**** العولمـــه : الجزء الثاني .
العولمة في العصر الحديث :
تعد العولمة منذ اندلاع الحرب العالمية الثانية نتيجة بارزة لتخطيط القادة السياسيين الهادف إلى إزالة الحدود التي تعرقل التجارة بين الدول سعيًا وراء زيادة معدلات الرخاء الاقتصادي واعتماد الدول على بعضها البعض؛ وبذلك تقل فرصة وقوع أي حروب في المستقبل. وقد أدت مساعي هؤلاء القادة السياسيين إلى عقد مؤتمر بريتون وودز والتوصل إلى اتفاقية من قبل الساسة البارزين في العالم لوضع إطار محدد بالنسبة للشئون المالية والتجارية الدولية وتأسيس العديد من المؤسسات الدولية للإشراف على تطبيق العولمة كما يجب. وتتضمن هذه المؤسسات الدولية البنك الدولي للإنشاء والتعمير (المعروف اختصارًا باسم البنك الدولي) وصندوق النقد الدولي. وقد تم تسهيل تطبيق العولمة بالاستعانة بما تم التوصل إليه من تقدم تكنولوجي، والذي عمل على تقليل تكاليف التجارة والجولات الخاصة بمفاوضات التجارة تحت رعاية الاتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة (الجات)، والتي أدت إلى التوصل إلى مجموعة من الاتفاقيات لإزالة الحواجز والمعوقات المفروضة على التجارة الحرة.
لقد تم تقليل الحواجز التي تعترض التجارة الدولية بشكل كبير منذ اندلاع الحرب العالمية الثانية من خلال العديد من الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية الجات. وقد تم تنفيذ مبادرات خاصة كنتيجة للتوصل إلى اتفاقية الجات؛ حيث تم الاتفاق وقتئذٍ على إنشاء منظمة التجارة الدولية، على أن تكون اتفاقية الجات هي الأساس لإنشائها في هذا الصدد. وقد تضمنت هذه المبادرات ما يلي:
تعزيز التجارة الحرة باتباع الآتي:
إلغاء التعريفات الجمركية وإقامة مناطق للتجارة الحرة بتعريفة بسيطة أو دون تعريفة على الإطلاق
تقليل تكاليف النقل وخاصة الناتجة عن تطور عمليات نقل البضائع بحاويات الشحن البحري
تخفيف أو إلغاء الضوابط والقيود المفروضة على رءوس الأموال
تقليل أو منع أو تنسيق صرف الإعانات المالية بالنسبة للشركات المحلية
تخصيص إعانات مالية للشركات العالمية
تنسيق القوانين الخاصة بالملكية الفكرية عبر معظم الدول مع فرض المزيد من الضوابط عليها
الاعتراف دوليًا بتطبيق الضوابط المفروضة على الملكية الفكرية بشكل يتخطى الحدود والسلطات القومية (على سبيل المثال، يتم الاعتراف في الولايات المتحدة الأمريكية بصلاحية براءات الاختراع التي تمنحها الصين.)
إن العولمة الثقافية - التي سادت في العالم بفضل تكنولوجيا الاتصالات والتسويق العالمي لمختلف مجالات الثقافة الغربية – تم إدراكها في البداية كعملية تهدف إلى تحقيق التجانس بين الثقافات؛ حيث اتضح جليًا مدى هيمنة الثقافة الأمريكية في العالم على حساب التنوع التقليدي للثقافات الأخرى. وعلى الرغم من ذلك، فإنه سرعان ما ظهر تيار مضاد وأصبح واضحًا مع ظهور تلك الحركات المناهضة للعولمة والتي أعطت المزيد من الاهتمام إلى الدفاع عن مبادئ التميز المحلي والتأكيد على الفردية والهوية الذاتية ولكن دون جدوى.[14]
إن مفاوضات جولة أوروجواي (المنعقدة من عام 1986 إلى عام 1994) [15] أدت إلى التوصل إلى اتفاقية بتأسيس منظمة التجارة الدولية لتهدئة الصراعات التجارية ووضع برنامج موحد للتجارة. أما عن الاتفاقات التجارية الثنائية ومتعددة الأطراف الأخرى - والتي تتضمن بنودًا من معاهدة ماستريخت واتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية – فقد تم توقيعها أيضًا بهدف تقليل الحواجز وخفض التعريفات الجمركية على الأنشطة التجارية. من ناحية أخرى، ترتبط الصراعات العالمية - مثل الهجمات الإرهابية على الولايات المتحدة الأمريكية في الحادي عشر من سبتمبر – بمدى انتشار العولمة؛ نظرًا لأنها مثلت الدافع الأولي للحرب على الإرهاب في العالم، الأمر الذي أدى إلى تلك الزيادة المستمرة في أسعار البترول والغاز بسبب أن معظم الدول الأعضاء في منظمة الأوبك من الدول الواقعة في شبه الجزيرة العربية. [16] جدير بالذكر أن نسبة الصادرات العالمية قد ارتفعت من 8.5 في المائة من إجمالي الناتج العالمي في عام 1970 إلى 16.1 في المائة من إجمالي الناتج العالمي في عام 2001.
معايير تحديد مستويات العولمة.
