منتديات ألامل

اهلا بالاخوه الاعضاء الكرام ...
كمانتمنى من الاخوه الزوار المبادره بالتسجيل ليكونو بيننا اخوه اعزاء ..يقدمون لنا بعضا من مساهماتهم لننهض معا وسويا بهذا المنتدى بما فيه مصلحة الجميع وشرف اعلاء الكلمه الطيبه والمعلومه القيمه للاعضاء والزوار على حد سواء ..
واقبلوا احترامي وتقديري لكم .
مع تحيات :
(بوح الروح ).

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات ألامل

اهلا بالاخوه الاعضاء الكرام ...
كمانتمنى من الاخوه الزوار المبادره بالتسجيل ليكونو بيننا اخوه اعزاء ..يقدمون لنا بعضا من مساهماتهم لننهض معا وسويا بهذا المنتدى بما فيه مصلحة الجميع وشرف اعلاء الكلمه الطيبه والمعلومه القيمه للاعضاء والزوار على حد سواء ..
واقبلوا احترامي وتقديري لكم .
مع تحيات :
(بوح الروح ).

منتديات ألامل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات ألامل

أستشارات نفسية وعلوم انسانية

المواضيع الأخيرة

» * * * * * * مابين الذَّكر و الرّجل ..
الفصل الثالث: المقدمات الأساسية لظهور علم النفس - الجزء الثالث ) I_icon_minitimeالأربعاء أبريل 01, 2015 8:08 am من طرف بوح الروح

» * * * * * * الحُــــبّ
الفصل الثالث: المقدمات الأساسية لظهور علم النفس - الجزء الثالث ) I_icon_minitimeالأربعاء أبريل 01, 2015 8:06 am من طرف بوح الروح

» * * * * * وبيسألوني ... !!!
الفصل الثالث: المقدمات الأساسية لظهور علم النفس - الجزء الثالث ) I_icon_minitimeالأربعاء أبريل 01, 2015 8:04 am من طرف بوح الروح

» * * * * * * في بلادنا ..
الفصل الثالث: المقدمات الأساسية لظهور علم النفس - الجزء الثالث ) I_icon_minitimeالأربعاء أبريل 01, 2015 7:59 am من طرف بوح الروح

» * * * * * في بلادي ..
الفصل الثالث: المقدمات الأساسية لظهور علم النفس - الجزء الثالث ) I_icon_minitimeالأربعاء أبريل 01, 2015 7:57 am من طرف بوح الروح

» * * * * * * في بلادي ...
الفصل الثالث: المقدمات الأساسية لظهور علم النفس - الجزء الثالث ) I_icon_minitimeالأربعاء أبريل 01, 2015 7:55 am من طرف بوح الروح

» * * * * * * في بلادي ..
الفصل الثالث: المقدمات الأساسية لظهور علم النفس - الجزء الثالث ) I_icon_minitimeالأربعاء أبريل 01, 2015 7:53 am من طرف بوح الروح

» * * * * * قالوا لي ..!!!!!
الفصل الثالث: المقدمات الأساسية لظهور علم النفس - الجزء الثالث ) I_icon_minitimeالأربعاء أبريل 01, 2015 7:51 am من طرف بوح الروح

» * * * * * * مِن غيرتي ..
الفصل الثالث: المقدمات الأساسية لظهور علم النفس - الجزء الثالث ) I_icon_minitimeالأربعاء أبريل 01, 2015 7:49 am من طرف بوح الروح

التبادل الاعلاني


    الفصل الثالث: المقدمات الأساسية لظهور علم النفس - الجزء الثالث )

    بوح الروح
    بوح الروح
    Admin


    عدد المساهمات : 5999
    تاريخ التسجيل : 18/07/2009
    العمر : 40

    الفصل الثالث: المقدمات الأساسية لظهور علم النفس - الجزء الثالث ) Empty الفصل الثالث: المقدمات الأساسية لظهور علم النفس - الجزء الثالث )

