**** العولمـــه : الجزء الثالث.
ركائز العولمة:
هناك شبه اتفاق على إن العولمة ترتكز على خمس ركائز أساسية:
أولاً: شبكات الاتصال والإعلام الفضائي الذي لا يعترف بالحدود الجغرافية والانكفاء الذاتي. وتوظيف الإعلام، ووسائل الاتصال الحديثة في انتشار المعلومات بحيث تصبح مشاعاً لدى الناس جميعاً وعن طريقها يتم استعمار العقول والسيطرة الفكرية على الآخرين حتى يتسنى لهم "الهيمنة العالمية" بطواعية الشعوب ورغبتها.
ثانياً: الشركات والمؤسسات المتعددة الجنسيات التي تتولى القيادة عبر العالم، وهي تحل محل الدولة. فتذوب الحدود بين الدول، وتجعل العالم كبلد واحد، مما يقلص دور الدولة ويقلل فعاليتها ويجعل الشركات الرأسمالية العملاقة متعددة الجنسية تهيمن على السوق وبالتالي تسيطر على الدول. يقول بروك شيسولم وهو مدير منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة :" لكي نقيم الحكومة العالمية، فإنه من الضروري أن نزيل من أذهان الناس فردانيتهم، وولائهم للتقاليد العائلية، والوطنية القومية، والتعاليم الدينية.. "
ثالثاً: زيادة معدلات التجانس والتشابه بين الجماعات والمجتمعات والمؤسسات التربوية حيث تفقد المجتمعات خصوصياتها وشخصيتها، فمثلاً اللباس الغربي الذي أصبح متجانساً في أكثر أنحاء العالم، فهو نموذج للهيمنة الغربية، يرى "فرانسيس فوكوياما" في كتابه " نهاية التاريخ" أن محصلة العولمة هو انتصار للحضارة الغربية التي سوف تفرض هيمنتها وثقافتها وقيمها على شعوب العالم بحيث يصبح العالم ذو فكر وثقافة واحدة وهي ثقافة أمريكية بحتة. فتقنين العلاقات داخل المجتمعات وبين بعضها البعض على أساس أوضاع ثقافية وسياسية واقتصادية تصون قوانين الرأسمالية ووجودها ودورها ([1]).
رابعاً: حرية الاستثمار في أي مكان في العالم، أي حرية تنقل رأس المال الخاص دون أي عوائق تحول دون حركته. فالإمكان إقامة المصانع في أي بلد في العالم بغض النظر عن الجنسية أو السياسة القومية لأي دولة.
خامساً: عالمية النمط الاستهلاكي وحرية المستهلك في الشراء من المصدر الذي يختاره في العالم.ومما زاد على تسارع الطاقة الاستهلاكية الشبكة العنكبوتية العالمية إذ مكنّت المستهلك بالاتصال والترابط مع سلع وبضائع الشركات العالمية.
أهداف العولمة:
يرى كثير من الباحثين إن العولمة تسعى إلى جذبنا إلى أفكار يراد لنا أن نسلم بها وهي الأهداف الحقيقية للعولمة ويمكن إيجازها في عدة نقاط:
أولاً: التحكم في الاقتصاد العالمي وإخضاعه لمصالح الدول الكبرى وذلك عن طريق حرية السوق والتعامل المشترك بين الدول، وتأمين مزيد من الأسواق للاستهلاك، ومزيد من الثروات للاستيلاء عليها.
ثانياً: تشكيل النظام العالمي المالي ليندرج تحت المظلة الرأسمالية الغربية والتي يحكمها الغرب وخصوصاً الولايات المتحدة الأمريكية، وإن انتصار النظام الرأسمالي دليل على صلاحيته وإنه أفضل صيغة يمكن للعقل البشري أن يصل إليها، ولا يمكن لدول العالم أن تخرج من تخلفها إلا بدخولها في المنظومة الرأسمالية.
ثالثاً: القرية الكونية الصغيرة ومحاولة ربط الإنسان بالعالم لا بالدولة والتي تعني القضاء على سلطة الدولة والمشاعر الوطنية، ودمج العالم في وحدة إعلامية واحدة تنطلق من منطلق معلوماتية واحدة.
رابعاً: الهيمنة السياسية على دول العالم الثالث، واستعمار ممتلكاتها وخيراتها. فيكون التعامل على وفق نظرية داروين "البقاء للأصلح" فلا بقاء للضعيف ؛ بل يجب إقصاءه حتى ينقضي ويفنى، فالضعيف مهمش ويجب أن ينبذ عن الطريق "اصطفاء الأنواع".
خامساً :التذويب الحضاري لسائر الحضارات التي تحمل قيماً مضادة لقيم الحضارة الغربية وعلى رأسها الحضارة الإسلامية باعتبارها المحرك الأول لمقاومة الحضارة الغربية. وفي هذا يقول الكاتب الأمريكي " صموئيل هنتنجتون" :" إنه لا مجال ولا إمكانية للتعايش مع الحضارة الإسلامية لأنها تختلف عن الحضارة الغربية وإن المواجهة التي انتهت ضد الحزب الشيوعي تركت الفضاء مفتوحاً أمام مواجهة جديدة لا تكون إلا مع الغرب وقيمه، والإسلام الذي هو غير قيم الغرب ؛ بل هو مغاير للحضارة الغربية، ولحقوق الإنسان، ولسيادة الحق والنظم الديموقراطية يجب مقاومته ". وهذا ما صرح به "نيكسون" في كتابه " الفرصة الأخيرة ":"إنه بعد سقوط الشيوعية لم يعد هناك عدو سوى الإسلام". فيجب القضاء على التعصب الديني والقومي والإقليمي ومزج الأمم في الحضارة الغربية.
سادساً : إعادة بناء هيكليات أقطار العالم السياسية في صيغ تكرس الشرذمة والتشتت الإنساني، وتفكك الأوطان والقوميات إلى كيانات هزيلة قائمة على نزعات قبلية عرقية أو دينية طائفية أو لغوية ثقافية، بغية سلب أمم العالم وشعوبها القدرة على مواجهة الزحف المدمر للرأسمالية العالمية والتي لا تستقر إلا بالتشتت الإنساني ([2]).
آثار العولمةللعولمة:
العديد من الجوانب التي تؤثر على العالم بأكمله بعدة طرق مختلفة منها:
على المستوى الصناعي :
إنشاء أسواق إنتاج عالمية وتوفير المزيد من السهولة بصدد الوصول إلى عدد كبير من المنتجات الأجنبية بالنسبة للمستهلكين والشركات، فضلاً عن سهولة انتقال الخامات والسلع داخل الحدود القومية وبين الدول بعضها البعض. [بحاجة لمصدر]
على المستوى المالي : إنشاء الأسواق المالية العالمية وإتاحة مزيد من السهولة واليسر بصدد حصول المقترضين على التمويل الخارجي. ولكن مع نمو وتطور هذه الهياكل العالمية بسرعة تفوق أي نظام رقابي انتقالي، زاد مستوى عدم استقرار البنية التحتية المالية العالمية بشكل كبير – وهو ما اتضح جليًا في الأزمة المالية التي حدثت في أواخر عام 2008. [بحاجة لمصدر]
على المستوى الاقتصادي : إنشاء سوق عالمية مشتركة تعتمد على حرية تبادل السلع ورءوس الأموال. وعلى الرغم من ذلك، فإن ترابط هذه الأسواق يعني أن حدوث أي انهيار اقتصادي في أية دولة قد لا يمكن احتواؤه. [بحاجة لمصدر]
على المستوى السياسي : استخدم بعض الأشخاص مصطلح "العولمة" للإشارة إلى تشكيل حكومة عالمية تعمل على تنظيم العلاقات بين الحكومات وتضمن الحقوق المترتبة على تطبيق العولمة الاقتصادية والاجتماعية. فمن الناحية السياسية، تتمتع الولايات المتحدة الأمريكية بمركز قوة كبير بين قوى العالم أجمع بسبب قوة اقتصادها وما لديها من ثروة وفيرة. ومع تأثير العولمة وبمساعدة اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية، استطاعت جمهورية الصين الشعبية أن تشهد تطورًا ونموًا كبيرًا في غضون العقد الماضي. وإذا ما واصلت الصين هذا النمو بمعدل مخطط له لمواكبة الاتجاهات الاقتصادية، فإنه من المحتمل جدًا في غضون العشرين عامًا القادمة أن تحدث حركة كبرى لإعادة توزيع مراكز القوة بين قادة العالم. وسوف تتمكن الصين من امتلاك الثروة الكافية والتمتع بازدهار المجال الصناعي بها واستخدام أحدث الوسائل التكنولوجية لكي تنافس الولايات المتحدة الأمريكية على زعامة العالم.[19]
على المستوى المعلوماتي :
زيادة كم المعلومات الذي يمكن انتقاله بين المناطق البعيدة من الناحية الجغرافية. ومع أن هذا الأمر يعد مثار الجدل والنقاش، فإنه يعتبر بمثابة تغير تكنولوجي مصحوبًا بظهور وسائل الاتصال المعتمدة على الألياف البصرية والأقمار الصناعية وإتاحة التواصل عن طريق الهاتف والإنترنت بشكل كبير.