يعد افتتاح سلسلة مطاعم ماكدونالدز للوجبات السريعة في اليابان دليلاً على التكامل العالمي.إذا ما نظرنا إلى العولمة الاقتصادية على وجه الخصوص، فإنه سيتضح لنا إمكانية تحديد مستويات لها بعدة طرق مختلفة. وهذه الطرق تتمركز حول أربعة تدفقات اقتصادية رئيسية تتسم بها العولمة وسيرد ذكرها فيما يلي:
السلع والخدمات: على سبيل المثال الصادرات والواردات التي تمثل نسبة من الدخل القومي بالنسبة لكل فرد من السكان
العمالة/الأفراد: على سبيل المثال معدلات الهجرة الصافية ومعدلات تدفق الهجرة الداخلية والخارجية وحسابها من جملة السكان
رءوس الأموال: على سبيل المثال، الاستثمارات المباشرة الداخلية والخارجية كنسبة من الدخل القومي بالنسبة لكل نسمة
التكنولوجيا: على سبيل المثال، جوانب البحوث والتطوير الدولية ومعدلات التغير المرتبطة بعدد السكان واستخدام اختراعات تكنولوجية معينة (وخاصة التكنولوجيا الحديثة وما صاحبها من تقدم هائل مثل التليفون والسيارة والشبكات عالية السرعات)
بما أن العولمة لا تعد ظاهرة اقتصادية فحسب، فإن الأسلوب متعدد المتغيرات المستخدم لتحديد مستويات العولمة يتمثل في ذلك المؤشر الذي تم التوصل إليه من قبل المجموعات والمعاهد البحثية بسويسرا KOF. ويقوم هذا المؤشر بتحديد ثلاثة أبعاد رئيسية للعولمة، ألا وهي البعد الاقتصادي والبعد الاجتماعي والبعد السياسي. بالإضافة إلى وجود هذه المؤشرات الثلاثة التي تعمل على تحديد هذه الأبعاد، فإنه يتم حساب مؤشر كلي للعولمة وغيره من المؤشرات الفرعية المشيرة إلى التدفقات الاقتصادية الفعلية والقيود الاقتصادية والبيانات الخاصة بالاتصالات الشخصية وتدفقات المعلومات ومدى التقارب الثقافي. وفي هذا الصدد، تتوفر البيانات على أساس سنوي بالنسبة لمائة واثنتين وعشرين دولة كما هو موضح في Dreher, Gaston and Martens (2008).[17] وطبقًا لهذا المؤشر، فإن أكثر الدول تأثرًا بالعولمة هي بلجيكا يليها النمسا والسويد والمملكة المتحدة وهولندا. أما أقل الدول تأثرًا بالعولمة – طبقًا لمؤشر KOF – فهي: هاييتي وميانمار وجمهورية أفريقيا الوسطى وبوروندي.[18] قامت مجلة Foreign Policy بالاشتراك مع فريق الخبراء الدولي A.T. Kearney بنشر مؤشر آخر للعولمة لتحديد مستوياتها ومدى تأثر الدول بها. وطبقًا لمؤشر عام 2006، اعتبرت كل من سنغافورة وأيرلندا وسويسرا وهولندا وكندا والدانمارك من أكثر الدول تأثرًا بالعولمة، بينما جاءت كل من إندونيسيا والهند وإيران لكي تكون أقل الدول تأثرًا بالعولمة بين هذه الدول.
العولمة ثورة تكنولوجية واجتماعية:
يقول الاجتماعي "جيمس روزناو" في تعريفها قائلاً :" العلومة علاقة بين مستويات متعددة للتحليل : الاقتصاد، السياسة، الثقافة، الايديولوجيا، وتشمل إعادة تنظيم الإنتاج، تداخل الصناعات عبر الحدود، انتشار أسواق التويل، تماثل السلع المستهلكة لمختلف الدول، نتائج الصراع بين المجموعات المهاجرة والمجموعات المقيمة".وعرفها بعضهم بأنها : "الاتجاه المتنامي الذي يصبح به العالم نسبياً كرة اجتماعية بلا حدود. أي أن الحدود الجغرافية لا يعتبر بها حيث يصبح العالم أكثر اتصالاً مما يجعل الحياة الاجتماعية متداخلة بين الأمم".
فهو يرى أن العولمة شكل جديد من أشكال النشاط، فهي امتداد طبيعي لانسياب المعارف ويسر تداولها تم فيه الانتقال بشكل حاسم من الرأسمالية الصناعية إلى المفهوم ما بعد الصناعي للعلاقات الصناعية.
وهناك من يعرفها بأنها:" زيادة درجة الارتباط المتبادل بين المجتمعات الإنسانية من خلال عمليات انتقال السلع ورؤوس الأموال وتقنيات الإنتاج والأشخاص والمعلومات".وعرفها إسماعيل صبري تعريفاً شاملاً فقال :" هي التداخل الواضح لأمور الاقتصاد والسياسة والثقافة والسلوك دون اعتداد يذكر بالحدود السياسية للدول ذات السيادة أو انتماء إلى وطن محدد أو لدولة معينة ودون الحاجة إلى إجراءات حكومية.
وبعد قراءة هذه التعريفات، يمكن أن يقال في تعريف العولمة :
أنها صياغة إيديولوجية للحضارة الغربية من فكر وثقافة واقتصاد وسياسة للسيطرة على العالم أجمع باستخدام الوسائل الإعلامية، والشركات الرأسمالية الكبرى لتطبيق هذه الحضارة وتعميمها على العالم.
الفرق بين العولمة والعالمية:
إن التقابل بين العالمية والعولمة وإيجاد الفرق بينهما فيه نوع من الصعوبة وخصوصاً أن كلمة العولمة مأخوذة أصلاً من العالم ولهذا نجد بعض المفكرين يذهبون إلى أن العولمة والعالمية تعني معنى واحدا وليس بينهما فرق. ولكن الحقيقة أن هذين المصطلحين يختلفان في المعنى فهما مقابلة بين الشر والخير.