    مُساهمة  بوح الروح الثلاثاء أبريل 13, 2010 4:05 pm

    4-النشاط التربوي وآراء المربين السيكولوجية
    قطعت التربية في أوربة حتى مطلع القرن التاسع عشر شوطاً لا بأس به. فقد انتشرت المؤسسات والمراكز التي تعنى بإعداد الأفراد إعداداً علمياً ونفسياً واجتماعياً وأخلاقياً ودينياً... الخ. وبالقدر الذي كان فيه ذلك انعكاساً للتطور العلمي والاجتماعي، فإنه يعد نتيجة لتطور الآراء حول علاقة المعلم بالمتعلم في شتى مستويات التعليم، ومحاولات الارتقاء بهذه العلاقة إلى الحدّ الذي يجعلها قادرة على ترجمة التصورات المتنامية التي تمس جوهر العملية التربوية والتعليمية في واقع ملموس. وبعبارة أوضح، فإنَّ النجاحات التي أحرزتها المجتمعات الأوربية في ميدان التربية والتعليم كانت في الكثير من جوانبها وأدواتها، صدى لأفكار المعلمين والمربين ودعواتهم إلى ضرورة الاهتمام بالإنسان وتربية حواسه وعقله، وتوجيه دوافعه وانفعالاته باتباع أساليب حديثة، واعتماد مضامين تنأى بالنشاط التربوي عن أسلوب القسوة والإكراه، وتدنو به من وقائع الحياة ومعطيات الفكر. وربما يكون المربي كومينسكي(كومينوس) خلال العصر الذي نتحدث عنه أول من سار في هذا الاتجاه.
    ربط جان اموس كومينسكي(1592-1670م) آراءه في التربية بأسباب التقدم الذي تحقق في الميادين العلمية خلال القرن السابع عشر. فجاء فهمه التربوي انعكاساً للمنهج الاستقرائي الذي أصبح الأداة الرئيسية لتناول الظواهر الطبيعية والاجتماعية في ذلك الزمان.
    ومما ساعده في الوصول إلى ذلك رحلاته الكثيرة وطوافه الطويل عبر العديد من دول أوربة الغربية بشكل خاص، وإطلاعه عن كثب على علوم عصره، وإتقانه لعدد من اللغات الأجنبية، وإقامته لمجموعة من المدارس في بوهيميا وبولونيا وغيرهما، وإشرافه المباشر على التعليم فيها.
    استند كومينسكي في صياغة مواقفه التربوية بصورة إجمالية إلى تصوره للقدرات العقلية والمشاعر والانفعالات والعواطف على أنها تتكون وتنمو تحت تأثير البيئة التي ينشأ الطفل فيها ويترعرع. ولذا نجده يشجع على الاهتمام بتربية الحواس وتدريبها منذ السنوات الأولى من حياة الفرد، باعتبارها مصدر نشاطه العلمي والذهني والاجتماعي. وفي هذا يقول: "ومن الثابت أن لا شيء في العقل لم يكن من قبل في الحس، الأمر الذي يجعلنا نضع بحق أساس كل حكمة وكل بلاغة وكل عمل رشيد طيب، حين ندرّب الحواس بعناية على أن تدرك جيداً الفوارق بين الأشياء الطبيعية"(عبد الدائم، 1978، 319، 320).
    ولكي نعد الجيل الناشئ إعداداً صحيحاً من جميع النواحي فإن كومينسكي ينصح بإقامة المدارس التي تختص كل واحدة منها بمرحلة عمرية محدّدة، على أن يخطط المشرفون للنشاط التربوي فيها. فعليهم أن يضعوا المناهج والبرامج الدراسية، وأن يحددوا محتوياتها والأساليب والأدوات التي يستخدمونها آخذين بعين الاعتبار أثناء ذلك كله الخصائص والسمات النفسية المتنامية لدى الدارسين.
    بسط كومينسكي تعاليمه التربوية وآراءه في الإنسان والمجتمع عبر مجموعة من المقالات والكتب، أهمها "فن التعليم العظيم" الذي كتبه بلغته الأم عام 1628م. ثم ترجمه إلى اللاتينية عام 1640م، و "العالم المحسوس في صور"(1658م) و "منهج اللغات الجديد" و "مدرسة الأمومة".