على المستوى اللغوي : تعتبر اللغة الإنجليزية هي الأكثر انتشارًا وتداولاً في العالم أجمع كما يلي:[20]
تتم كتابة حوالي 35 في المائة من رسائل البريد والتليكس والتلغراف باللغة الإنجليزية.
تتم إذاعة 40 في المائة تقريبًا من برامج الراديو في العالم باللغة الإنجليزية.
يتم تدفق حوالي 50 في المائة من البيانات عبر شبكة الإنترنت باللغة الإنجليزية.[21]
على المستوى التنافسي :
يستوجب الاستمرار في الأسواق العالمية الجديدة للأعمال والتجارة زيادة معدلات التنافس وتحسين الإنتاجية. ونظرًا لأن السوق قد أصبحت عالمية، فإنه يتعين على الشركات المتخصصة في العديد من المجالات تحسين منتجاتها واستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة بمهارة لمواجهة معدلات التنافس المتزايدة.[22]
على المستوى البيئي :
ظهور تحديات بيئية عالمية قد لا يتم مواجهتها والتصدي لها إلا بالتعاون الدولي. تتمثل هذه التحديات في تغير المناخ وصراع الدول على حدود المياه وتلوث الهواء ومشكلة الصيد الجائر للأسماك في المحيطات وظهور كائنات غريبة واجتياحها للبيئة. لذا، فإنه منذ أن تم تأسيس الكثير من المصانع في الدول النامية دون اتباع لوائح وقوانين البيئة كما ينبغي، فقد تتسبب العالمية وكذلك التجارة الحرة في زيادة معدلات التلوث. على الجانب الآخر، فإن التنمية الاقتصادية تطلبت من الناحية التاريخية مرحلة صناعية لم تكن آمنة من التلوث على الإطلاق. وقد ثار جدل بصدد عدم وجوب منع الدول النامية من زيادة مستوى معيشتها من خلال اتباع مثل هذه اللوائح والقوانين.
على المستوى الثقافي : تطورت قنوات الاتصال الثقافية المشتركة بين الدول وظهرت صور جديدة من التأكيد على الوعي والهوية التي تجسد مدى انتشار التيار الثقافي والرغبة في زيادة مستوى معيشة الفرد والتمتع بالمنتجات والأفكار الأجنبية الأخرى واتباع الوسائل والأساليب التكنولوجية الحديثة والمشاركة في الثقافة العالمية. ومع ذلك، فإن بعض الأشخاص تتملكهم بالفعل مشاعر الحزن والحسرة على زيادة معدلات الاستهلاك في العالم واندثار العديد من اللغات. انظر أيضًا Transformation of culture. أما عن التغيرات التي أحدثتها الثقافة في العالم فهي تتمثل في الآتي ذكره:
انتشار التعددية الثقافية وإمكانية وصول الفرد بشكل أفضل لشتى صور التنوع الثقافي (من خلال ما يتم مشاهدته في أفلام "هوليوود" و"بوليوود" على سبيل المثال). ولكن من ناحية أخرى، يعتبر البعض أن الثقافة الواردة إلينا من الخارج (أو ما تسمى بالثقافة المستوردة) تمثل خطرًا كبيرًا منذ احتمال أن تحل محل الثقافة المحلية، مما يتسبب في حدوث انخفاض في معدلات التنوع واستيعاب كل ما هو جديد من الثقافات بشكل عام. على الجانب الآخر، يعتبر آخرون أن التعددية الثقافية أمر مفيد من أجل تعزيز السلام وسبل التفاهم بين الشعوب.
- زيادة الإقبال على السفر والسياحة في العالم؛ حيث قدرت منظمة الصحة العالمية عدد الأشخاص الذين دومًا ما يقومون برحلات جوية في أي وقت ووجدت أنهم يشكلون أكثر من 500,000 شخص.[23]
- زيادة معدلات الهجرة، بما فيها الهجرة غير الشرعية
- انتشار المنتجات المحلية الخاصة بالمستهلك (مثل المواد الغذائية) في الدول الأخرى (وفقًا لثقافتها)
- انتشار بعض الألعاب العالمية، مثل: البوكيمون Pokémon والسودوكو Sudoku وNuma Numa والأوريجامي Origami، والتردد على بعض المواقع العالمية مثل: Idol series وYouTube وOrkut وFacebook وMyspace. وإمكانية الوصول إليها بسهولة بالنسبة لكل من يتوفر لديهم إنترنت وتليفزيون، مع ترك فئة كبيرة من سكان الأرض.
- انتشار الأحداث الرياضية العالمية مثل كأس العالم لكرة القدم ودورة الألعاب الأوليمبية.
- اندماج الشركات متعددة الجنسيات وتحويلها إلى شركات جديدة.
وكأحد رعاة فريق All-Blacks لرياضة الركبي، قامت شركة Adidas بإنشاء موقع ويب محاكي مزود بلعبة ركبي تفاعلية يمكن تنزيلها من أجل محبي ومشجعي اللعبة لممارستها على جهاز الكمبيوتر والتنافس عليها.[24]
على المستوى الاجتماعي :
تطوير المنظمات غير الحكومية كممثلين رئيسيين للسياسة العامة الدولية المتضمنة الجهود التنموية والمساعدات الإنسانية.
[25]
على المستوى التقني والفني :
تطوير البنية التحتية لوسائل الاتصالات العالمية السلكية واللاسلكية وزيادة سرعة انتقال البيانات وتدفقها عبر حدود الدول باستخدام تقنيات مثل شبكة الإنترنت والأقمار الصناعية الخاصة بالاتصالات وأسلاك الألياف البصرية الموجودة تحت الماء والهواتف اللاسلكية.
- زيادة عدد المعايير التي يتم تطبيقها عالميًا؛ مثل: قوانين حقوق الطبع والنسخ وبراءات الاختراع واتفاقيات التجارة الدولية.
على المستوى القانوني/الأخلاقي :
إنشاء المحكمة الجنائية الدولية وقيام حركات تدعو لنشر العدل على مستوى العالم منها حركات العدالة الدولية
انتشار ظاهرة استيراد الجريمة وزيادة الوعي بالجهود الدولية المبذولة والتأكيد على أهمية التعاون للتصدي لمختلف الجرائم
سن القانون الإداري الدولي.
التأثير الثقافي للعولمةعملت شبكة الإنترنت
على إزالة الحدود الثقافية عبر مختلف دول العالم عن طريق إتاحة اتصال سهل وسريع بين الأفراد في أي مكان عن طريق مختلف أجهزة الإعلام والوسائل الرقمية. وترتبط شبكة الإنترنت بالعولمة الثقافية لأنها تتيح التفاعل والتواصل بين الأفراد من مختلف الثقافات وأساليب الحياة. كذلك، تسمح مواقع الويب التي يتشارك فيها الأفراد صورهم بمزيد من التفاعل حتى ولو كانت اللغة تشكل عائقًا أمامهم. فقد أصبح من الممكن بالنسبة لأي شخص في أمريكا أن يتناول النودلز اليابانية على الغداء. كما أصبح من الممكن بالنسبة للقاطن مدينة سيدني في أستراليا أن يتناول الطعام الأكثر شعبية في إيطاليا ألا وهو كرات اللحم. ومن ثم، فقد أصبح الطعام يشكل مظهرًا واحدًا من مظاهر الثقافة المتعددة والمتأصلة بأية دولة. فالهند، على سبيل المثال، تشتهر بالكاري والتوابل الغريبة، أما باريس فتشتهر بمختلف أنواع الجبن، في حين تشتهر الولايات المتحدة الأمريكية بالبرجر والبطاطس المحمرة. قديمًا، كان الطعام المقدم في مطاعم ماكدونالدز هو الطعام المفضل لدى الأمريكيين فقط بصورته المبهجة الباعثة على الحظ وكذلك بوجود شخصية رونالد دائمة الظهور في إعلانه وألوانه الحمراء والصفراء المعروفة ووجباته السريعة المتعددة الشهية. أما الآن، فقد أصبح هذا المطعم مطعمًا عالميًا؛ حيث أضحى له 31,000 فرع حول العالم بما فيها الكويت ومصر ومالطا. ومن ثم، يعد هذا المطعم خير مثال على انتشار الطعام على أساس عالمي. كذلك، يعد التأمل من الأساليب التي تلقى احترامًا وتقديسًا منذ قرون في الثقافة الهندية. فالتأمل يعمل على تهدئة الجسم ويساعد المرء في إدراك ذاته الداخلية وتجنب أي وضع يضر بها. قبل العولمة، كان الأمريكيون لا يمارسون تمارين التأمل أو اليوجا. لكن بعد العولمة، أصبح التأمل أسلوبًا شائعًا بينهم حتى أنه اعتبر طريقة مواكبة للحداثة للمحافظة على الرشاقة. حتى أن بعد الأشخاص يسافرون إلى الهند لكي يحصلوا على الخبرة الكاملة في هذا الصدد بأنفسهم. من ناحية أخرى، يعتبر الوشم المتخذ شكل الرموز الصينية من الأساليب الأخرى الشائعة التي ساهمت العولمة في انتشارها. فهذه الرسوم والأشكال تعتبر تقليعة شائعة بين جيل الشباب في هذه الأيام، كما أنها سرعان ما أصبحت سلوكًا معتادًا ومتعارفًا عليه بينهم. ومع امتزاج الثقافات، أصبح استخدام لغة دولة أخرى في أحاديث الأفراد أمرًا عاديًا. يتم تعريف الثقافة بأنها مجموعة من أنماط الأنشطة الإنسانية والرموز التي تمنح هذه الأنشطة تلك الأهمية.