العالمية :انفتاح على العالم، واحتكاك بالثقافات العالمية مع الاحتفاظ بخصوصية الأمة وفكرها وثقافتها وقيمها ومبادئها. فالعالمية إثراء للفكر وتبادل للمعرفة مع الاعتراف المتبادل بالآخر دون فقدان الهوية الذاتية. وخاصية العالمية هي من خصائص الدين الإسلامي، فهو دين يخاطب جميع البشر، دين عالمي يصلح في كل زمان ومكان، فهو لا يعرف الإقليمية أو القومية أو الجنس جاء لجميع الفئات والطبقات، فلا تحده الحدود. ولهذا تجد الخطاب القرآني موجه للناس جميعا وليس لفئة خاصة فكم آية في القرآن تقول " يا أيها الناس" فمن ذلك قوله تعالى :" يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى " وقوله تعالى :"يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا " وقوله تعالى :" يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة " إلى غير ذلك من الآيات التي ورد فيها لفظة الناس وقد تجاوزت المأتيين آية ؛ بل إن الأنبياء السابقين عليهم صلوات الله وسلامه تنسب أقومهم إليهم " قوم نوح " " قوم صالح " وهكذا إلى محمد صلى الله عليه وسلم فإنه لم يرد الخطاب القرآني بنسبة قومه إليه صلى الله عليه وسلم وهذا يدل على عالمية رسالته صلى الله عليه وسلم فهو عالمي بطبعه، " وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ"
ومن أسباب تخلفنا عن الركب الحضاري:
هو إقصاء الإسلام عن عالميته، وعدم زجه في كثير من حقول الحياة بزعم المحافظة على قداسته وطهوريته، وهذا نوع من الصد والهجران للدين، وعدم فهم لطبيعة هذا الدين والذي من طبيعته وكينونته التفاعل مع قضايا الناس والاندماج معهم في جميع شؤون الحياة، وإيجاد الحلول لكل قضاياهم وهذا من كمال هذا الدين وإعجازه. فهو دين تفاعلي حضاري منذ نشأته. فمنذ فجر الرسالة النبوية نزل قوله تعالى :" ألم، غلبت الروم في أدنى الأرض، وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين " فيذكر الخطاب القرآني الكريم المتغيرات العالمية، لإدراك أبعاد التوازنات بين القوتين العظميين في ذلك الزمان، وذلك " أن المسلم يحمل رسالة عالمية، ومن يحمل رسالة عالمية عليه أن يدرك الوقائع والأوضاع العالمية كلها وخاصة طبيعة وعلاقات القوى الكبرى المؤثرة في هذه الأوضاع.
أما العولمة : فهي انسلاخ عن قيم ومبادئ وتقاليد وعادات الأمة وإلغاء شخصيتها وكيانها وذوبانها في الآخر. فالعولمة تنفذ من خلال رغبات الأفراد والجماعات بحيث تقضي على الخصوصيات تدريجياً من غير صراع إيديولوجي. فهي " تقوم على تكريس إيديولوجيا " الفردية المستسلمة" وهو اعتقاد المرء في أن حقيقة وجوده محصورة في فرديته، وأن كل ما عداه أجنبي عنه لا يعنيه، فتقوم بإلغاء كل ما هو جماعي، ليبقى الإطار " العولمي" هو وحده الموجود. فهي تقوم بتكريس النزعة الأنانية وطمس الروح الجماعية، وتعمل على تكريس الحياد وهو التحلل من كل التزام أو ارتباط بأية قضية، وهي بهذا تقوم بوهم غياب الصراع الحضاري أي التطبيع والاستسلام لعملية الاستتباع الحضاري. وبالتالي يحدث فقدان الشعور بالانتماء لوطن أو أمة أو دولة، مما يفقد الهوية الثقافية من كل محتوى، فالعولمة عالم بدون دولة، بدون أمة، بدون وطن إنه عالم المؤسسات والشبكات العالمية.[14]" يقول عمرو عبد الكريم :" العولمة ليست مفهوماً مجرداً ؛ بل هو يتحول كلية إلى سياسات وإجراءات عملية ملموسة في كل المجالات السياسية والاقتصادية والإعلام ؛ بل وأخطر من ذلك كله هو أن العولمة أضحت عملية تطرح ـ في جوهرها ـ هيكلاً للقيم تتفاعل كثير من الاتجاهات والأوضاع على فرضه وتثبيته وقسر مختلف شعوب المعمورة على تبني تلك القيم وهيكلها ونظرتها للإنسان والكون والحياة
نشأة العولمة:
يذهب بعض الباحثين إلى أن العولمة ليست وليدة اليوم ليس لها علاقة بالماضي؛ بل هي عملية تاريخية قديمة مرت عبر الزمن بمراحل ترجع إلى بداية القرن الخامس عشر إلى زمن النهضة الأوروبية الحديثة حيث نشأت المجتمعات القومية.. فبدأت العولمة ببزوغ ظاهرة الدولة القومية عندما حلت الدولة محل الإقطاعية، مما زاد في توسيع نطاق السوق ليشمل الأمة بأسرها بعد أن كان محدوداً بحدود المقاطعة.
وذهب بعض الباحثين إلى أن نشأة العولمة كان في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، والنصف الأول من القرن العشرين، إلا أنها في السنوات الأخيرة شهدت تنامياً سريعاً. يقول إسماعيل صبري :" نشأت ظاهرة الكوكبة (العولمة) وتنامت في النصف الثاني من القرن العشرين، وهي حالياً في أوج الحركة فلا يكاد يمر يوم واحد دون أن نسمع أو نقرأ عن اندماج شركات كبرى، أو انتزاع شركة السيطرة على شركة ثانية.
