من أسباب تداعى مسلمى الحاضر :
• الفرقة والاختلاف
قال تعالى: ولاتكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ماجاءهم،وأولئك لهم عذاب عظيم.
وتنبأ رسول الله باختلاف الأمة المنهى عنه وقال: ألا ان من كان قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة، وان هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين: ثنتان وسبعين فى النار، وواحدة فى الجنة وهى الجماعة.
• ارتكاب المعاصى
قال تعالى: وكذلك أخذ ربك اذا أخذ القرى وهى ظالمة، ان أخذه اليم شديد. فقال رسول الله فى هذه الآية: ان الله يملى للظالم فاذا أخذه لم يفلته.
قال تعالى: وضرب الله مثلا قرية كانت ءامنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون.
قال رسول الله: لاأله الا الله،ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه(وحلق بين الابهام والتى تليها) ، فقالت زينب بنت جحش: يارسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم، اذا كثر الخبث.
• ترك الأمر بالمعروف وعدم النهى عن المنكر
قال تعالى: كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله،..
قال رسول الله: والذى نفسى بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله يبعث عليكم عذابا منه ثم تدعونه فلا يستجيب لكم.
وفى رواية اخرى: .. ثم انها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لايفعلون ويفعلون مالايؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، ليس وراء ذلك من الايمان حبة خردل
وقوله صلى الله عليه وسلم عند اشتداد الفتن وضياع العهود والأمانات واشتباك الناس بعضهم ببعض: الزم بيتك وابك على نفسك واملك عليك لسانك وخذ ما تعرف ودع ماتنكر وعليك بأمر خاصة نفسك ودع عنك أمر العامة.
• عدم الأخذ بالأسباب
قال تعالى: وأعدوا لهم مااستطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وءاخرين من دونهم لاتعلمونهم الله يعلمهم، وما تنفقوا من شيئ فى سبيل الله يوف اليكم وأنتم لاتظلمون.
وقوله تعالى: قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لايعلمون،انما يتذكر أولوا الألباب.
وقوله تعالى: فامشوا فى مناكبها وكلوا من رزقه..
وما أكثر الآيات : ان فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون. ولعل أول آية ( أقرأ) نزلت على نبينا فيها الدليل الأوفى.
• موالاة أعداء الاسلام
قال تعالى: لاتجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله...
وقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لاتتخذوت عدوى وعدوكم أولياء تلقون اليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق...
وقد أنبأنا الله تعالى: ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم..
وتنبه يا أخى كلمة(من خير) بمعنى حتى أقل القليل مما يسمى خير، والله المستعان.
• حب الدنيا وكراهية الموت
وهو الوهن الذى أصاب المسلمين، وقد تنبأ به رسول الله فى الحديث المشهور
:يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها .قالوا :أمن قلة نحن يومئذ يا رسول الله ؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير ،ولكنكم غثاء كغثاء السيل ،ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم ، وليقذفن فى قلوبكم الوهن .قالوا وما الوهن ؟أى ما سببه وما سره فإن معنى الوهن معروف وهو الضعف قال :حب الدنيا وكراهية الموت
وحين تجمعت الأمراض كلها فى كيان الأمة حدث أمران عظيمان مما أخبر به رسول الله : غربة الإسلام، وتداعى الأمم على الأمة الإسلامية
عاد الإسلام غريباً كما بدأ، فكل مفاهيمه لم تعد هى التى أنزلت من عند الله
فأما لا إله إلا الله فقد صارت كلمة تنطق باللسان، والقلب غافل عن دلالتها والسلوك مناقض لمقتضياتها، وأما العبادة فقد انحصرت فى الشعائر التعبدية، وهذه ذاتها صارت إلى أداء تقليدى خاو من الروح، ثم صارت إلى تقاعس وتكاسل حتى عن أدائها، والاكتفاء بالنية الطيبة تجاهها
وأما عقيدة القضاء والقدر فقد انقلبت تواكلاً سلبياً بدل التوكل الصحيح مع العزيمة والأخذ بالأسباب، وانقلبت تبريراً لكل ما يقع من خطأ وقصور وخطايا بأنها كلها من قضاء الله وقدره!