فالثقافة تعبر عما يتناوله الأفراد من طعام، وما يرتدونه من ملبس، كما أنها تعبر عن المعتقدات والأفكار التي يتبعونها والأنشطة التي يمارسونها. إن العولمة قد عملت على الربط بين الثقافات المختلفة وقامت بتحويلها إلى شيء مختلف وفريد من نوعه. وكما تم التصريح من جانب "إيرلا زوينجل" في إحدى مقالات مجلة National Geographic تحت عنوان "العولمة": "عندما تستقبل الثقافات مختلف التأثيرات الخارجية، فإنها تستوعب بعضها وترفض البعض الآخر منها؛ ثم تعمل بعدها فوريًا على تحويل ما تم استيعابه." [26]
الآثار السلبية للعولمة:
من السهل ملاحظة الجوانب الإيجابية للعولمة والفوائد الكبيرة الواضحة لها في كل مكان دون الاعتراف بجوانبها السلبية المتعددة. فهذه الجوانب غالبًا ما تكون نتيجة تأثر الشركات بالعولمة والخروج بالاقتصاديات من دائرة سيطرة الحكومات عليها والتي كانت قادرة من قبل على الاستمرار دون مساعدة الدول الأخرى. إن العولمة - بما تمثله من تكامل مستمر بين الاقتصاديات والمجتمعات حول العالم – أصبحت تشكل أحد الموضوعات التي كثر النقاش حولها في الاقتصاد الدولي على مدار السنوات القليلة المنقضية. فزيادة معدلات التنمية بسرعة بالإضافة إلى انخفاض معدلات الفقر في الصين والهند والدول الأخرى التي ظلت فقيرة منذ عشرين عامًا، كلها تعد أحد الجوانب الإيجابية للعولمة. ولكن، كان للعولمة تيار دولي مضاد بصدد ما أدت إليه من تدهور في الظروف البيئية وتقلب في الأحوال المناخية للأرض.[27] ففي الإقليم الأوسط الشمالي الغربي للولايات المتحدة الأمريكية، تسببت العولمة في انخفاض مستويات التنافس في مجالي الصناعة والزراعة، مما أدى إلى انخفاض مستوى رفاهية الأفراد ومستوى معيشتهم وتمتعهم بالحياة في تلك المناطق التي لم تتكيف مع التغير الجديد. [28]
الورش والمؤسسات والمشروعات الصغيرة التجارية الاستغلاليةيمكن قول إن العولمة تمثل الباب الذي تدخل من خلاله أية دولة فقيرة الموارد إلى السوق الدولي. ففي أية دولة بها ناتج مادي ضعيف أو ملموس يتم تجميعه أو استخراجه من أراضيها، تحاول الشركات الكبرى انتهاز هذه الفرصة للاستفادة من "ضعف صادرات" هذه الدولة. وبينما تمت الإشارة إلى معظم المرات الأولى التي تكررت فيها ظاهرة العولمة الاقتصادية على أنها اتساع وزيادة في عدد الأنشطة التجارية ونمو الشركات، ففي العديد من الدول الأكثر فقرًا تحدث العولمة نتيجةً لاستثمار الشركات الأجنبية في أي منها للاستفادة من تدني معدل الأجور بها. يأتي هذا على النقيض من الحقيقة الاقتصادية التي تقول إن الاستثمار يؤدي إلى زيادة معدل الأجور في أية دولة لأنه يعمل على زيادة أسهم رءوس الأموال فيها. تعد إقامة أصحاب المصانع للورش والمؤسسات الصناعية والمشروعات الصغيرة التجارية الاستغلالية التي تكون ساعات العمل فيها طويلة في مقابل دفع أجور متدنية للعمال وفي ظل ظروف عمل غير صحية أحد الأمثلة التي استعان بها مناهضو العولمة. ووفقًا لما صرحت به منظمة Global Exchange، فإن أصحاب مصانع الأحذية الرياضية يمثلون الفئة التي تنشئ هذه "المشروعات الصغيرة التجارية الاستغلالية" بكثرة وضربت مثالاً على ذلك بشركة Nike لصناعة الأحذية والمستلزمات الرياضية.[29] فقد قامت هذه الشركة بإقامة عدد من مصانعها في دول فقيرة يقبل فيها العاملون العمل مقابل أجور متدنية. بعد ذلك، إذا حدث أي تغيير في قوانين العمل الخاصة بهذه الدول وتم وضع قواعد أكثر صرامة تحكم عملية التصنيع فيها، يتم إغلاق المصانع الموجودة في هذه الدول ونقلها إلى دول أخرى تطبق نظم اقتصادية أكثر تحفظًا حيث تطبق مبدأ "دعه يعمل" الفرنسي الذي يدعم حرية النشاط الاقتصادي ويمنع تدخل الحكومات في تنظيم أحوال التجارة والاقتصاد بها. [بحاجة لمصدر] يوجد العديد من الوكالات والهيئات التي تم إنشاؤها في جميع أنحاء العالم وقد تمت إقامتها بهدف التركيز على الحملات المناهضة لمثل هذه المشروعات التجارية الاستغلالية ونشر الوعي بشأنها. ففي الولايات المتحدة الأمريكية، تقدمت لجنة العمل القومية (The National Labor Committee) بعدد من المذكرات التي تمثل جزءًا من قانون ظروف العمل اللائقة والمنافسة العادلة (Decent Working Conditions and Fair Competition Act) والتي فشلت حتى الآن في الكونجرس. فهذا التشريع يطلب بصورةٍ قانونية من الشركات أن تقوم بمراعاة حقوق الإنسان والعاملين عن طريق حظر استيراد أو بيع أو تصدير السلع التي يتم إنتاجها في المصانع والمشروعات التجارية الاستغلالية. [30] بصفةٍ خاصة، تشمل المبادئ الأساسية لهذا التشريع حظر عمالة الأطفال وعدم الإجبار على العمل وإتاحة حرية المشاركة والحق في تنظيم وعقد الصفقات بصورةٍ إجمالية والحق في التمتع بظروف عمل لائقة.[31] ولقد صرحت "تيزيانا تيرانوفا" أن العولمة أدت إلى ظهور ثقافة "العمل الحر". تعني هذه الثقافة، بالأرقام، أن الأشخاص (رأس المال المساهم) يستغلون ويستنزفون الوسائل التي يمكن من خلالها المحافظة على استمرار العمل. على سبيل المثال، ظهرت ثقافة العمل الحر في مجال الوسائط الرقمية (مثل الرسوم المتحركة واستضافة غرف الدردشة وتصميم الألعاب) الذي يعد أقل سحرًا وجمالاً مما قد يبدو. وفي مجال الصناعة، تم إنشاء سوق الذهب الصيني.[32]
تضارب المصالح الماليةصرح "آلان جرينسبان" أنه قد صُدِم عند معرفة أنه قد ثبت أن الاهتمام الخاص من قِبَل مؤسسات الإقراض بحماية حقوق ملكية المساهمين وهم كبير. فقد انهار نموذج ريجان – تاتشر الذي كان يفضل التمويل عن التصنيع المحلي. كما أن ظهور مفهومي التمويل والعولمة المدعمين لبعضهما البعض بصورة متبادلة أنهى الارتباط الذي كان قائمًا بين الرأسمالية الأمريكية والمصالح الأمريكية. ويجب أن نستفيد من الرأسمالية الاجتماعية في دول الاسكندينافيا التي تعتبر نموذجًُا اقتصاديًا أقل تركيزًا على التصنيع من النموذج الألماني. فقد قامت هذه الدول بتطوير مهاراتها وأجور العاملين بها في قطاعي التجزئة والخدمات وهما القطاعان اللذان يستحوذان على معظم القوة العاملة في الولايات المتحدة الأمريكية. نتيجةً لذلك، لا يوجد عاملون تعساء وفقراء في دول الاسكندينافيا على العكس من الحال في الولايات المتحدة الأمريكية التي يوجد بها عدد كبير، مقدر بالملايين، منهم. [33]