إن الدعوة إلى إقامة حكومة عالمية، ونظام مالي عالمي موحد والتخلص من السيادة القومية بدأت في الخطاب السياسي الغربي منذ فترة طويلة فهذا هتلر يقول في خطابه أمام الرايخ الثالث :" سوف تستخدم الاشتراكية الدولية ثورتها لإقامة نظام عالمي جديد" وفي كتابات الطبقة المستنيرة عام 1780:" من الضروري أن نقيم إمبراطورية عالمية تحكم العالم كله "
وجاء في إعلان حقوق الإنسان الثاني عام 1973 :" إننا نأسف بشدة لتقسيم الجنس البشري على أسس قومية. لقد وصلنا إلى نقطة تحول في التاريخ البشري حيث يكون أحسن اختيار هو تجاوز حدود السياسة القومية، والتحرك نحو بناء نظام عالمي مبني على أساس إقامة حكومة فيدرالية تتخطى الحدود القومية "
وقال بنيامين كريم أحد قادة حركة العصر الجديد عام 1982 :" ما هي الخطة ؟ أنها تشمل إحلال حكومة عالمية جديدة، وديانة جديدة."
وكانت ورئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارجريت تاتشر قد اقترحت فكرة العولمة يرافقها في ذلك الرئيس الأمريكي السابق رولاند ريغن. ووجهة نظر تاتشر الاقتصادية ـ والتي عُرفت بالتاتشرية ـ انبثقت من الاستحواذ اليهودي للمال والعتاد … حيث أن فكرتها الاقتصادية والتي صاغها اليهودي جوزيف وهي تهدف بجعل الغني أغنى والفقير أفقر.
ويذكر "بات روبرتسون " إن النظام العالمي الجديد نظام ماسوني عالمي، ويعلل على ما يقول : " بأن على وجهي الدولار مطبوع علامة الولايات المتحدة، وهي عبارة عن النسر الأمريكي ممسكاً بغصن الزيتون رمز السلام بأحد مخالبه، وفي المخلب الآخر يوجد 13 سهماً رمز الحرب. وعلى الوجه الآخر هرم غير كامل، فوقه عين لها بريق المجد، وتحت الهرم كلمات لاتينيه (Novus Order Seclorum) وهي شطرة من شعر فرجيل الشاعر الروماني القديم معناها " نظام جديد لكل العصور ". إن الذي صمم علامة الولايات المتحدة هذه هو تشارلز طومسون، وهو عضو في النظام الماسوني وكان يعمل سكرتير للكونجرس. وهذا الهرم الناقص له معنى خاص بالنسبة للماسونيين، وهو اليوم العلامة المميزة لأتباع حركة العصر الجديد." وبعد تحليل ليس بطويل يصل المؤلف إلى وجود علاقة واضحة تربط بين النظام الماسوني والنظام العالمي الجديد.
وقد جاء في مجلة المجتمع بحثاً عن منظمة "بلدربرج" والذي أسسها رجل الأعمال السويدي " جوزيف هـ. ريتنجر" ـ والذي سعى إلى تحقيق الوحدة الأوروبية، وتكوين المجتمع الأطلسي ـ وهي منظمة سرية تختار أعضاءها بدقة متناهية من رجال السياسة والمال، وتعقد اجتماعاتها في داخل ستار حديدي من السرية، وفي حراسة المخابرات المركزية الأمريكية وبعض الدول الأوروبية، ولا تسمح لأي عضو بالبوح بكلمة واحدة عن مناقشاتها، ولا يحق للأعضاء الاعتراض أو تقديم أي اقتراح حول مواضيع الجلسات، ويمول هذه المنظمة مؤسسة روكفلور اليهودية وبنك الملياردير اليهودي روتشيلد، ومعظم الشخصيات في هذه المنظمة هم من الماسونيين الكبار، وكثير من رؤساء الولايات المتحدة نجحوا في الانتخابات بعد عضويتهم في هذه المنظمة مثل : ريجان، وكارتر، وبوش، وكلينتون، وبعد اشتراك تاتشر في المنظمة بسنتين أصبحت رئيسة وزراء إنجلترا، وكذلك بيلر أصبح رئيساً للوزراء بعد مضي أربع سنوات من اشتراكه في المنظمة، وهي تسعى للسيطرة على العالم وإدارته وفق رؤيتها، فقرارتها تؤثر على التجارة الدولية وعلى كثير من الحكومات.
فالعولمة نشأت مع العصر الحديث:
وتكونت بما أحدثه العلم من تطور في مجال الاتصالات وخصوصاً بعد بروز الإنترنت والتي أتاحت مجال واسع في التبادل المعرفي والمالي، وارتباط نشأة الدولة القومية بالعولمة في العصر الحاضر فيه بعد عن مفهوم العولمة والذي يدعو أساساً إلى نهاية سيادة الدولة والقضاء على الحدود الجغرافية، وتعميم مفهوم النظام الرأسمالي واعتماد الديموقراطية كنظام سياسي عام للدول. ولكن هناك أحداث ظهرت ساعدت على بلورة مفهوم العولمة وتكوينه بهذه الصيغة العالمية فانهيار سور برلين، وسقوط الاشتراكية كقوة سياسية وإيديولوجية وتفرد القطب الأوحد بالسيطرة والتقدم التكنولوجي وزيادة الإنتاج ليشمل الأسواق العالمية أدت إلى تكوين هذا المفهوم.
ملحوظه : يتبع الجزء الثالث .
مع اجمل وأرق ألامنيات.
