء و سلامة الجسد فقدت روحها و نظرة التفاؤل إلى الحياة . لقد عقدت كل آمالها حول ابنتها الوحيدة ، و عندما خلت لها أبنتها انهارت آمالها فواجهت الموت بدلاً من أن تواجه الحياة . و لقد صدق عيسى عند ما قال : ." كيف ينتفع الإنسان بهذه الدنيا إذا ملكها كلها و فقد روحه ".
لقد أيقنت أن العلاج الحقيقي لابد يشمل الروح و الجسم معاً و في وقت واحد ،و أدركت أن من واجبي أن أطبق معلوماتي الطبية والجراحية إلى جانب إيماني بالله و علمي به ، ولقد أقمت كلتا الناحيتين على أساس قويم . بهذه الطريقة وحدها استطعت أن أقدم لمرضاي العلاج الكامل الذي يحاجون إليه . ولقد وجدت بعد تدبر عميق ان معلوماتي الطبية و عقيدتي في الله هما الأساس الذي ينبغي أن تقوم عليه الفلسفة الطبية الحديثة .
و الواقع أن النتيجة التي وصلت إليها تتفق كل الاتفاق مع النظرية الطبية الحديثة عن أهمية العنصر السيكولوجي في العلاج الحديث ، فقد دلت الإحصائيات الدقيقة على أن 80% من المرضى بشتى الأمراض في جميع المدن الأمريكية الكبرى ترجع أمراضهم إلى حد كبير إلى مسببات نفسية ،و نصف هذه النسبة من الأشخاص الذين ليس لديهم مرض عضوي في أية صورة من الصور . و ليس معنى ذلك أن هذه الأمراض مجرد أوهام خيالية حقيقة ، و ليست أسبابها خيالية و لكنها موجودة فعلاً و يمكن الوصول إليها عندما يستخدم الطبيب المعالج بصيرته بها.
فما هي الأسباب الرئيسية لما نسميه الأرض العصبية ؟
إن من الأسباب الرئيسية لهذا الأمراض الشعور بالإثم و الخطيئة و الحقد و القلق و الكبت و التردد و الشك و الغيرة و الأثرة و السأم . و مما يؤسف له أن كثيراً ممن يشتغلون بالعلاج النفسي قد ينجحون في تقصي أسباب الاضطراب النفسي الذي يسبب المرض ، و لكنهم يفشلون في معالجة هذه الاضطرابات لأنهم لا يلجأون في علاجها إلى بث الإيمان بالله في نفوس هؤلاء المرضى .
ونحب فوق ذلك أن نتساءل عن هذه الاضطرابات الانفعالية و العوامل التي تسبب تلك الأمراض ، إنها هي ذاتها الاضرابات التي جاءت الأديان لكي تعمل على تحريرنا منها.
فلقد أدرك الله بقدرته و حكمته حاجاتنا النفسية و دبرها العلاج الكامل . و لقد وصف الأخصائيون النفسيون القفل الذي يغلق باب الصحة ، و أدنا الله بالمفتاح الذي يفتح هذا الباب .و لا يمكن أن يقودنا التخبط الأعمى إلى فتح هذا القفل المعقد ، بل إنه لا يستطيع أن يمدنا بالمفتاح الذي يفتح باب باب الروح الإنسانية ، فالله وحده هو الذي يستطيع أن يهدينا طريق الصواب ،و يقول الشاعر كوبر في هذا المعنى :
الجحود الأعمى يوقعنا في الأخطاء
و يجعلنا نبعثر آياته و لكننا نكفر بها
اســتعــن بالله علــــــى فهـم الأمــور
و سوف يوضح لك كل غامض عليك
فماذا يخبرنا الله ـ المستعان على فهم الأمورـ عن هذه المفاتيح ؟ إن ذلك يتلخص في أننا نركب الإثم و الذنوب و نحتاج إلى عفو الله و مغفرته ، حتى نعود إلى رحابه و نعفو عن غيرنا إن المذنبين الذين ينالهم هذا الصفح تتجلى في نفوسهم روح الله فيذهب عنهم الخوف القلق ،و لا يكون هنالك سبيل إلى إصابتهم بالكبت و الغيرة و الأثرة .
فعتدما تحل محبته في القلب ، تفارقها الشرور و الآثام ، و لا ينتابها السأم و تفيض بالآمال الحية التي تنبعث منها الحياة .