أنصار العولمة (العالمية)يدعي المؤيدون لنظام التجارة الحرة أنه نظام يعمل على زيادة الرخاء الاقتصادي والفرص الاقتصادية أيضًا خاصةً في الدول النامية. علاوةً على ذلك، فإنه يعمل على تحسين مفهوم الحريات المدنية ويؤدي إلى تخصيص أكثر كفاءة وفاعلية للموارد. وتقترح النظريات الاقتصادية المتعلقة بالميزة المقارنة أن التجارة الحرة تؤدي إلى تخصيص الموارد بشكلٍ أكثر كفاءة مع استفادة جميع الدول المشتركة في التجارة. بصفةٍ عامة، يؤدي هذا الأمر إلى انخفاض الأسعار وانخفاض نسب البطالة وزيادة معدل الإنتاج وارتفاع مستوى معيشة الأفراد في الدول النامية.[34][35]
ويقترح "د. فرانسسكو ستيبو"، مدير نادي روما الأمريكي، أن "النظام الحكومي العالمي يجب أن يعكس التوازنات السياسية والاقتصادية لدول العالم. كما أن الاتحاد الكونفدرالي العالمي يجب ألا يحل محل سلطة حكومات الدول ولكنه على العكس من ذلك يجب أن يكملها حيث إن سلطة الدول والسلطة الدولية سيكون لهما نفوذ داخل نطاق اختصاص كل منهما". ويصرح عدد من المؤيدين للمبدأ الفرنسي الرأسمالي "دعه يعمل أو Laissez-faire" وبعض المؤيدين لمبادئ الحرية في الفكر والعمل أن تحقيق مستويات أعلى من الحرية الاقتصادية والسياسية في شكل نشر الديمقراطية والرأسمالية في دول العالم المتقدمة يعد غاية في حد ذاته كما أنه يؤدي إلى وجود مستويات أعلى من الثروة المادية. وهم يعتقدون أن العولمة تعني الانتشار المفيد للحرية والرأسمالية. ويطلق أحيانًا على مؤيدي العولمة الديمقراطية اسم أنصار العولمة (pro-globalist). وهم يعتقدون أن المرحلة الأولى من العولمة، التي كانت موجهة للسوق والتجارة، يجب أن يتبعها مرحلة بناء مؤسسات سياسية عالمية تمثل إرادة مواطني العالم. ويكمن الفرق بين هؤلاء المؤيدين للعولمة الديمقراطية والمؤيدين لأشكال العولمة الأخرى أنهم لم يقوموا مقدمًا بتحديد أيديولوجية معينة لتوجيه هذه الإرادة ولكنهم تركوا اختيار الأيديولوجية المطبقة لمواطني العالم بأكمله عن طريق عملية ديمقراطية.
ويتصور البعض، مثل السيناتور الكندي السابق "دوجلاس روش" (Douglas Roche, O.C.)، أن العولمة أمر حتمي وينادون بإقامة مؤسسات مثل الجمعية البرلمانية للأمم المتحدة (United Nations Parliamentary Assembly) المنتخبة انتخابًا حرًا مباشرًا للإشراف على الهيئات الدولية غير المنتخبة ومراقبتها.
ويدعي أنصار العولمة أن الحركة المناهضة للعولمة تستخدم أدلة غير مؤكدة لدعم وجهة نظرها [بحاجة لمصدر] المؤيدة لمبدأ حماية الإنتاج الوطني بينما تدعم بشدة الإحصائيات في جميع أنحاء العالم مبدأ العولمة:
من 1981 إلى 2001 ووفقًا لأرقام البنك الدولي، انخفض عدد السكان الذين يبلغ دخلهم اليومي دولارًا واحدًا أو أقل من 1.5 مليار إلى 1.1 مليار فرد بصورةٍ مطلقة. في الوقت نفسه، تزايد عدد سكان العالم. بالتالي وبصورةٍ نسبية، انخفض عدد الأفراد أيضًا الذين يبلغ دخلهم اليومي دولارًا واحدًا أو أقل في الدول النامية من 40 في المائة ليصل إلى 20 في المائة من السكان.[36][37] بالإضافة إلى ذلك، فإن التطورات الهائلة في اقتصاديات العالم قللت بصورةٍ سريعة العوائق الخاصة بالتجارة والاستثمار. على الرغم من ذلك، ينادي بعض النقاد بوجوب دراسة بعض المعايير المتغيرة الأكثر تفصيلاً التي تقيس مستوى الفقر بدلاً من هذه الإحصائيات.[38]
انخفضت كثيرًا النسبة المئوية لعدد الأفراد الذين يبلغ دخلهم اليومي أقل من 2 دولار في الأماكن التي تأثرت بالعولمة بينما ظلت معدلات الفقر في أماكن أخرى كما هي.
ففي دول شرق آسيا، بما فيها الصين، انخفض عدد هؤلاء الأفراد بنسبة 50.1 في المائة مقارنةً بزيادة في عددهم تقدر بـ 2.2 في المائة في دول جنوب إفريقيا.
المنطقة التوزيع الديموغرافي للسكان 1981 1984 1987 1990 1993 1996 1999 2002 النسبة المئوية للتغير 1981-2002
دول شرق آسيا والمحيط الهادئ أقل من 1 دولار يوميًا 57.7% 38.9% 28.0% 29.6% 24.9% 16.6% 15.7% 11.1% -80.76%
أقل من 2 دولار يوميًا 84.8% 76.6% 67.7% 69.9% 64.8% 53.3% 50.3% 40.7% -52.00%
دول أمريكا اللاتينية أقل من 1 دولار يوميًا 9.7% 11.8% 10.9% 11.3% 11.3% 10.7% 10.5% 8.9% -8.25%
أقل من 2 دولار يوميًا 29.6% 30.4% 27.8% 28.4% 29.5% 24.1% 25.1% 23.4% -29.94%
دول جنوب إفريقيا أقل من 1 دولار يوميًا 41.6% 46.3% 46.8% 44.6% 44.0% 45.6% 45.7% 44.0% +5.77%
أقل من 2 دولار يوميًا 73.3% 76.1% 76.1% 75.0% 74.6% 75.1% 76.1% 74.9% +2.18%
‘‘المصدر: البنك الدولي، تقييم نسب الفقر عام 2002’‘ ‘‘[35]‘‘ ‘‘
‘‘نتيجةً للموضوعات المتعلقة بالتحديدات والتقديرات وتوفر البيانات، يوجد خلاف حول نسبة الانخفاض في مستويات الفقر الشديد على مستوى العالم. ‘‘ ‘‘وكما سنوضح فيما بعد، يوجد آخرون يشككون في هذا الأمر. ‘‘ ‘‘فقد أوضح الخبير الاقتصادي "خافيير سالا-آي مارتن" (Xavier Sala-i-Martin) في تحليل عام 2007 أن هذا الأمر غير صحيح فقد انخفضت نسبة عدم المساواة في الدخل في العالم بصورةٍ كلية.[39] وبغض النظر عمن هو محق في رأيه بشأن الاتجاه السابق في عدم المساواة في توزيع الدخل، فقد ذكر أن تحسين مستويات الفقر المطلق يعد أكثر أهمية من عدم المساواة النسبية في الدخل.[40]
‘‘ تضاعف متوسط عمر الفرد في الدول النامية منذ الحرب العالمية الثانية بحيث قارب على الوصول لمتوسط العمر نفسه للأفراد الذين يعيشون في الدول المتقدمة التي قلت فيها إمكانية إضافة مزيد من التطوير. ‘‘ ‘‘حتى في دول جنوب إفريقيا، التي تعد أقل الدول تطورًا، زاد متوسط عمر الفرد من 30 عامًا قبل الحرب العالمية الثانية ليصل إلى ما يقرب من 50 عامًا قبل أنتشار وباء الإيدز والأمراض الأخرى التي أدت إلى تقليل متوسط عمر الفرد ليصل إلى المستوى الحالي الذي يبلغ 47 عامًا. ‘‘ ‘‘ كما قلت وفيات الأطفال في جميع الدول النامية على مستوى العالم. ‘‘ ‘‘[41]‘‘
‘‘زادت الديمقراطية بدرجةٍ هائلة بدءًا من عام 1900 الذي لم يكن يوجد فيه أية دولة تقريبًا تتمتع بحق الاقتراع العالمي إلى عام 2000 الذي وصلت فيه نسبة الدول التي تتمتع بهذا الحق إلى 62.5 في المائة.’‘
ملحوظه : يتبع الجزء الرابع.
مع أجمل وأرق ألآمنيات.