بـ الروح ـوح
العولمة في العصر الحديث :
تعد العولمة منذ اندلاع الحرب العالمية الثانية نتيجة بارزة لتخطيط القادة السياسيين الهادف إلى إزالة الحدود التي تعرقل التجارة بين الدول سعيًا وراء زيادة معدلات الرخاء الاقتصادي واعتماد الدول على بعضها البعض؛ وبذلك تقل فرصة وقوع أي حروب في المستقبل. وقد أدت مساعي هؤلاء القادة السياسيين إلى عقد مؤتمر بريتون وودز والتوصل إلى اتفاقية من قبل الساسة البارزين في العالم لوضع إطار محدد بالنسبة للشئون المالية والتجارية الدولية وتأسيس العديد من المؤسسات الدولية للإشراف على تطبيق العولمة كما يجب. وتتضمن هذه المؤسسات الدولية البنك الدولي للإنشاء والتعمير (المعروف اختصارًا باسم البنك الدولي) وصندوق النقد الدولي. وقد تم تسهيل تطبيق العولمة بالاستعانة بما تم التوصل إليه من تقدم تكنولوجي، والذي عمل على تقليل تكاليف التجارة والجولات الخاصة بمفاوضات التجارة تحت رعاية الاتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة (الجات)، والتي أدت إلى التوصل إلى مجموعة من الاتفاقيات لإزالة الحواجز والمعوقات المفروضة على التجارة الحرة.
لقد تم تقليل الحواجز التي تعترض التجارة الدولية بشكل كبير منذ اندلاع الحرب العالمية الثانية من خلال العديد من الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية الجات. وقد تم تنفيذ مبادرات خاصة كنتيجة للتوصل إلى اتفاقية الجات؛ حيث تم الاتفاق وقتئذٍ على إنشاء منظمة التجارة الدولية، على أن تكون اتفاقية الجات هي الأساس لإنشائها في هذا الصدد. وقد تضمنت هذه المبادرات ما يلي:
تعزيز التجارة الحرة باتباع الآتي:
إلغاء التعريفات الجمركية وإقامة مناطق للتجارة الحرة بتعريفة بسيطة أو دون تعريفة على الإطلاق
تقليل تكاليف النقل وخاصة الناتجة عن تطور عمليات نقل البضائع بحاويات الشحن البحري
تخفيف أو إلغاء الضوابط والقيود المفروضة على رءوس الأموال
تقليل أو منع أو تنسيق صرف الإعانات المالية بالنسبة للشركات المحلية
تخصيص إعانات مالية للشركات العالمية
تنسيق القوانين الخاصة بالملكية الفكرية عبر معظم الدول مع فرض المزيد من الضوابط عليها
الاعتراف دوليًا بتطبيق الضوابط المفروضة على الملكية الفكرية بشكل يتخطى الحدود والسلطات القومية (على سبيل المثال، يتم الاعتراف في الولايات المتحدة الأمريكية بصلاحية براءات الاختراع التي تمنحها الصين.)
إن العولمة الثقافية - التي سادت في العالم بفضل تكنولوجيا الاتصالات والتسويق العالمي لمختلف مجالات الثقافة الغربية – تم إدراكها في البداية كعملية تهدف إلى تحقيق التجانس بين الثقافات؛ حيث اتضح جليًا مدى هيمنة الثقافة الأمريكية في العالم على حساب التنوع التقليدي للثقافات الأخرى. وعلى الرغم من ذلك، فإنه سرعان ما ظهر تيار مضاد وأصبح واضحًا مع ظهور تلك الحركات المناهضة للعولمة والتي أعطت المزيد من الاهتمام إلى الدفاع عن مبادئ التميز المحلي والتأكيد على الفردية والهوية الذاتية ولكن دون جدوى.[14]
إن مفاوضات جولة أوروجواي (المنعقدة من عام 1986 إلى عام 1994) [15] أدت إلى التوصل إلى اتفاقية بتأسيس منظمة التجارة الدولية لتهدئة الصراعات التجارية ووضع برنامج موحد للتجارة. أما عن الاتفاقات التجارية الثنائية ومتعددة الأطراف الأخرى - والتي تتضمن بنودًا من معاهدة ماستريخت واتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية – فقد تم توقيعها أيضًا بهدف تقليل الحواجز وخفض التعريفات الجمركية على الأنشطة التجارية. من ناحية أخرى، ترتبط الصراعات العالمية - مثل الهجمات الإرهابية على الولايات المتحدة الأمريكية في الحادي عشر من سبتمبر – بمدى انتشار العولمة؛ نظرًا لأنها مثلت الدافع الأولي للحرب على الإرهاب في العالم، الأمر الذي أدى إلى تلك الزيادة المستمرة في أسعار البترول والغاز بسبب أن معظم الدول الأعضاء في منظمة الأوبك من الدول الواقعة في شبه الجزيرة العربية. [16] جدير بالذكر أن نسبة الصادرات العالمية قد ارتفعت من 8.5 في المائة من إجمالي الناتج العالمي في عام 1970 إلى 16.1 في المائة من إجمالي الناتج العالمي في عام 2001.
معايير تحديد مستويات العولمة.