    ولعلَّ أبرز ما يميز هذه التعاليم هو نزعة صاحبها الإنسانية والشعبية. فقد نادى كومينسكي بإعداد الأطفال للحياة العملية وفق بنية تعليمية تقترب إلى حد ما في حدودها ومراحلها من البنى التعليمية في القرن العشرين . ولم يقصر نداءه هذا على فئة اجتماعية دون فئة أخرى، بل عنى أبناء الفلاحين والحرفيين مثلما عنى أبناء الطبقة الإقطاعية والبرجوازية الصاعدة والنبلاء. فالتعليم –عنده- يجب أن يكون شعبياً، وعليه أن يقدم للأطفال دون تمييز أو تفريق معارف واحدة، ويكسبهم مهارات علمية ضرورية ومفيدة، ويغرس في نفوسهم الحبّ والخير.
    وتجسّد هذه السمة الإنسانية والشعبية معتقدات كومينسكي السياسية وموقعه الاجتماعي. فهو ينحدر من أسرة كان ربُّها عضواً نشيطاً في جماعة الأخوان التشيك. وكان لنشاطه هذا أثر كبير في مستقبل أبنائه. فبعد أن أنهى كومينسكي دراسته الجامعية في ألمانيا عاد إلى وطنه مورافيا(تشيكوسلوفاكيا) ليصبح داعياً لهذه الجماعة الدينية، ثم رئيساً لها. وقد اضطر بسبب موقف السلطات وضغطها عليه إلى مغادرة البلاد في وقت مبكر من حياته العلمّية.
    ولعلَّ الظروف الأسرية والاجتماعية والسياسية التي عاش في ظلها كومينسكي لم تكن أسوأ من تلك التي عرفها الفيلسوف جان جاك روسو(1712م-1778م). فقد عرف روسو في الكثير من مراحل حياته البؤس والعوز والشقاء، وهو الذي عاش عصر المخاضات الاجتماعية الكبرى والصعبة في أوربة عامة، وفي مجتمعه خاصة. وهذا ما ترك بالغ الأثر في بنائه النفسي واتجاهه الفكري، وجعله واحداً من أبرز مفكري عصره الذين مهدوا بنتاجهم الفكري والفنيّ والأدبي للإطاحة بالنظام الملكي والطبقة الإقطاعية الهرمة.
    نشر روسو كتباً عديدة، منها "مناقشة حول نشأة اللا مساواة بين الناس وأساسها"(1755م) و "العقد الاجتماعي"(1762) و "إميل أو التربية"(1762م). ويعد "إميل أو التربية" أهم ما كتبه في ميدان التربية. وقد أراده أن يكون أضخم إنتاج في تاريخ الفكر التربوي. ومن يتتبّع حياة روسو، يمكنه أن يقف على المصادر الفعلية لمؤلفه التربوي. ويعرف أنه "... لم يكن نتيجة استقراء طويل وتجربة صبورة حقيقية، بل كان مؤلفاً وليد الوحي والإلهام ووليد ارتجال عبقري لامع"(عبد الدائم، 1978، 377). وهذا ما يميز روسو عن غيره من المربين السابقين أمثال كومينسكي ولوك وسواهما ممن عرفتنا مؤلفاتهم بتجاربهم وخبراتهم الميدانية.
    وإن الإطلاع على أعمال روسو الاجتماعية والسياسية تلقي –ولا شك- ضوءاً على الأسس التي ارتكز عليها في نظرته إلى جوهر العملية التربوية واتجاهها. فهو يرفض الأوضاع والعلائق الاجتماعية القائمة في مجتمعه، ويستنكر وجود الفوارق بين الناس من حيث حقوقهم وواجباتهم، وعدم مساواتهم أمام القانون وغير ذلك من النقائص والسلبيات والترهات التي حمل النظام الإقطاعي مسؤوليتها وتبعاتها بصورة مباشرة. وتبعاً لذلك فإنه يشن نقداً عنيفاً على التربية السائدة في مجتمعه، ويأخذ عليها، بالإضافة إلى طابعها الطبقي، عدم مراعاتها للخصائص النفسية التي تتسم بها كل مرحلة من المراحل العمرية، والفوارق الفردية بين الأطفال، وإهمالها لمتطلبات الحياة المستجدة، وإزاء هذا الوضع يحمل روسو نفسه مهمة وضع بديل أفضل. ولقد تمثل هذا البديل في نظريته المعروفة بالنظرية التطبيقية في التربية أو التربية الحرة.
