العيش وفقا لخلق القرآن الكريم يحقق العدالة الحقيقية
إن العدالة شرط ضروري للحفاظ على النظام الاجتماعي. ولكل بلد نظام قضائي خاص به. ومع ذلك، نظرا للصعوبات المستمرة التي يعاني منها الناس في النظم القضائية المعاصرة، لم ينته البحث قط عن نموذج مثالي.
ويتمثل جوهر النظام القضائي المثالي الذي يطمح إليه الناس في أرجاء العالم في: وضع آلية قضائية يُجازَى بها كل شخص عن جميع تصرفاته دون أن يخضع لأي شكل من أشكال التمييز. ومع ذلك، على الرغم من المناهج الجديدة، والوسائل المختلفة، والمشروعات، والحلول التي ابتكرت للوصول إلى هذا النموذج المثالي، فإن تطبيق العدالة ما زال طريقا وعرا لم يسلكه أحد بعد.
إن التدهور الأخلاقي للمجتمع هو السبب في وجود هذه الأوضاع غير المواتية. وبسبب هذا التدهور، الذي يعد تبعة بسيطة لعدم الالتزام بالقيم التي أمر الله بها، تلحق الأضرار بالمجتمعات في جميع ميادين الحياة.
ومرة أخرى، فإن هذا التدهور هو المسؤول عن الاحتيال، والرشوة، والغش، والظلم، والكثير من الشرور الاجتماعية. وتزخر الحياة اليومية بأمثلة من هذا النوع. ومن المواقف التي نواجهها كثيرا في الحياة العملية، على سبيل المثال، رجال الأعمال الذين يغشون شركاءهم ويخدعونهم عن طريق اختلاس أموالهم، أو منازلهم، أو سياراتهم. وفي غضون ذلك، لن تعني الصداقة الطويلة والخسائر المادية والمعنوية التي يعاني منها الطرف الآخر أي شيء بالنسبة للمحتال. وبما أن هذا المحتال لا يهتم في المقام الأول إلا بمصالحه الذاتية، فإن قيما مثل الصداقة، والروابط الأسرية، والروحانية، والتماسك الاجتماعي، والأخلاق الحميدة لا تعني له شيئا البتة.
ويؤثر هذا المنطق على كل العلاقات التي يقيمها هذا الشخص مع الآخرين لأنه لا يدرك أن الله يعلم كل ما يفعله، وأن المولى عز وجل سيسأله عن كل تصرف يصدر عنه. ويتدعم هذا المنطق الملتوي بسبب النسيان التام لحقيقة أن الاحتيال كسب حرام وسلوك ظالم.
وسيساهم المثال التالي في إيضاح هذه النقطة بشكل أفضل: إن الشخص الذي يؤمن بأن الاحتيال جريمة فظيعة، سيتجنبه تجنبا تاما طوال حياته. ولكن بمجرد أن يعتقد الشخص أن باستطاعته الحصول على منفعة شخصية، قد يدلي هذا الشخص ذاته بشهادة زور ضد شخص آخر أو يفتري على هذا الآخر بأن ينسب له شيئا هو بريء منه تماما. وفي غضون ذلك، قد يتذرع شاهد الزور بعذر ما فيقول إن الظروف اضطرته إلى ذلك أو أن مسؤولياته تجاه أسرته مهدت الطريق لمثل هذه الجريمة... إلخ. ومهما كانت الأعذار، ستظل الحقيقة أن الافتراء على الناس شيء فظيع مهما كانت الظروف.
ويظهر النمط المذكور آنفا بالتحديد في الأوقات التي يشعر فيها الناس أن مصالحهم في خطر. وينطبق هذا المنطق أيضا على اللصوص، والمحتالين، والظالمين. وفي مجتمع يكثر فيه أصحاب المصالح، يصبح الظلم، وتضارب المصالح، والفوضى أمورا لا يمكن تفاديها.
