منتديات ألامل

اهلا بالاخوه الاعضاء الكرام ...
كمانتمنى من الاخوه الزوار المبادره بالتسجيل ليكونو بيننا اخوه اعزاء ..يقدمون لنا بعضا من مساهماتهم لننهض معا وسويا بهذا المنتدى بما فيه مصلحة الجميع وشرف اعلاء الكلمه الطيبه والمعلومه القيمه للاعضاء والزوار على حد سواء ..
واقبلوا احترامي وتقديري لكم .
مع تحيات :
(بوح الروح ).

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات ألامل

اهلا بالاخوه الاعضاء الكرام ...
كمانتمنى من الاخوه الزوار المبادره بالتسجيل ليكونو بيننا اخوه اعزاء ..يقدمون لنا بعضا من مساهماتهم لننهض معا وسويا بهذا المنتدى بما فيه مصلحة الجميع وشرف اعلاء الكلمه الطيبه والمعلومه القيمه للاعضاء والزوار على حد سواء ..
واقبلوا احترامي وتقديري لكم .
مع تحيات :
(بوح الروح ).

منتديات ألامل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات ألامل

أستشارات نفسية وعلوم انسانية

المواضيع الأخيرة

» * * * * * * مابين الذَّكر و الرّجل ..
الفصل الخامس: استقلال علم النفس I_icon_minitimeالأربعاء أبريل 01, 2015 8:08 am من طرف بوح الروح

» * * * * * * الحُــــبّ
الفصل الخامس: استقلال علم النفس I_icon_minitimeالأربعاء أبريل 01, 2015 8:06 am من طرف بوح الروح

» * * * * * وبيسألوني ... !!!
الفصل الخامس: استقلال علم النفس I_icon_minitimeالأربعاء أبريل 01, 2015 8:04 am من طرف بوح الروح

» * * * * * * في بلادنا ..
الفصل الخامس: استقلال علم النفس I_icon_minitimeالأربعاء أبريل 01, 2015 7:59 am من طرف بوح الروح

» * * * * * في بلادي ..
الفصل الخامس: استقلال علم النفس I_icon_minitimeالأربعاء أبريل 01, 2015 7:57 am من طرف بوح الروح

» * * * * * * في بلادي ...
الفصل الخامس: استقلال علم النفس I_icon_minitimeالأربعاء أبريل 01, 2015 7:55 am من طرف بوح الروح

» * * * * * * في بلادي ..
الفصل الخامس: استقلال علم النفس I_icon_minitimeالأربعاء أبريل 01, 2015 7:53 am من طرف بوح الروح

» * * * * * قالوا لي ..!!!!!
الفصل الخامس: استقلال علم النفس I_icon_minitimeالأربعاء أبريل 01, 2015 7:51 am من طرف بوح الروح

» * * * * * * مِن غيرتي ..
الفصل الخامس: استقلال علم النفس I_icon_minitimeالأربعاء أبريل 01, 2015 7:49 am من طرف بوح الروح