    بدأ روسو بصياغة نظريته على قاعدة نقده للتربية التقليدية التي تنظر إلى الطفل كرجل صغير. فقد اعتبر هذه النظرة خطأً منهجياً فادحاً تترتب عنه الأخطاء التي تمس الأساليب المتبعة في التعامل مع الأطفال. إن عالم الأطفال –عنده- يختلف اختلافاً جوهرياً عن عالم الكبار. وليس ثمة من الأسس والمسوغات للحديث عما هو عام أو مشترك بين قدرات الصغير وقدرات الكبير.
    ويذهب روسو إلى القول بأن الأخطاء التي يرتكبها المربون والنتائج السلبية التي تقود إليها على صعيد الصفات النفسية للتلاميذ، ما هي إلا دليل على جهلهم بسلوك الطفل وعقله. ويقرر أن محاولاتنا لتجاوز هذا الجهل نحو معرفة صحيحة ودقيقة بواقع الطفولة ستقودنا مع مرور الوقت لا محالة للاعتراف بقصورنا وعجزنا عن بلوغ هذه الغاية. ذلك ما يعبر عنه في قوله: "نحن نجهل الطفولة الجهل كله، وكلما مشينا في الأفكار الخاطئة التي نملكها عنها ازداد ضلالنا. إنك ترى أكثرنا حكمة يتعلقون بما يهم البالغ معرفته ولا ينظرون فيما ينبغي أن يتعلمه الأطفال. فهم يبحثون دوماً لدى الطفل عن الراشد، دون أن يفكروا بما هو عليه قبل أن يصبح راشداً"(عبد الدايم، 1978، 379). ولكن روسو لا ينصح بإلقاء السلاح والاستسلام لهذه الحقيقة "المرة"، وإنما يقترح أن يترك الطفل وشأنه للطبيعة، لأنها –برأيه- هي الكفيلة بتطوير قدراته العقلية والجسدية في الاتجاه السليم، وهذه الطريقة مخرج النجاة من المأزق التربوي والخلقي الذي آلت إليه التصورات والممارسات الخاطئة. يقول في مستهل "إميل أو التربية": "إن كل ما يخرج من بين يدي صانع الكون حسن، وكل شيء يفسد في أيدي الإنسان"(روسو، 1956، 17).
    والتربية الطبيعية التي يقترحها روسو لا تعني الفوضى وعدم الالتزام بأي منهج أو ضابط. إنها –كما يبين مؤسسها- عكس ذلك، تهتدي بقوانين النمو الجسدي والعقلي والخلقي عند الطفل، وتساير سمات وخصائص أطوار نموه. وعلى أساس ذلك يقسم "روايته" إلى خمسة كتب، يعرض في الأول منها للقدرات الجسمية والحسية عند الطفل منذ الميلاد وحتى نهاية السنة الأولى من العمر، ويوضح دور التربية وأساليبها في تطوير قدرات هذا الطور. ويتابع في الكتاب الثاني مظاهر نمو أعضاء الجسم وأجزائه والإحساس والإدراك في الطور الثاني من مراحل الطفولة والتي تمتد من السنة الأولى حتى السنة الثانية عشرة. بينما يخصص الكتاب الثالث للحديث عن نشأة العقل عند أطفال الثانية عشرة حتى الخامسة عشرة من العمر والتقنيات التربوية الواجب استخدامها لتطويره. ويتحدث في الكتاب الرابع عن التربية الخلقية من الخامسة عشرة حتى سن العشرين. أما الكتاب الخامس والأخير فيتعرض من خلاله للحديث عن المرأة والجوانب التي ينبغي على التربية الاهتمام بها عندها.
