في السنوات الأخيرة من عشرينيات القرن العشرين أخذت بوادر الأزمة الاقتصادية ـ الاجتماعية تلوح في أفق المجتمعات الغربية، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، مهددة إياها بعواقب سيئة. ولم تفلح التدابير التي اتخذتها قيادات تلك المجتمعات في التخفيف من تردي أوضاعها أو الحد من وتيرة انحدارها. ووصلت الأزمة ذروتها في الأعوام الأولى من الثلاثينيات. وخلال هذه الفترة العصيبة تداعى الخبراء والاختصاصيون في شتى الميادين لتدارس أسباب الأزمة وانعكاساتها القائمة والمحتملة على كافة الأصعدة. وعقدت المؤتمرات والندوات، ونوقشت فيها بحوث ودراسات تحلل الوضع وتدعو إلى تعبئة الجهود البشرية والطاقات المادية، وتقترح أساليب وطرائق للخروج من الأزمة. وفي خضم هذه الأحداث ظهرت أفكار وتصورات جديدة حول المجتمع أو المؤسسة الاجتماعية والفرد.
لقد تجمعت مقدمات هذه الأزمة ومسبباتها تدريجياً كإفرازات للعلاقات الاقتصادية ـ الاجتماعية التي شهدتها المجتمعات الغربية مع بداية حلول المرحلة الامبريالية في أوائل القرن العشرين. ومع تنامي هذه المقدمات والمسببات وتزايد حجمها كانت أصوات بعض العلماء والمفكرين تتعالى محذرة من مغبة استمرار تدهور الأوضاع، ومنادية بضرورة العمل لتفادي الأزمة المحتملة. وقد أمكن لكل منهم أن يدرك هذا الواقع من خلال معايشته له وانعكاساته في ميدان نشاطه العلمي والفكري.
وفي علم النفس كان الصراع بين الغشتالتية والسلوكية والتحليل النفسي يحتدم مع تمسك ممثلي كل منها بمواقعها ومواقفها دون أن يتركوا أي هامش للحوار، أو يبدوا ولو قدراً ضئيلاً من المرونة لإعادة النظر في آرائهم وأفكارهم التي تثبت وقائع الحياة خطأها. ووصل الأمر بكل طرف إلى حد الإيمان بأن الحقيقة هي ما يقوله هو، وما عداه فهو الخطأ. فتحت وهج هذا الإيمان تصور واتسون أن بفضل اكتشافه لقوانين التعلم وآلياته أصبح بالإمكان تزويد أي إنسان بكل ما تستلزمه عملية التكيف من مهارات. وهو ما عناه بإيجاز ووضوح في مقال كتبه للموسوعة السوفيتيه حيث قال: "تنوي السلوكية أن تصبح مخبر المجتمع".(واتسون، 1930، 436). ورفض فرويد كل محاولة تجريبية لإثبات صحة نظريته، لأنها، على حد تعبيره، ليست بحاجة إلى إثبات.كما نفى كوفكا أن يكون هناك راديكاليون أكثر من الغشتالتيين.
ولا ريب في أن هذه اللوحة كانت حاضرة بألوانها المتنافرة وأشكالها المتناقضة في أذهان العديد من علماء النفس. ووجد بعضهم أن السبيل إلى التخلص من التنافر القائم وحل التناقضات التي ميزت علم النفس خلال الربع الأول من القرن العشرين يكمن في التقريب بين أفكار هذه المدارس. ويعد كارل بيولر أبرز من شخص حالة هذا العلم في تلك الفترة. فكتابه "أزمة علم النفس" الذي صدر عام 1927. يتضمن عرضاً تفصيلياً لتعاليم مختلف تيارات علم النفس ومذاهبه التي يصنفها في ثلاث اتجاهات رئيسية متعارضة هي: علم نفس الوعي، وعلم نفس السلوك، وعلم نفس الروح. وقد لاحظ أن تصارع هذه الاتجاهات قد أضعف من مكانة علم النفس وجرده من جزء هام من إمكانياته وأوصله إلى أزمته الراهنة. ولتجاوز هذا الوضع يقترح بيولر توحيد الأفكار والمبادئ وإقامة بناء نظري واحد.
ومع استفحال هذه الأزمة تزايدت دعوات علماء النفس إلى اتخاذ الإجراءات الكفيلة بإحلال عملهم المكانة اللائقة بين العلوم الأخرى ليسهم معهم في حل مشكلات المجتمع. وكان القاسم المشترك بين هذه الدعوات هو اعترافها بوجود أزمة، وتركيزها على التعاون بين علماء النفس على اختلاف اتجاهاتهم وآرائهم للخروج منها. ولقد اتخذت من وسائل الفكر والثقافة والإعلام وسيلة، ومن الندوات والمؤتمرات منبراً للتعبير عن مخاوف أصحابها من المستقبل(*).