وعلى الرغم من ذلك، مهما كانت القوة الاضطرارية، فإن الشخص الذي يعيش وفقا لأحكام القرآن لن ينحدر أبدا إلى مثل هذه الأفعال الشريرة ولن تصدر عنه أبدا مواقف لا تتلاءم مع قيمه. ذلك أن الشخص الذي يخاف الله كثيرا لا ينسى أبدا حقيقة أنه في يوم ما سيلقى جزاءه عن كل فعل قام به وعن كل كلمة تفوه بها. وإذا تأملنا في الظلم الناتج عن التدهور الأخلاقي مثل السعي وراء المصالح الشخصية فقط، واكتناز الأموال، وتجاهل المحتاجين وأصحاب المشاكل، سنجد أن هذا الظلم ليس له إلا حل أوحد هو: نشر قيم القرآن بين الناس، لأن الله يأمر عباده المؤمنين الذين يعيشون وفقا لهذه القيم السامية في القرآن بأن يكونوا عادلين:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا." (سورة النساء: 135)
"إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ." (سورة النحل: 90)
وفي مجتمع يفهم فيه الناس العدالة على النحو الموضح في الآية المذكورة آنفا، لن ينتشر الظلم. ذلك أن البيئة التي تتبع فيها قيم القرآن والسنة، تطبق فيها العدالة تطبيقا كاملا بحيث لا يوجد ما يبرر الاستثناء بسبب القرابة، أو الثروة، أو المكانة الاجتماعية، أو أي عوامل أخرى. وعلى الرغم من ذلك، سنجد أن نظم العدالة التي تطبق حاليا حول العالم تختلف عما ذكرناه. ففي بعض الحالات، يتم التغاضي ببساطة عن جرائم شخص ما أو يتم تخفيف عقوبته، مراعاة لثروته، أو مكانته، أو بيئته الاجتماعية. ويُستبعد أن يحدث ذلك في مجتمع تسود فيه العدالة الحقيقية. إذ لن تصبح قط عوامل مثل القرابة، أو الثروة، أو المكانة الاجتماعية سببا في الانحراف عن طريق العدالة.
فعل الخير دون انتظار مقابل:
لا شك في أن الشخص الذي يخاف الله هو نفسه شخص يستمع إلى ضميره ويتصرف دوما وفقا لأحكام القرآن الكريم. فقد أمر الله سبحانه وتعالى الناس في القرآن بأن يعملوا الأعمال الصالحة دون أن يتوقعوا أي مكافأة دنيوية، وأن يمدوا يد العون للآخرين، وأن يكافحوا ليوفروا حياة جيدة لهم. وفي الآية التي تقول: "ولا تَمنُن تَسْتَكْثِر" (سورة المدثر: 6)، يؤكد هذا النهي على ضرورة أن يمتنع الناس عن طلب المكاسب الدنيوية مقابل المعروف الذي يقدمونه ويرجون به مرضاة الله. إن الشخص الذي يتبع أوامر الله ولا يتوقع أي مكاسب دنيوية يفعل كل هذا من أجل غاية واحدة؛ هي نيل رضا الله حتى يقبله ضمن عباده الصالحين الذين يستحقون دخول الجنة.
ومع ذلك، فإن عددا كبيرا من أعمال الخير في عصرنا الحالي تُؤدَّى بهدف الحصول على مكافأة دنيوية. فعلى سبيل المثال، رجل الأعمال الذي يتعهد بإنشاء دار للفقراء تحت مسمى الأغراض الخيرية، يبدو ظاهريا أنه لا يجني أي كسب مادي من هذا التعهد. ولكن الحقيقة مختلفة، لأنه يبني هذا المشروع في المقام الأول من أجل الدعاية لاسمه، الذي سيظهر على الصفحات الأولى بالجرائد وفي برامج التليفزيون الإخبارية، مما يحول هذا العمل الخيري إلى شكل من أشكال التباهي. وفي غضون ذلك، ستوفر شركته أموالا لأن تكاليف هذا العمل الخيري تخصم من ضرائبه. وعلاوة على ذلك، فإن العمل الخيري الذي يُقدم من أجل الحصول على مزايا مشابهة غالبا ما يكون بعيدا كل البعد عن الاحتياجات الفعلية للمستفيدين منه. إذ سنجد، على سبيل المثال، أن الشاحنة المحملة بالطعام التي يتم إرسالها إلى منطقة ضربها زلزال لا تسد حاجات المتضررين، إما لأنها فاسدة من الأساس أو لأنها لا تلائم احتياجات الضحايا الفعلية.