    ومع أن في تناول آراء روسو التربوية وتحليلها الكثير من المتعة الفنية والفائدة العلمية، إلا أن المجال هنا لا يتسع لمثل هذا العمل، زيادة على أنه يبتعد بالنص عن مهمته الأساسية. ويبقى من الضروري أن نشير إلى الطابع الإنساني والديمقراطي لأفكار روسو، وما جسدته من حب عميق للطفولة يعبّر عنه بجلاء ووضوح حرصه الشديد على إبراز كافة جوانب شخصية الطفل بكل دقائقها وتفصيلاتها وسعيه الدؤوب لتطويرها على نحو متكامل ومنسجم.
    وإلى جانب روسو برزت شخصيات كثيرة في فرنسا أمثال هيلفيتسي وغولباخ وديدرو وغيرهم. وقد لعب هؤلاء جميعاً، ولا سيما ديدرو، دوراً قيادياً في وضع المقدمات الفكرية للثورة البرجوازية الفرنسية.
    تأثر دينيه ديدرو(1713م-1784م) بالمذهب الحسي الذي تزعمه جون لوك. ويتضح مدى هذا التأثير من خلال الأهمية الخاصة التي خلعها على الشروط البيئية التي تحيط بالإنسان والدور الكبير الذي تلعبه في تحديد وعيه وبنيته النفسية. غير أنه لم يذهب بعيداً إلى حد المبالغة في أهمية البيئة ودور المجتمع واعتبارهما العامل الوحيد في نشوء النفس وتطورها كما فعل هيلفيتسي. ففي الوقت الذي ينفي فيه هذا الأخير وجود أي قدرات أو تطورات إنسانية موروثة، يعترف ديدرو بوجود بعض الفروق ذات المنشأ الطبيعي التي لا بد للتربية أن تأخذها بعين الاعتبار.
    واعتراف ديدرو بفطرية بعض النواحي النفسية لدى الإنسان لم يدفعه إلى التقليل من شأن التربية. بل إنه يشدد على دورها الكبير في تكوين شخصية الإنسان. ومن هذا المنظور يطالب بإقامة نظام تربوي جديد قادر على الكشف عن عبقرية الشعب وقواه المبدعة.
    وليس بعيداً عن فرنسا وعصر التنوير وربما بفعل انعكاسات هذا العصر وتأثيراته لمع اسم يوحنا هنريك بيستالوتزي(1746م-1827م) في عالم التربية. فقد كان هذا الرجل أحد الممثلين الأقوياء للاتجاه الديمقراطي في الفكر التربوي. ولأفكاره وأعماله يرجع الفضل في إثراء نشاط المعلمين والمربين على المستويين النظري والعملي، وتطويره في العديد من أقطار العالم.
    كرس يبستالوتزي نشاطه في البحث عن أنجع السبل والأدوات من أجل رفعة الإنسان، وقضى حياته حاملاً هموم الارتقاء بمستوى الشعب والسمو بروحه. وأنفق جل وقته وجهده، وتحمل الصعوبات والكثير من البؤس والفاقة في سبيل الآخرين. والكلمات الموجزة التي كتبت على النصب التذكاري الذي أقامته لـه مقاطعة أرجوفيا تعبر أصدق تعبير عن كل ذلك: "هنا يرقد بيستالوتزي المولود في(زيوريخ) في الثاني عشر من كانون الأول عام 1746 والمتوفي في(بروغ) في السابع عشر من شباط عام 1827، منقذ الفقراء في(نويهوف) وواعظ الشعب في(ليونارد وجيرترود) وإيواء الأيتام في(ستانتز) ومؤسس مدرسة الشعب الجديدة في(برجدورف) و(مغشن بشزة) ومعلم الإنسانية في(أيفردون) الرجل المسيحي، المواطن. كان كل ما عمله للآخرين ولم يعمل شيئاً لنفسه، فليبارك اسمه"(عبد الدايم، 1978، 424).
    خلّف بيستالوتزي عدداً من المؤلفات، أهمها "ليونارد وجيرترود"
    (1781-1787) و "كيف تعلم جيرترود أطفالها"(1801). وفيها يعرض آراءه في أساليب التعليم ومضمونه.
    يبدو تأثر هذا المربي بآراء كومينسكي وروسو واضحاً من خلال كتابه "كتاب الأمهات" و "يوميات أب". ففي الكتاب الأول يبرز الفوائد التي يجنيها المعلم على صعيد إكساب الطفل المعلومات المتعلقة بالموضوعات الخارجية لدى عرضها بطريقة مشوقة وبصورة حسية مباشرة.