التبادل الاعلاني


    الفصل الخامس: استقلال علم النفس

    بوح الروح
    بوح الروح
    Admin


    عدد المساهمات : 5999
    تاريخ التسجيل : 18/07/2009
    العمر : 40

    الفصل الخامس: استقلال علم النفس Empty الفصل الخامس: استقلال علم النفس

    مُساهمة  بوح الروح الثلاثاء أبريل 13, 2010 4:15 pm

    بينما كان الأطباء وعلماء الفيزيولوجيا والفلاسفة والمربون الأوربيون في النصف الأول من القرن التاسع عشر يقتربون من مظاهر النفس، ويلحون على دراستها وضبط قوانين حركتها نشر الفيلسوف الفرنسي أوغست كونت
    (1798-1857م) "محاضرات في الفلسفة الوضعية" عام 1830. وقد لاقت هذه المحاضرات صدى إيجابياً واسعاً لدى الأوساط العلمية في أوربة، ومن ثم في الولايات المتحدة الأمريكية. وما يهمنا من هذه المحاضرات، في هذا المقام، هو موقف كونت من الجدل الذي كان يدور آنذاك حول علم النفس ومكانته.
    يقدم صاحب "المحاضرات" عرضاً شاملاً ومفصلاً عن تاريخ العلوم عبر مراحل المعرفة الإنسانية. وانطلاقاً من الأسس والمبادئ الفلسفية يحدد موقع هذه العلوم وعلاقتها بعضها ببعض ودورها في تلك المعرفة من خلال التعريف بها وإبراز مادة كل واحد منها والمنهج الذي يستخدمه. وفي هذا السياق يقف مطولاً عند الظواهر الاجتماعية والوقائع النفسية باعتبارها موضوعاً لعلم الاجتماع وعلم النفس. ولكنه يلاحظ أن موضوعات علم النفس لا يمكن دراستها إلا عن طريق الاستبطان أو الملاحظة الذاتية بسبب الطبيعة الخاصة التي تميزها من سواها مما يندرج ضمن اهتمامات العلوم الأخرى. وهذا ما حمله إلى اتخاذ موقف معارض من الدعوات الرامية إلى قيام علم النفس وانفصاله عن الفلسفة والعلوم الأخرى. فهو يقرر عدم صلاحية منهج الاستبطان؛ لأنه من غير الممكن- في رأيه- أن يكون الفرد باحثاً وموضوعاً للدراسة في وقت واحد. ويتساءل عما إذا كان بوسع أحدنا أن يفكر في موضوع ما، ويلاحظ في ذات الوقت الكيفية التي يتم بها نشاطه الذهني، أو أن يتابع التغيرات والتبدلات التي تنتابه في حالات الانفعال. وما دام هذا العلم لا يملك سوى هذه الأداة الخاطئة، فقد اعترض كونت على استقلاله، واقترح أن توكل مهمة البحث في الوقائع النفسية إلى علم الاجتماع والفيزيولوجيا.
    وعندما أعلن ميل الابن وبين وسبنسر برنامجهم لإقامة علم النفس كعلم مستقل عن الفلسفة كان شعارهم البحث عن طرائق تجريبية مناسبة تعتمد في أسسها على العلوم الطبيعية. بيد أن شعارهم هذا بقي مجرد كلام، ولم يغير من مواقع أصحابه المثالية شيئاً. فقد ذهبوا إلى القول بأن الاعتماد على العلوم الطبيعية في إقامة العلم الجديد هو من بين الأفكار التي تضمنتها مبادئ الفلسفة الوضعية. وفي هذا قد يجد البعض لوناً من التناقض مع ما قيل منذ قليل حول موقف زعيم هذه الفلسفة من علم النفس. إذ كيف يمكن الجمع أو التوفيق بين نظرية كونت التي لم يجد علم النفس مكاناً له فيها من جهة، ونظرية الارتباطيين الذين دعوا إلى استقلال علم النفس من جهة ثانية؟