بـ الروح ـوح
ركائز العولمة:
هناك شبه اتفاق على إن العولمة ترتكز على خمس ركائز أساسية:
أولاً: شبكات الاتصال والإعلام الفضائي الذي لا يعترف بالحدود الجغرافية والانكفاء الذاتي. وتوظيف الإعلام، ووسائل الاتصال الحديثة في انتشار المعلومات بحيث تصبح مشاعاً لدى الناس جميعاً وعن طريقها يتم استعمار العقول والسيطرة الفكرية على الآخرين حتى يتسنى لهم "الهيمنة العالمية" بطواعية الشعوب ورغبتها.
ثانياً: الشركات والمؤسسات المتعددة الجنسيات التي تتولى القيادة عبر العالم، وهي تحل محل الدولة. فتذوب الحدود بين الدول، وتجعل العالم كبلد واحد، مما يقلص دور الدولة ويقلل فعاليتها ويجعل الشركات الرأسمالية العملاقة متعددة الجنسية تهيمن على السوق وبالتالي تسيطر على الدول. يقول بروك شيسولم وهو مدير منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة :" لكي نقيم الحكومة العالمية، فإنه من الضروري أن نزيل من أذهان الناس فردانيتهم، وولائهم للتقاليد العائلية، والوطنية القومية، والتعاليم الدينية.. "
ثالثاً: زيادة معدلات التجانس والتشابه بين الجماعات والمجتمعات والمؤسسات التربوية حيث تفقد المجتمعات خصوصياتها وشخصيتها، فمثلاً اللباس الغربي الذي أصبح متجانساً في أكثر أنحاء العالم، فهو نموذج للهيمنة الغربية، يرى "فرانسيس فوكوياما" في كتابه " نهاية التاريخ" أن محصلة العولمة هو انتصار للحضارة الغربية التي سوف تفرض هيمنتها وثقافتها وقيمها على شعوب العالم بحيث يصبح العالم ذو فكر وثقافة واحدة وهي ثقافة أمريكية بحتة. فتقنين العلاقات داخل المجتمعات وبين بعضها البعض على أساس أوضاع ثقافية وسياسية واقتصادية تصون قوانين الرأسمالية ووجودها ودورها ([1]).
رابعاً: حرية الاستثمار في أي مكان في العالم، أي حرية تنقل رأس المال الخاص دون أي عوائق تحول دون حركته. فالإمكان إقامة المصانع في أي بلد في العالم بغض النظر عن الجنسية أو السياسة القومية لأي دولة.
خامساً: عالمية النمط الاستهلاكي وحرية المستهلك في الشراء من المصدر الذي يختاره في العالم.ومما زاد على تسارع الطاقة الاستهلاكية الشبكة العنكبوتية العالمية إذ مكنّت المستهلك بالاتصال والترابط مع سلع وبضائع الشركات العالمية.
أهداف العولمة:
يرى كثير من الباحثين إن العولمة تسعى إلى جذبنا إلى أفكار يراد لنا أن نسلم بها وهي الأهداف الحقيقية للعولمة ويمكن إيجازها في عدة نقاط:
أولاً: التحكم في الاقتصاد العالمي وإخضاعه لمصالح الدول الكبرى وذلك عن طريق حرية السوق والتعامل المشترك بين الدول، وتأمين مزيد من الأسواق للاستهلاك، ومزيد من الثروات للاستيلاء عليها.
ثانياً: تشكيل النظام العالمي المالي ليندرج تحت المظلة الرأسمالية الغربية والتي يحكمها الغرب وخصوصاً الولايات المتحدة الأمريكية، وإن انتصار النظام الرأسمالي دليل على صلاحيته وإنه أفضل صيغة يمكن للعقل البشري أن يصل إليها، ولا يمكن لدول العالم أن تخرج من تخلفها إلا بدخولها في المنظومة الرأسمالية.
ثالثاً: القرية الكونية الصغيرة ومحاولة ربط الإنسان بالعالم لا بالدولة والتي تعني القضاء على سلطة الدولة والمشاعر الوطنية، ودمج العالم في وحدة إعلامية واحدة تنطلق من منطلق معلوماتية واحدة.
رابعاً: الهيمنة السياسية على دول العالم الثالث، واستعمار ممتلكاتها وخيراتها. فيكون التعامل على وفق نظرية داروين "البقاء للأصلح" فلا بقاء للضعيف ؛ بل يجب إقصاءه حتى ينقضي ويفنى، فالضعيف مهمش ويجب أن ينبذ عن الطريق "اصطفاء الأنواع".
خامساً :التذويب الحضاري لسائر الحضارات التي تحمل قيماً مضادة لقيم الحضارة الغربية وعلى رأسها الحضارة الإسلامية باعتبارها المحرك الأول لمقاومة الحضارة الغربية. وفي هذا يقول الكاتب الأمريكي " صموئيل هنتنجتون" :" إنه لا مجال ولا إمكانية للتعايش مع الحضارة الإسلامية لأنها تختلف عن الحضارة الغربية وإن المواجهة التي انتهت ضد الحزب الشيوعي تركت الفضاء مفتوحاً أمام مواجهة جديدة لا تكون إلا مع الغرب وقيمه، والإسلام الذي هو غير قيم الغرب ؛ بل هو مغاير للحضارة الغربية، ولحقوق الإنسان، ولسيادة الحق والنظم الديموقراطية يجب مقاومته ". وهذا ما صرح به "نيكسون" في كتابه " الفرصة الأخيرة ":"إنه بعد سقوط الشيوعية لم يعد هناك عدو سوى الإسلام". فيجب القضاء على التعصب الديني والقومي والإقليمي ومزج الأمم في الحضارة الغربية.
سادساً : إعادة بناء هيكليات أقطار العالم السياسية في صيغ تكرس الشرذمة والتشتت الإنساني، وتفكك الأوطان والقوميات إلى كيانات هزيلة قائمة على نزعات قبلية عرقية أو دينية طائفية أو لغوية ثقافية، بغية سلب أمم العالم وشعوبها القدرة على مواجهة الزحف المدمر للرأسمالية العالمية والتي لا تستقر إلا بالتشتت الإنساني ([2]).
آثار العولمةللعولمة:
العديد من الجوانب التي تؤثر على العالم بأكمله بعدة طرق مختلفة منها:
على المستوى الصناعي :
إنشاء أسواق إنتاج عالمية وتوفير المزيد من السهولة بصدد الوصول إلى عدد كبير من المنتجات الأجنبية بالنسبة للمستهلكين والشركات، فضلاً عن سهولة انتقال الخامات والسلع داخل الحدود القومية وبين الدول بعضها البعض. [بحاجة لمصدر]
على المستوى المالي : إنشاء الأسواق المالية العالمية وإتاحة مزيد من السهولة واليسر بصدد حصول المقترضين على التمويل الخارجي. ولكن مع نمو وتطور هذه الهياكل العالمية بسرعة تفوق أي نظام رقابي انتقالي، زاد مستوى عدم استقرار البنية التحتية المالية العالمية بشكل كبير – وهو ما اتضح جليًا في الأزمة المالية التي حدثت في أواخر عام 2008. [بحاجة لمصدر]
على المستوى الاقتصادي : إنشاء سوق عالمية مشتركة تعتمد على حرية تبادل السلع ورءوس الأموال. وعلى الرغم من ذلك، فإن ترابط هذه الأسواق يعني أن حدوث أي انهيار اقتصادي في أية دولة قد لا يمكن احتواؤه. [بحاجة لمصدر]
على المستوى السياسي : استخدم بعض الأشخاص مصطلح "العولمة" للإشارة إلى تشكيل حكومة عالمية تعمل على تنظيم العلاقات بين الحكومات وتضمن الحقوق المترتبة على تطبيق العولمة الاقتصادية والاجتماعية. فمن الناحية السياسية، تتمتع الولايات المتحدة الأمريكية بمركز قوة كبير بين قوى العالم أجمع بسبب قوة اقتصادها وما لديها من ثروة وفيرة. ومع تأثير العولمة وبمساعدة اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية، استطاعت جمهورية الصين الشعبية أن تشهد تطورًا ونموًا كبيرًا في غضون العقد الماضي. وإذا ما واصلت الصين هذا النمو بمعدل مخطط له لمواكبة الاتجاهات الاقتصادية، فإنه من المحتمل جدًا في غضون العشرين عامًا القادمة أن تحدث حركة كبرى لإعادة توزيع مراكز القوة بين قادة العالم. وسوف تتمكن الصين من امتلاك الثروة الكافية والتمتع بازدهار المجال الصناعي بها واستخدام أحدث الوسائل التكنولوجية لكي تنافس الولايات المتحدة الأمريكية على زعامة العالم.[19]
على المستوى المعلوماتي :
زيادة كم المعلومات الذي يمكن انتقاله بين المناطق البعيدة من الناحية الجغرافية. ومع أن هذا الأمر يعد مثار الجدل والنقاش، فإنه يعتبر بمثابة تغير تكنولوجي مصحوبًا بظهور وسائل الاتصال المعتمدة على الألياف البصرية والأقمار الصناعية وإتاحة التواصل عن طريق الهاتف والإنترنت بشكل كبير.