ويكفينا الاستشهاد بمواقف السياسيين لإيضاح هذه المسألة. إذ يكرر السياسيون في خطبهم، على مدار حملاتهم الانتخابية المطولة، شعارات تعبر عن التزامهم العميق بخدمة بلدهم. ومع ذلك، إذا لم يعينوا في منصب وزاري، سرعان ما يقطعون كل صلة تربطهم بحزبهم، وينسون "الأهداف" المزعومة المذكورة في جدول أعمالهم، ويكشفون عن دوافعهم الخفية المرتبطة بدخول مجال العمل السياسي. ويتبين أنهم ترشحوا من أجل الحصول على "المنصب" والمكانة الاجتماعية. ولن تصدق كم هي قليلة المزايا التي يجنيها المجتمع من مثل هذه العقليات.
وباختصار، يصبح المعروف بلا ثمرة في الآخرة إذا خلا من الإخلاص. ويبين الله ذلك في الآية التالية:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ." (سورة البقرة: 264)
ولكن من ناحية أخرى، يثبت أن المعروف الذي يؤدَّى بإخلاص لمساعدة الناس وكسب رضا الله مربح ومفيد، كما جاء في العديد من آيات الذكر الحكيم. وفي مقابل هذه النوايا المخلصة، يقود الله جل جلاله الناس إلى النجاح في كل أعمالهم ويضمن لهم نتائج مثمرة لما عاهدوه عليه. وقد تمت الإشارة إلى ذلك في الآية التالية:
"وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللّهِ وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ." (سورة البقرة: 265)
إن من يسعى فقط لنيل مرضاة الله لا يقصر جهده على مجالات معينة لعمل الخير والتضحية. وفي مجتمع بعيد عن التدين، يميل الناس في الغالب للاعتقاد بوجود مصلحة خفية وراء التضحية، وما هذا إلا منطق الكفار الذي غرسوه في عقول الناس. وفي مجتمع لا يسعى أفراده لنيل مرضاة الله، يقدم الناس المصالح الشخصية على كل ما عداها. ومن ناحية أخرى، يسعى المؤمنون لنيل مرضاة الله جل جلاله دون سواها:
"يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا. وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا. إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا. إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا. فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا." (سورة الإنسان: 7-11)
وتقدم الفصول التالية من هذا الكتاب تغطية شاملة للحلول التي تطرحها آيات الذكر الحكيم للمشكلات التي تتطلب حلولا عاجلة. وعند قراءة هذه الحلول، تذكّر أن مجرد العيش وفقا لقيم القرآن سيوفر حلولا دائمة لكل المشكلات. ومن أمثلة هذه المشكلات في عصرنا الحاضر: التعامل مع احتياجات الفقراء، وتوفير العناية الجيدة لكبار السن، وغرس القيم الصالحة في الأطفال، وتحرير المراهقين من قبضة الانحلال الأخلاقي، وتوفير مساعدة عاجلة للبلدان التي تحل بها الكوارث، والإطاحة بالأيديولوجيات القاسية المتأصلة في العقول والمسؤولة عن انجراف البلدان في الحروب وقتل آلاف الأبرياء، ومواجهة المتمردين على بلدانهم، والعديد من القضايا الأخرى التي تنتهي غالبا إلى طريق مسدود. ومن هذه الناحية، فإن الحل الوحيد لمختلف المشكلات التي نواجهها في حياتنا لا يتأتى إلا من خلال الالتزام بما جاء في القرآن الكريم، المرشد الوحيد للبشرية في عصرنا الحالي، الذي قدمه الله لها لكي ينير طريقها. ذلك أن العيش وفقا لأوامر الله سبحانه وتعالى سيزيل كل أنواع الشرور من الأرض. أما في حالة الابتعاد عن هذه المبادئ، فسيلزم الناس أنفسهم عمدا بنظام قاس. ويلفت الله الانتباه في القرآن الكريم إلى الأذى الذي يسببه الناس لأنفسهم:
"ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ." (سورة الروم: 41)
الحلول التي تظهر باستخدام العقل والحكمة
يعتبر التحلي بسمات العقل والحكمة، والبصيرة، والحصافة من الضروريات التي تساهم في حل المشكلات الملوِّثة للأرض، في كل ميادين الحياة، والتي تجلب الخير للإنسانية. ولن يتسنى اكتساب هذه السمات إلا من خلال اتباع ما جاء في القرآن الكريم. وفي الآية التالية، يؤكد سبحانه وتعالى على الحكمة الذي يمنحها الإيمان للإنسان:
"يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ." (سورة الأنفال: 29)
وفي بعض الأحيان، قد يشعر الناس بضرورة السعي لإيجاد حلول للمشكلات التي يواجهونها. ومع ذلك، فهم لا يصلون إلى النتائج المرجوة لأنهم ليسوا جهات متخصصة في تقديم الحلول كما أنهم ينقصهم الحدس، والحصافة، والبصيرة، وكلها صفات تنتج عن الإيمان. وبما أن الحماس الذي يدفع هؤلاء الناس غير صادر عن الإيمان، فإن قراراتهم تتأخر في الغالب عندما تصل إلى مرحلة التنفيذ. ومن ناحية أخرى، فإن عدم إدراكهم لتفاصيل مهمة أو تغاضيهم عنها يجعلهم يواجهون طرقا مسدودة في مختلف المراحل.
فعلى سبيل المثال، هناك مشكلة كبيرة في عصرنا الحالي تبحث عن حل حاسم، ألا وهي مشكلة الأطفال المشردين والأيتام المنتشرين في جميع أنحاء العالم الذين تُركوا للعيش في الشوارع. وتجدر الإشارة إلى أن بعثات المعونة والإجراءات التي تتناول المشكلات المتعددة للمشردين، لا سيما تلك التي يُستهدف بها منع الأطفال المشردين من الانحراف نحو الجريمة أو إدمان المخدرات، أثبتت في أغلب الأحيان أنها غير فعالة، مما يدفع هؤلاء الأطفال إلى طريق التشرد الذي ينحدر بهم إلى الشوارع ومنها إلى الإصلاحيات أو تتهيأ لهم الظروف المواتية للانتحار أو الموت بسبب نقص العناية. ومع ذلك، فسيختلف الوضع بالتأكيد إذا تلقى هؤلاء الأطفال تدريبا يستند إلى القرآن الكريم مصحوبا بالخدمات المناسبة. ذلك أنهم نتيجة خوفهم من الله، لن يميلوا إلى النشاط الإجرامي، بل على العكس من ذلك، سيبلغون سن الرشد ويكافحون لتقديم أفضل الخدمات لبلدهم وشعبهم.
وستتضح هذه النقطة أكثر إذا تعرضنا إلى أولئك الذين يعانون من أمراض تحتاج إلى علاج مكلف. يمتلك الأغنياء، الذين لا يواجهون عادة مشكلات في دفع فواتيرهم، الموارد الضرورية لإبقائهم على قيد الحياة. ومن ناحية أخرى، يُترك الفقراء، الذين لا يملكون تأمينا صحيا، فريسة للموت. ويندر أن يؤثر هذا الوضع في أي أحد، والدليل على ذلك أنه لم يبادر أي أحد باتخاذ أي إجراءات.