    وبصرف النظر عن دوافع هذا التساؤل، فإنه يعكس نظرة تعتمد على الشكل أو المظهر الخارجي في الحكم على الأشياء والأفكار. والواقع أن الخلاف بين كونت والارتباطيين ليس خلافاً مبدئياً حول المنطلقات والغايات، بقدر ما هو خلاف حول وسيلة من عديد الوسائل التي حاول الطرفان بها التأكيد على صحة هذه المنطلقات، والوصول إلى تلك الغايات. وتدلل أعمال الارتباطيين في هذا الشأن على اتفاقهم مع كونت في نظرته إلى مناهج العلوم وموضوعاتها. وما تشديدهم على استقلال علم النفس إلا لاعتقادهم بأن هذا العلم هو وحده القادر على منح المذهب الوضعي المزيد من المصداقية بعد أن يصبح أساس العلوم الوضعية. فقد أعلنوا أن اهتمام السيكولوجي يجب أن يكون منصباً نحو دراسة مظاهر الوعي وأشكاله، وليس على جوهره. ولذا تراهم يتحدثون عن "علم نفس دون روح" تأكيداً منهم على وجود الروح كجوهر مستقل بعيد عن متناول البحث العلمي(*).
    ولم يكن الحوار حول موضوع علم النفس ومنهجه مقتصراً على الفلاسفة الارتباطيين ومؤسس المذهب الوضعي فقط، بل شارك فيه العديد من الباحثين والمفكرين، واستأثر بجانب كبير من اهتمامهم. فبعد ظهور "محاضرات" كونت بأربعة أعوام طالع فيبر الأوساط العلمية بكتابه الأول "حول اللمس"، الذي حملت محتوياته الرد المباشر على محاولة كونت قطع الطريق أمام استقلال علم النفس بحجة أنه لا يملك سوى منهج الاستبطان الذاتي الخاطئ. فقد درس فيبر اللمس كواقعة نفسية بطريقة علمية تجريبية، مدللاً بذلك على إمكانية دراسة الظواهر النفسية وقياسها عبر علاقتها بالظواهر الخارجية.
    ولئن كان العمل الذي قام به فيبر وغيره أمثال هيلمهولتز ودونديرس لمصلحة المنهج التجريبي في علم النفس مشاركة غير مباشرة في الجدل القائم بين أنصار قيام هذا العلم وخصومه، فإن ما جاء به هربارت يجعله طرفاً فاعلاً في حلبة هذا الجدل. فقد قدم هربارت الكثير من أجل علم النفس. وكان لجهده أثر كبير في اتجاه معاصريه وأتباعه وقرائه من بعده داخل ألمانيا وخارجها. ففي النمسا اهتم فولكمان بموضوع الإدراك الحسي، ونشر عام 1856 كتابه "في علم النفس الهربارتي". وبعد بضع سنوات وضع ليندنر، أحد أصدقاء فولكمان، كتاباً في علم النفس العملي استخدم فيه منهج هربارت.
    وفي ألمانيا تبنى موريتس دروبيش أفكار هربارت، وقام بتطويرها في ضوء المعطيات العلمية الجديدة، ودعا إليها في جامعة لايبزيغ بصورة خاصة. كما كان وراء جمع صاحبه هارتنشتين لأعمال هربارت ونشرها في عشرة أجزاء. وربما يتجلى أثر هربارت على نحو واضح في أعمال فوندت الذي عمل الكثير من أجل استقلال علم النفس.
    بدأ ولهلم فوندت(1832-1920م) حياته العلمية كطبيب ثم كاختصاصي في الفيزيولوجيا. فبعد أن أنهى دراسته الثانوية التحق بكلية الطب في مدينة توبنهاين، ثم في هيدلبرغ. وبعد تخرجه رفض العمل كطبيب متمرن، وانتقل إلى برلين حيث تعرف فيها على يوهان موللر. ولكنه لم يقم هناك طويلاً، وآثر العودة إلى هيدلبرغ لينال شهادة الدكتوراه عام 1856 من جامعتها، ويمارس مهنة التدريس فيها كمساعد لهيلمهولتز. وبقي كذلك حتى عام 1871، حيث رقي إلى رتبة أستاذ. وفي عام 1874 سافر إلى زيوريخ ليدرس الفلسفة عاماً واحداً فضل الانتقال بعده إلى جامعة لايبزيغ. وظل هناك يشغل كرسي الفلسفة طيلة 45 عاماً.