يعد افتتاح سلسلة مطاعم ماكدونالدز للوجبات السريعة في اليابان دليلاً على التكامل العالمي.إذا ما نظرنا إلى العولمة الاقتصادية على وجه الخصوص، فإنه سيتضح لنا إمكانية تحديد مستويات لها بعدة طرق مختلفة. وهذه الطرق تتمركز حول أربعة تدفقات اقتصادية رئيسية تتسم بها العولمة وسيرد ذكرها فيما يلي:
السلع والخدمات: على سبيل المثال الصادرات والواردات التي تمثل نسبة من الدخل القومي بالنسبة لكل فرد من السكان
العمالة/الأفراد: على سبيل المثال معدلات الهجرة الصافية ومعدلات تدفق الهجرة الداخلية والخارجية وحسابها من جملة السكان
رءوس الأموال: على سبيل المثال، الاستثمارات المباشرة الداخلية والخارجية كنسبة من الدخل القومي بالنسبة لكل نسمة
التكنولوجيا: على سبيل المثال، جوانب البحوث والتطوير الدولية ومعدلات التغير المرتبطة بعدد السكان واستخدام اختراعات تكنولوجية معينة (وخاصة التكنولوجيا الحديثة وما صاحبها من تقدم هائل مثل التليفون والسيارة والشبكات عالية السرعات)
بما أن العولمة لا تعد ظاهرة اقتصادية فحسب، فإن الأسلوب متعدد المتغيرات المستخدم لتحديد مستويات العولمة يتمثل في ذلك المؤشر الذي تم التوصل إليه من قبل المجموعات والمعاهد البحثية بسويسرا KOF. ويقوم هذا المؤشر بتحديد ثلاثة أبعاد رئيسية للعولمة، ألا وهي البعد الاقتصادي والبعد الاجتماعي والبعد السياسي. بالإضافة إلى وجود هذه المؤشرات الثلاثة التي تعمل على تحديد هذه الأبعاد، فإنه يتم حساب مؤشر كلي للعولمة وغيره من المؤشرات الفرعية المشيرة إلى التدفقات الاقتصادية الفعلية والقيود الاقتصادية والبيانات الخاصة بالاتصالات الشخصية وتدفقات المعلومات ومدى التقارب الثقافي. وفي هذا الصدد، تتوفر البيانات على أساس سنوي بالنسبة لمائة واثنتين وعشرين دولة كما هو موضح في Dreher, Gaston and Martens (2008).[17] وطبقًا لهذا المؤشر، فإن أكثر الدول تأثرًا بالعولمة هي بلجيكا يليها النمسا والسويد والمملكة المتحدة وهولندا. أما أقل الدول تأثرًا بالعولمة – طبقًا لمؤشر KOF – فهي: هاييتي وميانمار وجمهورية أفريقيا الوسطى وبوروندي.[18] قامت مجلة Foreign Policy بالاشتراك مع فريق الخبراء الدولي A.T. Kearney بنشر مؤشر آخر للعولمة لتحديد مستوياتها ومدى تأثر الدول بها. وطبقًا لمؤشر عام 2006، اعتبرت كل من سنغافورة وأيرلندا وسويسرا وهولندا وكندا والدانمارك من أكثر الدول تأثرًا بالعولمة، بينما جاءت كل من إندونيسيا والهند وإيران لكي تكون أقل الدول تأثرًا بالعولمة بين هذه الدول.
العولمة ثورة تكنولوجية واجتماعية:
يقول الاجتماعي "جيمس روزناو" في تعريفها قائلاً :" العلومة علاقة بين مستويات متعددة للتحليل : الاقتصاد، السياسة، الثقافة، الايديولوجيا، وتشمل إعادة تنظيم الإنتاج، تداخل الصناعات عبر الحدود، انتشار أسواق التويل، تماثل السلع المستهلكة لمختلف الدول، نتائج الصراع بين المجموعات المهاجرة والمجموعات المقيمة".وعرفها بعضهم بأنها : "الاتجاه المتنامي الذي يصبح به العالم نسبياً كرة اجتماعية بلا حدود. أي أن الحدود الجغرافية لا يعتبر بها حيث يصبح العالم أكثر اتصالاً مما يجعل الحياة الاجتماعية متداخلة بين الأمم".
فهو يرى أن العولمة شكل جديد من أشكال النشاط، فهي امتداد طبيعي لانسياب المعارف ويسر تداولها تم فيه الانتقال بشكل حاسم من الرأسمالية الصناعية إلى المفهوم ما بعد الصناعي للعلاقات الصناعية.
وهناك من يعرفها بأنها:" زيادة درجة الارتباط المتبادل بين المجتمعات الإنسانية من خلال عمليات انتقال السلع ورؤوس الأموال وتقنيات الإنتاج والأشخاص والمعلومات".وعرفها إسماعيل صبري تعريفاً شاملاً فقال :" هي التداخل الواضح لأمور الاقتصاد والسياسة والثقافة والسلوك دون اعتداد يذكر بالحدود السياسية للدول ذات السيادة أو انتماء إلى وطن محدد أو لدولة معينة ودون الحاجة إلى إجراءات حكومية.
وبعد قراءة هذه التعريفات، يمكن أن يقال في تعريف العولمة :
أنها صياغة إيديولوجية للحضارة الغربية من فكر وثقافة واقتصاد وسياسة للسيطرة على العالم أجمع باستخدام الوسائل الإعلامية، والشركات الرأسمالية الكبرى لتطبيق هذه الحضارة وتعميمها على العالم.
الفرق بين العولمة والعالمية:
إن التقابل بين العالمية والعولمة وإيجاد الفرق بينهما فيه نوع من الصعوبة وخصوصاً أن كلمة العولمة مأخوذة أصلاً من العالم ولهذا نجد بعض المفكرين يذهبون إلى أن العولمة والعالمية تعني معنى واحدا وليس بينهما فرق. ولكن الحقيقة أن هذين المصطلحين يختلفان في المعنى فهما مقابلة بين الشر والخير.