ومرة أخرى، يعتبر انعدام الخوف من الله، وما يتبعه من انعدام الحكمة، مسؤولا عن حالة اللامبالاة هذه. إذ يتعذر على الذين لا يميزون بين الخير والشر أن يصلوا إلى حل للمشكلات التي يواجهونها. وتجدر الإشارة إلى أن انعدام التمييز بين الخير والشر صفة يتميز بها الكفار. ويبين الله كيف يتصرف هؤلاء الناس:
"وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ." (سورة البقرة: 171)
ومع ذلك، يمتلك الأشخاص الذين يعيشون وفقا لأحكام القرآن والسنة، بفضل الحكمة التي يتحلون بها، ملكات عقلية متطورة جدا تمكنهم من إيجاد الحلول، وتكوين الموارد، والتنظيم. ويمكن أن تساعد المنظمات التي يديرونها ومساهمات الموسرين بشكل كبير في بناء حياة أفضل لهؤلاء التعساء. أولا، يمكن تنبيه الناس إلى المشكلات الموجودة، وبناء عليه يمكن أن يقدم لهم النصح بشأن الحلول المناسبة. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يتعهد بعض رجال الأعمال ببناء أو تجديد ملاجئ للأطفال المشردين وتعليمهم، الأمر الذي يتطلب في الواقع قدرا بسيطا من التنظيم. وفي مجتمع يعيش وفقا لأحكام القرآن والسنة، ستختفي هذه المشكلة إلى الأبد بفضل هذه الحلول العملية. إذ يمكن أن تتعهد كل أسرة لديها قدر كاف من الموارد المالية، مثلا، برعاية طفل واحد وتعليمه. ويستطيع الناس الذين وهبهم الله قيم القرآن والحكمة أن يتعاملوا مع جميع أنواع المشكلات بمثل هذه الحلول العملية. وعلى نحو مشابه، يمكن حصر المرضى الذين ليس لديهم تأمين صحي على أن تتم تغطية تكاليف علاجهم من صندوق مخصص لهذا الغرض. وفي مثل هذه الأمور، لا بد من استخدام أكثر الطرق إنتاجية لتوجيه موارد العالم إلى المجالات الصحيحة، دون السماح حتى بأدنى قدر من التبذير. ويطالب الله سبحانه وتعالى الإنسان في القرآن الكريم باتباع هذا النوع من السلوك.
تمكن الأشخاص الذين يتبعون ضمائرهم ويستخدمون عقولهم من السيطرة على الأحداث، وبالتالي يستطيعون التعرف على الطرق المسدودة والاحتياجات بسرعة، ومن ثم يضعون الحلول. وفي أغلب الأحيان يتعذر على الناس أن يكتشفوا مواضع الفشل في النظم أو يتظاهرون ببساطة بأنهم لا يدركونها. وحتى إذا وخزت الظروف ضمائرهم، فإنهم لا يعرفون ما يجب عليهم فعله، أو يشعرون بالكسل إلى درجة لا تجعلهم يبدؤون في اتخاذ أي إجراء. ونتيجة لترددهم خشية تعكير صفوهم، ستجد أنهم يتجنبون قضاء الوقت أو بذل الطاقة في مثل هذه الأمور. ومع ذلك، سيتمكن أصحاب الضمائر الحية والحكماء، من خلال ما يبذلونه من مجهود لتنظيم الناس حسب قوتهم وقدراتهم، من إيجاد حلول سريعة لمشكلات كثيرة تحتاج إلى الصبر.
وقد أثنى الله في القرآن ثناء كبيرا على من يشجعون الناس على فعل الخير:
"مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ اللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا." (سورة النساء: 85)
في حين ذكر القرآن السلوك المضاد بوصفه صفة من صفات الكفار وصنفه باعتباره نوعا من الشرور:
"كَلَّا بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ. وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ. وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَّمًّا. وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا." (سورة الفجر: 17-20)
بوح الروح
الأربعاء أبريل 01, 2015 8:08 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * الحُــــبّ
الأربعاء أبريل 01, 2015 8:06 am من طرف بوح الروح
» * * * * * وبيسألوني ... !!!
الأربعاء أبريل 01, 2015 8:04 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * في بلادنا ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:59 am من طرف بوح الروح
» * * * * * في بلادي ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:57 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * في بلادي ...
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:55 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * في بلادي ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:53 am من طرف بوح الروح
» * * * * * قالوا لي ..!!!!!
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:51 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * مِن غيرتي ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:49 am من طرف بوح الروح