    إن تنقل فوندت عبر العديد من المدن الألمانية مكّنه من التعرف على الكثير من مشاهير العلماء والاطلاع عن كثب على أعمالهم. فقد تعرف على نظرية هربارت وموقفه من علم النفس ومنهجه، وبدرجة أكبر على بحوث موللر وهيلمهولتز، ولا سيما ما يتعلق منها بعمليات الحس والإدراك. وحفزه ذلك كله إلى التقرب أكثر من هذه الموضوعات والاهتمام بها لتكون في وقت لاحق النقاط التي بدأ يرسم منها خطوط نشاطه العلمي. وهذا ما تؤكده أعماله المبكرة التي افتتحها بكتابه "بحث حول الحركات العضلية"(1858) ثم "بحوث في نظرية الإدراك الحسي"(1858-1862)، فمحاضراته في علم النفس الفيزيولوجي التي كان قد بدأ بإلقائها في جامعة هيدلبرغ، ونشرها عام 1862 تحت عنوان "علم النفس من وجهة نظر العلم الطبيعي"، وتصميمه أول جهاز لدراسة العمليات الحسية، ومحاضراته "في النفس عند الإنسان والحيوانات" التي تضمنت برنامجه الطموح لإقامة علم النفس التجريبي وعلم النفس الثقافي. وقد كرّس فوندت جهده فيما بعد من أجل تنفيذ هذا البرنامج.
    ويمكن للمتتبع أن يميز في نشاط فوندت العلمي مرحلتين، استمرت الأولى منهما حتى بداية العقد الأخير من القرن التاسع عشر. واتسمت بالطابع التجريبي. بينما غطّت الثانية بقية سني حياته. واهتم خلالها بالفلسفة والأنتروبولوجيا.
    ولعل أهم ما قدمه فوندت في المرحلة الأولى هو كتابه "مبادئ علم النفس الفيزيولوجي" الذي نشره عام 1874، وتأسيسه لأول مخبر سيكولوجي عام 1879، تحول بعد فترة قصيرة إلى معهد زاره ودرس فيه العديد من رواد علم النفس في العالم. فمن الأمريكيين قصده- حسب ما ورد في كتاب بورينغ- ستانلي هول وكاتل وولف وبيس وسكريبتشر وآنجل وويتمر ووارن وباتريك وستراتون وجود وتوني. ومن الأوربيين كريبلين ومونستربرغ وستورنغ وكيرشمان وليهمان وكولبه وميومان ومارب وكيسيوف وليبنر وكروجر وميركل ولانج ومارتيوس(ألمانيا)، وميشوت(بلجيكا)، وهيفيننغ(الدانمارك) وبوردون(فرنسا)، وتيتشنر وسبيرمان(انكلترا)، وبختيرف وجيلبانوف(روسيا). ومن اليابان مادوموتو.
    ولقد تركزت البحوث التجريبية في المخبر على محاور ثلاثة: أ-دراسة الحس والإدراك البصري واللمسي والسمعي، ب-السيكوفيزياء، ج-دراسة زمن الرجع. ولكي يتسنى نشر نتائج هذه البحوث أسس فوندت مجلة "الدراسات الفلسفية" عام 1881.
    ومن المعلوام أن مفهوم "الفسيفساء الحسية" كان واحداً من منجزات فيزيولوجيا أعضاء الحس في تلك الفترة من التطور العلمي. وكانت الإحساسات والإدراكات وزمن الرجع والشعور أو الوعي مفردات المهتمين بدراسة الجانب النفسي من شخصية الإنسان، حيث عكسوا من خلالها ذلك المفهوم. ولقد وجد فوندت في "الفسيفساء" المادة التي يتوجب على علم النفس التعامل معها والتعرف على عناصرها وتعيين مواقعها وعلاقاتها بعضها ببعض. وعلى هذا الأساس مضى في طريق هيلمهولتز ودونديرس وفخنر في دراسة الحواس وردود الأفعال والفواصل الزمنية بين المثيرات والاستجابات. بيد أنه نظر إلى هذه الوقائع من زاوية أخرى. فبينما شدّد هؤلاء على العلاقة الموضوعية بين المثير الخارجي ورد الفعل، وأكدوا الحتمية الفيزيائية ودور العوامل الخارجية في ولادة الحس والحركة، ذهب فوندت إلى وضع كل منهما(المثير ورد الفعل) على النقيض من الآخر انطلاقاً من الفارق الجوهري بين الروح والجسد، والنفس والعضوية. وهذا ما يجعل علم النفس متميزاً عن العلوم الطبيعية والاجتماعية، ويعطيه الحق في الاستقلال.