العالمية :انفتاح على العالم، واحتكاك بالثقافات العالمية مع الاحتفاظ بخصوصية الأمة وفكرها وثقافتها وقيمها ومبادئها. فالعالمية إثراء للفكر وتبادل للمعرفة مع الاعتراف المتبادل بالآخر دون فقدان الهوية الذاتية. وخاصية العالمية هي من خصائص الدين الإسلامي، فهو دين يخاطب جميع البشر، دين عالمي يصلح في كل زمان ومكان، فهو لا يعرف الإقليمية أو القومية أو الجنس جاء لجميع الفئات والطبقات، فلا تحده الحدود. ولهذا تجد الخطاب القرآني موجه للناس جميعا وليس لفئة خاصة فكم آية في القرآن تقول " يا أيها الناس" فمن ذلك قوله تعالى :" يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى " وقوله تعالى :"يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا " وقوله تعالى :" يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة " إلى غير ذلك من الآيات التي ورد فيها لفظة الناس وقد تجاوزت المأتيين آية ؛ بل إن الأنبياء السابقين عليهم صلوات الله وسلامه تنسب أقومهم إليهم " قوم نوح " " قوم صالح " وهكذا إلى محمد صلى الله عليه وسلم فإنه لم يرد الخطاب القرآني بنسبة قومه إليه صلى الله عليه وسلم وهذا يدل على عالمية رسالته صلى الله عليه وسلم فهو عالمي بطبعه، " وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ"
ومن أسباب تخلفنا عن الركب الحضاري:
هو إقصاء الإسلام عن عالميته، وعدم زجه في كثير من حقول الحياة بزعم المحافظة على قداسته وطهوريته، وهذا نوع من الصد والهجران للدين، وعدم فهم لطبيعة هذا الدين والذي من طبيعته وكينونته التفاعل مع قضايا الناس والاندماج معهم في جميع شؤون الحياة، وإيجاد الحلول لكل قضاياهم وهذا من كمال هذا الدين وإعجازه. فهو دين تفاعلي حضاري منذ نشأته. فمنذ فجر الرسالة النبوية نزل قوله تعالى :" ألم، غلبت الروم في أدنى الأرض، وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين " فيذكر الخطاب القرآني الكريم المتغيرات العالمية، لإدراك أبعاد التوازنات بين القوتين العظميين في ذلك الزمان، وذلك " أن المسلم يحمل رسالة عالمية، ومن يحمل رسالة عالمية عليه أن يدرك الوقائع والأوضاع العالمية كلها وخاصة طبيعة وعلاقات القوى الكبرى المؤثرة في هذه الأوضاع.
أما العولمة : فهي انسلاخ عن قيم ومبادئ وتقاليد وعادات الأمة وإلغاء شخصيتها وكيانها وذوبانها في الآخر. فالعولمة تنفذ من خلال رغبات الأفراد والجماعات بحيث تقضي على الخصوصيات تدريجياً من غير صراع إيديولوجي. فهي " تقوم على تكريس إيديولوجيا " الفردية المستسلمة" وهو اعتقاد المرء في أن حقيقة وجوده محصورة في فرديته، وأن كل ما عداه أجنبي عنه لا يعنيه، فتقوم بإلغاء كل ما هو جماعي، ليبقى الإطار " العولمي" هو وحده الموجود. فهي تقوم بتكريس النزعة الأنانية وطمس الروح الجماعية، وتعمل على تكريس الحياد وهو التحلل من كل التزام أو ارتباط بأية قضية، وهي بهذا تقوم بوهم غياب الصراع الحضاري أي التطبيع والاستسلام لعملية الاستتباع الحضاري. وبالتالي يحدث فقدان الشعور بالانتماء لوطن أو أمة أو دولة، مما يفقد الهوية الثقافية من كل محتوى، فالعولمة عالم بدون دولة، بدون أمة، بدون وطن إنه عالم المؤسسات والشبكات العالمية.[14]" يقول عمرو عبد الكريم :" العولمة ليست مفهوماً مجرداً ؛ بل هو يتحول كلية إلى سياسات وإجراءات عملية ملموسة في كل المجالات السياسية والاقتصادية والإعلام ؛ بل وأخطر من ذلك كله هو أن العولمة أضحت عملية تطرح ـ في جوهرها ـ هيكلاً للقيم تتفاعل كثير من الاتجاهات والأوضاع على فرضه وتثبيته وقسر مختلف شعوب المعمورة على تبني تلك القيم وهيكلها ونظرتها للإنسان والكون والحياة
نشأة العولمة:
يذهب بعض الباحثين إلى أن العولمة ليست وليدة اليوم ليس لها علاقة بالماضي؛ بل هي عملية تاريخية قديمة مرت عبر الزمن بمراحل ترجع إلى بداية القرن الخامس عشر إلى زمن النهضة الأوروبية الحديثة حيث نشأت المجتمعات القومية.. فبدأت العولمة ببزوغ ظاهرة الدولة القومية عندما حلت الدولة محل الإقطاعية، مما زاد في توسيع نطاق السوق ليشمل الأمة بأسرها بعد أن كان محدوداً بحدود المقاطعة.
وذهب بعض الباحثين إلى أن نشأة العولمة كان في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، والنصف الأول من القرن العشرين، إلا أنها في السنوات الأخيرة شهدت تنامياً سريعاً. يقول إسماعيل صبري :" نشأت ظاهرة الكوكبة (العولمة) وتنامت في النصف الثاني من القرن العشرين، وهي حالياً في أوج الحركة فلا يكاد يمر يوم واحد دون أن نسمع أو نقرأ عن اندماج شركات كبرى، أو انتزاع شركة السيطرة على شركة ثانية.