لقد وجدت في أثناء ممارستي للطب أن تسلحي بالنواحي الروحية إلى جانب إلمامي بالمادة العلمية يمكناني من معالجة جميع الأمراض علاجاً يتسم بالبركة الحقيقة ،أما إذا أبعد الإنسان ربه عن هذا المحيط ، فإن محاولاته لا تكون إلا نصف العلاج ، بل قد لا تبلغ هذا القدر .
فمعظم القرح المعدية لا ترجع إلى ما يأكله الناس كما يقال ، و إنما إلى ما تأكل ، قلوبهم ، و لابد لعلاج المريض بها من علاج قلبه و أحقاده أولاً ، و ليكن لنا أسوة بالأنبياء الذين كانوا يصلون من اجل أعدائهم و يدعون لهم بالخير . فإذا تطهرت قلوبنا و صرنا مخلصين ، فإننا نشق طريقنا نحو الشفاء ،و بخاصة إذا كان العلاج الروحي مصحوباً بتناول المواد ضد الحامضية و غيرها من العقاقير التي تساعد على الشفاء من هذه القرح .
و هنالك كثير من الحالات النفسية التي يلعب الخوف و القلق دوراً هاماً فيها ، فإذا عولج الخوف و القلق على أساس تدعيم إيمان الإنسان بالله ، فإن الصحة و الشفاء يعودان إلى الإنسان بصورة كأنها السحر في كثير من الحالات .
و لا يتسع المقام لذكر كثير من الحالات التي تم فيها الشفاء فوراً بسبب الالتجاء إلى الله والثقة به ، و قد وصفت كثيراً من هذه الحالات في أحد الكتب التي ألفتها وهو ك " الصحة تتدفق " ، و بينت في هذا الكتاب كيف كان الإيمان بالله جزءاً هاماً من العلاج النفسي و الطبي ، و كيف أدى إلى نتائج تدعو إلى العجب .
إن الجسم الإنساني يصبح على أفضل ما يمكن عندما يكون على وفاق مع صانعه و خالقه ، و بدون ذلك يصيبنا الاضطراب و المرض .
نعم هنالك إله . و لقد عرفته في مواطن كثيرة ، و هو الذي يشفي العظام المكسورة و القلوب المحطمة .
بوح الروح
يقول اريل تشتر ريكس ـ عالم الرياضيات و الفيزياءوحاصل على درجة الماجستير من جامعة واشنطن:
كثيراً ما تكون الأفكار و المعتقدات الشائعة خاطئة مضللة ، فهنالك اعتقاد شائع بأن العلوم تشبه عجوزاً متحدثاً لديه عن كل سؤال جواب . و الواقع أن العلوم تشبه شاباً كثير الأسئلة و التفكير و البحث ، يحاول أن يسجل ملاحظات منظمة عن كل شيء ، و لا يقنع بما وصل إليه من النتائج في البحث عن الحقيقة .
و من المعتقدات كذلك أن العلوم تتبع طريقاً مستقيماً في الاستدلال و التفكير ، و الواقع إن العلوم تشبه نبات العنب المتسلق الذي يحاول دائماً أن يمتد إلى أعلى و لكنه لا يستطيع أن يسلك طريقاً مستقيماً ، فيلتف و يدور حول الأشياء . و على ذلك فإن الطريق الذي تسلكه العلوم و الاتجاه الذي يسير فيه لابد أن يكون مراناً قابلاً للتعديل و التغير كلما دعت إلى ذلك الظروف .
أم الدراسات الرياضية ،و أنا من المشتغلين بها ، فإنها تشبه شعاعاً من الضوء يضيء السبيل أمام العلوم ،و لكن اتجاه هذا الشعاع لابد أن يتغير دائماً لكي يسير في نفس الاتجاه الذي تسلكه العلوم . فمن المتفق عليه في الطريقة العلمية عند المفاضلة بين فرضية أو نظرية المبدأ للمفاضلة بين الفرضين اللذين يقول أحدهما بأن الأرض مركز هذا الكون و يقول الآخر بان الشمس هي مركز المجموعة الشمسية .و قد فضل هذا الفرض الأخير على الأول بسبب ما يترتب على الأخذ بالفرض الأول من تعقيدات و صعوبات .