    وهذا تأكيد على ما نصّ عليه كتاب كومينسكي "العالم المحسوس في صور" ويتتبّع في كتابه الثاني التغيرات والتطورات التي كان يلاحظها على ابنه الوحيد "يعقوب" يومياً. ويجد القارئ الكثير من أوجه الشبه بين الأفعال والقدرات التي تتسم بها مراحل النمو عند كلّ من "يعقوب" و "إميل".
    إن السبيل الأمثل للخلاص من واقع التخلف والتدني الذي يعيشه عامة الناس يكمن –باعتقاد بيستالوتزي- في التعليم المنظم والموجّه. ولكي يكون التعليم كذلك، عليه أن يُعنى في المقام الأول بالكشف عن المراحل الأساسية التي يوجه إليها، وأن يحدّد الخصائص والصفات التي تتصف بها كلّ واحدة من هذه المراحل. ولئن وضع بيستالوتزي القيام بذلك في أعلى سلم الأولويات، فلأنه كان يرى أن من غير المجدي أن يصاغ مضمون التعليم، وأن تحدّد أساليبه وأدواته دون مراعاة مستوى النمو الذي وصل إليه الدارسون. لذلك يمكن اعتبار بيستالوتزي أول من طرح السؤال عمّا ينبغي تقديمه للمتعلمين.
    عمل بيستالوتزي الكثير من أجل حل هذه المعضلة التعليمية الهامة. وانطلاقاً من الدور الإيجابي الذي يلعبه التعليم في مستوى الإمكانات النفسية للإنسان، يقترح تدريس اللغة الأم والحساب والهندسة والجغرافيا في المرحلة الابتدائية، على أن يتم تحديد مقرراتها عبر سنوات المرحلة.
    ومن ناحية أخرى طور بيستالوتزي مبدأ الحسية في التعليم بوصفه الطريق الذي يمّر عبره التمثّل الجيد للواقع الخارجي. ويؤكد في هذا السياق على لزوم اقتران التفكير بالإدراك الحسي، خاصة وأنّ الغاية الأساسية من التعليم تكمن، حسب ما يرى، في تكوين الفكر المنطقي وتطوره لدى التلاميذ. فلا غرو أن نجده يرفض أسلوب الحفظ الآلي للموضوعات، ويشدّد على توظيف كافة أعضاء الحس وتدريبها من أجل تكوين تصور كامل وجيد عنها.
    ولقد وجدت تعاليم بيستالوتزي صدى إيجابياً وانتشاراً واسعاً في سويسرا وألمانيا بصورة خاصة. وسعى المهتمون بقضايا التربية والتعليم إلى الإفادة منها، بل وتطويرها والارتقاء بها إلى مستوى النظرية المتكاملة، بغية تطبيقها، ما أمكن، على جميع المؤسسات التربوية. ويعتبر فريدريك ويلهلم أوغست فرويل(1782-1852م) واحداً من أبرز المربين الذين اطلعوا عن كثب على نشاط بيستالوتزي وآرائه. فقد سافر أكثر من مرة إلى أيفردون، حيث كان يعمل بيستالوتزي، والتقاه هناك. ونشأت بينهما علاقة طيبة، كان لها أثر إيجابي في مضي فرويل قدماً في الاتجاه الجديد الذي انتهى به إلى تأسيس أول روضة للأطفال في العالم. كتب فرويل مؤلفات عدّة في التربية، منها "تربية الإنسان"
    (1826) و "أغاني الأمهات"(1843). ولعلَّ محاولته لتحديد المبادئ النفسية التي ينبغي أن تُقام عليها التربية أهم ما تضمّنته هذه المؤلفات. وفي هذا الصدد يربط فرويل المادة التعليمية بالمستوى الانفعالي والذهني عند الطفل. ويجد أن هذا العمل هو الشرط الذي من شأنه أن يحول الموضوع إلى محور لنشاط التلاميذ الذاتي، ويؤدي إلى نموهم النفسي. ولذا فإنه يقترح تقديم عدد من الأدوات التعليمية "دائرة، مكعب، أسطوانة" كهدايا لأطفال الروضة، مبرزاً خصائصها التربوية المتعددة التي تطور إحساسهم ومداركهم، وتغني تصوراتهم ومعارفهم عن العالم الخارجي.