إن الدعوة إلى إقامة حكومة عالمية، ونظام مالي عالمي موحد والتخلص من السيادة القومية بدأت في الخطاب السياسي الغربي منذ فترة طويلة فهذا هتلر يقول في خطابه أمام الرايخ الثالث :" سوف تستخدم الاشتراكية الدولية ثورتها لإقامة نظام عالمي جديد" وفي كتابات الطبقة المستنيرة عام 1780:" من الضروري أن نقيم إمبراطورية عالمية تحكم العالم كله "
وجاء في إعلان حقوق الإنسان الثاني عام 1973 :" إننا نأسف بشدة لتقسيم الجنس البشري على أسس قومية. لقد وصلنا إلى نقطة تحول في التاريخ البشري حيث يكون أحسن اختيار هو تجاوز حدود السياسة القومية، والتحرك نحو بناء نظام عالمي مبني على أساس إقامة حكومة فيدرالية تتخطى الحدود القومية "
وقال بنيامين كريم أحد قادة حركة العصر الجديد عام 1982 :" ما هي الخطة ؟ أنها تشمل إحلال حكومة عالمية جديدة، وديانة جديدة."
وكانت ورئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارجريت تاتشر قد اقترحت فكرة العولمة يرافقها في ذلك الرئيس الأمريكي السابق رولاند ريغن. ووجهة نظر تاتشر الاقتصادية ـ والتي عُرفت بالتاتشرية ـ انبثقت من الاستحواذ اليهودي للمال والعتاد … حيث أن فكرتها الاقتصادية والتي صاغها اليهودي جوزيف وهي تهدف بجعل الغني أغنى والفقير أفقر.
ويذكر "بات روبرتسون " إن النظام العالمي الجديد نظام ماسوني عالمي، ويعلل على ما يقول : " بأن على وجهي الدولار مطبوع علامة الولايات المتحدة، وهي عبارة عن النسر الأمريكي ممسكاً بغصن الزيتون رمز السلام بأحد مخالبه، وفي المخلب الآخر يوجد 13 سهماً رمز الحرب. وعلى الوجه الآخر هرم غير كامل، فوقه عين لها بريق المجد، وتحت الهرم كلمات لاتينيه (Novus Order Seclorum) وهي شطرة من شعر فرجيل الشاعر الروماني القديم معناها " نظام جديد لكل العصور ". إن الذي صمم علامة الولايات المتحدة هذه هو تشارلز طومسون، وهو عضو في النظام الماسوني وكان يعمل سكرتير للكونجرس. وهذا الهرم الناقص له معنى خاص بالنسبة للماسونيين، وهو اليوم العلامة المميزة لأتباع حركة العصر الجديد." وبعد تحليل ليس بطويل يصل المؤلف إلى وجود علاقة واضحة تربط بين النظام الماسوني والنظام العالمي الجديد.
وقد جاء في مجلة المجتمع بحثاً عن منظمة "بلدربرج" والذي أسسها رجل الأعمال السويدي " جوزيف هـ. ريتنجر" ـ والذي سعى إلى تحقيق الوحدة الأوروبية، وتكوين المجتمع الأطلسي ـ وهي منظمة سرية تختار أعضاءها بدقة متناهية من رجال السياسة والمال، وتعقد اجتماعاتها في داخل ستار حديدي من السرية، وفي حراسة المخابرات المركزية الأمريكية وبعض الدول الأوروبية، ولا تسمح لأي عضو بالبوح بكلمة واحدة عن مناقشاتها، ولا يحق للأعضاء الاعتراض أو تقديم أي اقتراح حول مواضيع الجلسات، ويمول هذه المنظمة مؤسسة روكفلور اليهودية وبنك الملياردير اليهودي روتشيلد، ومعظم الشخصيات في هذه المنظمة هم من الماسونيين الكبار، وكثير من رؤساء الولايات المتحدة نجحوا في الانتخابات بعد عضويتهم في هذه المنظمة مثل : ريجان، وكارتر، وبوش، وكلينتون، وبعد اشتراك تاتشر في المنظمة بسنتين أصبحت رئيسة وزراء إنجلترا، وكذلك بيلر أصبح رئيساً للوزراء بعد مضي أربع سنوات من اشتراكه في المنظمة، وهي تسعى للسيطرة على العالم وإدارته وفق رؤيتها، فقرارتها تؤثر على التجارة الدولية وعلى كثير من الحكومات.
فالعولمة نشأت مع العصر الحديث:
وتكونت بما أحدثه العلم من تطور في مجال الاتصالات وخصوصاً بعد بروز الإنترنت والتي أتاحت مجال واسع في التبادل المعرفي والمالي، وارتباط نشأة الدولة القومية بالعولمة في العصر الحاضر فيه بعد عن مفهوم العولمة والذي يدعو أساساً إلى نهاية سيادة الدولة والقضاء على الحدود الجغرافية، وتعميم مفهوم النظام الرأسمالي واعتماد الديموقراطية كنظام سياسي عام للدول. ولكن هناك أحداث ظهرت ساعدت على بلورة مفهوم العولمة وتكوينه بهذه الصيغة العالمية فانهيار سور برلين، وسقوط الاشتراكية كقوة سياسية وإيديولوجية وتفرد القطب الأوحد بالسيطرة والتقدم التكنولوجي وزيادة الإنتاج ليشمل الأسواق العالمية أدت إلى تكوين هذا المفهوم.
ملحوظه : يتبع الجزء الثالث .
مع اجمل وأرق ألامنيات.
بـ الروح ـوح
الأربعاء أبريل 01, 2015 8:08 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * الحُــــبّ
الأربعاء أبريل 01, 2015 8:06 am من طرف بوح الروح
» * * * * * وبيسألوني ... !!!
الأربعاء أبريل 01, 2015 8:04 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * في بلادنا ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:59 am من طرف بوح الروح
» * * * * * في بلادي ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:57 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * في بلادي ...
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:55 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * في بلادي ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:53 am من طرف بوح الروح
» * * * * * قالوا لي ..!!!!!
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:51 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * مِن غيرتي ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:49 am من طرف بوح الروح