على المستوى اللغوي : تعتبر اللغة الإنجليزية هي الأكثر انتشارًا وتداولاً في العالم أجمع كما يلي:[20]
تتم كتابة حوالي 35 في المائة من رسائل البريد والتليكس والتلغراف باللغة الإنجليزية.
تتم إذاعة 40 في المائة تقريبًا من برامج الراديو في العالم باللغة الإنجليزية.
يتم تدفق حوالي 50 في المائة من البيانات عبر شبكة الإنترنت باللغة الإنجليزية.[21]
على المستوى التنافسي :
يستوجب الاستمرار في الأسواق العالمية الجديدة للأعمال والتجارة زيادة معدلات التنافس وتحسين الإنتاجية. ونظرًا لأن السوق قد أصبحت عالمية، فإنه يتعين على الشركات المتخصصة في العديد من المجالات تحسين منتجاتها واستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة بمهارة لمواجهة معدلات التنافس المتزايدة.[22]
على المستوى البيئي :
ظهور تحديات بيئية عالمية قد لا يتم مواجهتها والتصدي لها إلا بالتعاون الدولي. تتمثل هذه التحديات في تغير المناخ وصراع الدول على حدود المياه وتلوث الهواء ومشكلة الصيد الجائر للأسماك في المحيطات وظهور كائنات غريبة واجتياحها للبيئة. لذا، فإنه منذ أن تم تأسيس الكثير من المصانع في الدول النامية دون اتباع لوائح وقوانين البيئة كما ينبغي، فقد تتسبب العالمية وكذلك التجارة الحرة في زيادة معدلات التلوث. على الجانب الآخر، فإن التنمية الاقتصادية تطلبت من الناحية التاريخية مرحلة صناعية لم تكن آمنة من التلوث على الإطلاق. وقد ثار جدل بصدد عدم وجوب منع الدول النامية من زيادة مستوى معيشتها من خلال اتباع مثل هذه اللوائح والقوانين.
على المستوى الثقافي : تطورت قنوات الاتصال الثقافية المشتركة بين الدول وظهرت صور جديدة من التأكيد على الوعي والهوية التي تجسد مدى انتشار التيار الثقافي والرغبة في زيادة مستوى معيشة الفرد والتمتع بالمنتجات والأفكار الأجنبية الأخرى واتباع الوسائل والأساليب التكنولوجية الحديثة والمشاركة في الثقافة العالمية. ومع ذلك، فإن بعض الأشخاص تتملكهم بالفعل مشاعر الحزن والحسرة على زيادة معدلات الاستهلاك في العالم واندثار العديد من اللغات. انظر أيضًا Transformation of culture. أما عن التغيرات التي أحدثتها الثقافة في العالم فهي تتمثل في الآتي ذكره:
انتشار التعددية الثقافية وإمكانية وصول الفرد بشكل أفضل لشتى صور التنوع الثقافي (من خلال ما يتم مشاهدته في أفلام "هوليوود" و"بوليوود" على سبيل المثال). ولكن من ناحية أخرى، يعتبر البعض أن الثقافة الواردة إلينا من الخارج (أو ما تسمى بالثقافة المستوردة) تمثل خطرًا كبيرًا منذ احتمال أن تحل محل الثقافة المحلية، مما يتسبب في حدوث انخفاض في معدلات التنوع واستيعاب كل ما هو جديد من الثقافات بشكل عام. على الجانب الآخر، يعتبر آخرون أن التعددية الثقافية أمر مفيد من أجل تعزيز السلام وسبل التفاهم بين الشعوب.
- زيادة الإقبال على السفر والسياحة في العالم؛ حيث قدرت منظمة الصحة العالمية عدد الأشخاص الذين دومًا ما يقومون برحلات جوية في أي وقت ووجدت أنهم يشكلون أكثر من 500,000 شخص.[23]
- زيادة معدلات الهجرة، بما فيها الهجرة غير الشرعية
- انتشار المنتجات المحلية الخاصة بالمستهلك (مثل المواد الغذائية) في الدول الأخرى (وفقًا لثقافتها)
- انتشار بعض الألعاب العالمية، مثل: البوكيمون Pokémon والسودوكو Sudoku وNuma Numa والأوريجامي Origami، والتردد على بعض المواقع العالمية مثل: Idol series وYouTube وOrkut وFacebook وMyspace. وإمكانية الوصول إليها بسهولة بالنسبة لكل من يتوفر لديهم إنترنت وتليفزيون، مع ترك فئة كبيرة من سكان الأرض.
- انتشار الأحداث الرياضية العالمية مثل كأس العالم لكرة القدم ودورة الألعاب الأوليمبية.
- اندماج الشركات متعددة الجنسيات وتحويلها إلى شركات جديدة.
وكأحد رعاة فريق All-Blacks لرياضة الركبي، قامت شركة Adidas بإنشاء موقع ويب محاكي مزود بلعبة ركبي تفاعلية يمكن تنزيلها من أجل محبي ومشجعي اللعبة لممارستها على جهاز الكمبيوتر والتنافس عليها.[24]
على المستوى الاجتماعي :
تطوير المنظمات غير الحكومية كممثلين رئيسيين للسياسة العامة الدولية المتضمنة الجهود التنموية والمساعدات الإنسانية.
[25]
على المستوى التقني والفني :
تطوير البنية التحتية لوسائل الاتصالات العالمية السلكية واللاسلكية وزيادة سرعة انتقال البيانات وتدفقها عبر حدود الدول باستخدام تقنيات مثل شبكة الإنترنت والأقمار الصناعية الخاصة بالاتصالات وأسلاك الألياف البصرية الموجودة تحت الماء والهواتف اللاسلكية.
- زيادة عدد المعايير التي يتم تطبيقها عالميًا؛ مثل: قوانين حقوق الطبع والنسخ وبراءات الاختراع واتفاقيات التجارة الدولية.
على المستوى القانوني/الأخلاقي :
إنشاء المحكمة الجنائية الدولية وقيام حركات تدعو لنشر العدل على مستوى العالم منها حركات العدالة الدولية
انتشار ظاهرة استيراد الجريمة وزيادة الوعي بالجهود الدولية المبذولة والتأكيد على أهمية التعاون للتصدي لمختلف الجرائم
سن القانون الإداري الدولي.
التأثير الثقافي للعولمةعملت شبكة الإنترنت
على إزالة الحدود الثقافية عبر مختلف دول العالم عن طريق إتاحة اتصال سهل وسريع بين الأفراد في أي مكان عن طريق مختلف أجهزة الإعلام والوسائل الرقمية. وترتبط شبكة الإنترنت بالعولمة الثقافية لأنها تتيح التفاعل والتواصل بين الأفراد من مختلف الثقافات وأساليب الحياة. كذلك، تسمح مواقع الويب التي يتشارك فيها الأفراد صورهم بمزيد من التفاعل حتى ولو كانت اللغة تشكل عائقًا أمامهم. فقد أصبح من الممكن بالنسبة لأي شخص في أمريكا أن يتناول النودلز اليابانية على الغداء. كما أصبح من الممكن بالنسبة للقاطن مدينة سيدني في أستراليا أن يتناول الطعام الأكثر شعبية في إيطاليا ألا وهو كرات اللحم. ومن ثم، فقد أصبح الطعام يشكل مظهرًا واحدًا من مظاهر الثقافة المتعددة والمتأصلة بأية دولة. فالهند، على سبيل المثال، تشتهر بالكاري والتوابل الغريبة، أما باريس فتشتهر بمختلف أنواع الجبن، في حين تشتهر الولايات المتحدة الأمريكية بالبرجر والبطاطس المحمرة. قديمًا، كان الطعام المقدم في مطاعم ماكدونالدز هو الطعام المفضل لدى الأمريكيين فقط بصورته المبهجة الباعثة على الحظ وكذلك بوجود شخصية رونالد دائمة الظهور في إعلانه وألوانه الحمراء والصفراء المعروفة ووجباته السريعة المتعددة الشهية. أما الآن، فقد أصبح هذا المطعم مطعمًا عالميًا؛ حيث أضحى له 31,000 فرع حول العالم بما فيها الكويت ومصر ومالطا. ومن ثم، يعد هذا المطعم خير مثال على انتشار الطعام على أساس عالمي. كذلك، يعد التأمل من الأساليب التي تلقى احترامًا وتقديسًا منذ قرون في الثقافة الهندية. فالتأمل يعمل على تهدئة الجسم ويساعد المرء في إدراك ذاته الداخلية وتجنب أي وضع يضر بها. قبل العولمة، كان الأمريكيون لا يمارسون تمارين التأمل أو اليوجا. لكن بعد العولمة، أصبح التأمل أسلوبًا شائعًا بينهم حتى أنه اعتبر طريقة مواكبة للحداثة للمحافظة على الرشاقة. حتى أن بعد الأشخاص يسافرون إلى الهند لكي يحصلوا على الخبرة الكاملة في هذا الصدد بأنفسهم. من ناحية أخرى، يعتبر الوشم المتخذ شكل الرموز الصينية من الأساليب الأخرى الشائعة التي ساهمت العولمة في انتشارها. فهذه الرسوم والأشكال تعتبر تقليعة شائعة بين جيل الشباب في هذه الأيام، كما أنها سرعان ما أصبحت سلوكًا معتادًا ومتعارفًا عليه بينهم. ومع امتزاج الثقافات، أصبح استخدام لغة دولة أخرى في أحاديث الأفراد أمرًا عاديًا. يتم تعريف الثقافة بأنها مجموعة من أنماط الأنشطة الإنسانية والرموز التي تمنح هذه الأنشطة تلك الأهمية.