و برغم ما للعلوم من قيود و حدود ، فلنظرياتها و نتائجها فوائد لا تحصى ، و كذلك الحال بالنسبة لموقف العلوم من كشف أسرار هذا الكون و الدلالة على خالقها. فدراسة الظواهر الكونية دراسة بعيدة عن التحيز و تتسم بالعدل و الإنصاف قد أقنعتني بأن لهذا الكون إلهاً ، و أنه هو الذي يسيطر عليه و يوجهه ،أي إن هنالك سيطرة مركزية هي سيطرة الله تعالى و قوته التي توجه هذا الكون .
و هنالك من الأدلة ما يوضح أن بعض الظواهر التي تبدوا متباعدة ، تقوم على أساس مشترك من التفسير ، و يتوضح ذلك من قوانين كولمب عن تجاذب الشحنات و تنافرها .
فقد اتضح لي أن هذه القوانين تشبه إلى حد كبير قوانين التجاذب و التنافر بين قطبين مغناطيسيين ، بل إنها تتشابه إلى حد كبير مع قوانيين نيوتن عن الجاذبية العامة .
ففي كل حالة من الحالات الثلاثة السابقة ، تتناسب القوة تناسباً طردياً مع حاصل ضرب الشحنتين أو قوة القطبين المغناطيسيين أو الكتلتين ، كما أنها تتناسب عكسياً مع مربع المسافة .
حقيقة هنالك بعض الفروق ، فمن ذلك مثلاً أنه بينما تسير الموجات الكهرومغناطيسية ، بسرعة الضوء ، فإن التجاذب الأرضي ينتقل بسرعة لا نهائية ، و لكن هذه الفروق تشير إلى الاختلافات في طبيعة الأشياء و تدفعنا نحو دراسة الموضوع بصورة أشمل .
و هنالك ظواهر عديدة تدل على وحدة الغرض في هذا الكون و تشير إلى ان نشأته و السيطرة عليه لابد أن تتم على يد إله واحد لا آلهة متعددة .
و يحدثنا علماء الأحياء عن توافق مشابه فيما يتعلق بتركيب الكائنات الحية ووظائفها ، فالأجسام الطبيعية تؤدي وظائفها على أكمل و أتم صورة . خذ مثلاً الكريات الدموية الحمراء التي بجسم الإنسان ، تجد ان شكلها و حجمها يتناسبان إلى أقصى حد مع الوظائف التي خلقت من أجلها . و ينطبق هذا على سائر الأعضاء و الأجزاء و دقائق الجسم . فإذا ذهبنا إلى عالم الحشرات فقد يكفينا أن نفحص خلية النحل لكي تستولي علينا روعة الدقة و الكمال و التشابه العجيب بين عيونها . و كل خلية من ملايين الخلايا الموجودة في سائر أنحاء العالم مصممة بصورة هندسية و بدقة رائعة و تناسب العمل الذي خلقت من أجله إلى أقصى الحدود .
و ليست خلايا النحل إلا مثلاً من آلاف الأمثلة التي نستطيع ان نضربها لبيان الورعة و الإتقان و التوافق في كل ما هو طبيعي . فإذا كان كل ذلك و غيره مما لا يحصى ، لا يدل على وجدود إله مدبر يسيطر على هذا الكون و يوجهه ، فليت شعري كيف أستطيع بعد ذلك أن أنتسب إلى دائرة العلماء و المشتغلين .
إنني أجد بوصفي من المشتغلين بالعلوم أن النتائج التي وصلت إليها بدراستي العلمية عن الله و الكون تتفق كل الاتفاق مع الكتب المقدسة ، التي أومن بها و أعتقد في صدق ما جاءت به عن نشأة الكون و توجيه الله له و قد يرجع ما نشاهده أحيانا من التعارض بين ما توصلت إليه العلوم و بين ما جاء في هذه الكتب المقدسة إلى نقص في معلوماتنا .
فقد أشار الإنجيل مثلاً إلى أن قدماء المصريين ، كانوا يستخدمون القش في صناعة الطوب . وهو رأي لم تؤيده دراسة الحفريات المصرية . و لكن علماء الآثار ما لبثوا أن اكتشفوا أن القش كان يعطن أولاً في المخامر ثم يؤخذ بعد ذلك فيخلط بالطين و يدخل في صناعة الطوب ليزيد من صلابته . فعلينا إذن أن نتريث عندما نجد بعض التعارض بين ما تحدثنا عنه العلوم وبين ما يحدثنا عنه الدين حتى تتبين لنا الحقيقة .