وأما الدنيا والآخرة فقد انفصلتا فى حس الناس فأصبح العمل من أجل الدنيا إهمالاً للآخرة، والعمل من أجل الآخرة إهمالاً للحياة الدنيا ولعمارة الأرض
وأما مفهوم الجهاد فقد ظل ينحسر وينحسر حتى صار للدفاع فحسب، ثم أصبح تقاعساً حتى عن الدفاع، وهروباً من مقتضاته
وأما مفهوم التربية فقد صار تعويداً على طقوس وتقاليد، لا ينشئ روحاً مبدعة ولا همة عالية0
وأما مفهوم الصبر والتقوى فقد أصبح سلبية خانعة ترضى بالذل، ولا تتحرك لإزالته
وعندما حدث هذا الخلل الهائل فى مفاهيم الإسلام حدث ((التخلف)) فى جميع الميادين: التخلف العسكرى، والتخلف السياسى، والتخلف العلمى، والتخلف الفكرى، والتخلف الاقتصادى، والتخلف الاجتماعى، والتخلف الأخلاقى وكل أنواع التخلف التى تخطر على البال، لأن العمل المتدفق فى كل هذه الميادين كان يستمد فى فترة التمكين من ذلك المنبع الضخم: من العقيدة الصحيحة فى الله واليوم الآخر
فلما جف النبع فى قلوب الناس – إلا من رحم ربك – لم يعد هناك ما يغذى العمل فى النفوس: ((ألا وإن فى الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهى القلب)).
عندئذ تداعت الأمم على الأمة التى أصبحت كغثاء السيل
جاء الأعداء المتربصون الذين قال الله فيهم : ((ولن ترضى عنك اليهود والنصارى حتى تتبع ملتهم))(البقرة : 120). ((ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا))(البقرة: 217)
جاءوا وقفى تخطيطهم أن يقضوا على هذا الدين قضاء كاملاً فى هذه المرة، وليس مجرد أن يكسروا شوكته ويتغلبوا عليه
وربما لم يكن هذا الهدف جديداً فى ذاته، فقد كان هو الذى حرك هرقل فى أول التاريخ لمحاولة وأد هذا الدين قبل أن يستفحل أمره وكان هو الذى حرك الحروب الصليبية فى عصور أوروبا الوسطى وهو الذى يحركهم اليوم، ولكن ربما كان الجديد فى الهجمة الصليبية المعاصرة – التى بدأت فى الواقع بعد طرد المسلمين من الأندلس – أنهم جاءوا وهم أكثر اقتناعاً بإمكان تحقيق هدفهم هذه المرة، لما رأوه من الأمراض المتفشية فى كيان الأمة، ولما استحدثوه من أسلحة الصراع، سواء منها الحربى أو السياسى أو الاقتصادى، وأخطرها جميعاً ما نسميه ((الغزو الفكرى)) الذى يسعى إلى اقتلاع العقدية من القلوب، وهو ما نصحهم به لويس التاسع بعد خروجه من سجنه فى المنصورة وعودته إلى قومه يقول لهم : إن أردتم التغلب على المسلمين فلا تعتمدوا على السلاح وحده، فقد رأيتم نتيجة الاعتماد على السلاح، ولكن قاتلوهم فى عقيدتهم، فهى مكمن القوة فيهم، ومكمن الخطر علينا.. وذلك فضلاً عن دخول اليهود بكيدهم كله فى حلبة الصراع، من أجل إنشاء إسرائيل
ولقد قام الغزو الفكرى بما لم يستطع أن يقوم به سلاح آخر مما استخدم من قبل مع المسلمين
هزم المسلمون أكثر من مرة فى التاريخ، ولكن الهزيمة العسكرية لم تؤثر فيهم ولم تجعلهم يتخلون عن عقيدتهم أو يستبدلون بها غيرها
هزموا أمام الصليبيين، وهزموا أمام التتار، ولكن النداء الربانى كان يملأ قلوبهم: ((ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين))(آل عمران: 139) ((وكأين من نبى قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم فى سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين(146) وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا فى أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين(147) فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين))(آل عمران: 146-148)
كانوا مؤمنين، وكانت المعركة فى حسهم جهاداً فى سبيل الله.. فما لبثوا أن تجمعوا بعد تفرق، وعزموا بعد وهن، واستعدوا بعد تفريط، فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة
وحتى فى عمق الهزيمة لم يخطر فى بالهم قط أن أعداءهم خير منهم، فأعداؤهم كفار وهم مؤمنون، وموطن الاستعلاء هو الإيمان بصرف النظر عن النصر أو الهزيمة فى ميدان القتال
أما فى هذه المرة فلم يكن هناك استعلاء بالإيمان، بل كانت الهزيمة الروحية أمام الأعداء، فتمكن الغزو الفكرى بصورة لا تخطر على البال
وفى خلال قرن واحد، بل فى خلال نصف قرن فى بعض الأحيان، تبدلت الأمة تبدلاً كاملاً كأن لم تكن فى يوم من الأيام هى أمة الإسلام!