    إن علم النفس، في رأي فوندت، يجب أن يدرس الخبرة الداخلية المباشرة للفرد. وقد حدد الخبرة على هذا النحو، وألحق بها تلك الصفات كي يكسبها خصوصية تميزها، بل وتفصلها عن خبرة الفرد الخارجية.
    أما كيفية دراسة هذا الموضوع فقد وجد فوندت أن خصوصيته تفرض على الباحث التخلي عن التقنيات التي تستخدم في دراسة البنية العضوية للكائن الحي وعلاقاته مع المحيط، والبحث عن منهج جديد يتناسب مع طبيعته ويراعي خصوصيته. وفي هذا الصدد يشير في كتابه "بحوث في نظرية الإدراك الحسي" إلى أهمية التجربة ودراسة التاريخ الطبيعي للبشر كمنهجين علميين يصلحان لدراسة الإنسان من الناحية البيولوجية.
    ومع أنه يذكر بدور هربارت الإيجابي في معالجة علم النفس بوصفه علم الظواهر النفسية، وبإلحاحه على إدخال التجربة كطريقة من شأنها إضفاء العلمية والموضوعية على البحوث النفسية، إلا أنه رفض العمل بنصيحته وأعرض عنها مدعياً أن التجربة، كالدراسة الانتروبولوجية، لا تحمل نفس الأهمية العلمية لدى استخدامها في دراسة الجوانب الشعورية المعقدة، ولا تحتل موقعاً يذكر في المعرفة النفسية. ولذا يقترح الاستبطان وينصح بضرورة أن يصبح المنهج الذي يبدأ به علم النفس.
    وبعد أن أجرى فوندت سلسلة من التجارب المخبرية مستخدماً طريقة الاستبطان اعترضته صعوبات كثيرة بسبب تفاوت قدرة المفحوصين على التعبير عما يدور في داخلهم. وقد اضطره ذلك إلى إدخال عملية تدريب مفحوصيه على ما ينبغي أن يفعلوه أثناء مراقبتهم لنشاطهم النفسي(الداخلي) ونقل إحساساتهم إلى الباحث عن طريق الكلام. وعلى الرغم من ذلك فإن الحقيقة التي وقف عليها العديد من العلماء هي أن النتائج التي انتهى إليها فوندت وتلاميذه من خلال تجاربهم التي استمرت سنين طويلة لم تكن موضوعية بالقدر الذي يحمل الباحث على الثقة بها والاطمئنان إليها.
    وقد يبدو الكلام عن تطوير فوندت للاستبطان التقليدي في الاتجاه الذي يتناسب مع تقنيات المخابر الحديثة متناقضاً وغير معقول، وأنه لا يخلو من اتهام فوندت والتجني عليه، وربما يعترض البعض على ذلك بسؤال يستهجن الجمع أو التوفيق بين الحديث عن بناء فوندت لأول مخبر نفسي وتجهيزه بالعتاد اللازم من ناحية، وتبنيه لمنهج الاستبطان المعدل من ناحية ثانية. ويمكن أن يطرح الاحتجاج بالصيغة المباشرة التالية: إذا كان القول بأن فوندت قد اختار الاستبطان منهجاً في بحثه النفسي صحيحاً، فكيف تفسر إقامته لمخبر مجهز مع ما يعنيه ذلك من نشاط علمي تجريبي؟