فالثقافة تعبر عما يتناوله الأفراد من طعام، وما يرتدونه من ملبس، كما أنها تعبر عن المعتقدات والأفكار التي يتبعونها والأنشطة التي يمارسونها. إن العولمة قد عملت على الربط بين الثقافات المختلفة وقامت بتحويلها إلى شيء مختلف وفريد من نوعه. وكما تم التصريح من جانب "إيرلا زوينجل" في إحدى مقالات مجلة National Geographic تحت عنوان "العولمة": "عندما تستقبل الثقافات مختلف التأثيرات الخارجية، فإنها تستوعب بعضها وترفض البعض الآخر منها؛ ثم تعمل بعدها فوريًا على تحويل ما تم استيعابه." [26]
الآثار السلبية للعولمة:
من السهل ملاحظة الجوانب الإيجابية للعولمة والفوائد الكبيرة الواضحة لها في كل مكان دون الاعتراف بجوانبها السلبية المتعددة. فهذه الجوانب غالبًا ما تكون نتيجة تأثر الشركات بالعولمة والخروج بالاقتصاديات من دائرة سيطرة الحكومات عليها والتي كانت قادرة من قبل على الاستمرار دون مساعدة الدول الأخرى. إن العولمة - بما تمثله من تكامل مستمر بين الاقتصاديات والمجتمعات حول العالم – أصبحت تشكل أحد الموضوعات التي كثر النقاش حولها في الاقتصاد الدولي على مدار السنوات القليلة المنقضية. فزيادة معدلات التنمية بسرعة بالإضافة إلى انخفاض معدلات الفقر في الصين والهند والدول الأخرى التي ظلت فقيرة منذ عشرين عامًا، كلها تعد أحد الجوانب الإيجابية للعولمة. ولكن، كان للعولمة تيار دولي مضاد بصدد ما أدت إليه من تدهور في الظروف البيئية وتقلب في الأحوال المناخية للأرض.[27] ففي الإقليم الأوسط الشمالي الغربي للولايات المتحدة الأمريكية، تسببت العولمة في انخفاض مستويات التنافس في مجالي الصناعة والزراعة، مما أدى إلى انخفاض مستوى رفاهية الأفراد ومستوى معيشتهم وتمتعهم بالحياة في تلك المناطق التي لم تتكيف مع التغير الجديد. [28]
الورش والمؤسسات والمشروعات الصغيرة التجارية الاستغلاليةيمكن قول إن العولمة تمثل الباب الذي تدخل من خلاله أية دولة فقيرة الموارد إلى السوق الدولي. ففي أية دولة بها ناتج مادي ضعيف أو ملموس يتم تجميعه أو استخراجه من أراضيها، تحاول الشركات الكبرى انتهاز هذه الفرصة للاستفادة من "ضعف صادرات" هذه الدولة. وبينما تمت الإشارة إلى معظم المرات الأولى التي تكررت فيها ظاهرة العولمة الاقتصادية على أنها اتساع وزيادة في عدد الأنشطة التجارية ونمو الشركات، ففي العديد من الدول الأكثر فقرًا تحدث العولمة نتيجةً لاستثمار الشركات الأجنبية في أي منها للاستفادة من تدني معدل الأجور بها. يأتي هذا على النقيض من الحقيقة الاقتصادية التي تقول إن الاستثمار يؤدي إلى زيادة معدل الأجور في أية دولة لأنه يعمل على زيادة أسهم رءوس الأموال فيها. تعد إقامة أصحاب المصانع للورش والمؤسسات الصناعية والمشروعات الصغيرة التجارية الاستغلالية التي تكون ساعات العمل فيها طويلة في مقابل دفع أجور متدنية للعمال وفي ظل ظروف عمل غير صحية أحد الأمثلة التي استعان بها مناهضو العولمة. ووفقًا لما صرحت به منظمة Global Exchange، فإن أصحاب مصانع الأحذية الرياضية يمثلون الفئة التي تنشئ هذه "المشروعات الصغيرة التجارية الاستغلالية" بكثرة وضربت مثالاً على ذلك بشركة Nike لصناعة الأحذية والمستلزمات الرياضية.[29] فقد قامت هذه الشركة بإقامة عدد من مصانعها في دول فقيرة يقبل فيها العاملون العمل مقابل أجور متدنية. بعد ذلك، إذا حدث أي تغيير في قوانين العمل الخاصة بهذه الدول وتم وضع قواعد أكثر صرامة تحكم عملية التصنيع فيها، يتم إغلاق المصانع الموجودة في هذه الدول ونقلها إلى دول أخرى تطبق نظم اقتصادية أكثر تحفظًا حيث تطبق مبدأ "دعه يعمل" الفرنسي الذي يدعم حرية النشاط الاقتصادي ويمنع تدخل الحكومات في تنظيم أحوال التجارة والاقتصاد بها. [بحاجة لمصدر] يوجد العديد من الوكالات والهيئات التي تم إنشاؤها في جميع أنحاء العالم وقد تمت إقامتها بهدف التركيز على الحملات المناهضة لمثل هذه المشروعات التجارية الاستغلالية ونشر الوعي بشأنها. ففي الولايات المتحدة الأمريكية، تقدمت لجنة العمل القومية (The National Labor Committee) بعدد من المذكرات التي تمثل جزءًا من قانون ظروف العمل اللائقة والمنافسة العادلة (Decent Working Conditions and Fair Competition Act) والتي فشلت حتى الآن في الكونجرس. فهذا التشريع يطلب بصورةٍ قانونية من الشركات أن تقوم بمراعاة حقوق الإنسان والعاملين عن طريق حظر استيراد أو بيع أو تصدير السلع التي يتم إنتاجها في المصانع والمشروعات التجارية الاستغلالية. [30] بصفةٍ خاصة، تشمل المبادئ الأساسية لهذا التشريع حظر عمالة الأطفال وعدم الإجبار على العمل وإتاحة حرية المشاركة والحق في تنظيم وعقد الصفقات بصورةٍ إجمالية والحق في التمتع بظروف عمل لائقة.[31] ولقد صرحت "تيزيانا تيرانوفا" أن العولمة أدت إلى ظهور ثقافة "العمل الحر". تعني هذه الثقافة، بالأرقام، أن الأشخاص (رأس المال المساهم) يستغلون ويستنزفون الوسائل التي يمكن من خلالها المحافظة على استمرار العمل. على سبيل المثال، ظهرت ثقافة العمل الحر في مجال الوسائط الرقمية (مثل الرسوم المتحركة واستضافة غرف الدردشة وتصميم الألعاب) الذي يعد أقل سحرًا وجمالاً مما قد يبدو. وفي مجال الصناعة، تم إنشاء سوق الذهب الصيني.[32]
تضارب المصالح الماليةصرح "آلان جرينسبان" أنه قد صُدِم عند معرفة أنه قد ثبت أن الاهتمام الخاص من قِبَل مؤسسات الإقراض بحماية حقوق ملكية المساهمين وهم كبير. فقد انهار نموذج ريجان – تاتشر الذي كان يفضل التمويل عن التصنيع المحلي. كما أن ظهور مفهومي التمويل والعولمة المدعمين لبعضهما البعض بصورة متبادلة أنهى الارتباط الذي كان قائمًا بين الرأسمالية الأمريكية والمصالح الأمريكية. ويجب أن نستفيد من الرأسمالية الاجتماعية في دول الاسكندينافيا التي تعتبر نموذجًُا اقتصاديًا أقل تركيزًا على التصنيع من النموذج الألماني. فقد قامت هذه الدول بتطوير مهاراتها وأجور العاملين بها في قطاعي التجزئة والخدمات وهما القطاعان اللذان يستحوذان على معظم القوة العاملة في الولايات المتحدة الأمريكية. نتيجةً لذلك، لا يوجد عاملون تعساء وفقراء في دول الاسكندينافيا على العكس من الحال في الولايات المتحدة الأمريكية التي يوجد بها عدد كبير، مقدر بالملايين، منهم. [33]
أنصار العولمة (العالمية)يدعي المؤيدون لنظام التجارة الحرة أنه نظام يعمل على زيادة الرخاء الاقتصادي والفرص الاقتصادية أيضًا خاصةً في الدول النامية. علاوةً على ذلك، فإنه يعمل على تحسين مفهوم الحريات المدنية ويؤدي إلى تخصيص أكثر كفاءة وفاعلية للموارد. وتقترح النظريات الاقتصادية المتعلقة بالميزة المقارنة أن التجارة الحرة تؤدي إلى تخصيص الموارد بشكلٍ أكثر كفاءة مع استفادة جميع الدول المشتركة في التجارة. بصفةٍ عامة، يؤدي هذا الأمر إلى انخفاض الأسعار وانخفاض نسب البطالة وزيادة معدل الإنتاج وارتفاع مستوى معيشة الأفراد في الدول النامية.[34][35]
ويقترح "د. فرانسسكو ستيبو"، مدير نادي روما الأمريكي، أن "النظام الحكومي العالمي يجب أن يعكس التوازنات السياسية والاقتصادية لدول العالم. كما أن الاتحاد الكونفدرالي العالمي يجب ألا يحل محل سلطة حكومات الدول ولكنه على العكس من ذلك يجب أن يكملها حيث إن سلطة الدول والسلطة الدولية سيكون لهما نفوذ داخل نطاق اختصاص كل منهما". ويصرح عدد من المؤيدين للمبدأ الفرنسي الرأسمالي "دعه يعمل أو Laissez-faire" وبعض المؤيدين لمبادئ الحرية في الفكر والعمل أن تحقيق مستويات أعلى من الحرية الاقتصادية والسياسية في شكل نشر الديمقراطية والرأسمالية في دول العالم المتقدمة يعد غاية في حد ذاته كما أنه يؤدي إلى وجود مستويات أعلى من الثروة المادية. وهم يعتقدون أن العولمة تعني الانتشار المفيد للحرية والرأسمالية. ويطلق أحيانًا على مؤيدي العولمة الديمقراطية اسم أنصار العولمة (pro-globalist). وهم يعتقدون أن المرحلة الأولى من العولمة، التي كانت موجهة للسوق والتجارة، يجب أن يتبعها مرحلة بناء مؤسسات سياسية عالمية تمثل إرادة مواطني العالم. ويكمن الفرق بين هؤلاء المؤيدين للعولمة الديمقراطية والمؤيدين لأشكال العولمة الأخرى أنهم لم يقوموا مقدمًا بتحديد أيديولوجية معينة لتوجيه هذه الإرادة ولكنهم تركوا اختيار الأيديولوجية المطبقة لمواطني العالم بأكمله عن طريق عملية ديمقراطية.