تبدل مصدر التلقى، لم يعد هو الإسلام، لم يعد هو الله ورسوله، إنما صارت ((الحضارة الأوروبية) هى المصدر، وهى المثال المطلوب استيعابه والصيرورة إليه لم يعد هناك صدى فى النفوس لقوله تعالى : ((أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون))(المائدة:50) بل صار وصف ((الحضارة)) الغربية بأنها جاهلية يعتبر كفراً فى نظر المستعبدين للغرب، الذين أكل الغز الفكرى قلوبهم وأصبح حجاب المرأة المسلمة هو السجن والظلام، وانطلاقها عارية فى الطريق هو التقدم والتحرر، وأصبح الإلحاد والكفر والسخرية بكتاب الله وسنة رسوله هو عنوان ((حرية الفكر))، وأصبح الانسلاخ من الإسلام والانتماء إلى الغرب رتبة ونيشاناً يتباهى به العبيد
ثم دخلت ((المذاهب الفكرية)): الوطنية والقومية والعلمانية والاشتراكية والديمقراطية.. إلخ. لتكون البديل الفكرى من الإسلام من جهة، ولتمزق هذه الأمة مزقاً متفرقة من جهة أخرى، ليسهل على العدو التقامها وابتلاعها بعد أن تعذر عليه ازدرادها وهى موحدة تحت رباط الإسلام، حتى وإن لم تكن وحدة سياسية كاملة بالمعنى الصحيح
حضيض لم تصل إليه الأمة الإسلامية فى تاريخها كله، ولكنه منطقى مع غثاء السيل، لا يتوقع لها سواه.
بوح الروح
• الفرقة والاختلاف
قال تعالى: ولاتكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ماجاءهم،وأولئك لهم عذاب عظيم.
وتنبأ رسول الله باختلاف الأمة المنهى عنه وقال: ألا ان من كان قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة، وان هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين: ثنتان وسبعين فى النار، وواحدة فى الجنة وهى الجماعة.
• ارتكاب المعاصى
قال تعالى: وكذلك أخذ ربك اذا أخذ القرى وهى ظالمة، ان أخذه اليم شديد. فقال رسول الله فى هذه الآية: ان الله يملى للظالم فاذا أخذه لم يفلته.
قال تعالى: وضرب الله مثلا قرية كانت ءامنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون.
قال رسول الله: لاأله الا الله،ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه(وحلق بين الابهام والتى تليها) ، فقالت زينب بنت جحش: يارسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم، اذا كثر الخبث.
• ترك الأمر بالمعروف وعدم النهى عن المنكر
قال تعالى: كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله،..
قال رسول الله: والذى نفسى بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله يبعث عليكم عذابا منه ثم تدعونه فلا يستجيب لكم.
وفى رواية اخرى: .. ثم انها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لايفعلون ويفعلون مالايؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، ليس وراء ذلك من الايمان حبة خردل
وقوله صلى الله عليه وسلم عند اشتداد الفتن وضياع العهود والأمانات واشتباك الناس بعضهم ببعض: الزم بيتك وابك على نفسك واملك عليك لسانك وخذ ما تعرف ودع ماتنكر وعليك بأمر خاصة نفسك ودع عنك أمر العامة.
• عدم الأخذ بالأسباب
قال تعالى: وأعدوا لهم مااستطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وءاخرين من دونهم لاتعلمونهم الله يعلمهم، وما تنفقوا من شيئ فى سبيل الله يوف اليكم وأنتم لاتظلمون.
وقوله تعالى: قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لايعلمون،انما يتذكر أولوا الألباب.
وقوله تعالى: فامشوا فى مناكبها وكلوا من رزقه..
وما أكثر الآيات : ان فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون. ولعل أول آية ( أقرأ) نزلت على نبينا فيها الدليل الأوفى.
• موالاة أعداء الاسلام
قال تعالى: لاتجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله...
وقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لاتتخذوت عدوى وعدوكم أولياء تلقون اليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق...
وقد أنبأنا الله تعالى: ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم..
وتنبه يا أخى كلمة(من خير) بمعنى حتى أقل القليل مما يسمى خير، والله المستعان.