و النظريات الحديثة التي تفسر نشأة الكون و السيطرة عليه بصورة تخاف ما جاء في الكتب السماوية ن تعجز جميع الحقائق و تزج بنفسها في ظلمات اللبس و الغموض ، و إنني شخصياً أومن بوجود الله و أعتقد في سيطرته على هذا الكون .
الله و العلاج الطبي:
يقول :بول إرنست أدولف ـ طبيب و جراح حاصل على درجة الماجستير و الدكتوراه من جامعة بنسفانيا عضو الإرسالية الطبية بالصين ـ أستاذ سماعد التشريح بجامعة سانت جونس:
لإجابة عن السؤال الذي هو موضوع هذا الكتاب أحب أن أقول إنني أؤمن بالله إيمانا راسخاً لا ريب فيه ، و ليس إيماني به نتيجة خبرة روحية فحسب ، و لكن اشتغالي بالطب قد دعم ذلك الإيمان .
لقد درست ـ عندما كنت أتعلم الطب ـ أحد المبادىء المادية الأساسية التي تفسر ما يحدث من تغيرات داخل الجسم عندما يصيبها عطب أو تلف ، تفسيراً مادياً صرفاً ، كما فحصت قطاعات مجهرية لهذه الأنسجة ، و تبينت أن الظروف المناسبة تعينها على أن تلتئم بسرعة و تتقدم نحو الشفاء .و عندما اشتغلت جراحاً في احد المستشفيات بعد ذلك ، كنت أستخدم المبدأ السابق استخداما يتسم بالثقة فيه و الاطمئنان إليه . و لم يكن علىّ إلا أن أهيئ الظروف المادية و الطبية المناسبة ، ثم أدع الجرح يلتئم و كلي ثقة بالنتيجة المرتقبة .
و لكنني لم ألبث غير قليل حتى اكتشفت أنني قد فاتني أن أُضِّمن علاجي و أفكاري الطبية أهم العناصر و أبعدها أثراً في إتمام الشفاء ألا و هو الاستعانة بالله .
و عندما كنت أعمل جراحاً في احد المستشفيات ، جاءتني ذات يوم جدة جاوزت السبعين تكشو من شدخ في عظام ردفها ، و بعد أن وضعت فترة تحت العلاج أدركت من فحص سلسلة الصور التي أخذت لها على فترات تحت الأشعة أنها تتقدم بسرعة عجيبة نحو الشفاء
و لم تمض أيام قليلة حتى تقدمت غلها مهنئاً بما تم لها من شفاء نادر عجيب .
عندئذ استطاعت السيدة أن تتحرك فوق المقعد ذي العجلات ، ثم سارت وحدها متوكئة على عصاها ، و قررتا أن تخرج تلك السيدة في مدى أربع و عشرين ساعة و تذهب إلى بيتها ، فلم يعد بها حاجة إلى البقاء في المستشفى .
و كان صباح اليوم التالي هو الأحد ، و قد عادتها ابنتها في زيارة الأحد المعتادة حيث أخبرتها أنها تستطيع أن تأخذها والدتها في الصباح إلى المنزل لأنها تستطيع الآن أن تسير متوكئة على عصاها .
و لم تذكر لي ابتنها شيئاً مما جال في خاطرها و لكنها انتحت بأمها جانباً و أخبرتها أنها قد قررت بالاتفاق مع زوجها أن يأخذا الأم إلى أحد ملاجيء العجزة لأنهما لا يستطيعان أن يأخذاها إلى المنزل . و لم تكد تنقضي بضع ساعات على ذلك حتى استدعيت على عجل لإسعاف السيدة العجوز . و يا للهول ما رأيت . لقد كانت المرأة تحتضر ،و لم تمضي ساعات قليلة حتى أسلمت الروح . إنها لم تمت من كسر في عظام ردفها و لكنها ماتت من انكسار في قلبها . لقد حاولت دون جدوى أن أقدم لها أقصى ما يمكن من وسائل الإسعاف وضاعت كل الجهود سدى . قد شفيت من مرضها بسهولة و لكن قلبها الكسير لم يمكن شفاؤه برغم ما كانت قد تناولته في أثناء العلاج من الفيتامينات و العقاقير المقوية و ما تهيأ لها من أسباب الراحة و من الاحتياجات التي كانت تتخذ لتعينها على المرض و تعجل لها الشفاء . لقد التأمت عظامها المكسورة التئاماً تاماً و مع ذلك فإنها ماتت .لماذا ؟ إن أهم عامل في شفائها لم يكن الفيتامينات ولا العقاقير و لا التئام العظام ، و لكنه كان الأمل . و عندما ضاع الأمل تعذر الشفاء .