ويتصور البعض، مثل السيناتور الكندي السابق "دوجلاس روش" (Douglas Roche, O.C.)، أن العولمة أمر حتمي وينادون بإقامة مؤسسات مثل الجمعية البرلمانية للأمم المتحدة (United Nations Parliamentary Assembly) المنتخبة انتخابًا حرًا مباشرًا للإشراف على الهيئات الدولية غير المنتخبة ومراقبتها.
ويدعي أنصار العولمة أن الحركة المناهضة للعولمة تستخدم أدلة غير مؤكدة لدعم وجهة نظرها [بحاجة لمصدر] المؤيدة لمبدأ حماية الإنتاج الوطني بينما تدعم بشدة الإحصائيات في جميع أنحاء العالم مبدأ العولمة:
من 1981 إلى 2001 ووفقًا لأرقام البنك الدولي، انخفض عدد السكان الذين يبلغ دخلهم اليومي دولارًا واحدًا أو أقل من 1.5 مليار إلى 1.1 مليار فرد بصورةٍ مطلقة. في الوقت نفسه، تزايد عدد سكان العالم. بالتالي وبصورةٍ نسبية، انخفض عدد الأفراد أيضًا الذين يبلغ دخلهم اليومي دولارًا واحدًا أو أقل في الدول النامية من 40 في المائة ليصل إلى 20 في المائة من السكان.[36][37] بالإضافة إلى ذلك، فإن التطورات الهائلة في اقتصاديات العالم قللت بصورةٍ سريعة العوائق الخاصة بالتجارة والاستثمار. على الرغم من ذلك، ينادي بعض النقاد بوجوب دراسة بعض المعايير المتغيرة الأكثر تفصيلاً التي تقيس مستوى الفقر بدلاً من هذه الإحصائيات.[38]
انخفضت كثيرًا النسبة المئوية لعدد الأفراد الذين يبلغ دخلهم اليومي أقل من 2 دولار في الأماكن التي تأثرت بالعولمة بينما ظلت معدلات الفقر في أماكن أخرى كما هي.
ففي دول شرق آسيا، بما فيها الصين، انخفض عدد هؤلاء الأفراد بنسبة 50.1 في المائة مقارنةً بزيادة في عددهم تقدر بـ 2.2 في المائة في دول جنوب إفريقيا.
المنطقة التوزيع الديموغرافي للسكان 1981 1984 1987 1990 1993 1996 1999 2002 النسبة المئوية للتغير 1981-2002
دول شرق آسيا والمحيط الهادئ أقل من 1 دولار يوميًا 57.7% 38.9% 28.0% 29.6% 24.9% 16.6% 15.7% 11.1% -80.76%
أقل من 2 دولار يوميًا 84.8% 76.6% 67.7% 69.9% 64.8% 53.3% 50.3% 40.7% -52.00%
دول أمريكا اللاتينية أقل من 1 دولار يوميًا 9.7% 11.8% 10.9% 11.3% 11.3% 10.7% 10.5% 8.9% -8.25%
أقل من 2 دولار يوميًا 29.6% 30.4% 27.8% 28.4% 29.5% 24.1% 25.1% 23.4% -29.94%
دول جنوب إفريقيا أقل من 1 دولار يوميًا 41.6% 46.3% 46.8% 44.6% 44.0% 45.6% 45.7% 44.0% +5.77%
أقل من 2 دولار يوميًا 73.3% 76.1% 76.1% 75.0% 74.6% 75.1% 76.1% 74.9% +2.18%
‘‘المصدر: البنك الدولي، تقييم نسب الفقر عام 2002’‘ ‘‘[35]‘‘ ‘‘
‘‘نتيجةً للموضوعات المتعلقة بالتحديدات والتقديرات وتوفر البيانات، يوجد خلاف حول نسبة الانخفاض في مستويات الفقر الشديد على مستوى العالم. ‘‘ ‘‘وكما سنوضح فيما بعد، يوجد آخرون يشككون في هذا الأمر. ‘‘ ‘‘فقد أوضح الخبير الاقتصادي "خافيير سالا-آي مارتن" (Xavier Sala-i-Martin) في تحليل عام 2007 أن هذا الأمر غير صحيح فقد انخفضت نسبة عدم المساواة في الدخل في العالم بصورةٍ كلية.[39] وبغض النظر عمن هو محق في رأيه بشأن الاتجاه السابق في عدم المساواة في توزيع الدخل، فقد ذكر أن تحسين مستويات الفقر المطلق يعد أكثر أهمية من عدم المساواة النسبية في الدخل.[40]
‘‘ تضاعف متوسط عمر الفرد في الدول النامية منذ الحرب العالمية الثانية بحيث قارب على الوصول لمتوسط العمر نفسه للأفراد الذين يعيشون في الدول المتقدمة التي قلت فيها إمكانية إضافة مزيد من التطوير. ‘‘ ‘‘حتى في دول جنوب إفريقيا، التي تعد أقل الدول تطورًا، زاد متوسط عمر الفرد من 30 عامًا قبل الحرب العالمية الثانية ليصل إلى ما يقرب من 50 عامًا قبل أنتشار وباء الإيدز والأمراض الأخرى التي أدت إلى تقليل متوسط عمر الفرد ليصل إلى المستوى الحالي الذي يبلغ 47 عامًا. ‘‘ ‘‘ كما قلت وفيات الأطفال في جميع الدول النامية على مستوى العالم. ‘‘ ‘‘[41]‘‘
‘‘زادت الديمقراطية بدرجةٍ هائلة بدءًا من عام 1900 الذي لم يكن يوجد فيه أية دولة تقريبًا تتمتع بحق الاقتراع العالمي إلى عام 2000 الذي وصلت فيه نسبة الدول التي تتمتع بهذا الحق إلى 62.5 في المائة.’‘
ملحوظه : يتبع الجزء الرابع.
مع أجمل وأرق ألآمنيات.
بـ الروح ـوح
الأربعاء أبريل 01, 2015 8:08 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * الحُــــبّ
الأربعاء أبريل 01, 2015 8:06 am من طرف بوح الروح
» * * * * * وبيسألوني ... !!!
الأربعاء أبريل 01, 2015 8:04 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * في بلادنا ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:59 am من طرف بوح الروح
» * * * * * في بلادي ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:57 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * في بلادي ...
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:55 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * في بلادي ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:53 am من طرف بوح الروح
» * * * * * قالوا لي ..!!!!!
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:51 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * مِن غيرتي ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:49 am من طرف بوح الروح