• حب الدنيا وكراهية الموت
وهو الوهن الذى أصاب المسلمين، وقد تنبأ به رسول الله فى الحديث المشهور
:يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها .قالوا :أمن قلة نحن يومئذ يا رسول الله ؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير ،ولكنكم غثاء كغثاء السيل ،ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم ، وليقذفن فى قلوبكم الوهن .قالوا وما الوهن ؟أى ما سببه وما سره فإن معنى الوهن معروف وهو الضعف قال :حب الدنيا وكراهية الموت
وحين تجمعت الأمراض كلها فى كيان الأمة حدث أمران عظيمان مما أخبر به رسول الله : غربة الإسلام، وتداعى الأمم على الأمة الإسلامية
عاد الإسلام غريباً كما بدأ، فكل مفاهيمه لم تعد هى التى أنزلت من عند الله
فأما لا إله إلا الله فقد صارت كلمة تنطق باللسان، والقلب غافل عن دلالتها والسلوك مناقض لمقتضياتها، وأما العبادة فقد انحصرت فى الشعائر التعبدية، وهذه ذاتها صارت إلى أداء تقليدى خاو من الروح، ثم صارت إلى تقاعس وتكاسل حتى عن أدائها، والاكتفاء بالنية الطيبة تجاهها
وأما عقيدة القضاء والقدر فقد انقلبت تواكلاً سلبياً بدل التوكل الصحيح مع العزيمة والأخذ بالأسباب، وانقلبت تبريراً لكل ما يقع من خطأ وقصور وخطايا بأنها كلها من قضاء الله وقدره!
وأما الدنيا والآخرة فقد انفصلتا فى حس الناس فأصبح العمل من أجل الدنيا إهمالاً للآخرة، والعمل من أجل الآخرة إهمالاً للحياة الدنيا ولعمارة الأرض
وأما مفهوم الجهاد فقد ظل ينحسر وينحسر حتى صار للدفاع فحسب، ثم أصبح تقاعساً حتى عن الدفاع، وهروباً من مقتضاته
وأما مفهوم التربية فقد صار تعويداً على طقوس وتقاليد، لا ينشئ روحاً مبدعة ولا همة عالية0
وأما مفهوم الصبر والتقوى فقد أصبح سلبية خانعة ترضى بالذل، ولا تتحرك لإزالته
وعندما حدث هذا الخلل الهائل فى مفاهيم الإسلام حدث ((التخلف)) فى جميع الميادين: التخلف العسكرى، والتخلف السياسى، والتخلف العلمى، والتخلف الفكرى، والتخلف الاقتصادى، والتخلف الاجتماعى، والتخلف الأخلاقى وكل أنواع التخلف التى تخطر على البال، لأن العمل المتدفق فى كل هذه الميادين كان يستمد فى فترة التمكين من ذلك المنبع الضخم: من العقيدة الصحيحة فى الله واليوم الآخر
فلما جف النبع فى قلوب الناس – إلا من رحم ربك – لم يعد هناك ما يغذى العمل فى النفوس: ((ألا وإن فى الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهى القلب)).