    لم يكن فرويل وحده معجباً بآراء بيستالوتزي. كما أنه لم يكن أكثر حماساً من غيره لتوسيعها وتعميقها. فقد عرفت ألمانيا معجبين آخرين ومتحمسين كثيرين، من بينهم، بله وفي طليعتهم يوحنا فردريك هربارت(1776-1841). وإذا كان فرويل ومن قبله المربون الذين أتينا على ذكر مشاهيرهم، قد عنوا بالبحث عن أمثل الطرائق والأدوات التي يفتّح المربي بامتلاكها استعدادات الأطفال ويوجه ميولهم وتطور إمكاناتهم، فإن هربارت لم يكتف بمجرد الحديث عن الخصائص النفسية التي يجب أن تهتم بها التربية، وإنما أكد بصورة حاسمة على ضرورة الربط بين الممارسة التربوية وبين المعرفة بشؤون النفس. وانطلاقاً من هذا الميدان طفق هربارت يبحث في البيئة النفسية ويكشف عن قوانينها وآلياتها، مستعيناً بمعطيات الفكر الفلسفي والعلم الطبيعي التي عرفت مداً عظيماً وتقدماً كبيراً وقتذاك.
    وحاول هربارت أيضاً أن يوفق بين الفكر الارتباطي ونظرية الملكات النفسية، وأن يؤلف منها نسيجاً نظرياً موحداً. وقد تجسد ذلك في بعض أعماله، مثل "كتاب تعليمي في علم النفس"(1816) و "علم النفس بوصفه علماً"(1824). ومن يطلع على هذين الكتابين، لا يجد عناء كبيراً في الكشف عن هذه الخلفية التي نظر هربارت منها إلى واقع علم النفس ومستقبله كفرع من فروع المعرفة الإنسانية. ومع أن بعض أعمال المفكرين الذين أتوا قبل هربارت تحمل عناوين قريبة، إلا أنها لم تلتزم بها إلى الحد الذي بلغه هربارت في هذين الكتابين.
    ويتحدث بعض الباحثين والمؤرخين عن خروج هربارت عن التفسير الذي جاء به الارتباطيون للأفكار والتصورات والقوانين التي تخضع لها في علاقاتها بعضها ببعض. فبينما ينظر لوك وأتباعه إلى أن هذه الأفكار والتصورات ذات طبيعة تناقضية أو قطبية وأن ارتباطها يتم بشكل آلي، يجد هؤلاء المؤرخون أن "أفكار وتصورات "هربارت تتكون بطريقة دينامية لتؤلف مضمون الوعي أوالشعور.
    ولعل نظرة هربارت إلى النفس كوحدة لا انفصال بين عناصرها وأطرافها هي التي أملت هذا الموقف الذي تميز به عن الارتباطيين. كما جعلته، من ناحية ثانية، يختلف مع أصحاب نظرية الملكات، وخاصة كريستيان وولف
    (1679-1754) وعمانويل كانت(1724-1804)، فقد وجد كل من هذين الفيلسوفين أن النفس الإنسانية تشتمل على عقل وشعور وإرادة، وإن العقل يتألف من عدد من الملكات المستقلة، كالذاكرة والخيال والمحاكمة والإدراك... الخ. والأفكار، في ضوء هذه النظرية، تؤلف قوام العقل المحض، ولا يوجد بينهما وبين المشاعر والإرادة أي شيء مشترك. بينما يرى هربارت أن ما يمكن قولـه عن الأفكار والترابطات القائمة بينها يصح، في ذات الوقت، على الانفعالات والعواطف والأفعال أو المواقف الإرادية.