    إن حدَّة لهجة هذا الاحتجاج تخف وتلين كثيراً، ويتراجع صاحبه الموضوعي عند إدراكه للنزعة التوفيقية التي اتسمت بها مواقف فوندت. فالتوجه العلمي الطبيعي العام لعلم النفس آنذاك، والذي لم يخف فوندت تأثره به في بداية عهده دفعه إلى إنشاء مخبره وتزويده إياه بالأجهزة والأدوات اللازمة على غرار ما هو قائم في مخابر العلوم الطبيعية والفيزيولوجيا، الأمر الذي ترك بصماته على مسيرة علم النفس فيما بعد. ويضاف إلى هذا أنه خطا خطوة متقدمة بمقاييس عصره تجلت في استبدال عينات البحث. فبدلاً من الحيوانات أصبح الإنسان، بفضل فوندت، موضوع دراسة مباشرة في هذا الوسط المخبري. ولكن هذا التوجه كان يضعف ويتراجع أمام تصورات فوندت لمظاهر الشعور وعلاقتها بالعالم الخارجي. وكانت تتراجع، تبعاً لذلك، الغاية من توفير الشروط المخبرية واستخدام الطريقة التجريبية في الميدان العلمي الجديد. فبالرغم من أن فوندت تأثر بواقع العلوم التجريبية، وحاول محاكاة مجريات هذا الواقع، إلا أن أثر الفلسفة المثالية التي كانت سائدة في الجامعات الألمانية آنذاك كان أكثر عمقاً ووضوحاً في منطلقاته الفكرية وما يستتبع ذلك من أدوات التفسير والتحليل.
    لقد اعتبر فوندت الاستبطان أداة لا غنى عنها في الدراسات النفسية ومسوغاً لاستقلال علم النفس. فالاستبطان، في رأيه، يكشف في الخبرة الشعورية، الذاتية والمباشرة، عن مستويين من العناصر: الإحساسات والتصورات. وفي مرحلة تالية أناط به مهمة الكشف عن مستوى ثالث، وهو المشاعر. بينما اعتقد أن التجربة لا تصلح إلا لدراسة المستوى الأول(العمليات الحسية الأولية) والتدقيق في بنية الوعي.
    ويتضح إيمانه العميق وثقته الكبيرة بالاستبطان المعدل من خلال تعليماته لتلاميذه ومساعديه الذين كانوا يتولون القيام بمهمات العمل المخبري، وفي تفسيره للمعطيات التي كانوا يضعونها أمامه. فالتعليمات كانت تقتضي تدخل المجرب أثناء التجربة والطلب من المفحوص تعيين التغيرات الداخلية التي يحس بها قبل شروعه بالاستجابة. ويجد فوندت أن بفضل هذا الإجراء يتمكن الباحث من معرفة الأسباب الحقيقية التي تكمن وراء الاستجابة. فهناك، حسب اعتقاده، عمليات نفسية متنوعة ومتعاقبة يحتل بعضها مكان البعض الآخر في الفترة التي تفصل بين تأثير المنبه الخارجي واستجابة الفرد عليه. وعلى البحث أن يبرزها ويعرف بها.
    وإذا كان البحث التجريبي والدراسات المخبرية هي التي ميزت المرحلة الأولى من نشاط فوندت العلمي، فإن الأمر ليس كذلك بالنسبة للمرحلة الثانية. فقد اعتزل فوندت خلالها العمل التجريبي، وانصرف إلى تنفيذ الجزء الثاني من برنامجه، وهو الجزء النظري الذي تمثل في إقامة علم النفس الثقافي.
    اهتم فوندت عبر سنوات هذه المرحلة بدراسة الوظائف النفسية العليا(التفكير واللغة والتذكر) وقضايا المنطق والأخلاق. إلا أن منهجه هنا لم يكن الاستبطان، وإنما استقراء الوقائع الثقافية عبر التاريخ الإنساني، كما أن أدواته لم تكن الأجهزة المخبرية، بل كانت اللغة والأسطورة والفن باعتبارها مظاهر لتلك الوظائف وتعبيرات عن تطورها عبر الحضارات المتعاقبة. ولقد ظهرت في هذه المرحلة مجموعة من المؤلفات، منها كتابه "تصنيفات علم النفس"(1896) و"المدخل إلى علم النفس"(1911) و"علم نفس الشعوب" الذي خصص له عشرة مجلدات صدر أولها عام 1900.