عندئذ تداعت الأمم على الأمة التى أصبحت كغثاء السيل
جاء الأعداء المتربصون الذين قال الله فيهم : ((ولن ترضى عنك اليهود والنصارى حتى تتبع ملتهم))(البقرة : 120). ((ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا))(البقرة: 217)
جاءوا وقفى تخطيطهم أن يقضوا على هذا الدين قضاء كاملاً فى هذه المرة، وليس مجرد أن يكسروا شوكته ويتغلبوا عليه
وربما لم يكن هذا الهدف جديداً فى ذاته، فقد كان هو الذى حرك هرقل فى أول التاريخ لمحاولة وأد هذا الدين قبل أن يستفحل أمره وكان هو الذى حرك الحروب الصليبية فى عصور أوروبا الوسطى وهو الذى يحركهم اليوم، ولكن ربما كان الجديد فى الهجمة الصليبية المعاصرة – التى بدأت فى الواقع بعد طرد المسلمين من الأندلس – أنهم جاءوا وهم أكثر اقتناعاً بإمكان تحقيق هدفهم هذه المرة، لما رأوه من الأمراض المتفشية فى كيان الأمة، ولما استحدثوه من أسلحة الصراع، سواء منها الحربى أو السياسى أو الاقتصادى، وأخطرها جميعاً ما نسميه ((الغزو الفكرى)) الذى يسعى إلى اقتلاع العقدية من القلوب، وهو ما نصحهم به لويس التاسع بعد خروجه من سجنه فى المنصورة وعودته إلى قومه يقول لهم : إن أردتم التغلب على المسلمين فلا تعتمدوا على السلاح وحده، فقد رأيتم نتيجة الاعتماد على السلاح، ولكن قاتلوهم فى عقيدتهم، فهى مكمن القوة فيهم، ومكمن الخطر علينا.. وذلك فضلاً عن دخول اليهود بكيدهم كله فى حلبة الصراع، من أجل إنشاء إسرائيل
ولقد قام الغزو الفكرى بما لم يستطع أن يقوم به سلاح آخر مما استخدم من قبل مع المسلمين
هزم المسلمون أكثر من مرة فى التاريخ، ولكن الهزيمة العسكرية لم تؤثر فيهم ولم تجعلهم يتخلون عن عقيدتهم أو يستبدلون بها غيرها
هزموا أمام الصليبيين، وهزموا أمام التتار، ولكن النداء الربانى كان يملأ قلوبهم: ((ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين))(آل عمران: 139) ((وكأين من نبى قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم فى سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين(146) وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا فى أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين(147) فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين))(آل عمران: 146-148)
كانوا مؤمنين، وكانت المعركة فى حسهم جهاداً فى سبيل الله.. فما لبثوا أن تجمعوا بعد تفرق، وعزموا بعد وهن، واستعدوا بعد تفريط، فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة
وحتى فى عمق الهزيمة لم يخطر فى بالهم قط أن أعداءهم خير منهم، فأعداؤهم كفار وهم مؤمنون، وموطن الاستعلاء هو الإيمان بصرف النظر عن النصر أو الهزيمة فى ميدان القتال
أما فى هذه المرة فلم يكن هناك استعلاء بالإيمان، بل كانت الهزيمة الروحية أمام الأعداء، فتمكن الغزو الفكرى بصورة لا تخطر على البال
وفى خلال قرن واحد، بل فى خلال نصف قرن فى بعض الأحيان، تبدلت الأمة تبدلاً كاملاً كأن لم تكن فى يوم من الأيام هى أمة الإسلام!
تبدل مصدر التلقى، لم يعد هو الإسلام، لم يعد هو الله ورسوله، إنما صارت ((الحضارة الأوروبية) هى المصدر، وهى المثال المطلوب استيعابه والصيرورة إليه لم يعد هناك صدى فى النفوس لقوله تعالى : ((أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون))(المائدة:50) بل صار وصف ((الحضارة)) الغربية بأنها جاهلية يعتبر كفراً فى نظر المستعبدين للغرب، الذين أكل الغز الفكرى قلوبهم وأصبح حجاب المرأة المسلمة هو السجن والظلام، وانطلاقها عارية فى الطريق هو التقدم والتحرر، وأصبح الإلحاد والكفر والسخرية بكتاب الله وسنة رسوله هو عنوان ((حرية الفكر))، وأصبح الانسلاخ من الإسلام والانتماء إلى الغرب رتبة ونيشاناً يتباهى به العبيد
ثم دخلت ((المذاهب الفكرية)): الوطنية والقومية والعلمانية والاشتراكية والديمقراطية.. إلخ. لتكون البديل الفكرى من الإسلام من جهة، ولتمزق هذه الأمة مزقاً متفرقة من جهة أخرى، ليسهل على العدو التقامها وابتلاعها بعد أن تعذر عليه ازدرادها وهى موحدة تحت رباط الإسلام، حتى وإن لم تكن وحدة سياسية كاملة بالمعنى الصحيح
حضيض لم تصل إليه الأمة الإسلامية فى تاريخها كله، ولكنه منطقى مع غثاء السيل، لا يتوقع لها سواه.
بوح الروح
الأربعاء أبريل 01, 2015 8:08 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * الحُــــبّ
الأربعاء أبريل 01, 2015 8:06 am من طرف بوح الروح
» * * * * * وبيسألوني ... !!!
الأربعاء أبريل 01, 2015 8:04 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * في بلادنا ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:59 am من طرف بوح الروح
» * * * * * في بلادي ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:57 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * في بلادي ...
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:55 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * في بلادي ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:53 am من طرف بوح الروح
» * * * * * قالوا لي ..!!!!!
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:51 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * مِن غيرتي ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:49 am من طرف بوح الروح