أثرت هذه الحاثة في نفسي تأثيراً عميقاً ، و قلت في نفسي: لو أن هذه السيدة و ضعت أملها في الله ما ضيعها و ما انهارت و لما حدث لها ما حدث . و برغم أنني كنت أومن بالله خالق كل شيء بحكم اشتغالي بالعلوم الطبية ، فإنني كمنت أفضل بين معلوماتي الطبية و المادية و بين اعتقادي في وجود الله كما لو لم تكن هنالك صلة بين هذين الأمرين .
و لكن هل يوجد ما يدعو إلى هذا الانفصال بين هاتين الناحيتين ؟ ها هي ذي السيدة العجوز التي تم لها الشفاء و سلامة الجسد فقدت روحها و نظرة التفاؤل إلى الحياة . لقد عقدت كل آمالها حول ابنتها الوحيدة ، و عندما خلت لها أبنتها انهارت آمالها فواجهت الموت بدلاً من أن تواجه الحياة . و لقد صدق عيسى عند ما قال : ." كيف ينتفع الإنسان بهذه الدنيا إذا ملكها كلها و فقد روحه ".
لقد أيقنت أن العلاج الحقيقي لابد يشمل الروح و الجسم معاً و في وقت واحد ،و أدركت أن من واجبي أن أطبق معلوماتي الطبية والجراحية إلى جانب إيماني بالله و علمي به ، ولقد أقمت كلتا الناحيتين على أساس قويم . بهذه الطريقة وحدها استطعت أن أقدم لمرضاي العلاج الكامل الذي يحاجون إليه . ولقد وجدت بعد تدبر عميق ان معلوماتي الطبية و عقيدتي في الله هما الأساس الذي ينبغي أن تقوم عليه الفلسفة الطبية الحديثة .
و الواقع أن النتيجة التي وصلت إليها تتفق كل الاتفاق مع النظرية الطبية الحديثة عن أهمية العنصر السيكولوجي في العلاج الحديث ، فقد دلت الإحصائيات الدقيقة على أن 80% من المرضى بشتى الأمراض في جميع المدن الأمريكية الكبرى ترجع أمراضهم إلى حد كبير إلى مسببات نفسية ،و نصف هذه النسبة من الأشخاص الذين ليس لديهم مرض عضوي في أية صورة من الصور . و ليس معنى ذلك أن هذه الأمراض مجرد أوهام خيالية حقيقة ، و ليست أسبابها خيالية و لكنها موجودة فعلاً و يمكن الوصول إليها عندما يستخدم الطبيب المعالج بصيرته بها.
فما هي الأسباب الرئيسية لما نسميه الأرض العصبية ؟
إن من الأسباب الرئيسية لهذا الأمراض الشعور بالإثم و الخطيئة و الحقد و القلق و الكبت و التردد و الشك و الغيرة و الأثرة و السأم . و مما يؤسف له أن كثيراً ممن يشتغلون بالعلاج النفسي قد ينجحون في تقصي أسباب الاضطراب النفسي الذي يسبب المرض ، و لكنهم يفشلون في معالجة هذه الاضطرابات لأنهم لا يلجأون في علاجها إلى بث الإيمان بالله في نفوس هؤلاء المرضى .
ونحب فوق ذلك أن نتساءل عن هذه الاضطرابات الانفعالية و العوامل التي تسبب تلك الأمراض ، إنها هي ذاتها الاضرابات التي جاءت الأديان لكي تعمل على تحريرنا منها.