    وعلى الرغم من تباين موضوعات نشاط فوندت خلال المرحلتين المذكورتين، إلا أن دراستها بدقة وعناية، والاطلاع على الجوانب التي تم تناولها يظهران تكامل هذا النشاط ووحدته. فقد أخضع فوندت كافة الموضوعات التي درسها لقواعد فكرية واحدة، محاولاً الوصول إلى هدف واحد، وهو التدليل على صحة منطلقاته الفلسفية المثالية وأهميتها في حياة الفرد والمجتمع.
    والحقيقة التي لا نقاش حولها هي أن فوندت علم من أعلام الفكر السيكولوجي، وأحد أبرز مؤسسي علم النفس. فقد كرس الرجل أكثر من 60 عاماً للعمل التجريبي والبحث الفلسفي. وجمع حوله عشرات الباحثين الشباب الذين لعبوا دور الريادة في علم النفس. وأسهم في إغناء التراث العلمي السيكولوجي بمئات المقالات وعشرات الكتب.
    إن الدور الإيجابي الذي قام به فوندت في حسم الصراع لصالح استقلال علم النفس عامة، والنهوض بعلم النفس التجريبي خاصة، هو حقيقة تاريخية تفرض نفسها على الجميع، ولا يملك أحد إزاء حيثياتها إلا التسليم بها. ولكن الحقيقة الأخرى التي ينبغي عدم إغفالها أو تجاوزها هي بروز أكثر من فوندت، وأعمال أخرى غير أعمال فوندت في نفس الفترة التي شهدت ظهور علم النفس كعلم قائم بذاته. ففي السنة التي ظهر فيها كتاب فوندت "مبادئ علم النفس الفيزيولوجي" نشر برنتانو الجزء الأول من مؤلفه "علم النفس من وجهة النظر الخِبْرية"، ومع أنه لم يكمل مؤلفه هذا، فإن تعاليمه وجدت طريقها إلى الحياة والتطور والانتشار. وإلى ذلك يشير و. أونيل بتركيز ووضوح حين قال: "في عام 1874 كان الباحث الناشئ الذي يسعى ليكون سيكولوجياً من طراز جديد يواجه بخيارين محددين: فإما "مبادئ علم النفس الفيزيولوجي" لفوندت، وإما "علم النفس من وجهة النظر الخبرية" لبرنتانو (O neil ,1968,65)
    ومن باب الدقة والموضوعية نشير إلى أن الأثر الذي تركه برنتانو لم يكن من طبيعة ونوع الأثر الذي تركه فوندت. وربما كان ذلك راجعاً إلى التباين في الأصول الفلسفية والعلمية التي استمد كل منهما ثقافته، واختلاف طبيعة وظروف عمليهما. فقد نشأ فرانز برنتانو(1838-1917م) وتربى على تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. وأصبح فيما بعد قساً. وقاده حبه للفلسفة إلى الاطلاع على آراء مشاهيرها، فصار فيلسوفاً. وكان ليبرالياً في فكره وسلوكه، وهو الذي تخلى عن منصبه الديني بعد صدور فتوى الفاتيكان بالعصمة البابوية. ومنذ عام 1874 بدأ عمله في جامعة فيينا كأستاذ للفلسفة، واستمر فيه نحو عشرين عاماً.
    كان برنتانو مولعاً بالتراث الفلسفي الأرسططاليسي. وبفضل ذلك تمكن من الاطلاع الواسع والعميق على مؤلفات أرسطو. ودرس ما كتبه الفلاسفة والمفكرون عنه، وخاصة علماء الكلام في القرون الوسطى.
    ومن خلال الأثر القوي الذي أحدثته تعاليم أرسطو حول الروح ومنهج توما الأكويني في شرح وتأويل النصوص الأرسططاليسية، وضع برنتانو كتابه الذي حدد عبر فصوله موقفه من علم النفس.
    نظر أرسطو إلى الروح بوصفها شكلاً أو أسلوباً لتنظيم عمل الكائن الحي الذي لا تتبدى إمكانياته إلا بفعل التأثيرات الخارجية. ثم جاء توما الأكويني