ولقد وجدت الدعوة إلى تكامل النظريات السيكولوجية قبولاً لدى الكثير من أنصار السلوكية، وفي مقدمتهم ثورندايك. فإزاء الوضع الصعب الذي آلت إليه الخلافات العميقة على ساحة علم النفس وقف ثورندايك أمام أعضاء المؤتمر الدولي التاسع لعلماء النفس ليعترف بنقائص نظريته. وكان هذا التصريح بداية مرحلة جديدة من نشاطه العلمي، أعاد النظر خلالها بقوانين التعلم والمفاهيم التي تستند إليها. وقد استهل هذه المرحلة بنشر نتائج بحوثه في مجموعة من المقالات ثم جمعها وأصدرها في كتابينأساسيات التعلم ـ
THE FUNDAMENTALS OF LEARNING (1932)،. وعلم نفس الرغبات والاهتمامات والمواقف THE PSYCHOLOGY OF WANTS, INTERESTS AND ATTITUDES (1935).). ولعل أهم ما تضمنه هذان المؤلفان هو تخلي صاحبهما عن قانون التدريب والعقاب الذي يؤلف الوجه السلبي من قانون التعزيز وإبقاؤه على التعزيز الإيجابي(الثواب). وقد علل ثورندايك تراجعه عن أهمية التدريب في أن تكرار الاستجابات ليس شرطاً كافياً لاكتساب المهارات. وحيال ذلك يرى أن من الضروري الاهتمام بالشروط الأخرى المحيطة بالتدريب. أما بالنسبة لقانون الأثر فإنه يجد أن العقاب قد يصرف الفرد عن القيام بالاستجابة الخاطئة، ولكنه لا يعزز لديه الاستجابة الصحيحة. يقول: "إن إثابة رابط تقوّيه دوماً تقوية عظيمة، ومعاقبته تضعفه إضعافاً بسيطاً أو لا تضعفه"(عاقل، 1981 أ،158).
وأثناء القيام بهذه المراجعة اعتمد ثورندايك على العديد من الشواهد الحياتية والنتائج التجريبية. وقد كشف لدى تحليله لتلك الوقائع عن وجود اختيار تقوم عليه الاستجابة وتشترطه الدوافع ويضبطه الدماغ. وهذا ما دفع البعض إلى القول بأن هذه النتيجة إنما هي اعتراف صحيح من جانب ثورندايك بوجود عمليات داخلية تسبق الاستجابة. والواقع أن ثورندايك لم ينف وجود هذه العمليات(التبصر) لدى الإنسان. غير أنه تناولها من المنظور الارتباطي ولم يفهمها كما فهمتها الغشتالتية.
بوح الروح
لقد تجمعت مقدمات هذه الأزمة ومسبباتها تدريجياً كإفرازات للعلاقات الاقتصادية ـ الاجتماعية التي شهدتها المجتمعات الغربية مع بداية حلول المرحلة الامبريالية في أوائل القرن العشرين. ومع تنامي هذه المقدمات والمسببات وتزايد حجمها كانت أصوات بعض العلماء والمفكرين تتعالى محذرة من مغبة استمرار تدهور الأوضاع، ومنادية بضرورة العمل لتفادي الأزمة المحتملة. وقد أمكن لكل منهم أن يدرك هذا الواقع من خلال معايشته له وانعكاساته في ميدان نشاطه العلمي والفكري.
وفي علم النفس كان الصراع بين الغشتالتية والسلوكية والتحليل النفسي يحتدم مع تمسك ممثلي كل منها بمواقعها ومواقفها دون أن يتركوا أي هامش للحوار، أو يبدوا ولو قدراً ضئيلاً من المرونة لإعادة النظر في آرائهم وأفكارهم التي تثبت وقائع الحياة خطأها. ووصل الأمر بكل طرف إلى حد الإيمان بأن الحقيقة هي ما يقوله هو، وما عداه فهو الخطأ. فتحت وهج هذا الإيمان تصور واتسون أن بفضل اكتشافه لقوانين التعلم وآلياته أصبح بالإمكان تزويد أي إنسان بكل ما تستلزمه عملية التكيف من مهارات. وهو ما عناه بإيجاز ووضوح في مقال كتبه للموسوعة السوفيتيه حيث قال: "تنوي السلوكية أن تصبح مخبر المجتمع".(واتسون، 1930، 436). ورفض فرويد كل محاولة تجريبية لإثبات صحة نظريته، لأنها، على حد تعبيره، ليست بحاجة إلى إثبات.كما نفى كوفكا أن يكون هناك راديكاليون أكثر من الغشتالتيين.