فلقد أدرك الله بقدرته و حكمته حاجاتنا النفسية و دبرها العلاج الكامل . و لقد وصف الأخصائيون النفسيون القفل الذي يغلق باب الصحة ، و أدنا الله بالمفتاح الذي يفتح هذا الباب .و لا يمكن أن يقودنا التخبط الأعمى إلى فتح هذا القفل المعقد ، بل إنه لا يستطيع أن يمدنا بالمفتاح الذي يفتح باب باب الروح الإنسانية ، فالله وحده هو الذي يستطيع أن يهدينا طريق الصواب ،و يقول الشاعر كوبر في هذا المعنى :
الجحود الأعمى يوقعنا في الأخطاء
و يجعلنا نبعثر آياته و لكننا نكفر بها
اســتعــن بالله علــــــى فهـم الأمــور
و سوف يوضح لك كل غامض عليك
فماذا يخبرنا الله ـ المستعان على فهم الأمورـ عن هذه المفاتيح ؟ إن ذلك يتلخص في أننا نركب الإثم و الذنوب و نحتاج إلى عفو الله و مغفرته ، حتى نعود إلى رحابه و نعفو عن غيرنا إن المذنبين الذين ينالهم هذا الصفح تتجلى في نفوسهم روح الله فيذهب عنهم الخوف القلق ،و لا يكون هنالك سبيل إلى إصابتهم بالكبت و الغيرة و الأثرة .
فعتدما تحل محبته في القلب ، تفارقها الشرور و الآثام ، و لا ينتابها السأم و تفيض بالآمال الحية التي تنبعث منها الحياة .
لقد وجدت في أثناء ممارستي للطب أن تسلحي بالنواحي الروحية إلى جانب إلمامي بالمادة العلمية يمكناني من معالجة جميع الأمراض علاجاً يتسم بالبركة الحقيقة ،أما إذا أبعد الإنسان ربه عن هذا المحيط ، فإن محاولاته لا تكون إلا نصف العلاج ، بل قد لا تبلغ هذا القدر .
فمعظم القرح المعدية لا ترجع إلى ما يأكله الناس كما يقال ، و إنما إلى ما تأكل ، قلوبهم ، و لابد لعلاج المريض بها من علاج قلبه و أحقاده أولاً ، و ليكن لنا أسوة بالأنبياء الذين كانوا يصلون من اجل أعدائهم و يدعون لهم بالخير . فإذا تطهرت قلوبنا و صرنا مخلصين ، فإننا نشق طريقنا نحو الشفاء ،و بخاصة إذا كان العلاج الروحي مصحوباً بتناول المواد ضد الحامضية و غيرها من العقاقير التي تساعد على الشفاء من هذه القرح .
و هنالك كثير من الحالات النفسية التي يلعب الخوف و القلق دوراً هاماً فيها ، فإذا عولج الخوف و القلق على أساس تدعيم إيمان الإنسان بالله ، فإن الصحة و الشفاء يعودان إلى الإنسان بصورة كأنها السحر في كثير من الحالات .
و لا يتسع المقام لذكر كثير من الحالات التي تم فيها الشفاء فوراً بسبب الالتجاء إلى الله والثقة به ، و قد وصفت كثيراً من هذه الحالات في أحد الكتب التي ألفتها وهو ك " الصحة تتدفق " ، و بينت في هذا الكتاب كيف كان الإيمان بالله جزءاً هاماً من العلاج النفسي و الطبي ، و كيف أدى إلى نتائج تدعو إلى العجب .
إن الجسم الإنساني يصبح على أفضل ما يمكن عندما يكون على وفاق مع صانعه و خالقه ، و بدون ذلك يصيبنا الاضطراب و المرض .
نعم هنالك إله . و لقد عرفته في مواطن كثيرة ، و هو الذي يشفي العظام المكسورة و القلوب المحطمة .
بوح الروح
الأربعاء أبريل 01, 2015 8:08 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * الحُــــبّ
الأربعاء أبريل 01, 2015 8:06 am من طرف بوح الروح
» * * * * * وبيسألوني ... !!!
الأربعاء أبريل 01, 2015 8:04 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * في بلادنا ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:59 am من طرف بوح الروح
» * * * * * في بلادي ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:57 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * في بلادي ...
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:55 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * في بلادي ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:53 am من طرف بوح الروح
» * * * * * قالوا لي ..!!!!!
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:51 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * مِن غيرتي ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:49 am من طرف بوح الروح