    والأفكار، في رأيه، إما أن تكون منسجمة ومتناغمة، أو متنافرة ومتصارعة. وهي، في الحالتين، تفضي إلى ظهور حالات شعورية متفاوتة من الناحية النوعية تبعاً لاتجاه هذه العلاقة. فالحالة الأولى "انسجام الأفكار وتناغمها" تسبب في نشوء الانفعال الإيجابي، والحالة الثانية "تنافر الأفكار وصراعها" تؤدي إلى ظهور المواقف الانفعالية السلبية. ويستخدم هربارت مفهوم المدركات السابقة والمدركات الصغيرة الذي طرحه ليبنتز ليشير إلى التفاعل الدينامي النشط بين التطورات والأفكار السابقة والانطباعات الجديدة. وقد حدث عبر هذا التفاعل صراع بين الأفكار تطرد بنتيجته القوية "الواضحة" منها الضعيفة "الغامضة" إلى هامش الشعور، بل وإلى خارجه تماماً لتحتل الموقع المركزي فيه. على أن الأفكار المهزومة لا تستسلم نهائياً، وإنما تعود إلى ساحة الصراع ثانية حالما تتوافر لها أسباب القوة بفضل ما تقيمه من تحالفات مع غيرها من الأفكار، أو بفعل ضعف ينتاب الأفكار المعارضة بعد مضي بعض الوقت.
    وهكذا يكون هربارت قد مهد السبيل أمام فرويد ليكشف عن اللا شعور وأهميته في سلوك الإنسان. ومهما يقال عن أوجه الاختلاف في نظرة كل منهما إلى هذا الجانب النفسي فإنها –لو سلمنا بها جميعاً- لا تعكس المسافة الزمنية التي تفصل بينهما بكل ما تحمله من تقدم معرفي فحسب، بل وتعكس أيضاً منطلقين مختلفين وهدفين متباعدين. فقد ركز فرويد على اللا شعور ليبرز مقولة الدافعية، ويدلل على الأهمية الحيوية للدوافع "الجنس بصورة أساسية". في حين طرح هربارت هذا المفهوم في سياق صياغته لنظريته المعرفية، ليؤكد على الدور الذي تلعبه الحالات الانفعالية في المعرفة، ويبرهن، بالتالي، على العلاقة المتبادلة بين العقل والانفعال والإرادة.
    لقد أقام هربارت مذهبه في التربية على هذه المبادئ السيكولوجية، وسعى، في ضوئها، إلى تعيين مواصفات التعليم من حيث موضوعاته وأساليبه وأدواته. فها هو ينصح بتقديم الموضوعات على نحو متسلسل، ينتظم جديدها وقديمها في علاقة يجري اكتشافها بفضل تحليل كل منها إلى عناصرها ثم إعادة تركيبها من جديد وصولاً إلى عملية التعميم.
    ***
    إننا إذا كنا قد توقفنا قليلاً عند رواد الفكر التربوي الذين أولوا دراسة الخصائص النفسية عند الطفل عناية كبيرة، وأكدوا على أهمية الربط بين العملية التربوية ونتائج تلك الدراسة، فلا يعني ذلك إغفال أو نسيان فضل الآخرين من المربين والمعلمين الذين كانت لأفكارهم وتجاربهم في تلك الحقبة أصداء إيجابية على مستوى تنامي الاهتمام بالنفس البشرية، أمثال ب. بازدوف وع. كانت ور. أوين و هـ. سبنسر و أ. بين وغيرهم.
    إن العرض التاريخي لحياة هؤلاء جميعاً وتتبع نشاطاتهم التربوية بصورة خاصة يساعدان، ولا شك، في إدراك حدود علاقاتهم بعضهم ببعض، وأثر كل منهم في الفكر العلمي التربوي. ويمكنّا ن، بالتالي، من رصد حركة هذا الفكر المتسارعة باتجاه الحصول على المزيد من المعارف والمعطيات المتصلة بموضوعه، أي بالإنسان، غير أن هذا المقام لا يتسع للقيام بهذه المهمة على الوجه المطلوب. فهي تتطلب عملاً مستقلاً. لذا اقتصر سعينا على تقديم نماذج معبرة عن أهم ملامح الفكر النفسي التي كان يفرزها منحى العمل التربوي المتصاعد خلال هذه الحقبة من الزمن فقط، دون التعرض إلى نقدها أو الإشارة إلى نقائصها وسلبياتها. ذلك لأن هدفنا الأساسي من وراء ذلك هو إبراز علاقة التربية بعلم النفس، ومدى مشاركة المربين في توفير الشروط اللازمة للبحث النفسي وربطه بالواقع.


    bounce بوح الروح bounce

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 22, 2024 10:15 pm