ولا ريب في أن هذه اللوحة كانت حاضرة بألوانها المتنافرة وأشكالها المتناقضة في أذهان العديد من علماء النفس. ووجد بعضهم أن السبيل إلى التخلص من التنافر القائم وحل التناقضات التي ميزت علم النفس خلال الربع الأول من القرن العشرين يكمن في التقريب بين أفكار هذه المدارس. ويعد كارل بيولر أبرز من شخص حالة هذا العلم في تلك الفترة. فكتابه "أزمة علم النفس" الذي صدر عام 1927. يتضمن عرضاً تفصيلياً لتعاليم مختلف تيارات علم النفس ومذاهبه التي يصنفها في ثلاث اتجاهات رئيسية متعارضة هي: علم نفس الوعي، وعلم نفس السلوك، وعلم نفس الروح. وقد لاحظ أن تصارع هذه الاتجاهات قد أضعف من مكانة علم النفس وجرده من جزء هام من إمكانياته وأوصله إلى أزمته الراهنة. ولتجاوز هذا الوضع يقترح بيولر توحيد الأفكار والمبادئ وإقامة بناء نظري واحد.
ومع استفحال هذه الأزمة تزايدت دعوات علماء النفس إلى اتخاذ الإجراءات الكفيلة بإحلال عملهم المكانة اللائقة بين العلوم الأخرى ليسهم معهم في حل مشكلات المجتمع. وكان القاسم المشترك بين هذه الدعوات هو اعترافها بوجود أزمة، وتركيزها على التعاون بين علماء النفس على اختلاف اتجاهاتهم وآرائهم للخروج منها. ولقد اتخذت من وسائل الفكر والثقافة والإعلام وسيلة، ومن الندوات والمؤتمرات منبراً للتعبير عن مخاوف أصحابها من المستقبل(*).
ولقد وجدت الدعوة إلى تكامل النظريات السيكولوجية قبولاً لدى الكثير من أنصار السلوكية، وفي مقدمتهم ثورندايك. فإزاء الوضع الصعب الذي آلت إليه الخلافات العميقة على ساحة علم النفس وقف ثورندايك أمام أعضاء المؤتمر الدولي التاسع لعلماء النفس ليعترف بنقائص نظريته. وكان هذا التصريح بداية مرحلة جديدة من نشاطه العلمي، أعاد النظر خلالها بقوانين التعلم والمفاهيم التي تستند إليها. وقد استهل هذه المرحلة بنشر نتائج بحوثه في مجموعة من المقالات ثم جمعها وأصدرها في كتابينأساسيات التعلم ـ
THE FUNDAMENTALS OF LEARNING (1932)،. وعلم نفس الرغبات والاهتمامات والمواقف THE PSYCHOLOGY OF WANTS, INTERESTS AND ATTITUDES (1935).). ولعل أهم ما تضمنه هذان المؤلفان هو تخلي صاحبهما عن قانون التدريب والعقاب الذي يؤلف الوجه السلبي من قانون التعزيز وإبقاؤه على التعزيز الإيجابي(الثواب). وقد علل ثورندايك تراجعه عن أهمية التدريب في أن تكرار الاستجابات ليس شرطاً كافياً لاكتساب المهارات. وحيال ذلك يرى أن من الضروري الاهتمام بالشروط الأخرى المحيطة بالتدريب. أما بالنسبة لقانون الأثر فإنه يجد أن العقاب قد يصرف الفرد عن القيام بالاستجابة الخاطئة، ولكنه لا يعزز لديه الاستجابة الصحيحة. يقول: "إن إثابة رابط تقوّيه دوماً تقوية عظيمة، ومعاقبته تضعفه إضعافاً بسيطاً أو لا تضعفه"(عاقل، 1981 أ،158).
وأثناء القيام بهذه المراجعة اعتمد ثورندايك على العديد من الشواهد الحياتية والنتائج التجريبية. وقد كشف لدى تحليله لتلك الوقائع عن وجود اختيار تقوم عليه الاستجابة وتشترطه الدوافع ويضبطه الدماغ. وهذا ما دفع البعض إلى القول بأن هذه النتيجة إنما هي اعتراف صحيح من جانب ثورندايك بوجود عمليات داخلية تسبق الاستجابة. والواقع أن ثورندايك لم ينف وجود هذه العمليات(التبصر) لدى الإنسان. غير أنه تناولها من المنظور الارتباطي ولم يفهمها كما فهمتها الغشتالتية.
بوح الروح
الأربعاء أبريل 01, 2015 8:08 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * الحُــــبّ
الأربعاء أبريل 01, 2015 8:06 am من طرف بوح الروح
» * * * * * وبيسألوني ... !!!
الأربعاء أبريل 01, 2015 8:04 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * في بلادنا ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:59 am من طرف بوح الروح
» * * * * * في بلادي ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:57 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * في بلادي ...
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:55 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * في بلادي ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:53 am من طرف بوح الروح
» * * * * * قالوا لي ..!!!!!
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:51 am من طرف بوح الروح
» * * * * * * مِن غيرتي ..
الأربعاء أبريل 01, 2015 7:49 am من طرف بوح الروح