    (1225-1274م) وأتباعه ليستخدموا هذه الفكرة في صياغة مخططهم المثالي الذي يتماشى مع التعاليم الكنسية. ووفقاً لهذا المخطط تحولت الروح إلى ذات خالصة لا تحمل من الصفات سوى المعرفة فقط. كما تخلصت الصور الحسية من كل ما له علاقة بالعالم المادي بعد أن كانت عند أرسطو شبيهة بالآثار أو البصمات التي تتركها وقائع هذا العالم لدى تأثيرها على الفرد.
    وهكذا استبدل المخطط الجديد دور الروح كناظم للأفعال والحركات التي تقوم بها أعضاء الجسم بدورها كذات عارفة. وحل النشاط الداخلي(الذهني) محل التصورات والأشكال الحسية التي تتكون عبر تفاعل العضوية مع العالم الخارجي. وباختصار فقد أصبحت الروح، عند الأكويني وأتباعه، جوهراً مستقلاً عن العالم الخارجي. كما ركزت الفلسفة الأكوينية لدى تحديدها لهذا الجوهر على سمتين تلازمانه دوماً: الموضوعية والفاعلية. فبفضل الفاعلية تصير الموجودات بالقوة موجودات بالفعل. أما الموضوعية فتتجسد في وجود الموضوع خارج الذات مما يضمن تحقيق الفاعلية.
    وجد برنتانو في هذا الفهم القاعدة التي يمكن أن تُبنى عليها نظرية جديدة في النفس. ومن هنا جاء رفضه أن يكون الوعي انعكاساً للأشياء الخارجية وعلاقاتها، وتأكيده على أنه نشاط ذاتي ومستقل عن الواقع المحيط، تتوجه الذات فيه إلى الموضوع الذي تتعايش معه. ويتم عبر تكوين إحساسات وصور وأفكار عن ذلك الواقع. فعندما يحاول المرء أن يرى شيئاً ما، فإنه يمعن نظره ويوجه بصره نحو ذلك الشيء. وهو، إذ يسمع صوتاً ما، فإنما يقوم بذلك عن طريق الاستماع. ولدى تفكيره بموضوع ما، فإنه يركز انتباهه نحو مضمون هذا الموضوع. وهكذا تصبح الفعالية النفسية، عند برنتانو، وليس مضمون الوعي أو الخبرة الشعورية المباشرة، كما هو الشأن بالنسبة لفوندت، مادة أساسية لاهتمام علم النفس. وتتضمن هذه الفعالية الوقائع الذهنية التي يعتبرها برنتانو الوحدات الدينامية للنفس.
    ولعل أهم ما يميز نظرية برنتانو هو وصفه للوقائع الذهنية بأنها قصدية وموجهة باستمرار نحو موضوعات محددة. وقد وحد في مفهوم الموضوعات ما بين الأشياء الواقعية والتشكيلات النفسية. وأطلق على هذه الأخيرة مفهوم "الموضوعات المتفردة". وعلى هذا فالظاهرة النفسية، في تصور برنتانو، هي وحدة الفعالية النفسية والموضوع المتفرد.
    إن الطابع الذي يتخذه تعايش الذات مع الموضوع هو الذي يقرر نوع النشاط ومستواه. وهنا يتحدث برنتانو عن ثلاثة أنواع من النشاط: أ-التصور Ideation، أي تشكل صور الموضوعات في الوعي، ب-الحكم المنطقي على صدق هذه الصور أو كذبها، جـ-التقويم الوجداني للصور، إيجاباً أو سلباً، قبولاً أو رفضاً.
    ومن السهولة بمكان ملاحظة أن الموضوعات من النوع الأول لا تنشأ إلا في الوعي، دون أن يقتضي الحال أي تدخل من جانب الذات(الإحساس بالضوء والحرارة والأصوات، تذكر واقعة ما، التفكير في مسألة...). وفي النوع الثاني لا يظهر الموضوع فقط، بل وتتأكد صحته أو يثبت بطلانه. أما في النوع الثالث فالموضوع يستدعي مختلف درجات الشعور بالحب أو الكراهية، الرضا أو النفور.

    bounce بوح الروح bounce

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 22, 2024 9:53 pm